أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمّش - السجين















المزيد.....

السجين


عمر حمّش

الحوار المتمدن-العدد: 2446 - 2008 / 10 / 26 - 00:19
المحور: الادب والفن
    



قصة قصيرة
1- الذئبُ
من أين ستدري أن العربة ستجأرُ فوقك!
وأنت المغرمُ بالخلوةِ يا صاح
يسكرُك الشجرُ المتراص
يزهرُ بالأصفر، وقلبُك يعطرُه شذاه!
كنت ظمئا لربيعٍ تتوالدُ نسائِمُه
فأتاك المتفوقُ مع صحبِه!
حطَموا الظلالَ
ومع عجلاتِ الجيبِ دارت زوبعةُ الرمال
في ثنايا دَغَلِ الأكاسيا المتبقي!
آخرُ مشهدٍ لعينيك كان سربُ يمام
شقّ الأغصان!
وأصفادُ النايلون بدأت تتوحشُ داخلَ لحمِك!
صغيرتُك إلى العربةِ جاءت، تبكي، وتدخلُ صدرَك!
والمتفوقُ يتصايحُ فوقَك:
- جننتني!
في حشرجةِ الجهازِ اسمُك يأتي ويروحُ!
وعقلُك لم يفهم!
عقلُك في الصراخِ انخضَّ
أنت في كيسِ الخيشِ خروفٌ مذبوح!
والمتفوّقُ يسبُّ دينَك على ظهرِكَ، ويلهَث!
وصورتُه في السوقِ جاءت لحظَتها
كذئبٍ دخلَ صبيحتها، يزحف!
بين البسطاتِ تحطبَ وجهُه، وفمه توحش على السيجارِ!

2- المخيم

هي الهيجاءُ الأخيرة!
والناظرُ يصرخُ:
- يا مجنون!
وكتابُ التاريخِ يهيجُ، يصفقُ صفحاتِه، ومن راحتيك يرحلُ، ينفلتُ كصقرٍ إلى السلكِ الشاهقِ، وهناك يرقدُ!
الناسُ كانت تهزُّ الأسلاكَ، وفي العينين الدمعُ ترقرق!
والحجارةُ طارت فوقَ العرباتِ، كسكاكين كانت بحواف تترنّح!
وسقط الولدُ سهَيلٌ، فزأرَ المخيمُ، الصفيحُ اهتزّ لينفخَ في الصّورِ!
والشمسُ جنّت لحظتَها، ضَربت فوقَ المخيمِ ضربَتها، فضخّت الأزقةَ كلَّ الناسِ، صارت أنابيبَ، صارت الأزقةُ أفرعَ نهر!
- ممنوع التجوّل!
ممنوع
يا أهالي مخيم جباليا
ممنو
ع
مكبرُ الصوت هدر للمرةِ الألف، لكنّ العبادَ في الثكنة الرهيبة توغلوا، وبأظافرِهم أكلوا الأسلاك!

3 – العربة

في رئتيك حريقٌ طارد
والمتفوقُ ترفعُه حفرُ الطريق
ليعودَ إليك!
عجلات عربة الجيب تزمجرُ
ليأخذك المجنونُ في سفرٍ طويل!
قررتَ القتالَ، فجمعتَ تحته صدرَك، ثمّ أطلقتَه
لتستردَ عضلةً زاغت في الجنب
ارتفع المتفوقُ فوقكَ، ثمّ هوى
فعدت بالشهقةِ تدفعه، ليسقطَه الزفيرُ!
وسمعتَه وهو يلطمُك:
- من أسبوع أطارد في دينك!
فعادت إليك صورته في كلِّ الزوايا يلاحِقُكَ، أكنت غبيا إلى ذاك الحدِّ؟
توقف المحركُ، فجاء طويُّ الموج، واللَّغطُ خالطَه الطنينُ، ثمّ للحظاتٍ عمّ صَمت، حاولتَ تخمينَ المكان، لكنَّهم أوقعوك، فدكّ الإسفلتُ عظمَك، ومن مساماتِ الخيشِ لمحتَ حذاءَ المتفوقِ يأتيك، من ساقِك جرّك، ثمّ رفعَك، فدقك حديدٌ جديد، وأنفُك المخنوقٌ تشمّم رائحةَ شاحنةٍ هائلة، وهدرَ المحركُ، ليمتدّ السفرُ:
أيّ مصيبةٍ كانوا يدبرون؟
بعد زمنٍ توقفوا، والمتفوقُ حمَلك؛ ليعيدَك ثانيةً إلى عربةٍ الجيب!

4- الشقّة

أنزلوكَ، فسمعتَ خوارا، ويهوديٌّ بفأسٍ على كومةِ تبنٍ تراءى!
أمّا المتفوقُ فحمَلك، ليلهثَ تحتك، صعد بك سلما خمنتَه بلا انعطافٍ، وانحرفَ في صريرِ بابٍ، وبعد خطواتٍ قذفك، ليهوى بأنفاسِه عليكَ، ربّط ساقيك بتورمِ كفيكَ، ثمّ كلّك بساقِ سرير، جعلكَ المتفوقُ قفة، تهوي في بحرِ الدهشةِ، ثمّ نفّضَ كفيه من عرقِكَ، ومضى!
دقائقُ كدهرٍ مرّت، وجاء زعيقُ أولادٍ من الخارج، وأقدامٌ فجأة جثمت،
نزع الكيسَ، وقال:
- أهلا!
ناعما أصفر، يزمُّ السبابةَ على الإبهامٍ، ودفعةً واحدة صاح:
- أنت مختطف حبيبي، في شقّةٍ لأقوى مخابرات في العالم!
راودتك رغبةُ تسليكٍ لحلقِك المسدودِ ببصقة!
- وما في حكي، اعترافك أو موتك!
هزّ أصابَعه ومطّ الكلمات:
- موت بلا جنازة!
مكثوا يعوون وأنت صنمٌ، تقف على ساقٍ، أو تنزلقُ وذراعاك تحتك، قدماك فوقك، وعيناك في الكيسِ تحتك، تبحثان عن قرار، هم يزمجرون، وأنت تستدعي اللهَ، فيزودُك اللهُ بسكينةِ قلبِك، َ ضجيجُ الكونِ يلفُك، فأمسكت مليا بعقلك، لتراقصَ متزنا ذاك الجنون!

5- البغلُ

سقفُ زنزانةِ سجنِ المَجدلِ تراهُ يهوي، والجدرانُ كانت ملطخةً كأفاعٍ تسبح!
والباب كجبل بكوّةَِ عينٍ لا تنفرجُ في أعلاهُ!
ويشخصُ رجلانِ فيكَ، غليظٌ كبرميلٍ، وآخرُ مثل جرادة!
قبل أن يدفعَك اليهوديُّ، خلع الكيسَ عن رأسِك، لكنَّ الدنيا ظلت زجاجة بعنق ينقفل!
والظهرُ على باب الزنزانة انزلق!
في المخيمِ قالوا:
قبوُّ المجدلِ مصيدةُ من لا يعترفُ!
هل النزيلان هنا هما المصيدةُ؟
تفرستَ في ترقبهما، وانتظرت هجمةَ الاثنينِ، فقررتَ المبادرةَ!
قلتَ: تقفزُ، فتخصيَ الفحلَ، وتتركُ الجرادةَ لبعضِ الوقتِ!
سألاك عن اسمِك
فقلتَ: معلمٌ مخطوفٌ!
وقلتَ: مجلوبٌ من شقةٍ في عالمٍ مجهولٍ!
كنتَ تريدُ نشرَ خبرِك لخلقٍ اللهِ!
حتى لو في المصيدةِ!
لكنّ عيونَهم فيكَ اتسعت!
هل تندمُ على البوحِ؟
عند جلبِك إلى السجنِ صلبوك في بقعةِ ركنٍ آسنةٍ، فهاجمت قدميكَ جيوشُ بعوضٍ، صرت تمثالا أعمىً بقدمين مخدتين، دملين عظيمين، ترفعُ ساقا لتحكَّ الأخرى، ومع الوقتِ التقطتَ مؤذنَ السجنِ، فطويتَ مع الصوتِ الأوقاتِ، تحسِبُها!
في الشقةِ تباروا عليك، قالوا:
ستموت!
ولمّا صرختَ في قبضاتِهم؛ قهقه واحد:
- ما في جنازة سندفنك بلا تشييع!
أيذبحونك بسكينٍ؟ أم في الليلِ يعيدونَك ، إلى أغصانِ الأكاسيا، ويطلقونَ الحبةَ علي رأسِكَ؟
حشدُ البعوضِ أسوأُ ما في الدنيا، هل دلقوا الماءَ عن قصدٍ، ليهريَ البعوضُ بدنَك؟ وماذا عن فضلِ هذا الصوتِ؟ أيسكتون المؤذنَ؟ أم يقطعونَ أذنيكَ؟
في يومٍ صرختَ، نسيتَ صوتَك، فقلتَ تسمعََهُ!
فهاجَ عليكَ حارسٌ:
- اسكت
ارتحت لكسرِ الصمتِ، وصرختَ:
- أنا منذ ليال لم آكل!
دقّ ظهرك، وبعد وقتٍ عاد:
- أنت...؟
فاكتشفتَ أنّ في الدنيا غيرُك!
في ليلِ الزنزانةِ صرَّ بابُ الحراسِ، كانت ليلةَ سبتٍ، والمحققون بإجازتِهم ينعمونَ!
عبرَ خلفَكم صراخُ سجينٍ، وحارسٌ صاحَ:
- قل لحضرة الضابط!
وقال القادم:
- ماذا أقول؟
- قل من سرق البغل!
ووصلتكم شخرةُ القادمِ:
- خخخخ والله!
- أنت سرقت البغل؟
- البغغغغغل!
شبعوا ضحكا، ثمّ عاد الصمتُ!
لكنّ الجارَ الجديدَ طرقَ الجدارَ:
- يا شباب
- من الكريم؟
ذكر اسمَه، فعرفه النزيلانِ!
طلب سيجارةً، فقضيتُم الليلَ تنادون، شتمَ السجانُ عربَكم، وملوكَكُم، لكنّ الكّوةَ فُتحت، وأطلّ بوجهٍ كالضبعٍ، نقل هديتَكم، وعاد السجنُ يمارسُ الصمتَ!
لكنَّ الجارَ أذهلكُم بأهازيجَ رقّصّت الجدرانَ أيامًا!
ورفيقاك يكرران السؤال دومًا عن هجمتِك المقررةِ عليهما!
فتسرد تفاصيلَ خطتِك، وفي ضَحِكٍ هستيريٍّ تغرقونَ، فينفجرُ الصوتُ الآمرُ في الخارجِ مثقلا برائحةِ عطنِ السجنِ:
- اسكُت
[email protected]



#عمر_حمّش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتمرد
- حكاية جبري العابد
- محمود درويش لن يتبقى الا أنت!
- يوميات الحالم المتأمل
- لؤلؤة الزمان
- صغار القصص
- العودة الى مجدل عسقلان / قصة قصيرة
- من لهيب الذاكرة المهاجرة
- علاج / قصة قصيرة جدا
- شبق / قصة قصيرة جدا
- سراج / قصة قصيرة جدا
- قصص قصيرة
- دنيا الحمير / قصة قصيرة
- عفريت الفضة / قصة قصيرة
- عودةُ كنعانَ / قصة قصيرة
- سيف عنترة
- حكاية عمران مع لوح الصفيح / قصة قصيرة
- عذراء حارتنا
- تابوت
- منْ يغلقُ النافذة ؟


المزيد.....




- متحف -للنساء فقط- يتحول إلى مرحاض لـ-إبعاد الرجال-
- إيران تقيم مهرجان -أسبوع اللغة الروسية-
- مِنَ الخَاصِرَة -
- ماذا قالت الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز بشهادتها ضد ترامب؟ ...
- فيلم وندوة عن القضية الفلسطينية
- شجرة زيتون المهراس المعمر.. سفير جديد للأردن بانتظار الانضما ...
- -نبض الريشة-.. -رواق عالية للفنون- بسلطنة عمان يستضيف معرضا ...
- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين
- من هي ستورمي دانيلز ممثلة الأفلام الإباحية التي ستدلي بشهادت ...
- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمّش - السجين