أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - هَدْمُ الأهرامات














المزيد.....

هَدْمُ الأهرامات


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2394 - 2008 / 9 / 4 - 09:40
المحور: المجتمع المدني
    


«الأهرامات!» هذه الكلمة الجميلة كانت إجابة إحدي الفتيات المصريات عن السؤال التالي: ما الرمز الذي تختاره ليوضع علي علَم مصر بدلا من النسر؟ سؤالٌ أطلقه أحمد العسيلي في قناة OTV علي مجموعة من الشباب المصريين. ومن بين عديد الإجابات الفانتازية والكوميدية من قبيل: علم الأهلي، قلب أحمر، إلخ، تساءلت واحدةٌ: ما معني النسر أصلا؟ ما دلالته؟ وقالت يائسةٌ أخري: أحري بنا أن نضع حمامةً لا نسرا، الحمامةُ أنسبُ تعبيرا عن راهننا الواهن المستسلم، وقال آخر: لنتركها بيضاء من غير سوء، ثم نضع نقطةً سوداءَ مع كل خطأ نرتكبه. (تري بعد كم يومٍ يصيرُ اللونُ أسود؟). واحدةٌ فقط قالت بحسم: الأهرامات هي الأنسبُ لعَلم مصر. اخترقتني الإجابةُ.

نبهتني كأنما نسيتُ. فرحتُ بالإجابة كطفلٍ باكٍ صالحوه بقطعة شيكولاتة. كيف فعلا لا يحمل علمُنا هذا الرمز، مثلما يحمل علم لبنان شجرة أَرْز؟ علي الأقل شجرة الأرز هبةٌ ربانية، فيما الهرم شيدته يدٌ مصرية.

حملَ علمُنا الصابرُ الكثيرَ من الرموز طوال عهده: هلالا أبيض يضمُّ نجمةً علي خلفية حمراء أثناء الاحتلال العثماني، ثم استبدِل بالهلال ثلاثةُ أهلّة في عصر محمد علي وسلالته، ثم هلالا واحدا يضم ثلاث نجماتٍ علي خلفية خضراء أثناء المملكة المصرية بعد اعتراف بريطانيا باستقلال مصر (مجازًا) عام ١٩٢٢، ثم ظهر النسر لأول مرة عام ١٩٥٢ علي شرائحَ ملونةٍ ثلاثٍ،: حمراءَ، رمزًا للثورة.. بيضاءَ، رمزا للعهد الجديد.. وسوداء، رمزا للعهد البائد والاستعمار، وأعداء الثورة طبعا.

ثم اختفي النسرُ واحتلّت مكانه نجمتان خضراوان، وأمسي اسمُ بلادنا «الجمهورية العربية المتحدة» أثناء الوحدة مع سوريا، ثم ظهر صقر قريش مع اتحاد الجمهوريات مصر وليبيا وسوريا، ومنذ عام ١٩٨٤ عاد نسر صلاح الدين الذهبي إلي العلم. إلي أجل غير مسمي.

أما الفراعنة فكانوا أول من ابتكر فكرة الرايات في التاريخ. وفي معابدنا ظهرت رسومٌ ونقوشٌ لأعلام ترمز للدولة المصرية القديمة، العظيمة. فكيف بالله لم نفكر يوما في رفع الهرم أو أبي الهول أو مسلّة فوق العلم رمزا لدولتنا، التي عزَّ نظيرٌ لحضارتها؟ ولئن اتهمني أحدٌ بالماضوية، سأدفعُ التهمةَ عن نفسي بالاعتراف بها. هي تهمةٌ لا أُنكرها، حتي يحلُّ ما يجعلني أنسي الماضي وأفخر براهنٍ.

أما صديقتي المثقفة، خريجة كلية الهندسة، فقالت لي يوما فيما نتباكي علي ما وصلت إليه مصر: مش حينصلح حال البلد دي إلا لما يهدوا الأهرامات وينضفوا البلد! وضحكتُ. ضحكتُ من قلبي علي هذه النكتة الحلوة. ثم رمقتُ، بطرف عين، صديقتي لأستطلع لماذا لا تشاركني الضحك؟ فوجدتُها تحدجُني كأني معتوهة. تجمدتْ ضحكتي علي هيئة المعتوه حقا، وفقدتُ النطقَ.

فبادرتني: «ممكن أفهم بتضحكي علي إيه؟ أنا بتكلم جد! مش دي أصنام بتاعة كفرة؟ هي اللي منجسة مصر!» -(....) - «ربنا حيفضل غضبان ع البلد طول ما فيها الدنس ده»- (....).

هوامش: (كل النقاط المُقوّسة السابقة هي صمتٌ تامٌ مني مصحوبٌ بتحديقة واسعة خاوية، مع ظلِّ ابتسامةٍ شاحبة، تشبه تلك التي كستْ وجوهَنا ونحن نتابع د. أحمد نظيف وهو يؤكد في بيانه الصحفي أن الارتفاع الكوميدي في الأسعار جاء لصالح فقراء مصر المعدمين!).



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزيزي أنيس منصور.. شكراً
- إلا درويش يا صهيون!
- طار إلى حيث ريتا!
- لأني إذا مِتُّ أخجلُ من دمعِ أمي
- العادات الشعبية بين السحر والخرافة
- تأنيث العالم في رواية ميس إيجب. من الذي قتل مصر الجميلة؟
- على باب فيروز
- شجرةُ البون بون
- قارئة الفنجان
- هنا فنزويلا
- اِستمرْ في العزف يا حبيبي!
- لسه الأغاني ممكنة؟
- ارفعْ مسدسَك عن أنفي، أُعْطِكَ فرجينيا وولف
- سؤالُ البعوضةِ والقطار
- ترويضُ الشَّرِسة
- مَن يخافُ -حين ميسرة-؟
- ولم يكنِ الفستانُ أزرق!
- أعوامٌ من النضال والاعتقال-مشوار فخري لبيب
- إلى أين تذهبُ الشمسُ... يا جوجان؟
- انظرْ حولك في غضب


المزيد.....




- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - هَدْمُ الأهرامات