أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - توفيق التميمي - من هو الآخر في وطني وكيف أتعايش معه؟















المزيد.....

من هو الآخر في وطني وكيف أتعايش معه؟


توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)


الحوار المتمدن-العدد: 2393 - 2008 / 9 / 3 - 08:50
المحور: المجتمع المدني
    


سؤالان ملحان تكتسب اهميتهما وفرضيات الاجابة عليهما من قراءة موضوعية لتجارب التعايش والاحتراب بين المكونات الوطنية لوطن ما أكتسب شرعية وجوده وكينوته عبر تاريخ طويل من التقاسم في الوجود والمصير المشترك وقواسم وطنية اخرى.
تبدأ معضلة الرؤية للاخر وطريقة التعامل معه عندما يحاول المشروع السياسي ولمآرب تتعلق بطبيعة هذا المشروع وهويته بوضع اوفتعال الفواصل والمسافات الوهمية وترسيخ صورة مضللة لكل مكون وطني بأزاء المكون الاخر حتى تكون هذه الرؤية مضببة وملتبسة لما يراه( الاخر) في (الاخر) المختلف معه باللغة او اللون او الدين او المذهب او الموقف الايدلوجي او العقيدي او أية تصنيفات اخرى يحتملها الاخر في المعنى والسلوك ولكنه يشاطره العيش والمصير المشترك على وطن مرسوم على خرائط الجغرافية السياسية الواقعية فتحدد وفق هذه المتغيرات طبيعة العلاقة مع الاخر أن كانت احترابا او تعايشا اواندماجا اواحتواءا حسب هوية وطبيعة النظام السياسي ومرجعياته العقائدية ..

الآخر في النظام الديمقراطي



احترا م الاخر والاصطفاف معه على مسافة واحدة من منظومة الحقوق والمسؤولية المجتمعية وأحتواء دائرة المواطنة الكبرى للدوائر والانتماءات الفرعية والشعور بالعدالة الاجتماعية هي ابرز علامات العافية وتحقيق النجاح للمشروع الديمقراطي في بلد ما .
كما هي ابرز علامات النجاح في نجاح التربية الديمقراطية وتغلغلها في البناء الاجتماعي وتسجيل انتصار للعقلانية وقيم التعايش على قيم التعصب والتناحر التي تمزق نسيج المجتمع وتهدم بناء الدولة ومؤسساتها وتعبث بسلامها .

لربما تتتعدد حلقات الاخر الافتراضية حتى يصبح من الصعب الامساك بحلقاتها التعددية ابتداء من الاختلاف بالالسن والمعتقدات والوان البشرة ولكنات اللهجات ولون الازياء والاعراف والعادات الاجتماعية
ولكن تظل هذه الاختلافات الفطرية والمكتسبة بالولادة وقدر الحياة معرضة للاهتزاز والتصادم وتهيئة المناخات الملائمة في احالتها لمشروع من الاحتراب والتباغض ان لم يضع النظام السياسي في برامجه التربوية وخطابه الاعلامي مواثيق وضمانات في تحديد نوع العلاقة او المسافة الفاصلة بين هذه الدوائر المنفتحة على دائرة الوطن الكبيرة في نطاق المصلحة الوطنية التي تتحدد بمفهوم المواطنة والدولة الحديثة التي تميل للسلم والامن المجتمعي وبناء دولة القانون والمؤسسات ....مواثيق تجعل خطوط التقارب والاندماج بين المكونات الوطنية اكثر من مسافات التباعد والتنافر.


لايقتصر الاثر الايجابي للتعايش وفق هذه المواثيق والضمانات مع الاخر في نطاق الوطن الواحد على بقعة محدودة بل يمتد ذلك الى مناطق الاقليم واوطان الجوار .
فيعم السلم وتتصاعد وتائر التنمية وتنعتش اواصر الانسانية بين مختلف الشعوب وتتهئ سبل النهوض الاقتصادية والمعرفية وسط مناخات التعايش السلمي
في نطاق الوطن الواحد الذي يكفل تحقيق قيم الكرامة الانسانية لمواطنيه دون تمييز وتنتعش فرص التقدم الانمائي .
وبخلاف ذلك وبغياب الوعي بمزايا التعايش الوطني فان الصورة تكون سوداء والمستقبل مفتوح لااحتمالات التصادم والاحترابات التي تستنزف الطاقات وتهدر الرأسمال البشري للامم والشعوب.


ألاخر في الوطن العراقي


في العراق يشكل التنوع العرقي واللغوي والديني منجما بشريا وثروة وطنية بددتهما اخفاقات متواصلة للمشروع السياسي العراق منذ بواكيره في عشرينيات القرن السابق رافقته افات اجتماعية من تسيد قيم الجهل وثقافة التعصب البدوية ساعد ذلك في اصطناع اوهام في الرؤية عمقت الفواصل بين المكونات الوطنية واصطنعت لها فضاءات من العزلة حفزتها على رسم صورة واهمة عن الاخر الذي يقاسمه الوطن والمصير المشترك ويختلف معه باللغة اولدين والقومية والمذهب فكانت النتيجة تاريخ من الحروب والمعارك الطاحنة التي رفعت رايات التعصب وتشويه الاخر الوطني .
برع النظام السياسي في العراق بأستثناءات نادرة وقليلة في ترسيخ الصورة السلبية والزائفة ( للاخر) عبر ثقافة حكومية مقننة تربويا واعلاميا وثقافة شعبية متدوالة ذات تاثيرات وفعالية اكثر ضررا من الاولى وسائلها الاشاعة الماكرة والنكتة الخبيثة والاعلام الاحادي الموجه بتجاه تكريس الانظمة واشاعة فلسفتها الشوفينية وتبرير مظالمها وحروبها التي تشعلها بمبررات قومية او تعصبية .
ومن الطبيعي ازاء هذه الخلفية والتراكم التاريخي تنحسر ثقافة المواطنة والوعي بمنظومة الحقوق والواجبات وتستديم الدكتاتورية .لفترات طويلة
في مثل هذه الحاضنات من التجهيل والتغييب .
اذ تحرص الانظمة الدكتاتورية على رسم صورة مزيفة ومشوهة عن الاخر المخالف لسياستها الشوفينية والتعصبية فتلفق عبر وسائلها توصيفات التخوين الوطني والغباء الاجتماعي لشرائح وطنية على حساب شرائح اخرى وتعمد للتشكيك باصالة الوجود التاريخي للقوميات والاعراق المكونة للامة الواحدة المتعايشة على ارض مشتركة وما الى ذلك من اساليب وانتهاكات معروفة في سجلات وتجارب الانظمة الدكتاتورية ذات السياسات القمعية والاقصائية لشعوبها وقومياتها المكونة للاوطان التي تتحكم بمصائرها واقدارها ثلة من الفاشيين وحفنة من المستبدين .
في جنوب العراق يسكن العراقيون المندائيون منذ سنوات طويلة يشاركهم العرب الشيعة في مناطق الاهوار وسهول الجنوب الفسيحة وقليل من العرب السنة في الشمال تتعقد اللوحة البشرية وتتتناغم العقائد والالسن والاديان في شمال الوطن لتصبح صورة الاخر على درجة كبيرة من التعدد والتنوع على سجادة الامة العراقية الملونة .
شهدت هذه المكونات فيما بينها علاقات من التوتر والاحترابات والكراهية لاسباب طارئة وتدخلات خارجية تنفيذا لمصالح سياسية ضيقة .
استخدمت في هذه الاحترابات والفتن اشكال من الدعاية النفسية واجهزة ومؤسسات في الاعلام والتربية والمخابرات وكانت النكتة هي الوسيلة الاكثر تداولا في تشويه الاخر الوطني ورسم ملامح الزيف عليه واسقاط تصورات السلطة وافكارها الممهدة لقمعه وتبرير ابادته وتغييب مستحقاته الوطنية وحقوقه المشروعة في الثروة والمشاركة في ادارة الدولة والمجتمع .



الدرس العالمي في التعايش

حفل تاريخ الشعوب بسلاسل طويلة من المعارك الطاحنة والحروب الضارية بين مكوناتها الوطنية بسبب عرقي او قومي او مذهبي الا ان ذلك كان درسا قاسيا لهذه الشعوب لكي تبتكر طرقا وجسورا للتعايش وترسيخ قيم المواطنة وبناء الدولة على اسس عصرية أنتجت وتائر التنمية المتصاعدة وأشاعت قيم السلام
وبذلك نجحت بتحقيق الدولة بمفهومها المعاصر.
بعد نضالات وصراعات مريرة حتى تحقق لها الخيار الديمقراطي الضامن لدولة المواطنة وتحقيق دولتها المؤسساتية .
وانحسرت الحروب الدينية التي استنزفت وعوقت المسيرة الحضارية في الدول التي خطت خطواتها الواثقة في المشروع الديمقراطي .
فغدا الدين محصورا في فضاءات ومجالاته المقدسة بعيدا عن التحكم او التدخل في الدولة او مسارات المجتمع المدني
وتحققت نجاح المعادلة التي تقول الوطن للجميع والدين لله
وهكذا اصبحت دولا تختلف في قومياتها والسنتها واعراقها نموذجا للاستقرار والرخاء وملاذا للهاربين من الحروب الطائفية والعرقية في الدول التي مازالت تعيش بقانون الغاب وقيم التعصب البدائية.

اكاذيب وافتراءات عن الاخر

شاع بين العراقيين بان الايزيدي العراقي لايحب الاستحمام ويقدس الشيطان ويعبده نكاية بالمسلمين الذين يتعوذون من شره ليل نهار وكذلك ثمة من يفترى على المندائيين ويصفهم بعبادة الاوثان والكواكب والماء .
وعن الشيعة بانهم يعبدون قبور ائمتهم واوليائهم ويمارسون فواحش خلف كواليس زياراتهم المقدسة
والمسيحيين يعبدون مسيحهم من دون الله الواحد القهار والسنة متعصبون ومستسلمون لاولياء امورهم من الحكام الظلمة والكرد يمتازون بالبلاهة والغباء وهكذا تستمر دائرة الافتراءات وتتواتر قصة التشويه المتبادل للاخر الذي يقاسم في الوطن والمصير
تشيع مثل هذه الاكاذيب وتتوارث عبر آلية ماكرة وسائلها النكتة والحديث الديني المزور والوقائع التاريخية الكاذبة في كل ذلك يغدو المواطن موضوعا مهدورا في معركة يتحمل تبعاتها لوحده ليترك ارباحها لتجار السياسة وسماسرة الاديان.


كيف نتعايش ؟

لربما ما ترسمه الذاكرة الشعبية لكل مكون عن الاخر في الاطار الوطني لايسبب حربا اهلية مباشرة او ينشب حريق فتنة ولكنها مقدمات في تشويه الصورة تصلح لبدايات حروب طويلة .ولتفادي نتائج هذه الحروب المتوقعة .
يكمن الحل بالبحث عن وسائل التعايش وفق اسس المشترك التاريخي والمصيرى الموحد ونبذ الخلافات التاريخية وطي سجلات التنابز بالالقاب والتضاد بالحكايات التاريخية المفتعلة والمزورة بفعل فاعل لتجهز قبضة الماضي على وجه الحاضر المشرق وتهدم افق المستقبل وبشائره القادمة
لايمكن ان يكون درس التعايش مع الاخر هو مجرد نصائح مبتذلة او توصيفات انشائية او تبشير بديمقراطية غريبة عن واقعنا نزلت بمظلات أجنبية على واقع بداوتنا .
ولكنها دروس من اعوام حروب وتجارب مريرة
استنفزت الكثير من الدماء والثروات
ليكتشف الجميع عقب جولات ضارية من الحروب بان الافتراءات بحق الاخر محض اوهام وان الاخر هو انا بذات الهوية والانتماء والاحساس الذي يبكيه تمزيق اوصال الوطن وسرقة امواله ونهب ثرواته.
وطن تتوزع مساحات فرحه واتراحه على الجميع دون تمييز بين قومية او عرق او مذهب، وطن تتوزع فيه مدارس واحدة ومصانع واحدة وعدالة سماوية يبشر بها اله واحد في اديرته وصوامعه وجوامعه وارض تكابد عليها اجدادنا الاوائل الضيم والحزن كما تقاسموا الشقاء والالام .
بهذا الطريق فقط نلحق بالامم المتحضرة ونطوي سجل الحروب الخاسرة للطوائف والاعراق والمذهبيات .



#توفيق_التميمي (هاشتاغ)       Tawfiktemimy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤتمرات عشائرية
- كامل شياع المطرود من الغابة الوحشية
- علاقتي مع يوسف شاهين
- أسمى التهاني والتعازي
- الفنانة والآثارية والروائية العراقية أمل بورتر: جاء أبي ليحت ...
- ملايين الزائريين للمراقد المقدسة يعاملوها معامل المحاكم والم ...
- الجامعة في تلك الايام
- قراءة في كتاب (المرأة في عراق ما بعد التغيير) ترسيم لملامح ا ...
- عنف تتوارثه الاجيال
- عقوق الشعراء
- عرس مائي لكاظم غيلان يؤجل عرسه المنتظر
- بأنتظار بابا نوئيل عراقي
- الحمراني الهارب من اليابسة لتخوم اخرى
- حرائق الوطن الغائبة عن محاورة الشعراء
- السطر الاخير في رواية العائدين والذاهبين من العراق
- مذكرات هاشم جواد ..آعترافات بهزائم مؤجلة
- حوار طويل مع الناقد ياسين النصير
- الزعيم الاوحد نستذكره في زمن الديمقراطية المرة
- صلاحية نفاد الكتابة
- عيد وباي حال عدت يا عيد الصحافة


المزيد.....




- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - توفيق التميمي - من هو الآخر في وطني وكيف أتعايش معه؟