أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - توفيق التميمي - أسمى التهاني والتعازي














المزيد.....

أسمى التهاني والتعازي


توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)


الحوار المتمدن-العدد: 2354 - 2008 / 7 / 26 - 05:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قبل أيام أحتفل أنصار الزعيم قاسم وعشاقه والموالون لثورته باروع ما يكون به الاحتفال على صعيد شعبي وحزبي عفوي ترجم لحد كبير مكانة ومحبة الزعيم في قلوب هؤلاء المحتفين ووهج حكاياته التي أختلط بها الحقيقي بالاسطوري .
كما كشفت تلك الاحتفالات عن التوق والحسرة لفقدان زعيم تفرد عن سواه من الزعماء والرؤساء بالنزاهة والعفة واللتين بقي مكانهما شاغرا بعد كل هذه السنوات.
وعلى مقربة من مسارح الاحتفال بثورة تموز وقائدها كان احفاد العائلة الملكية يتلقون التعازي والمواساة من قبل عراقيين اخرين يسكنهم الحنين لزمن الملكية العراقية وذكريات ايامها من الخير والامان والحياة البرلمانية وغياب السجون وحملات الابادة والتهجير التي شهدتها الجمهوريات اللاحقة وكذلك كشف هذا العزاء الشعور الجماعي بالذنب ازاء مليك يافع لم تتلطخ يديه بقرارت ضد مواطنيه والتفريط بتراث من الامان والحرية والتطور نقلها ابناء عمومة الملك القتيل لدول مجاورة سعدت بفترات حكمها الملكية في الوقت الذي كان فيه الوطن والامة العراقية تدفع ثمن تلك الخسارة بالارواح والثروات واعمار الشباب .
هذه الاحتفاليات المتناقضة وبطاقات التهاني والتعازي والحنين المتضاد لزمن القاتل والمقتول في قيظ تموز الحاد يكشف وجها من وجوه الشخصية العراقية وتطرفها في مواقفها ومستوى تقلباتها ومزاجيتها المتحولة وكل ذلك جدير بالتأمل والدراسة والتقصي من قبل الباحثين في اسرار هذه الشخصية وكشف نوازعها وتفسير مواقفها على صعيد الدولة او المجتمع .
ولربما بسب هذه المزاجية المتطرفة والتحيز الحاد لهذا الطرف او ذاك غاب عن تاريخنا الملطخ بالدم والاكاذيب ووثائق تزوير الحقيقة والموعظة والتامل الحيادي الموضوعي والذي يجعل التاريخ درسا لصناعة المستقبل بعيدا عن الظغائن والاحقاد والتزمت والكراهية ما بين الاجيال .
تلك التناقضات والاحتفالات المتضاد ة برموز التاريخ والذ ي فضحته لحظة الحرية المنتزعة من بين انياب العراق الجمهوري وعقوده السود تعد من الظوهر الاجتماعية الملفتة في تاريخ العراق المعاصر والتي انتجت مزيدا من بحار الدما ء وسنوات من الفاقة والتشرد واهدار للثروات .
صيف تموز الحارق هو الميدان المفضل لبروز التحولات وتجلي المزاجية المتقلبة لدى العراقي فطالما حفل هذا الشهر الساخن بوقائع الانقلابات والمؤمرات ..
وتحت اجوائه الساخنة يمكن لنا ان نسأل بعفوية :
كيف اسطاع العراقيون وفي لحظة من الحرية المتسللة من بين جدران الدكتاتوريات المتعاقبة الاحتفاء بالقاتل والعزاء بالقتيل في آن واحد ؟
كيف تقابل حنين العراقيين ونزوعهم نحو ملكية اعطتهم زمنا شاذا وعابرا بالامان ومشروع دولة وديمقراطية مبكرة وحريات لن تتكرر بعدها وبين زعيم ظل متشبثا بسحر صورته في مناديل الفقراء وصحون العائلة العراقية ؟.
كيف تسنى للعراقيين الجمع بين الحنين لحقبة الامان الملكية وايامها وبين البكاء على خسارة العفة والنزاهة في حياة قاسم؟.
ابلغ الدروس في هذه القصة وحكمة الاجابة عن تلك الاسئلة هو ان نعيد احكامنا وتقييماتنا للتاريخ وشخوصه ووقائعه من دون الوقوع في ورطة الانفعالات والامزجة والتطرف بالمواقف لكي نرى زعماءنا وملوكنا واحداث زمنهم كما هي وليست كما ترسمها عقدة ذنب او تهويل مخيلة او سحر كارزما وكلها من مكبلات الماضي والربط بسلاسله المقدسة التي تحول دون الانعتاق من اسره والشروع ببناء جديد لمستقبل آخر.
فالغربيون لم يتقدموا خطوة في عالم الانجاز والمدنية الا عندما نزعوا جلابيب التقديس عن شخوصهم ووقائع تواريخهم ورموزهم السياسية والدينية .
والدرس الاكثر بلاغة في ذلك هو ان لايستبد الساسة والملوك والجنرالات من الاحتفاء والسطوة على ذاكرتنا الجمعية وطقوس فرحنا الموسمية الشحيحة اكثر مما ينبغي على حساب مكانة وذكرى رموز الاصلاح الفكري والاجتماعي والثقافي أولئك الذين يتحملون مبااشرة مسؤولية بناء الدول وتنامي الحضارات مهما كانت حدة التقلبات السياسية .
ولذا تزخر رزنامات الشعوب والدول المتحضرة باحتفالات للحب والازهار والسلام والامهات والاطفال اكثر مما تحتفظ بكرنفالات تبجيلية لقادتهم السياسيين وجنرلات حروبهم الذين عطلوا مسيرة الحياة ودمروا منجزات علماءئهم وادبائهم وفنانيهم فصباح الخيرعندما نحذو حذوهم في ذلك نكون خرجنا من منطقة التطرف والتقلب وبطاقة الاسمى في التهاني والتعازي لحدث واحد وزمن واحد .





#توفيق_التميمي (هاشتاغ)       Tawfiktemimy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفنانة والآثارية والروائية العراقية أمل بورتر: جاء أبي ليحت ...
- ملايين الزائريين للمراقد المقدسة يعاملوها معامل المحاكم والم ...
- الجامعة في تلك الايام
- قراءة في كتاب (المرأة في عراق ما بعد التغيير) ترسيم لملامح ا ...
- عنف تتوارثه الاجيال
- عقوق الشعراء
- عرس مائي لكاظم غيلان يؤجل عرسه المنتظر
- بأنتظار بابا نوئيل عراقي
- الحمراني الهارب من اليابسة لتخوم اخرى
- حرائق الوطن الغائبة عن محاورة الشعراء
- السطر الاخير في رواية العائدين والذاهبين من العراق
- مذكرات هاشم جواد ..آعترافات بهزائم مؤجلة
- حوار طويل مع الناقد ياسين النصير
- الزعيم الاوحد نستذكره في زمن الديمقراطية المرة
- صلاحية نفاد الكتابة
- عيد وباي حال عدت يا عيد الصحافة
- مناكدات بين معلمين ومريد
- الناصرية الشجرة الطيبة
- هوامش عراقية على المدى
- مراث لااصدقائي الاحياء وأولهم نصيف فلك


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - توفيق التميمي - أسمى التهاني والتعازي