أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - سنة فلسطينية حاسمة!















المزيد.....

سنة فلسطينية حاسمة!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2285 - 2008 / 5 / 18 - 07:48
المحور: القضية الفلسطينية
    



سنة 2008 لا بدَّ لها من أن تكون منعطفاً جديداً في تاريخ القضية الفلسطينية، فالسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، أو الحل النهائي للمشكلة القومية للشعب الفلسطيني عبر التفاوض السياسي، ما عاد بالخيار السياسي أو الاستراتيجي الواقعي للفلسطينيين، وللدول العربية الملتزمة حتى الآن "مبادرة السلام العربية"؛ وقد حان لـ "المفاوضين"، من عندنا، أن يتقاعدوا، وان يُطْعِموا النيران ملفَّاتهم التفاوضية، وأن يعلنوا على الملأ في خطبة الوداع أنَّ خيار الحل عبر التفاوض السياسي مع إسرائيل قد انتهت صلاحيته الزمنية، وأنَّ "أنابوليس" كان طريق الوهم الأخير.

وأحسب أنَّ الرئيس بوش قد خاطب الإسرائيليين من على منصة الكنيست قائلاً: إنَّ جيرانكم من الفلسطينيين والعرب هُمْ قومٌ من الأغبياء إذا ظلوا مستمسكين بوهم أنَّني لن أغادر البيت الأبيض قبل أن آتي لهم بمعجزة تحويل وهمهم إلى حقيقة واقعة.

كل ما يتوفَّر الرئيس بوش على إتمام عمله قبل مغادرته البيت الأبيض، وعبر "طريق أنابوليس"، إنَّما هو "النكبة الثانية"، يَنْكُب بها الشعب الفلسطيني وقضيته القومية، والتي قوامها "اتفاق" يُكْرِه ملايين اللاجئين الفلسطينيين على أن يضربوا صفحاً "إلى الأبد"، بحسب مقياس الزمن السياسي، عن حقهم في العودة، في معناه الذي أوضحه وشرحه قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة الرقم 194.

وهذا ليس كل "النكبة الثانية"، وإنَّما أحد نصفيها، فنصفها الآخر قوامه هو أن لا مكان، حاضراً ومستقبلاً، ومن الوجهة العملية والواقعية، لملايين اللاجئين الفلسطينيين في إقليم "الدولة الفلسطينية"، التي يفضِّلها الرئيس بوش على هيئة "الجِبْن غير السويسري"، فإذا كانت عودتهم، بما يوافِق ذلك القرار الدولي، خطراً على يهودية دولة إسرائيل من الوجهة الديمغرافية فإنَّ تركيزهم في حيِّز "الدولة الفلسطينية" يمكن أن يتحوَّل إلى خطر على أمنها الاستراتيجي.

وها هو مارك ريجيف، المتحدِّث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، يُسارِع إلى ترجمة زيارة الرئيس بوش لإسرائيل ونتائجها بشرط تفاوضي هو أن يتخلَّى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن مطلب "حق اللاجئين في العودة (إلى إسرائيل)"، فإصراره على هذا المطلب سيكون، على ما قال ريجيف، السبب الأهم لفشل وانهيار الجهد السياسي والتفاوضي المبذول الآن للتوصل إلى "اتفاق" قبل مغادرة الرئيس بوش البيت الأبيض.

هذا المطلب إنَّما هو، بحسب تصريح ريجيف، "نقيض السلام"، ولا يمكن الجمع بين النقيضين؛ ثمَّ زعم ريجيف أن لا وجود لمطلب "حق العودة" في القانون الدولي، ناسياً، أو متناسياً، أمرين: ذلك القرار الدولي الذي لا يمكن فهمه على أنَّه شيء لا يمتُّ بصلة إلى القانون الدولي، وأن لا وجود في القانون الدولي لشيء يسمَّى "حق كل يهودي، في أيِّ مكان في العالم، في العودة إلى إسرائيل ليغدو مواطناً من مواطنيها".

إذا نجح الرئيس بوش في شيء فإنَّما نجح، أو ينبغي له أن يكون قد نجح، في إقناعنا، ولو كُنَّا حجاراً، بأنَّ "الدولة الفلسطينية"، التي وعد بجعلها، ولو من حيث الأساس، حقيقة واقعة قبل أن يغادر البيت الأبيض، لا يفهمها، ولا يمكنه فهمها، إلاَّ على أنَّها جزء من منظومة الأمن الاستراتيجي لـ "الدولة اليهودية"، وكأنَّها لن تقوم، إن قامت، إلاَّ لتبتني لإسرائيل مزيداً من الأمن الاستراتيجي من الحجارة التي أنتجها هَدْم السلام، تفاوضاً واتفاقاً، للجوهري والأساسي من الحقوق القومية للشعب الفلسطيني.

المفاوض الفلسطيني لم يُعلِّل نفسه بوهم أنَّ خيار الحل عبر التفاوض السياسي مع إسرائيل يمكن أن ينتهي إلى حلٍّ نهائي، قوامه، في الخاص منه بمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، عودة الملايين من هؤلاء إلى إسرائيل؛ ولكنَّه، في الوقت نفسه، لا يستطيع أن يظل مستمسكاً بهذا الخيار إذا ما تأكَّد لديه أنَّ عاقبته النهائية هي التوصُّل إلى اتِّفاق لا يمكن أن يلقى قبولاً شعبياً فلسطينياً واسعاً، ولو على مضض.

ولقد أثبتت الولايات المتحدة، ومذ حكمها الرئيس بوش على وجه الخصوص، أنَّها ليست بالوسيط الذي لديه من الأسباب ما يحمله على أن يبذل من الجهود والمساعي الدبلوماسية والسياسية ما يفضي إلى اتفاق يمكن أن يقبله الفلسطينيون ولو على مضض، فما بذله من تلك الجهود والمساعي إنَّما نجح في تعزيز المَيْل الفلسطيني العام إلى نبذ فكرة أنَّ التفاوض السياسي مع إسرائيل يمكنه، اليوم، إنْ لم يكن اليوم وغداً، أن يُنْتِج حلاًّ يمكن أن يستصعب الفلسطينيون رفضه، على سوئه نِسْبَةً إلى الحل الذي ينشدون.

كل ما تحقَّق حتى الآن، وما يمكن أن يتحقَّق حتى مغادرة الرئيس بوش البيت الأبيض، ليس سوى حل "الدولة الملغومة"، أي الحل الذي فيه من "الحل الإسرائيلي الخالص" لمشكلتي اللاجئين والقدس الشرقية، ما يجعله لغماً مزروعاً في طريق مفاوضات السلام، فـ "الدولة" ضُخِّم ثمن حصول الفلسطينيين عليها، فاشتد وتعاظم شعورهم بالعجز عن "شرائها". وهذا اليأس قد يحملهم، بعد بضعة أشهر، أي بعد نفاد الوهم الأخير الذي جاء به إليهم "أنابوليس"، على التفكير في إجابة سؤال واحد فحسب هو "ما العمل الذي يمكنهم وينبغي لهم القيام به انطلاقاً من انتهاء العمل بخيار الحل عبر التفاوض السياسي؟".

وإذا كان من درس أساسي يمكن ويجب الخروج به من تجربة هذا الخيار فهذا الدرس إنَّما هو التزام التفاوض السياسي مع إسرائيل؛ ولكن بوصفه "نتيجة" يمكن أن يتمخَّض عنها إنهاء، أو انتهاء، الاحتلال الإسرائيلي، فاتِّخاذ هذا التفاوض طريقاً إلى إنهاء هذا الاحتلال ليس بالأمر الذي ينم عن حكمة أو واقعية سياسية؛ أمَّا نبذ خيار المقاومة بأوجهها كافة بدعوى تهيئة الأسباب والظروف لنجاح مفاوضات السلام فهو، على ما أثبتت وأكَّدت التجربة، الغباء السياسي بعينه.

ونبذ خيار الحل عبر التفاوض السياسي لا يعني، بالضرورة، أنَّ خيار الحل عبر المقاومة، أو عبر المقاومة العسكرية على وجه الخصوص، يمكن أن يعطي نتائج أفضل، فالخياران في أزمة، أسبابها موضوعية في المقام الأول. وإذا كان من مفاضلة عملية وواقعية الآن فهذه المفاضلة أنَّما هي أن يفاضِل الفلسطينيون بين مساوئ النتائج المترتبة على الأخذ بخيار الحل عبر التفاوض السياسي مع إسرائيل وبين مساوئ النتائج المترتبة على أخذهم، عن يأس واضطِّرار، بخيار الحل عبر المقاومة بأشكالها وأساليبها المختلفة.

ويكفي أن يقارِن الفلسطينيون، في موضوعية، بين نتائج هذا الخيار ونتائج ذاك الخيار حتى يتوصَّلوا إلى استنتاج مؤدَّاه أنَّ نتائج وعواقب خيار الحل عبر المقاومة لن تكون أسوأ عليهم من نتائج وعواقب خيار الحل عبر التفاوض. أمَّا السبب في حَمْل الفلسطينيين على المفاضلة بين أمرين أحلاهما مُرُّ فهو "أنابوليس" في ما انتهى إليه من نتائج حتى الآن، وفي ما يُتوقَّع أن ينتهي إليه من نتائج حتى مغادرة الرئيس بوش البيت الأبيض، فليس من وهم بعد الآن يمكنه أن يبقي الفلسطينيين أسرى لخيار سلامٍ لم يُبْقِ في أيديهم من شيء يمكنهم التنازل عنه.

وأحسب أنَّ النتائج التي انتهى إليها خيار الحل عبر التفاوض السياسي مع إسرائيل هي الأصدق إنباءً إذا ما أنبأت الفلسطينيين بأنَّ نبذهم لخيار الحل عبر التفاوض السياسي مع إسرائيل هو وحده، الآن، الخيار السليم؛ لأنَّ نتائج وعواقب نبذه، ومهما كانت سيئة، لن تكون أسوأ من نتائج وعواقب استمرارهم في التزامه، فأيُّ سلام هذا الذي تقول مفاوضاته للمفاوض الفلسطيني: "أنتَ إذا بقيتَ في داخل قاعة المفاوضات مُتَّ، وإذا غادرتها مُتَّ.."؟!

إنَّ قنوط الفلسطينيين من رحمة السلام يمكن أن يأتي بتغيير، ينجح حيث فشل التفاؤل، أي يمكن أن يُقصِّر ويُسهِّل الطريق إلى سلامٍ لم يؤدِّ التفاؤل، أو الإفراط في التفاؤل، إلاَّ إلى إطالة وتصعيب الطريق إليه.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنَّما -التعريب- كلمة يراد بها -التدويل-!
- ذاك انقلاب.. أمَّا هذا فلا!
- -قصة التيه- في نسختها اللبنانية!
- ليس صراعاً بين عليٍّ وعُمَر!
- كيف تُشْعَل الحروب.. لبنان مثالاً!
- لو كان اقتصادنا الحُرُّ.. حُرَّاً!
- -المسخ عبر التعريف- في مفاوضات سرية!
- حرب حكومية على -أفيون الفقراء-!
- فوضى الكلام عن السلام!
- أما حان لعمال العالم أن يتَّحِدوا؟!
- تعريف جديد ل -المرأة الزانية-!
- -حماس- تتحدَّث بلسانين!
- من بروكسل جاء الجواب!
- طوفان التصويب وأحزاب سفينة نوح!
- الكامن في شروط إسرائيل -غير التعجيزية-!
- -أحكام عرفية- ضدَّ -الغلاء-!
- مأساة تَحْبَل بانفجار!
- -عالم شايلوك يهوه- أم -عالم شكسبير-؟!
- هل تَعْرِف مَنْ أنتَ؟!
- بن اليعازر يتكلَّم ب -لسان نووي-!


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - سنة فلسطينية حاسمة!