أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب محمد رضا الخفاجي - شيطان في وجهي














المزيد.....

شيطان في وجهي


زينب محمد رضا الخفاجي

الحوار المتمدن-العدد: 2283 - 2008 / 5 / 16 - 07:43
المحور: الادب والفن
    



اجمل يوم كان يوماً توافق فيه والدتها على مبيتها في بيت جديها.. دق الصباح باب طفولتها بنوره المتسلل من الشباك الملاصق لسريرها.. ترتفع قبضتا يديها لتفرك بهما عينيها.. حدقاتها تدور لتتفحص الغرفة .. أتراها نامت ليلتها فأستيقظت.. أم أغمضت فقط لتنعش خيالها في كل لحظة.. بتفاصيل زيارتها لذلك البيت العتيق في الكرادة.
كرهت كثيراً غسل وجهها ... فهذا الصابون اللعين يحرق عينيها ويبكيها..ومخافة أكتشاف سرها تمد اصابعها الصغيرة الناعمة وهي تراقب فتحة الباب الى زوايا عينيها لتزيل تلك التراكمات المتحجرة.. فتحلف بعدها بأغلظ الأيمان أنها غسلته وهي مطمئنة.
تحسست العين الأولى .. لا شيء..يا ألهي أتراها لم تنم ليلة أمس؟ .. ثم عبرت اناملها ببطيء الى العين الاخرى.. فقبظت على كومة مختبئة في زاوية بعيدة .. رقصت وقفزت وصرخت هي وجدتها.. لقد نمت وسأستطيع السهر براحتي هناك...
بدأ الضوء يمليء الغرفة .. تترقب في كل لحظة دخول والدها ليصحيها .. لم تكن تستطيع حينها قراءة عقارب ساعة بيتهم المعلقة بعيداً على الحائط.. الشمس تعلو.. والعقارب تتحرك .. ووالدها يغط في نوم عميق..ترى كيف ستوقظه.. لتتأكد من ذهابها هناك...
فجأة وقفت أمام المرآة وأغمضت عينيها نصف أغماضة..ورفعت انفها الى الأعلى .. وقطبت حاجبيها..لترى إن كانت مقنعةً في أدعائها المرض ..ثم ضحكت وأخفت وجهها بيدها حين أدركت أنها تشفق على تلك الصغيرة المريضة جداً..حتى كادت تسألها ما الذي أصابها؟.
توجهت الى الغرفة الكبيرة.. أقتربت من السرير وهمست وهي تهزه من كتفه (بابا عفية أنهض ... بلاعيمي توجعني).. جفل وهو يفتح عينه ليفاجأه وجهها الصغير يكاد يلتصق بوجهه..بسرعة قفز من فراشه ..حضنها بكلتا يديه رافعا اياها عن الارض وصار يحث الخطى وهو يحملها الى خارج الغرفة طلباً للنور.. فتح فمها ونظر الى الداخل.. لا شيء..اقترب بأنفه عله يشم رائحة الالتهاب المقرفة.. أيضاً لا شيء..رفع يده ووضعها على جبتها الصغيرة ... لا حرارة ولا هم يحزنون.. ضحك وقرر الآنتقام من هذه الشيطانة الصغيرة..حبيبتي أنت(كلش مريضة) يجب أن نذهب الى الطبيب ليكتب لك مجموعة كبيرة من الابر..ارتعبت صغيرته المدللة ...وسكتت برهة وبؤبؤ عينها يدور مع عقارب الساعة..فقالت ..(اروح لبيبي وعمة أحسن إذا مصرت زينة أروح للطبيب)ولسان حالها يلعن تلك الساعة السودة التي قررت فيها أدعاء المرض..(ها بابا أبدل ؟) حسناً أذهبي ...ذهبت راكضة الى غرفتها تقفز وتصرخ وهي سعيدة..هي .. هييــــــــــــــــــــــه .. آه تعثرت وسقطت بقوة أمسكت بركبتها التي تؤلمها..ولأن كل من في البيت يعرف ..انها ستبكي لساعة كاملة.. تحظر هذا الأب المسكين (وشد عمامة) وأقترب منها.. كانت ساكتة ليس كعادتها ..نظر لقدمها وقال تؤلمك ؟ فأجابت( لا ماكو شي بسيطة روح غسل وجهك وبدل) ضحك والدها من كل قلبه وذهب كولد مطيع الى المغسلة ليغسل وجهه ... وهنا تذكر فسألها هل غسلت وجهك من الشيطان ؟ فتمشت اليه وهي تعرج قليلاً ووقفت أمامه وفتحت عينيها على وسعهما وأشارت بأصابعها على زوايا عينها وقالت..شوف كلشي ماكو.... أقتنع الأب بكذبتها البيضاء لأنه فعلا لم يرى شيئاً.. وظن أن هذه الصغيرة رمت الشيطان مع بقايا الماء والصابون في المغسلة... عادت تلك الصغيرة الى صديقتها المرآة ... وفتحت عينها بقوة باحثةً عن هذا الشيطان الذي يسكن في وجهها ... فلم تجده .. ترى لماذا يراه الكبار ولا تراه هي؟ وكيف يلتصق بوجهها ليلاً ولا تراه نهاراً؟.. ولماذا علينا التخلص منه في اليوم الآخر؟.. وهل هو جميل وحباب أم هو وكيح.. مثلها؟.. ثم ما دخل الشيطان بكومات متحجرة تستقر في زوايا عينيها؟.. وهل هذه الكومات بيته؟ أتراها أضاعته حين رمت بتلك الكومة على الأرض؟ .. فجعت وظلت تبحث في الأرض ترى أين ذهب؟.. كانت خائفة جدا من فقدانه فلقد اعانها في كثير من ملاعيبها الشيطانية..
ارتدت ملابسها بعجالة حتى انها نسيت ربط حذائها ،وغلق سحاب فستانها ... وأخذت شرائطها البيضاء وركضت لأمها.. وهمهمت وهي تلهث ..ماما صباح الخير .. غسلت وجهي وذبيت الشيطان الرجيم في المغسلة ولأنها كانت تكذب لم تنظر الى وجه أمها وربتت بلطف على خدها لتطمئن شيطانها ..الذي مازالت تخبئه في وجهها..بأنه أبداً لن يقع في تلك المغسلة.. و أكملت ...عفية ماما مشطيلي شعري بسرعة...
أخذت تمشط الأم شعرها ورتبت ملابسها .. فأشارت تلك الشيطانة الصغيرة الى عطر والدتها وأبتسمت وحضنت أمها وقالت ماما ممكن اشوية.. وطبعا وكالعادة أستسلمت الأم ...
ركضت بعدها الى السيارة... وضعت قدمها اليمنى بصعوبة في السيارة وظلت جاهدة تحاول بالأخرى تسلق الكرسي الأمامي المجاور لوالدها وبعد جهد نجحت فأرجعت رأسها الى الوراء بعد أن أنهكها الصعود وتنفست الصعداء بأنها أخيراً ذاهبة هناك....



#زينب_محمد_رضا_الخفاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد وثواب
- عميدة وصانع الخبز وخوفي
- تحية الى شهداء وابطال بشت ئاشان في ذكراها الخامسة والعشرين!
- حشرٌ معَ من نحب
- حكومتنا والأرقام ال 5
- خمسةٌ في عين الحسود
- ليلى والذئاب
- عمو لينين وحمامة وبطة
- مرفوض ضوء النهار(تكملة لموضوع حوار في الجنة)
- مرفوض ضوء النهار
- دللول
- لفة و برتقالة
- اعتذار ومغفرة
- حوار في الجنة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب محمد رضا الخفاجي - شيطان في وجهي