أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب محمد رضا الخفاجي - عميدة وصانع الخبز وخوفي















المزيد.....

عميدة وصانع الخبز وخوفي


زينب محمد رضا الخفاجي

الحوار المتمدن-العدد: 2265 - 2008 / 4 / 28 - 09:36
المحور: الادب والفن
    



كنت جالسة كما كل يوم أمام شاشة الكومبيوتر.. مشكلتي أنني أدمنته.. وصرت أفترس بنهم كل مواقعه ..ظمأ كبير هذا الذي أحس به ... سطور تمر وأخرى تركض وعيناي تلهثان... بابٌ صغير في أعلى الشاشة يشتت انتباهي ..يفتح ويغاق بسرعة... ومن خلفه ليلٌ وقمرونجوم وبالونات... أفكاري تتناقض بين استراحة صغيرة خلف الباب وبين تلك السطور..ولكن عشقي للمجهول وأكتشاف الأماكن الجديدة يحملني اطناناً كثيرة من الشجاعة والأقدام.. الجو حار وخانق هنا.. هذا ونحن في نيسان.. النسيم العليل يبعث بسفيره ليدعوني هناك.. لعالم ما خاف الباب ..وافقت وحزمت أمري فأسرعت أتسلق السطور حرفٌ يدفعني والآخر يرميني أرضاً ولأنني لم أستسلم يوماً في أمر أريده..أعاود التسلق الاف المرات.. أما أنا وأما هم صبري وطول بالي اللذان ورثتهما عن أبي جعلاني دوماً الرابحة في النهاية... ألفٌ يسلمني لهمزة .. وهمزة تغمزني لفتحة وهكذا حتى وصلت الباب والعرق يبلل وجهي ورقبتي وحافة بلوزتي .. أقتربت بأنفي من الملابس لأختبر رائحتها فمن غير اللائق طرق الأبواب برائحة كريهة قوية ... شهيق ثم آخر فآخر.. الله ما أطيب هذا العطر أرفض التصديق فأمر بيدي على جبتهي وأخذ منها عينة لأذهب بها الى مختبر أنفي ليحللها .. أقربها من أنفي أشمها .. يا الله كم رائحته طيبة..ترى من أين جائني هذا العطر؟!!!..أتراه أحتكاكي بتلك الضمة الأنيقة الجميلة أم هو تنوين الضم كلنا يعرف ان الضم بدون رائحة جميلة يبعث على النفور.. أتراها رائحة واو العطف أم ماذا.. أو من؟ الله أعلم.
رتبت ملابسي وأزلت غبار الأحرف الملتصق بيدي وأعدت خصلات شعري الى الوراء.. وضعت القدم اليمنى على الجهة الأخرى من الباب واليسرى ثابتة على الصفحة.. تعلمنا نحن العراقين أن نجعل دوماً لنا خط رجعة(كلشي يصير)..
فجأة ومن خلف الباب تقدمت مني فتاة فرعونية الملامح .. عذبة الصوت.. ترتدي ملابس بيضاء فضفاضة وعلى رأسها وشاح ابيض يطير برفق مع نسمات الهواء ليظهر للعالم ليلها الأسود الطويل الجميل .. ملامح وجهها وأبتسامتها رحبت بوصولي.. وربما أدركت هذه الفرعونة الحادة الجمال.. تردد ي.. فقالت (كل الهلة بالدكوا الباب ).. مدت يدها وقالت أسمي عميدة ويصيحولي أحلام وأنت ؟... صمت وذهلت .. أرتجفت وقررت العودة أ أكون في بشتآشان؟ وهل هذه عميدة عذبي حالوب ؟.. وهل جننت لأذهب بأرادتي للموت؟ .. ولكن ما الضير في أن تريها عميدة الجنة .. أقتربت مني وهمست بحب في أذني لا تخافي فقط أمسكي يدي .. مشيت معها فسألتني ما أسمك ؟... فما كان الجواب غير نظرة وأبتسامة خجولة .. فقالت ألا تتكلمين ... أبتسمت أيضاً.. أما زلتم تخافون الكلام .. طأطأتُ رأسي خجلاً ولسان حالي يقول نعم يا سيدتي نعم ...هذا حالنا منذ قديم الزمان..
سألتني وكأن عذوبة العالم كلها تسقط حبات مطر منعشة من شفتيها ..هل تبحثين عن شخص معين؟ فأشرت برأسي نعم .. فقالت من هو؟.. ولأنها بطيبة قلبها صدقت أنني لا أتكلم .. أنحنت على الأرض وقطفت لي وردةً من زرع يديها ربتت على رأسي وقالت سأريك كل من معي ولن أتركك حتى تجدي ضالتك ... رقيقة هذه الأنسانة لم تعرفني يوماً وتأبى تركي وحيدة ..أتخبط في غربة هذا المكان.. الهواء البارد أنعش روحي.. والنسيم العليل يمر على مسامات جلدي فينشر عطري الغريب حتى علي في الجو .. سالتني ما أسم عطرك؟ ولأني ألفتها وأحببتها .. أبتسمت وأشرت بسبابتي على الورد الذي يغفو على الأرض ..فقالت هل تقصدين أن عطرك.. عطر الورد.. فكبرت أبتسامتي وصرت أحني رأسي بسرعة لأؤكد كلامها .. مرت بأصابعها على وجهي وقالت أنت جميلة صغيرتي (لكن حرامات خرسة).. خرسة نعم خرسة أنا مع الأسف خرساء ولن أتكلم..
أتعلمين صغيرتي أن الورد لا يعطي عطره إلا لمن يحبه ..أسأليني أنا فأنا خبيرة به..أخبريني هل تحبيه؟..و فجأة كدت أصرخ ناسية تظاهري بالخرس... أموووووووووووووت عليه... ومن لا يحب الورد..ولكنني هدأت من روعي وتذكرت أنما أنا في قاموسها خرساء.. تمنيت لو أسألها لماذا أصابعك في مكانها كانوا قد قالوا أنهم قطعوها وسرقوا خاتمك وكيف ما زلت شابة جميلة بعد كل تلك السنين ..وبينما أنا أغرق في بحر تساؤلاتي .. رفعت يدها لتسلم على رجلٍ كان يبني بيديه بيتاً من الطابوق.. فبادرته تحية طيبة أبو ليلى فأجاب (كِل الهلة) بكسر الكاف .. أتراه كاظم طوفان شيخ القصب والهور وبناء بيوت العمارة ...(أبتسمت وكدت أصرخ هاتفةً عاشت العمارة وعاش اهلها الطيبيون).. أكيد أنا محظوظة برحلة كهذه أسعدني كثيراً سماع كلامهم وضحكاتهم ودقات قلوبهم الناطقة بالحب لكل الناس كطبول أفريقية مجنونة...هؤلاء الأبطال حملة راية حسن النية والخير والخبز لكل الناس ...ثم طلبت مني بكل رقة وأدب وهي ما هي من كبر المقام ..أن أسمح لها ببضع دقائق تدخل فيها في هذه البحيرة فالماء مقدس عندهم.. فقالت فقط دقائق ونكمل المسير والبحث عمن تحبين ... الآن تأكدت أنها هي فالصابئة المندائيين يقدسون الماء الجاري... دخلت بخطوات صغيرة في الماء .. رمت وشاحها وراحت ترقص كفراشة فوق صفحات الماء تبتل جناحيها فلا تغرق .. أسعدتني سعادتها .. أستدارت نحوي وقالت انت صغيرتي.. هل تحبين؟ .. نعم سيدتي ومن منا لايحب... صرخت لم أسمعك هل تحبين ... أن كنت تحبين أدخلي الماء مثلي ... ولكنني خفت على ملابسي من البلل وأحتظنت عطر وردي كي لا يزول .. ضحكت كثيراً وقالت ..نسيت أنك ( خوافة) تعجبت كيف صارت تعرف كل ما أفكر به وما أظن أنني أخفيه..عطرك صغيرتي لن يزول وملابسك لن تبتل تعالي.. هيا .. شجعتني فدخلت اليها .. غنت ورقصنا وتبللنا ولم يخيفني البلل أول مرة أكون سعيدة كما أنا الآن ... وعندما أنتهينا حملت بيديها الماء ووضعته على شعري وتمتمت بكلمات لم أفهمها وقالت .. ستكونين دوماً سعيدة في الحب وفي الحياة ولا تجزعي يوماً أو تخافي... آه كم أحب هذه الجميلة الرقيقة .. حتماً كل الأنصار أحبوها..كما أحبها الآن..
أكملنا المسير ولكن في هذه المرة يدي بيدها .. وبين فترة وأخرى تداعب خصلات شعري وتحتظنني وأبتسم.. لم أظن يوماً إن السعادة قريبة جداً منا وبهذه السهولة.. وأيضاً رفعت رأسها.. هلو كاكة جبار( جوني) ... وكان جبار يحمل بيده جرتان مملؤتان ماء .. فقالت له ألم تتعب من نقل الماء لقد سقيت يارفيقي الجميع......آه يبدو أنه الشهيد جبار أسعد خضر أربيللي .. أكيد أنه هو .. أقسم يا سيدي أنني سأطمئن أختك كفاح عليك فلقد اتعبها فراقك والبكاء... و(عاشت كردستان وكل الطيبين فيها).. أقتربت منه فسألني إن كنت عطشى .. فأشرت بنعم .. كان لشرفٌ عظيم شرب الماء من جرة كاكة جبار البطل.. كان أعذب وأطيب ماء ذقته في حياتي .وبينما كنت أعيد له (طاسة المي) دارت عيني نحو صوت جميل يغني.. كان واقفاً يصنع الخبز ويغني .. ووقف قربه الكثير ممن ينتظر دوره وخبزه الحار والأخبار..أرتجفت يدي ونزلت دموعي وأنتبهت رفيقتي لرعشة جسمي وقالت هل فيهم من تبحثين عنه ... دموعي أفقدتني دقة النظر .. واشرت نعم .. فقالت من؟ فأشرت بيدي وكأنني أصنع الخبز .. فشهقت *سمير(ابو صابرين) صانع الخبز والأخبار.. فأطرقت برأسي وأنا أجهش بالبكاء .. وسقطت راكعة على الأرض فأنحنت علي وأحتظنتني وصرخت فجأة هي سمير لديك ضيوف توقف عن الغناء والتفت صوبنا .. أبتسم وصاح حبيبتي ...وألتفت صوب صديقه حميد(مجيد رسن) من الكوت الذي استشهد وهو يحاول أنقاذه وصاح بفرح هذه حبيبتي وأبنة أخي.. ولأنني جبانة وخوافة وخرساء نهضت بسرعة وركضت صوب الباب بكل سرعتي وعبرته وأنا أتصبب عرقاً وجلست مكاني أراقب الباب وأبكي .. لو كنت شجاعة مثلك يا عمي ما هربت ..أعذر خوفي الذي تربيت عليه وأرحم ضعفي. ...

* سمير عبد الحسن/أبو صابرين/الشهيد الحي في معركة بشتآشان



#زينب_محمد_رضا_الخفاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحية الى شهداء وابطال بشت ئاشان في ذكراها الخامسة والعشرين!
- حشرٌ معَ من نحب
- حكومتنا والأرقام ال 5
- خمسةٌ في عين الحسود
- ليلى والذئاب
- عمو لينين وحمامة وبطة
- مرفوض ضوء النهار(تكملة لموضوع حوار في الجنة)
- مرفوض ضوء النهار
- دللول
- لفة و برتقالة
- اعتذار ومغفرة
- حوار في الجنة


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب محمد رضا الخفاجي - عميدة وصانع الخبز وخوفي