أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - ورطة خدّام















المزيد.....

ورطة خدّام


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2254 - 2008 / 4 / 17 - 10:42
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


كان الهدوء والتروي والتحفظ في القول والكلام هي السمة البارزة للسيد عبد الحليم خدام النائب السابق لرئيس الجمهورية، وهي، بالطبع، أقل ما يجب أن يتمتع به دبلوماسي عريق شغل منصب وزير خارجية بلد متوسطي على مستوى كبير من الأهمية في مرحلة تاريخية حساسة وحرجة، ولمدة قاربت الأربعة عشر عاماً. وكان يبدو "ملكياً أكثر من الملك"، و"أسدياً" أكثر من آل الأسد أنفسهم. وكان يعتبر واحداً من أهم صقور ووجوه النظام البارزين ومن أشد المنافحين والمدافعين عنه إقليمياً ودولياً، وهو مثلاً، صاحب مصطلح "الجزأرة" الشهير، ووراء سن القانون 49 الشهير. وكان شديد الحرص لإظهار الولاء للرئيس الراحل حافظ الأسد وللنظام الذي ركبـّه وصنعه، على حد زعمه، ويعرف بالتالي كيف سيفككه، واستمر في موقعه ردحاً طويلاً من الزمان بناء على ذاك الولاء المطلق الذي أبداه. وكانت تصريحات وإطلالات السيد النائب السابق الرسمية تتسم بالرزانة والاتزان والاقتضاب وتعكس ثقة بالنفس وبالنظام وبالسياسات التي كان ينفذها، وبالقوة والثقل الإقليمي الذي بلغه النظام السوري. واستمرت هذه الصورة تقريباً حتى في لقائه الأول من على قناة العربية والتي أعلن فيه انشقاقه الشهير.
غير أن هذه الصورة الدبلوماسية النمطية التي حافظ عليها السيد النائب طويلاً، وطبعت شخصيته، قد اختفت وذابت، لاحقاً، وأضحت في حكم الموات، وانقلبت رأساً على عقب ليظهر من بعدها السيد النائب في حال يرثى لها بعد أن جرت الرياح الإقليمية والدولية، على عكس ما اشتهت السفن الخدامية. ومن يعرف السيد النائب سابقاً يصاب بالدهشة والذهول لهول وحجم التبدل الجذري الذي طرأ على سلوكه وأفعاله وأقواله وشخصيته، وحتى أناقته لدرجة عدم التصديق أن هذا الرجل هو نفسه عبد الحليم خدام قبل انشقاقه، فقد لوحظ، مثلاً، في اللقاء الأخير أن بزته التي كان يرتديها لم تكو، عن يمينه، حتى بشكل جيد. فقد خلع عنه تلك الصورة الدبلوماسية النمطية المعروفة، ليتقمص شخصية عصابية مأزومة أخرى مختلفة عما عرفه عنه الناس بها، أيام كان في عز مجده السلطوي. صورة تقترب من رجل فوضوي موتور ذي خطاب سوقي رخيص لا علاقة له بالعمل السياسي والفكري وحديث يتسم بالنزق، والتسرع، وقائم، كلياً، على الكيدية والانفعال والحقد الشخصي.
السيد النائب في آخر إطلالة له من على تلفزيون المستقبل كان بحال متواضعة لجهة العصبية والتشنج والنزق والهياج، وإلقاء الكلام غير المحسوب على عواهنه. وعنوان المقابلة هو الإحباط التام الذي هو أحد أوجه الفشل لكل النبوءات السياسية التي أطلقها السيد النائب إبان انشقاقه المثير. وهناك غياب تام لأية ثقة بالنفس أو بما يقوله، أو تقديم أي تصور منطقي ومعقول ما لماذا سيحدث مستقبلاً، وإن كل ما قدمه سابقاً، وبكل أسف، لم يحدث منه شيء على الإطلاق وربما هذا هو أحد أهم عوامل الإحباط. كما أظهر وجهاً غريباً من الجهل المطبق، وعدم معرفة ببعض العلاقات العائلية ودرجة القرابة التي تربط بعضاً ممن كان يتحدث عنهم بإسهاب. إذ كيف يستقيم أن يتحدث السيد النائب عن أشخاص بهذه الأهمية والمكانة المرموقة في الدولة السورية، ولا يعرف، بنفس الوقت، ما يربطهم من وشائج قربى بشخصيات رفيعة في النظام. كما أن جملة الإشاعات التي أطلقها ، كانت وبحق مدعاة للسخرية والتندر والشماتة من خدام، وقد تم تكذيبها بكل هدوء وروية وبساطة سورية معهودة، جملة وتفصيلاً. وفي هذا إساءة كبرى، ليس لأي أحد، بل حصرياً، لتلك الشاشة التي تستضيفه ويلقي منها هذه النفايات، ويسوق من خلالها تلك الادعاءات والإشاعات الباطلة، وإلى ذلك الكاتب والصحفي البائس الذي ارتضى لنفسه أن يكون شاهد زور، وحامل أختام لتمرير سلسلة من الأباطيل والأضاليل والأحابيل، والاستماع عنوة، وتمشياً مع سياسة تلك القناة المشؤومة ليس إلا، إلى جملة من التلفيقات والإشاعات الساذجة انطوى عليها ذاك اللقاء، والتي لا تنطلي على البلهاء، ولا يمكن أن تأتي بها، أو تتبناها أية مؤسسة إعلامية لديها أدنى درجات الاحترام للذات وللمهنة والعمل الذي تقوم به.
وأرجو ألا يعتقدن، أو يتوهم أحد أن هذا الكلام هو تملق لأي كان، أو يصب بطريقة أو أخرى في طواحين النظام، بل أتمنى أن يؤخذ على أنه طلب ورجاء شخصي وأخوي من السيد خدام أن يحترم عقول من يخاطبهم قليلاً، والرسالة الأهم هي إلى تلك القناة كي تعمل على مراعاة المهنية، مستقبلاً، وتوخي الدقة لتحافظ على مصداقيتها هي، وليس نحن كجمهور، بين الناس.
من جهة أخرى، فالسيد النائب قد يبدو معذوراً تماماً. فهو، ولسبب ما، أراد أن يظهر بمظهر البطل، ويحجز له مكاناً خاصاً في مرحلة ما بعد سقوط النظام، بعد التسريبات التي مررتها المخابرات المركزية لسيء الذكر ديتليف ميليس عن عمل وشيك وقريب للإطاحة بالنظام، الذي مررها بدوره لفريق السلطة اللبنانية، والذي سربها بدوره لخدام الصديق والمقرب من عائلة الحريري، وهو قام أيضاً بتسريبها لبعض المعارضين السوريين البؤساء أمثال اللبواني والكيلو وغيرهم. وهذا ما حدا أيضاً بالسيد على صدر الدين البيانوني المرشد العامة للجماعة الدينوسياسية السورية، للتحالف مع خدام متخلياً ومتنكراً لخطاب وأدبيات الجماعة المطالبة باعتذار من رموز النظام، محدثاً بذلك انشقاقاً كبيراً داخل صفوف الجماعة (خدام بنظر الجماعة الآن ليس من رموز النظام، هكذا).
وهناك اليوم كلام كثير يزكم الأنوف عن مشاحنات عائلية يومية وساعية، وبالجملة، ولوم وعتب من أقرب المقربين إليه، ومن ولديه جمال وجهاد بالذات، عن الورطة والوضع الذي آلوا إليه نتيجة الحسابات الخاطئة وقصر النظر الذي ورطهم به والدهم، وحولهم إلى مجرد مشردين ومنبوذين تائهين على أرصفة الغربة، وغير جديرين بالثقة من أحد كونهم تنكروا لمن صنعهم. والأنكى من ذلك كله، تحول خدام نفسه من آمر ناهٍ، إلى شبه سجين في شقته الباريسية محشوراً بين جدرانها الباردة والصامتة، الآن، يتلقى وينفذ أوامر وتعليمات من الشرطة، وبحاجة لإذن من خفير فرنسي بسيط للدخول والخروج، وممنوع عليه الإدلاء بأي تصريح من باريس أو القيام بأي نشاط سياسي هناك، بعد أن كان يعيش حياة أسطورية كالأباطرة، وأقرب إلى ملوك ألف ليلة وليلة من أي شيء آخر.
لم يستطع خدام أن يكون بطلاً أو مخلصاً من خلال انشقاقه المثير، فقد خانته التطورات والأحداث والمعطيات، كما لم يستطع أن يكون معارضاً بين المعارضين وسدت في وجهه كل الأبواب، ولا يستطيع في الوقت نفسه، وحسب الشروط الإقليمية والدولية الحالية، أن يحرز شيئا أو أن يتقدم ولو لخطوة واحدة إلى الأمام، كما لا يستطيع الرجوع مطلقاً إلى الوراء. لقد خسر كل شيء تقريباً، وبات يقف وحيداً في العراء. وهنا تكمن ورطة خدام.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القرضاوي وفتوى إباحة الكحول
- مؤتمر القمة العربية عام 2048
- السعودية والرئيس الشهيد: الاحترام المفقود والود المقطوع
- خدام محللاً سياسياً
- الخوف على الإسلام
- المعارضة العلوية
- متى كان الخليج عربياً؟
- القصف الفيروسي للمواقع الإليكترونية السورية
- الخليج الفارسي
- قمّة الحقيقة
- عمرو خالد: رزق الهبل على المجانين
- الهوية السعودية للمعارضة السورية
- هل أطاحت وفاء سلطان بأسطورة الجزيرة؟
- كل عام وأنتم بالشادور والنقاب
- يو إس إس كول: البحث عن هزيمة
- أنا لست مسلماً
- آل تعوس وقصر الدرعية والتاريخ الملعون
- مهلكة آل جحود
- ثقافة الحذاء
- نعم هناك خطر سوري


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - ورطة خدّام