أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - نضال نعيسة - الخليج الفارسي















المزيد.....

الخليج الفارسي


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2238 - 2008 / 4 / 1 - 11:05
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


أثارت الكلمة التي ألقاها الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي، والتي أشار فيها إلى الأصول الإيرانية لشعوب الخليج الفارسي، شجوناً كامنة، وموجة عارمة من ردود الأفعال المستنكرة، والمؤيدة لتلك الإشارة "الاستفزازية" العابرة. وبغض النظر عن البواعث، والتضمينات المختلفة لتلك الإشارة وتفاعلاتها السياسية والإعلامية، والمواقف المتباينة منها، سلباً أو إيجاباً، فإنها، في الواقع، لا تخلو من حقائق هامة بقدر ما هي مؤلمة وجارحة، وتلامس مسكوتات طال التعتيم عليها ومداراتها.

ويحاول العرب، اليوم، الذين لم تكن لهم أية هوية أو رسالة حضارية ما مؤثرة، عبر التاريخ، بقدر ما كانت هويتهم وسلوكهم مدمراً للكثير من القيم والمفاهيم التي أعطبت عقل الإنسان "العربي" عبر انشغالاتها السفسطائية الدونية والإشكالية، نقول يحاولون التمظهر بأنهم سليلو حضارات راقية وعظيمة، وبأنهم أنداد حضاريون لحضارات عظيمة وخارقة كاليونانية والفارسية والرومانية والغربية الحديثة. وبأن لهم حضارة وتاريخ مشرف يعول عليه، وكان لهم إسهامات في ما وصلت إليه المدنية الإنسانية الحديثة من رقي وتمدن وشأن عظيم. وتحقيقاً لتلك الغاية يسوقون الكثير من الخرابيط والأوهام والأكاذيب والتلفيقات غير المسنودة لا علمياً ولا مادياً، يؤازرهم في ذلك رهط من الكتبة المسترزقين الذين يحاولون رسم صورة مغايرة لواقع العرب الحضاري وتاريخهم الأسود الخزي.

ولنعترف بادئ ذي بدء أنه لم تقم حضارة يعول عليها، يوماً، في محيط ما يعرف بشبه الجزيرة العربية على الإطلاق. فلا وجود، البتة، لأية أوابد تاريخية وحضارية في طول الجزيرة العربية وعرضها كما نرى في بلدان أخرى قريبة، كالمسارح الرومانية الرائعة مثلاً، أو حدائق بابل وإهرامات الجيزة، على سبيل المثال لا الحصر، ولم يكن لعجائب الدنيا السبعة The Seven Wonders أي نصيب تاريخياً في أي مكان من جزيرة العرب أو حضارتهم التي يطنطنون بها ليل نهار، وبمناسبة أو من غير مناسبة. وهذا ما ينسف أية فكرة عن وجود أي شكل من أشكال الحضارة هناك. ةللحقيقة والتاريخ، نقول، ربما كانت هناك أنماط متفرقة من أنشطة سكانية رعوية وقبلية وتبادلات مشاعية وبدائية مختلفة وبسيطة، غير أنها لم ترتق يوماً لتكوّن نواة لتشكل حضاري إنساني شامل بالمفهوم الحرفي للكلمة. وعندما قامت ما يسمى بالحضارة الإسلامية فلقد كانت، تماماً، خارج حدود تلك البيئة الصحراوية القاحلة غير الصالحة، حتى اليوم، للحياة البشرية. وظهر العرب دائماً، قديماً وحديثاً، كأقوام متناحرة ومشتتة ولا رابط يربط بينها، وخارج كل السياقات التاريخية المتعارف عليها، وعن التفاعل الحضاري الإيجابي السليم.

ولو نظرنا إلى الضفة الأخرى من الخليج الفارسي، بلاد فارس قديماً، وتحديداً إلى ما يسمى اليوم بإيران، لوجدنا أن سبل الحضارة لم تنقطع يوماً عن هذه الأرض وتمتد الحضارة الفارسية لأكثر من ألفي عام وكانت تسمى بعرش الطاووس وكان الشاه محمد رضا بهلوي آخر أباطرته الذي أطاح به الإمام آية الله روح الله الموسوي الخميني ذات صبيحة من شباط فبراير 1979 قدمت خلاله هذه الحضارة للبشرية معالم وأوابد حضارية وتراث أدبي وفني وموسيقى ثري سيبقى على مر الزمان. وما انفكت الحضارة عنها يوماً، لا بل كانت تمد وتهب ما سمي بالحضارة العربية بكل أسباب القوة والبقاء من علماء وفكر وفلسفة. فقد كان علماؤها وفلاسفتها وحتى أئمتها ورواة أحاديثها ومفسريها ونابغة العربية الأكبر سيبويه مثلاً، هم العصب والعمود الفقري لما أطلق عليه زوراً وبهتاناً وديماغوجياً بالحضارة العربية.

وتثار اليوم معركة حامية الوطيس لنسبة ذاك الممر أو الخليج المائي الذي يفصل إيران عن شبه الجزيرة العربية Arab Peninsula. وحلاً لذاك الخلاف والإشكالية يقترح بعض المتفائلين والطوباويين تسميته بالخليج الإسلامي، كحل وسط وتصالحي يصب في مصلحة العرب، بكل ما فيه من ظلم وإجحاف ونكران تاريخي وهروبا من استحقاق حضاري وجغرافي. فلو أخذنا التركيبة السكانية، مثلاً، كأحد عوامل الاستنساب المنطقية تلك لرجحت، وبكل أسف، الكفة لصالح "المجوس الفرس" أو ما يسموا بالإيرانيين في القاموس السياسي الحديث، حتى ولو كانت هذه النتيجة مصدر خيبة أمل لكل العروبيين. فـ"الفرس" يذرعون ضفتي الخليج تاريخياً بالسكان وهم وراء ازدهاره التاريخي. وهم عماد ما يسمى بالنهضة العمرانية والتجارية الخليجية، التي تقوم اليوم، وتحديداً على أيدي الهنود والباكستانيين والإيرانيين، وبقية الجنسيات، ويقتصر فيها دور العنصر العربي على احتلال المناصب الشكلية الرفيعة وشغر الواجهات الإعلامية والظهور أمام الكاميرات فيما الشارع الحقيقي كله غير عربي. وباتت هذه التركيبة السكانية تنذر بالكثير من عوامل الانفجار الاجتماعي والديمغرافي في تلك البلدان، ولا يشكل "العرب" إلا ما مجموعة 15% من عدد السكان في بعض الدول الخليجية حسب إحصائيات رسمية ومعتمدة، وأصبح العنصر "العربي" عنصراً أقلاوياً يعاني الغربة والفراغ والتهميش الاجتماعي، وليس ببعيد ذاك اليوم الذي ستفرض القوانين، ومن أصدقاء الخليجيين بالذات، والتي تصب في صالح توطين الجيل الثالث أو الرابع من أولئك المهاجرين الإيرانيين والهنود والباكستانيين وغيرهم.

ولو قارنا اليوم وضع بلاد فارس، "إيران"، مع وضع الدول الخليجية سياسياً، فلن تكون النتيجة إلا أكثر خيبة للعروبيين ومن لف لفهم من الراقصين على أنغام عروبتهم الجوفاء. فإيران استغلت ثروتها وإمكانياتها لتصبح دولة قوية في النادي النووي الدولي وتقارع أمريكا وأوروبا، فيما تبدو الدول الخليجية كأجرام صغيرة تدور في الفلك الأمريكي وغيره وترهن ثروتها ووجودها وأمنها بأيدي "الكفار واليهود والصليبيين" حسب الخطاب الرسمي لوزارات الأوقاف التي تمولها الحكومات الخليجية، وبددت هذه المشيخات ثرواتها على كل ما هو فارغ وشكلي غير جدوى وصوري. وتهيمن إيران على سياسات المنطقة، ولها نفوذ واسع على الأقليات الشيعية المضطهدة والمهمّشة في الدول الخليجية. وهذا ما حدا بالرئيس مبارك لإطلاق تصريجه الشهير عن ميول الشيعة العرب لإيران، والتحذير الأكثر خطورة عن تبلور هلال شيعي الذي أطلقه الملك عبد الله الثاني وضرورة التصدي له. وصواريخ وأساطيل وقوة إيران في "الخليج الفارسي"، وعذراً لدقة المصطلح"، ليست معادلة أو رقماً سهلاً يمكن تجاوزه من أي متابع استراتيجي. وعلى النقيض من ذلك تظهر دويلات ومشيخات الخليج كمحميات أمريكية ومهبطاً ومحطة استراحة واستجمام وتزود بالمعنويات للزوار والجنرالات الغربيين (الغربيون عموماً لا يحتاجون لفيزا لزيارة دول الخليج ولا يخضعون لنظام الكفيل العنصري ويدخلونها بسلام آمنين مطمئنين)، فيما تفرض شروط تعجيزية وإذلالية على زيارة وإقامة العرب المسلمين الفقراء الجياع المساكين ويخضعون لنظام "القنانة" العصري أوالكفيل العنصري.

ويستعمل الإعلام والخطاب الغربي ومنظريه وكتابه وأدبياته، رسمياً، وعفوياً، لفظة الخليج الفارسي The Persian Gulf للإشارة أو حين التحدث عن هذا الموضع الجغرافي دون اعتبار لما يتركه ذلك من سخط ومضض وإحراج في نفوس "عرب الخليج". وقد سمعت بإذني هاتين، اللتين ثقبتهما فتاوى شيوخ الإسلام المجاهدين الذين ترعاهم دول الخليج، كوندي رايس ورامسفيلد وبوش وريغان وكلينتون وبلير وشميدت وثاتشر وغيرهم كثيرين من عتاة الغربيين وأحباب العروبيين، وهم يطلقون عليه اسم الخليج الفارسي في تصريحات صحفية أحياناً، غير آبهين، بوجود مسؤولين عرب وخليجيين.

وبالعودة إلى تصريحات القذافي المثيرة و"الاستفزازية" طبقاً للخليجيين، إذ يمكن، عندها، إطلاق أية تسمية أخرى على هذا الخليج كالخليج الهندي، أو الباكستاني، أو الأمريكي، وربما الفارسي أو الإيراني وهو المرجح والأصح تاريخياً ومنطقياً، فأما العربي فلا وألف لا، و"بعيدة عن شواربهم". فهناك كثير من الأشياء لا يستطيع البترودولار وشيوخه المترهلين أن يشتروها. ولأن في إطلاق تسمية الخليج العربي، في واقع الحال، الكثير من الغبن والتجني، والقفز فوق حقائق الجغرافيا والمنطق والتاريخ.




#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمّة الحقيقة
- عمرو خالد: رزق الهبل على المجانين
- الهوية السعودية للمعارضة السورية
- هل أطاحت وفاء سلطان بأسطورة الجزيرة؟
- كل عام وأنتم بالشادور والنقاب
- يو إس إس كول: البحث عن هزيمة
- أنا لست مسلماً
- آل تعوس وقصر الدرعية والتاريخ الملعون
- مهلكة آل جحود
- ثقافة الحذاء
- نعم هناك خطر سوري
- فالانتاين سوري
- لجان وجمعيات الهجوم علي المجتمع السوري
- الحرب علي الوهابية
- اصلاح المعارضة السورية
- أأفاضل الإعلان
- لا بارك الله بهذه الثقافة
- هل فينو غراد عميل سوري؟
- فتوى سياسية ضد جماعة الإعلان
- إعلان بيع بالمزاد العلني


المزيد.....




- سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك ...
- شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يحاول أن يصبح أصغر شخص يطير حول ا ...
- مصر.. أحمد موسى يكشف تفاصيل بمخطط اغتياله ومحاكمة متهمين.. و ...
- خبير يوضح سبب سحب الجيش الأوكراني دبابات أبرامز من خط المواج ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف أهدافا لـ-حزب الله- في جنوب لبنان (فيد ...
- مسؤول قطري كبير يكشف كواليس مفاوضات حرب غزة والجهة التي تعطل ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع ومظاهرات في إسرائيل ضد حكومة ن ...
- كبح العطس: هل هو خطير حقا أم أنه مجرد قصة رعب من نسج الخيال؟ ...
- الرئيس يعد والحكومة تتهرب.. البرتغال ترفض دفع تعويضات العبود ...
- الجيش البريطاني يخطط للتسلح بصواريخ فرط صوتية محلية الصنع


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - نضال نعيسة - الخليج الفارسي