أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - قمّة الحقيقة














المزيد.....

قمّة الحقيقة


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2235 - 2008 / 3 / 29 - 11:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثمة حالة تنافر مزمنة وواضحة، وتضارب في المصالح، واختلاف في الرؤى والتوجهات بين مختلف الأنظمة العربية ملكية وجمهورية، ثورية راديكالية ورجعية محافظة، متأمركة "ومتسفيتة" سابقاً ومقاومة ممانعة حالياً، كانت تتجاذب الوضع العربي الرسمي طوال العقود الست الماضية التي تشكل العمر الرسمي لمؤسسة القمة العربية. ومع ذلك لم يكن يسمح لتلك الحالة بالظهور والتفشي نظراً لرغبة معظم تلك لأنظمة بالإبقاء على شعرة معاوية فيما بينها، وتكريس شرعيتها عبر انضمامها لمؤسسة تجمع "العرب" في ذروة المد القومي العربي الذي بعثته طبقة العسكريتاريا العربية الصاعدة وقتذاك ولعبت عليه بكل حنكة وذكاء واقتدار.

وكان يتم اللجوء إلى تذويب وتغييب تلك الحالة عبر سياسة التوافقات والعشائرية والقبلية السياسية العربية والفزعات المضرية والقفز فوق الكثير من العوائق والحقائق والمآزق، واللجوء إلى البيانات الحماسية العامة الفضفاضة، غير الحاسمة ولا الفاعلة، والتي لم تقدم ولم تؤخر في الوضع العربي العام. وكانت القمة مناسبة إعلامية فقط بدون أي مردود وجدوى عملية، ومكرسة لمحض التقاء دبلوماسي ليس إلاّ، وضخ الروح في المؤسسة التي لا يسمع أحد بها إلا في انعقاد القمة، والتقاط الصور التذكارية والابتسامات الأخوية أمام الكاميرات والرأي العام العربي التوّاق لعمل عربي مشترك ينهض به من كبوته وسباته التاريخي المزمن، ولكن الله وحده كان يعلم ما وراء أكمة تلك المصافحات والابتسامات. حتى صارت القمم في مراحل لاحقة مناسبة فقط لتذكير العرب بمآسيهم المزمنة وبتفرقهم وتشتتهم وحالهم الذي لا يسر.

والعرب اليوم، كما حالهم دائماً، هم أعراب متفرقون مشتتون لم يستطع بريق العروبة العاطفي لوحده أن يوحدهم، ولم يكونوا يوماً كتلة سياسية أو اقتصادية متجانسة سياسياً وعلى النقيض، مثلاً، من الاتحاد الأوروبي الذي سبقوه حضورياً بعقد من الزمان تقريباً. فهم موزعو الولاءات والانتماءات والاهتمامات والتوجهات، وتحكم كل منه قوانينه ومصالحه القطرية الخاصة، و"الهم" العربي يبدو آخر همومه واهتماماته. وكانت القمم العربية الماضية بشكلها التوافقي تعبيراً غير دقيق ولا حقيقي عن الحالة العربية العامة التي تغلي بالكثير من المتناقضات والافتراقات فيما بين الأنظمة العربية. فبغية عدم الرغبة في إغضاب أي من الأطراف العربية، مثلاً، كان يتم تجاوز الكثير من الملفات الشائكة والقضايا الحساسة بشكل اعتباطي وسريع، مما ساهم في مراكمة الكثير من المسائل التي بقيت عالقة تاريخياً، وبلا حل كقضية الصحراء الغربية مثلاً.

وضع الافتراق المعلن ربما بات ضرورياً، وملحاً اليوم مع حالة الاستقطاب الحادة والفرز فيما بين قوى عربية رئيسية وفاعلة التي تمثل محاور إقليمية ودولية متعددة، وقد تبدو في المآل إيجابية الصدى والمردود أكثر مما تبدو سلبية ظاهرياً لجهة التعاطي مع القضايا العربية المختلفة من منظور عملي أكثر منه عاطفي. ولعل الملاسنات الكلامية التي ظهرت في أكثر من قمة، كانت تجسيداً لحالة الافتراق والغليان التي يعيشها الوضع العربي تحت سطح مؤسساته الرسمية المخادعة. إذ لم تعد الأنماط الدبلوماسية التقليدية قابلة للحياة أو قادرة على الاستمرار في عالم اليوم في ضوء استقرار القوى الإقليمية المختلفة في قنوات سياسية ومحاور ترى فيها مصلحتها وأمنها وربما بقاءها. ويشعر كثير من العرب اليوم وبغياب قوى عربية فاعلة عن هذا الاجتماع بنوع من التحرر من هيمنة تيار بعينه يرعى ويمثل في الحقيقة مصالح دولية داخل مؤسسة القمة أكثر مما يعمل لمصلحة أو عمل عربي نافع ويعمل على تبنيها وتحقيقها وحمايتها. وقد يكون هذا الغياب مناسبة لحوارات جدية أكثر انفتاحاً ومرونة وموضوعية بعيداً عن الضغوطات المعتادة التي اعتاد أن يمارسها ذاك التيار لحسابات واعتبارات معلومة تماماً ولم تعد خافية.

تبدو قمة دمشق اليوم، وبغض النظر عن مختلف المواقف المؤيدة والمعارضة والناقدة لها، نقطة انعطاف وعلامة مفصلية فارقة ستترك بصماتها على ما يليها من قمم. قمة لحقيقة الوضع العربي المتنافر بعد أن انهارت سياسة التوافقات القديمة وبدا الوضع العربي عارياً، و"ربي كما خلقتني"، ولم تعد تلك البيانات الترطيبية والتطمينية أن تستره أو تجمله أو تخفي ما تحته. فهناك الكثير والكثير مما يحكمه وليس عنصر "العروبة" اليتيم، أو الانتماء العربي الذي قامت عليه كجامع أوحد ووحيد، وبعيداً عن عصبوية العروبة وروح القبلية والعشائرية والتوافقات السياسية التي كانت تميز العمل العربي في الزمن الماضي. وهذه الحالة من الفرز كانت مطلوبة وضرورية أكثر من أي شيء، وربما تعود بالنفع، وتنعكس إيجاباً على مجمل الوضع العربي العام.

إنها قمة الحقيقة، حقيقة العرب ومؤسستهم التي حاول النظام العربي الرسمي القديم أن يخفيها طويلاً.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمرو خالد: رزق الهبل على المجانين
- الهوية السعودية للمعارضة السورية
- هل أطاحت وفاء سلطان بأسطورة الجزيرة؟
- كل عام وأنتم بالشادور والنقاب
- يو إس إس كول: البحث عن هزيمة
- أنا لست مسلماً
- آل تعوس وقصر الدرعية والتاريخ الملعون
- مهلكة آل جحود
- ثقافة الحذاء
- نعم هناك خطر سوري
- فالانتاين سوري
- لجان وجمعيات الهجوم علي المجتمع السوري
- الحرب علي الوهابية
- اصلاح المعارضة السورية
- أأفاضل الإعلان
- لا بارك الله بهذه الثقافة
- هل فينو غراد عميل سوري؟
- فتوى سياسية ضد جماعة الإعلان
- إعلان بيع بالمزاد العلني
- إيّاكم أن تكونوا شرفاء ووطنيين


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - قمّة الحقيقة