أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - هل أطاحت وفاء سلطان بأسطورة الجزيرة؟















المزيد.....

هل أطاحت وفاء سلطان بأسطورة الجزيرة؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2221 - 2008 / 3 / 15 - 10:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قناة الجزيرة من قطر، قناة الرأي والرأي الآخر. هذه اللازمة الخشبية الرائعة التي طالما طرقت مسامعنا وصدحت ولعلعت عالياً في فضاء الإعلام الناطق بالعربية لمدة تربو على عشر سنوات بنيـّف قليل، يبدو أنها قد انتهت بشكل مأساوي حزين على أيدي جلاوزة وجلادي "الرأي الأول"، مساء ذلك الثلاثاء الحزين من يوم الرابع من آذار مارس 2008، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فقد كان ذلك اللقاء العاصف حول الرسوم الدانمركية، بين الباحثة والطبيبة النفسية الأمريكية الجنسية، سورية الأصل وفاء سلطان، ممثلة "الرأي الآخر"، شعار الجزيرة المحبب والأثير، والأستاذ طلعت رميح الذي ممثل "الرأي الأول"، إذا جاز لنا التعبير، رأي الشارع العروبي والإسلاموي التقليدي، هو القشة التي قصمت ظهر الجزيرة وأنهت أسطورتها. وبدت الجزيرة وبرغم خطابها اليومي المكثف عن الرأي والرأي الآخر، ضعيفة ولا تحتمل "أنواعاً" محددة من الرأي الآخر، وتحديداً هو ذاك النوع الذي لا تطرب له، ولا تستسيغه آذان الأصوليين.

فقد جاء اعتذار الجزيرة غير المسبوق في اليوم التالي، ليشكل تحولاً بارزاً في سياسة القناة، وينهي بشكل عملي، احتكارها، وممارستها لشعار الرأي والرأي الآخر، الذي كان يشكو أصلاً من كثير من العيوب النواقص والتشوهات. ويدلل الاعتذار المفاجأة على فداحة الخطب الذي ألَمّ بها جرّاء ورود رأي آخر عِبـْر أثيرها لا يتفق مع توجه القناة الجديد عقب انضمامها إلى قطيع القنوات العربية التي لا تخرج، والحمد لله، عن الطاعة ولا تفارق فكر الجماعة (الجماعة هنا جامعة الدول العربية)، ولتطبق بعد ذلك سياسة النعامات الشهيرة، بدفن الرؤوس بالرمال، وصلى الله وبارك وكفى الله "الجزراويين" شر الرأي الآخر، وما جلبه ويجلبه لها من صداع ووجع للرأس. وتبع ذلك كله الدكتور فيصل القاسم، أيضاً، باعتذار هو الآخر غير مسبوق، لكن يبدو أنه تمّ بالتنسيق والمؤازرة من إدارة القناة، عما ورد وجاء على لسان "ضيفة" البرنامج في "الحلقة الماضية"، مشفوعاً، أيضاً وأيضاً و"بمحض الصدفة" هذه المرة ربما، مع هجوم عنيف ومطول، وخارج عن سياق الحلقة وموضوعها، على "الضيفة السابقة" من قبل الضيف الفلسطيني"الأحمر" في حلقة الثلاثاء الماضي في 11/3/2008. فأين ذهبت فضيلة الجزيرة باعتبارها قناة للرأي والرأي الآخر؟ ولماذا الهجوم على الرأي الآخر، دون أن يتقبل أحد، بالمقابل، أي هجوم على الرأي "الأول" (نقيض الرأي الآخر)، واعتباره رأياً مقدساً ولا يمس ولا يجوز الاقتراب منه؟ هل يبدو هنا أي شكل من الخروج عن آداب الحوار، وكيل بمكيالين، وازدواجية بالمعايير؟

قد يقول قائل بأن هذا "الرأي الآخر" قد تجاوز المسموح به وخرق المحرمات، ومسّ قدس الأقداس بالنسبة لأتباع دين معين، وقد يكون ذلك صحيحاً بالمطلق، ولكن أليست القاعدة الذهبية التي قامت عليها الجزيرة، وبرنامجها الحواري، والمبنية على إشراك الرأي الآخر والاعتراف بوجوده، تعني ضمنا بأن الرأي الآخر يجب أن يكون مختلفاً، وقد لا يعترف، بالتالي، بأي نوع من أو سلطة ووجل من المقدس؟ فهل فات على جهابذة الجزيرة وخبرائها الكبار هذه البديهية البسيطة التي لا تخفى على تلاميذ الأول الابتدائي في الإعلام؟ وأن بعضاً من الرأي الآخر قد يكون قائماً على الإلحاد واللادينية والعلمانية والفاشية والعنصرية والعصبوية وباقي القائمة الثائرة والمتمردة على كل القيم والمفاهيم والمسلمات المألوفة، وعدم الاعتراف بأي دين من الأديان، وأي مقدس من المقدسات ووضع كل ما يقع تحت يد وبصر هذا الرأي على طاولة النقد والتمحيص والتشريح دون أي اعتبار واحترام سوى لمعايير العقل النقدي التي لا تراعي أحداً على الإطلاق وكانت هذه الآلية هي السبب في نهضة العالم وقيامته من سباته القروسطي؟ وبنفس السياق، لا أعتقد أن الجزيرة بناء على سياستها الإعلامية الانقلابية والثورية المعلنة القائمة على التميز والتفرد، تنتظر من ضيوفها "المميزين والكبار" عادة، أن يكونوا مجرد آلات صماء وببغاوات وتلاميذ بلهاء يستظهرون ويرددون ما يردده وما يقوله الشارع الفقير المقفر المفلس فكرياً، والضحل معرفياً؟ أو ما يمليه عليهم شيوخ الفضائيات ووزرارات الأوقاف الرسمية ويكونوا صدى للصوت العروبوي القوموي والإسلاموي ونسخاً وصوراً طبق الأصل للزنداني والجفري وعمر خالد والقرضاوي والشعراوي....، وبقية فقهاء السلاطين الذين يجترون فكراً أكل عليه الدهر وشرب سطحي، هش وغير ذي بال، مراعاة لمشاعر الفوغاء والدهماء وميثاق الشرف لوزراء اغتيال وإعدام عقل الناس؟ أعتقد، إذا كان التصور على هذا الشاكلة والطرح الهزيل، فليس هناك ثمة من داع لاستضافة أي منهم على الإطلاق.

الأمر الآخر، لماذا لا تعتذر الجزيرة وأخواتها، عما يبدر من أصحاب "الرأي الأول" كثيراً، من تكفير وفتاوى مضحكة عن الإرضاع، مثلاً، ودعوة للقتل والسحل، وتسجيلات دموية تسيء أيضاً للأديان وسماحتها إذا سلمنا بتحفة المقدس والإساءات؟ وماذا عن نشر أفكار شيوخ التطرف والعنصرية والاستعلاء الظاهر بين سطور الخطاب، والبرامج الدينية ذات اللون الفئوي الإخوائي الفاقع، والتعرض لمقدسات الناس الأخرى حين يتم تكفيرها وتسفيهها والهزء بها، وإنكار وجودها وحقوقها ضمناً، والوقوف علناً في صف تبني الحجاب والدعوة لبدونة المجتمعات والحياة، وعلى كل ما يقدمه أصحاب الرأي الأول، الذين يكتسحون هذه القناة وغيرها من الباب للمحراب، عبر ما يقذفونه من سموم ودعوات علنية للفتنة والمواجهة والصدام؟

نقدّر تماماً نيـّة بعض القائمين على الجزيرة هذا المشروع الإعلامي الهام بالتميز والارتقاء، وسط خضم هائل يحفل بالتصحر والجمود والموات، لتقديم ألوان وبعض أطباق متميزة ووجبات إعلامية سخية وساخنة خارجة عن السياق العام للقناة، للعقل العربي الظامئ والقاحل باليباس والمجترات الأزلية القفراء، ولكن يبدو أن لهذه النوايا والمجهودات محددات تكبـّلها وتتحكم بها قوة الشارع المعبأ أصولياً، والمشحون عقائدياً، وقد خانتهم التقديرات هذه المرة، وجرت الرياح بما لا تشتهي سفن هؤلاء، وكما يقول المثل العامي " ما كل مرة بتسلم الجرة". إذ يبدو أن العقل والإعلام العربي، ومن يقف خلفه اليوم، من تروستات الاستبداد، بأنه لا يطيق إلا أن يعيش في تلك القوقعات والحالة النرجسية من الافتنان وعشق الذات، وترديد نفس المقولات، وقد أدمن سماع ما اعتادت عليه الآذان الطرشاء من ألف وأربعمائة عام من الركام الفكري الذي لم يـُجدِ في نقل هذه "الأمة" من حال إلى حال؟

وبغض النظر عن المضامين "الاستفزازية"، حسب خطاب الشارع، التي أتت بها وفاء سلطان، فهي في المحصلة تمثل الرأي الآخر، وتحاول أن تساعد الجزيرة في إنجاح سياستها وتكريس شعارها القائم على الرأي والرأي الآخر، ولم تأت وفاء لتردد خطب بن لادن والظواهري والزرقاوي وأبو حمزة المصري، وتتبنى فتاوى شيوخ التكفير التي يطرب ويسكر لها الشارع، ولا تحظى عموماً بأي اعتذار. وكان على الجميع التوقع بأن تكون آراء السيدة الفاضلة مخالفة لما هو متداول على نطاق واسع في الشارع المخدر بالأساطير والوهم والغيب والخرافات التي دخل بعضها أو جلها باب المحرم والمقدسات. ومن الواجب العقلي والأداء المهني، أولاً وأخيراً، التوقف عند هذا الرأي، ومهما كان، وأن يتم الاستماع له وتفنيده ودحضه، إن كان قد جانب "الصواب"، بالمنهج النقدي التحليلي المنطقي الاستدلالي لا بالغوغائية الرعوية القبلية والتكفير والشتيمة والسباب.

فهل عرفنا الآن قوة الرأي الآخر الذي ترفعه ولا تطبقه الجزيرة؟ وهل أدركنا قدرة هذا الرأي الآخر على إنهاء ليس قناة ومؤسسة إعلامية متميزة كالجزيرة رضخت لابتزاز رعاع الأصوليات ودهمائها وإجبارها على التراجع، بل قدرته على تقويض حضارات وإمبراطوريات بأكملها، وهذا ما فعله، وما كانت عليه وظيفة الرأي الآخر على مر التاريخ والذي حمل لواءه تنوير يون كبار من أمثال هيغل ونيتشه وفولتير وديكارت وكانط....... ؟ والآراء التي تغرد اليوم خارج سرب المنظومة الفكرية والمعرفية البدوية، وخارج الخطاب الفقهي الممجوج والغيبي، هي التي ستعيد تشكيل هذه المنطقة المنكوبة وحدها، وسيكون لها الفضل، في إحلال بنية معرفية وفكرية لهذه الكتل البشرية الصماء، ما سيفضي حتما لتغيير الأنماط السلوكية والآليات التفكيرية لسلالات العقل الغيبي الحاكم والمتحكم بنا من 1400 عام.

لقد قال لهم غاليلو ذات يوم، وهو على المقصلة، مخاطباً الأرض: "برغم أنوفهم فأنك تدورين"، لكن هنا لا زال الجميع يأخذ بقدسية فتوى المغفور له بإذن الله ابن باز حول لا كروية الأرض. وعاتبهم المتنبي بـ "أغاية الدين أن تحفوا شواربكم يا أمة ضحكت من جهلها الأمم"؟ وقال لهم كانط :" إنَّ وظيفة العقل العمليّة تقوم على توجيه العقل أعمالنا وأفعالنا". وصاح بهم ديكارت فيلسوف الشك ذات يوم: "أنا أفكر فأنا موجود"، ومن لا يفكر ويستخدم عقله لا وجود له. ونبههم بلزاك: " الخطأ خطأ ولو أيده خمسون مليوناً من الناس". وأوصاهم النبي محمد بـ" أنكم أدرى بشؤون دنياكم". وداعبهم سقراط: "أحبك ولكن الحقيقة أعز وأحب علي منك". وقال لهم نيتشه: "هنالك أوثان في هذا العالم أكثر من الحقائق". وخاطبهم ماركس قائلاً الدين أفيون الشعوب، ولكنهم صم بكم، وبحمد وشكر لله، لا يفقهون ولا يسمعون لا يرعوون ولا يعون ولا يتحركون، ولا يتنحنحون ويصرون على أن يحتكموا في كل شاردة وواردة على ما جاء في كتب الرواة التراث معلنين عن قطيعة دائمة وحادة مع قيم العصر والتطور والارتقاء.

وداعاً لأسطورة الجزيرة، ولشعار الرأي والرأي الآخر الذي أطاحت به وفاء سلطان في ليلة حوارية عاتية ليلاء، حيث بان فيها الستر وانكشف الغطاء، تزامناً مع تطورات إقليمية ودبلوماسية أخرى أعادت الجزيرة إلى المسار Back To Track. فهل نقول مرحى لوفاء سلطان على هذا "الإنجاز" الذي عجزت عنه دول وأنظمة وحكومات، أم هارد لك للجزيرة، وندعو الله بأن ينزل على منبر الإخوان واسع الرحمة، وفيض من البركات؟






#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل عام وأنتم بالشادور والنقاب
- يو إس إس كول: البحث عن هزيمة
- أنا لست مسلماً
- آل تعوس وقصر الدرعية والتاريخ الملعون
- مهلكة آل جحود
- ثقافة الحذاء
- نعم هناك خطر سوري
- فالانتاين سوري
- لجان وجمعيات الهجوم علي المجتمع السوري
- الحرب علي الوهابية
- اصلاح المعارضة السورية
- أأفاضل الإعلان
- لا بارك الله بهذه الثقافة
- هل فينو غراد عميل سوري؟
- فتوى سياسية ضد جماعة الإعلان
- إعلان بيع بالمزاد العلني
- إيّاكم أن تكونوا شرفاء ووطنيين
- نعوة فقيد: إعلان دمشق في ذمة الله
- اللهم شماتة...انهيار إعلان دمشق
- خبر عاجل: بيان استنكار من البيت الأبيض


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - هل أطاحت وفاء سلطان بأسطورة الجزيرة؟