أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الدفاعي - المالكي......في مواجهة المالكي !!!















المزيد.....

المالكي......في مواجهة المالكي !!!


عزيز الدفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 2240 - 2008 / 4 / 3 - 10:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ينتمي كل من اية الله العظمى فاضل المالكي ورئيس وزراء العراق نوري المالكي الى عشيرة بني مالك التي ترجع بنسبها الى الصحابي الجليل مالك الاشتر النخعي (رض) قائد قوات الامام علي ابن ابي طالب (عليه السلام)و يده اليمنى حسب وصف الامام علي له والذي لم تنل من شجاعته السيوف والرماح فاغتاله اعداء علي بالسم الزعاف بعد تكليفه بولاية مصر.

والاثنان رجل الدين, ورجل السلطة, متقاربان عمرا وهما من نفس المدينة(طويريج), وينتميان الى نفس المدرسة الدينية التي تسعى نحو اقامة الجمهورية الاسلامية في العراق, وتربطهما ايضا صله قربى كما ان الاقدار شائت ان يغادرا العراق اواخر السبعينيات من القرن الماضي متوجهين الى دمشق لتبدا بعد ذلك رحلة المعارضة الطويلة عبر المنافي.

اختار فاضل المالكي ان يكمل دراسته للحصول على الدكتورا في الفلسفه من جامعة السوربون في باريس بعد حصوله على الماجستير في القانون واكماله لدراسة الفقه في الحوزة في النجف, بينما كان جواد المالكي من بين قيادات الصف الثاني المسئول عن الجناح العسكري في حزب الدعوة الاسلامية الذي كان جزءا من المجلس الاعلى الذي احتضنته الجمهورية الاسلامية في زمن الامام الخميني قبل ان يخرج من ذلك التحالف... واختار فاضل المالكي حين ذاك الحوزة في قم حيث كسب ود اية الله العظمى محمد باقر الحكيم الذي زوجه من كريمته .لكن المصاهرة العائلية والسياسية انتهت بعد انتفاضة عام1991 بسبب خلافات فكرية وسياسية بين شهيد المحراب واية الله الشيخ الدكتور فاضل المالكي .
وقد اعادت الاحداث الدامية الاخيرة في الجنوب كلا الرجلين من موقعين مختلفين الى واجهة الاحداث وكشفت عن عمق التصدع داخل المؤسسة الدينية والسياسية الشيعية ورسمت ملامح خطيرة عن مرحلة من الانشقاق والتمزق .فرئيس الوزراء وصف الذين استهدفتهم عملية(صولة الفرسان) بانهم من اللصوص والعصابات الاجرامية لينتقل الى مواجهة سافرة مع مقاتلي جيش المهدي في عموم وسط وجنوب العراق ناعتا افعالهم بانها اسوء من تنظيم القاعدة فرد عليه السيد مقتدى الصدر بان وصف حكومته بالدكتاتوريه!.
اية الله المالكي وصف في بيان له مايحدث بانه انتفاضة وطنية واسعة ضد سياسات النظام والانفراد بالسلطة والفساد وان ما يحدث هو تنفيذ لاجندة المحتل داعيا الى اجراء استفتاء حول الحكومة متوعدا اياها بغضب الله وقصاصه العادل .

في عام 1946 عندما خرج الملايين من العراقيين يهتفون ضد رئيس الوزراء صالح جبر لتوقيعه لاتفاقية بورتسموث حيث سقط العشرات بنيران القوات الامنية التي تصدت للمتظاهرين الذين وصفهم رئيس الوزراء بانهم من عملاء النازية والشيوعيين فرد عليه كامل الجادرجي بانهم عرب وطنيون مخلصون لبلادهم في ما دعا الشيخ محمد الصدر الى اسقاط الحكومة ؟

كان موقف المرجعيات الدينية والشيعية في تعاطيها مع الاحداث الاخيرة مؤشرا واضحا على الخلافات والحسابات السياسية التي جعلت مرجعية النجف شبه صامته ازاء مايحدث من مواجهات دموية شرسة لا تقل عما حدث في الفلوجة عام 2004 وماشهدته مدينة النجف لاحقا خلال ترأس اياد علاوي للحكومة العراقية... واختلطت الاوراق السياسية على ثغر العراق البسام ورئته النفطية والبوابة التي دخل منها كل الذين غزوا العراق في العصر الحديث.
لم تكن هذه المواجهة العسكرية الخطيرة والمغامرة السياسية معزولة بأية حال عن مجمل التطورات التي شهدها العراق والمسرح السياسي في الاونة الاخيرة والتي يمكن ايجازها بالاتي:

- بدء المباحثات الرسمية بين الحكومتين العراقية والامريكية للتوقيع على اتفاقية امنية طويلة المدى تنظم بقاء القوات الامريكية في العراق بدا من العام القادم وهو مااثار نقاشا حاداً في بغداد وواشنطن في وقت يزور فيه وفد من الكونغرس الامريكي بغداد لتقييم الاوضاع ميدانيا قبل الاستماع الى تقرير يتراوس كروكر خلال الاسابيع القادمة بعد انتقادات حادة وجهها الجنرال بتراوس للقوى السياسية العراقية لفشلها في اجراء خطوات على طريق المصالحة الوطنية الا ان الرئيس بوش جدد دعمه لحكومة المالكي.

- لازالت تداعيات زيارة الرئيس الايراني احمدي نجاد للعراق ومااجراه من مباحثات منفردة مع قادة الائتلاف العراقي مؤشرا على كثير من الاحداث التي ستشهدها اروقة السياسة العراقية والتي لم يكشف النقاب عنها سوى ماتسرب من معلومات من ان الحكيم والمالكي قد طلبوا من القيادة الايرانية رفع يدهم عن التيار الصدري والتخلي عنه في وقت تعطلت فيه الجولة الرابعة من المباحثات الايرانية الامريكية بشان الملف الامني في العراق وتصاعدت حدت اللهجة الامريكية والغربية لتشديد العقوبات على ايران .

- تعرضت القوات الامريكية مؤخرا الى مزيد من الخسائر الناجمة عن استخدام العبوات الناسفة شديدة الانفجار التي تتهم واشنطن ايران بانها المصدر الرئيسي لها مما رفع عدد ضحايا القوات الامريكية ليتجاوز 4000 قتيل .

- لم يستطع مؤتمر المصالحه الوطنية الذي رعته الحكومة من تحقيق نتائج ملموسة بسبب مقاطعة العديد من التيارات السنية والشيعية له لافتقاره لاجندة واقعية لتحديد مفهوم المصالحة والية تنفيذها ووضع شروط قاسية من قبل الحكومة لاعادة جسور الثقة بين مكونات الطيف السياسي حيث تعثرت جميع المساعي الهادفة الى اعادة هيكلة الحكومة .

- دخول الثقل الروسي مجددا في معادلة الصراع على النفوذ والنفط في العراق حيث بعث الرئيس بوتن برسالة الى رئيس الوزراء العراقي لتوضيح تطلعات بلاده بتنفيذ العقد الذي وقعته شركة كازبو روم مع العراق عام 1997 والذي يمنحها امتيازات واسعة في حقل القرنة الغربي في محافظة البصرة بعد قيام موسكو بالتنازل عن 10 مليارات دولار من ديونها المستحقة على العراق .

- بروز ثغرات واضحة في الخطة الامنية بعد مرور عام على تنفيذها حيث اشارة الكثير من التقارير الى ان القاعدة وميليشيات اخرى قد استعادة نشاطاتها في بعض المناطق في بغداد وضواحيها وبدات بسلسلة من العمليات الارهابية كان اخرها في منطقة الكرادة .
- تردد الحكومة رغم وعودها في مواجهة تنظيم القاعدة في منطقة الموصل رغم الوعود والتهديدات التي اطلقها القائد العام للقوات المسلحة بتصفية فلول هذا التنظيم في هذه المحافظة حيث يستعد المئات من مقاتليها لمعركة شرسة يريد الامريكيون ان يقوم الجيش العراقي بخوضها وان يقتصر دورهم على الاسناد الجوي واللوجستي .

- عودة الدكتور اياد علاوي المدعوم عربيا وغربيا الى الساحة السياسية الى جانب تكرار التصريحات التي اطلقها الدكتور ابراهيم الجعفري الزعيم السابق لحزب الدعوة والداعية الى ضرورة تفعيل واحتضان دور التيار الصدري في وقت اصبحت فيه مجالس الصحوة رقما جديدا في معادلة التوازنات السياسية في العراق مما شكل في محصلته ضغطا كبيرا على حكومة المالكي .

- تصاعد الخلاف بين المجلس الاعلى والتيار الصدري بشان قانون المحافظات الذي مرر في البرلمان في اطار صفقة القوانين الثلاثة المعروفة وتراجع نائب الرئيس عادل عبد المهدي عن رفضه التصديق على هذا القانون دون معرفة الدوافع الحقيقية لهذا القرار الذي اثار الاستغراب كونه يتقاطع مع مشروع فدرالية الوسط والجنوب التي يتبناها الحكيم وحزبه ويعارضها غالبية العرب السنة والشيعة في وقت غابت فيه عن اذهان الكثيرين عملية العد التنازلي للتحالف الكردستاني التي ستنتهي بعد شهرين من اجل تنفيذ الفقرة 140 من الدستور بشان مصير كركوك.

- اعلان السيد مقتدى الصدر العزلة لاغراض فقهية والذي فسره البعض بعجزه سياسيا عن قيادة الاجنحة التي ظهرت داخل التيار, على صعيد اخر اعتراف الصدر بانه حذر المرشد الاعلى في أيران علي خامنائي من مغبة الاستمرار في دعم اطراف معينة في العراق طالبا منه رفع يدي ايران عن العراق لان تدخلها يساهم في عرقلة الحل الوطني .

في ظل هذه المعطيات والاجواء السياسية المتشنجة والضغوط الكبيرة التي واجهها المالكي من داخل الائتلاف وخارجه مؤخراً ربما يكون قد اتخذ قراره بالمواجهة السافرة مع الصدريين تحت غطاء محاربة العصابات الاجرامية في البصرة ولم يكن بامكانه قيادة (صولة الفرسان)لمواجهة المسلحين في معقلهم داخل مدينة الصدر لانعدام المبررات .
ومن الواضح ان هذا القرار لم يكن كما يبدو قرارا فرديا اتخذه رئيس الوزراء الذي يعرف جيدا تداعيات المواجهة مع هذا التيار ذي الشعبية الواسعة في صفوف الفئات المحرومة والمسحوقة والذي اكتسب عمقا واسعا في الوسط الشيعي بسبب تصديه للقاعدة والمنظمات التكفيرية وربما استغل البعض من داخل الائتلاف ظروف المالكي الراهنة للدفع به لاتخاذ هذا القرار الخطير مستغلين التقارب بين الجعفري ومقتدى الصدر في مناورتهم هذه التي بدات منذ اكثر من عام وبلغت ذروتها في مصادمات المنتصف من شعبان التي حاول خلالها المندسون داخل جيش المهدي اغتيال صهر المالكي في كربلاء ,الامر الذي دفع المالكي الى شن حملة اعتقالات ومداهمات واسعة ضد جيش المهدي في جميع مدن وسط وجنوب العراق .
وقد بات واضحا ان الصدريين قد حصلوا على معلومات استخبارية حول عزم الحكومة شن عملية واسعة ضدهم في البصرة قبل عدة ايام من وصول المالكي الى هذه المدينة بأستغلال عمليات السرقة والنهب التي كانت تديرها بعض العشائر في البصرة من الذين ينتسبون او يتحركون تحت عبائة التيار الصدري .وهو ما فاجأ القوات الامنية التي ارسلتها الحكومة للقتال في البصرة التي وجدت مقاتلين مدربين ومجهزين بانتظارها مما قد يفسر اسباب الزيارة السرية التي قام بها مسئولان امنيان حكوميان الى طهران خلال الايام الماضية لاقناع ايران بالضغط على قيادة هذا التيار للكف عن القتال في وقت استمر فيه هؤلاء بأعلان تجميد جيش المهدي وعدم الانجرار الى مواجهة شيعية- شيعية كانت ستؤدي الى مجزرة بشرية ومؤامرة سياسية خطيرة .
ان من حق المراقب ان يطرح جملة من الشكوك والتساؤلات حول الاهداف غير المعلنة لهذه العملية العسكرية التي تهتز اغلب سطور الخطاب الرسمي فيها بالادعاء بانها لم تكن موجهة ضد أي تيار سياسي معين اذ يفتقد الاعلام الحكومي لتلك الحلقة التي اهملها الكثيرون من الذين ادمنوا الخطاب الرسمي (للعراقية والفرات) او ممن تناغمت مواقفهم المسبقة مع( الشرقية والبغدادية) التي وقفت فجاة الى جانب جيش المهدي الذي غالبا مانعتته هاتين القناتين وعلى مدى سنوات (بالمليشيا الطائفية العميلة لايران)!!! اذ كيف تحولت مطاردة واعتقال قائمة من اللصوص وقطاع الطرق الى مواجهة مع الصدريين في جميع ارجاء وسط وجنوب العراق ؟
ولماذا لم يلجأ رئيس الحكومة لاصدار مذكرة قضائية باعتقال محافظ البصرة محمد الوائلي احد اقطاب مافيا الفساد والذي هدد بأحراق نفط البصرة وغاب عن مسرح الاحداث الدامية فيها التي كانت تستلزم بالدرجة الاولى توجيه ضربة لرؤوس الفساد؟....
هل لان المالكي قد تفاهم مسبقا مع الفضيلة قبل معركة البصرة وقد سبق لمحافظها قبل شهرين ان ادعى ان المخابرات الايرانية متورطة في عملية اغتياله, وهو مانفاه الناطق باسم الخارجية الايرانية حين ذاك, ليدخل العنصر الايراني في سيناريو المواجهة بدليل ان المالكي كرر لاكثر من مرة اتهامه لاطراف خارجية بالتورط في هذا الصراع ولا يحتاج المرء لمزيد من الذكاء ليعرف هوية هذه الدولة التي تلوح انوارها على الضفة الثانية من شط العرب .
ان بعضا من المراقبين يرون ان الهدف لم يكن جيش المهدي بالذات وانما كانت ورائه دوافع امريكية غير معلنة لتوجيه ضربة عسكرية ذات مغزى سياسي لايران باختيار مدينة البصرة المعروفة بانها من اكثر مناطق تمدد ونفوذ الجمهورية الاسلامية في العراق رغم تصريح الرئيس الامريكي بوش بأنه فوجئ بقرار المالكي بأجتياح البصرة .

لابد من الاشارة هنا الى ان تقرير المفتش العام في وزارة النفط الذي صدر قبل اكثر من عامين والاعترافات التي ادلى بها رئيس هيئة النزاهة السابق راضي الراضي امام الكونغرس الامريكي تكشف بوضوح عن هوية الجهات المسئولة عن عمليات نهب وسرقة النفط في البصرة !وهو مايثير الكثير من التساؤلات امام حكومة المالكي بعد عملية البصرة.
من ناحية اخرى لابد من تشخيص الاخطاء الكبيرة التي وقع بها التيار الصدري منذ اغتيال المرحوم عبد المجيد الخوئي وصولا الى قرار القتال الى جانب القاعدة والقوى المتمردة في الفلوجة الذي مهد للصراع الدموي اللاحق مع حكومة الدكتور اياد علاوي دون ان ينضج كثيرا من تجربة هذا التيار السياسي الواسع في العراق الذي لم يخضع حتى هذه اللحظة كوادره لمزيد من التدقيق والتقصي والتأكد من حقيقة نواياهم وانتماءاتهم السياسية السابقة على غرار مافعلته الحركات الاسلامية الاخرى في العراق والمنطقة مما حال دون اختراقها ودفعها بالاتجاه الخاطئ و امتلكت مركزية لحركة ميليشياتها وفقا لمشيئة القيادة السياسية .
ان ضبابية الرؤيا السياسية للصدريين في كثير من المواقف وعدم قدرتهم على تحويل هذا التيار الى حزب سياسي ذي تنظيمات هرمية وبرنامج واضح المعالم يتعامل مع معطيات الواقع العراقي ببراغماتية يفرضها خصوصية الصراع ورفضهم وتحفظهم على الاستفادة من مزايا السلطة وتخليهم غير المبرر عن المقاعد الوزارية والاعتماد على المنطق العاطفي والديني اكثر من عملية بناء الذات والنهج السياسي الذي يستلزم مد الجسور مع باقي القوى الوطنية والقواعد الشعبية قد اوقع التيار في اشكالات كثيرة سهلت دفعه باتجاه المواجهة مع الحكومة والامريكيين بدلا ان يكون عمودا اساسيا وهاما في دعم حكومة المالكي في مواجهة التحديات الكبيرة والمسئوليات التاريخية التي تواجهها.

وكان لابد على الصدريين ان يدركوا ان تحول اكثر من ثمانين الف من ميليشيات ماكان يعرف بفصائل المقاومة ذات الهوية الطائفية المعروفة التي كانت تقاتل الى جانب القاعدة لسنوات تحقيقاً لاجندة سياسية معروفة لتصبح رأس الحربه لدى القوات الامريكية لمطاردة فلول الارهاب وافشال مشروع مايسمى بالدولة الاسلامية في العراق قد اوقع الائتلاف الشيعي في حرج كبير لان بعض فصائل هذه الطائفة هي التي تحولت لتلعب دور المواجهة ضد التواجد الامريكي في العراق وهو مااحرج واضعف مصداقية القيادة السياسية الشيعية امام واشنطن,ويلقي الضوء من ناحية اخرى على الاحداث الاخيرة في جنوب العراق .

ان استحضار هذه الخلفية قد يفسر هذه الحرب الشرسة وغير المتوقعة التي راح ضحيتها اكثر من 1200 من الشهداء العراقيين والتي لم تكن حربا بين القوات الحكومية ومليشيا جيش المهدي فقط بل شاركت فيها الى جانب القوات الامريكية الخاصة ميليشيات كل من حزب الدعوة الاسلامي والمجلس الاعلى التي تم احظارها من مدن عديدة .... وهي في المحصلة مؤشر على تمزق الائتلاف العراقي الموحد ونهايته السياسية لان العلاقة بين الدعوة والمجلس الاعلى لم ولن تشهد شهر عسل مستقبلا حتى لو افترضنا احتواء وتحجيم الصدريين عن المسرح السياسي وذلك في ظل المنافسة والصراع بين الحزبين حول النفوذ والسلطة التي ترسم كثيرا من مدياتها نقطة الابتعاد او الاقتراب من طهران اضافة الى اختلاف اجندة الحزبين, الا اذا كان المالكي قد توصل مؤخرا الى تسوية مع الحكيم حول قانون النفط وقبل بفدرالية الوسط والجنوب وتنازل عن مواقفه المعروفة بهذا الشأن والاهم من ذلك بقائه في السلطة مقابل التوقيع على معاهدة طويلة الامد مع الولايات المتحدة الامريكية في ضوء سيناريو تفاهم سري بين طهران وواشنطن لتقاسم النفوذ في المنطقة وهو امر لانمتلك مايؤكده او ينفيه في الوقت الحاظر .

لقد اظهرت مواقف القوى والاحزاب السياسية العراقية في تعاطيها مع معارك البصرة التي اشعلت خاصرة العراق وفؤاده في الوسط والجنوب ان مشروع الدولة العراقية والهوية الوطنية لازال سرابا تحت هرم الحسابات الفئوية الضيقة التي كرستها السلطة الطائفية, وتاكد ذلك بوضوح خلال الغزو التركي الاخير لشمال العراق وفي مذابح الوسط والجنوب الشيعي التي تعامل معها حتى البعض ممن ينتمون الى هذه الطائفة وفق منطق التشفي او تصفية الحسابات والانتقام والثأر احيانا اخرى بعيدا عن مجرد مراعاة المصلحة الوطنية واولويات المواجهة التي كانت تستلزم توجيه بوصلة الحكومة صوب الموصل قبل البصرة دون الحديث عن المأساة الانسانية والارواح البريئة التي ازهقت خلال هذه المعركة الشرسة داخل البيت الشيعي الذي انهار فيه السقف على رؤوس الجميع دون استثناء.
من ناحية اخرى فان شكل العنف الطائفي المنطلق من المبررات الدينية المقدسة سواء في مشروع المقاومة التي تحولت الى احتراب طائفي او في تباين الاجتهادات داخل الطائفة الواحدة نفسها انما يكسر العمود الفقري للنظام السياسي الديني في العراق في حقبة مابعد 9 نيسان ابريل 2003 .
ومن المنطقي ان يصب ذلك في خدمة المشروع الامريكي في الشرق الاوسط اذ ليس من المعقول ان تغامر هذه القوى العظمى بارواح جنودها وتنفق المليارات من خزائنها وتغامر بمستقبلها السياسي من اجل افساح الطريق لقيام نظام جديد في العراقوباقي دول المنطقة شبيه بولاية الفقيه في طهران او استنساخ حركة طلبان يحمل في جيناته السياسية والسلوكية العداء (للشيطان الاكبر) وحلفائه ومصالحه .

الا ان القوى السياسية الغير دينية في العراق لم تستطع استغلال هذه النتائج والافرازات السلبية التي جرفت الكثير من رصيد التيارات الدينية التي الحقت الخراب والفساد في مشروع الدولة العراقية الجديدة لكسب رصيد مضاف في الشارع العراقي لصالح هذه الاحزاب لاسباب موضوعية متداخلة ذات عمق تاريخي وصلة بالواقع الاجتماعي والتركيبة الطائفية المعقدة وتحول المشروع الطائفي من اداة في الصراع الى شكل وهوية للسلطة يفترض انتهاء دورها عند اعتاب الدولة الجديدة غير الشمولية .
لم يحدث على مر التاريخ ان حاول من يحتكر القوة ان يحتكر ايضا منظومة القيم التي قد تهتز في ظرف طارئ... غير اننا نفاجأ في ظل الحقبة الامريكية بمن يسعى دائما لاستنسال تضاريس جديدة للسلطة في العراق يتحول فيها البعض من معارضين بالامس ليمارسوا احيانا دور المضطهِِد(بكسر الهاء) في ظل نظام سياسي يعاني منذ خمس سنوات من استهانات ومؤامرات لا يعلمها الا الضليعون في علم الخوف والابتزاز والامساك باليد الجريحة .
وعلينا جميعا ان نعيد حساباتنا قبل خراب البصرة !



#عزيز_الدفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشهداني ..امام الامبراطور عاريا !
- هل ستعلو راية العباس(ع)....علماً للعراق؟!
- العراق في الحقبة الامريكية (الجزء السابع)
- العراق في الحقبة الامريكية (الجزء السادس)
- العراق في الحقبة الامريكية (الجزء الخامس )
- العراق في الحقبه الامريكيه(الجرء الرابع)
- العراق في الحقبه الامريكية (الجزء الثالث)
- العراق في الحقبة الامريكية(الجزء الثاني)
- العراق في الحقبة الامريكية
- الحسابات الخاطئة في العلاقات السعوديةمع العراق
- هل تستحق الكويت آن نموت من اجلها؟!!
- اول فرحة منذ سقوط الصنم
- !!!عراق ....بلا نفط
- من اعدم الزعيم عبد الكريم قاسم؟*
- ولا عزاء للشعراء... !!
- عائد الى كربلاء
- في الطريق الى سامراء
- صيف كردستان.. الدامي!!!
- الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في العراق
- الخليج من فصاحة الطالباني ...الى مفاجئات نجاد


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الدفاعي - المالكي......في مواجهة المالكي !!!