أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعدون محسن ضمد - المخيفون














المزيد.....

المخيفون


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 2225 - 2008 / 3 / 19 - 06:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(أن تكون إنساناً يعني أن تكون متديناً) عبارة توقفت عندها كثيراً أول ما طالعتها بكتاب تاريخ المعتقدات الدينية لميرسيا الياد. فمن خلال هذه العبارة تَكَشَّفت لي أهم المعاني التي تتضمنها الإنسانية. إذ الكاتب يربط بينها وبين التدين ربطاً محكماً. معتبراً أن معظم الممارسات والفعاليات التي تميز الإنسان عن الحيوان هي نـحو من أنـحاء التدين.
احترام الأبناء لآبائهم سلوك ديني، فهذا الاحترام محكوم بطقوس مقدسة. الحيوانات لا تقيم علاقات بين الأبناء والآباء. نفس الأمر يقال عن العلاقة الجسدية بين الذكر والأنثى التي تتم عبر طقوس الزواج وعند مختلف شعوب العالم، والأكل الذي يتم عبر طقوس المائدة، حتى العمل وكسب الرزق يتم عبر سلوك تديني، وخير مثال على ذلك رسومات جدران الكهوف التي تعبر عن أن الإنسان الأول تعامل مع صيد الحيوانات بمنطق التدين.
من هذا الكتاب فهمت معنى الآية التي تقول: (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون). بمعنى أنني عرفت بأن الدين لا يحتاج لحراس يحمونه من الانهيار، فهو سلوك إنساني مركوز بفطرة الإنسان ولا يفنى إلا بفناء نفس الإنسانية. الآية القرآنية وجملة الكتاب السالفة تعبران عن معنى واحد، هو: أن تكون إنساناً فأنت متدين... ولكن أي تدين؟.
قبل أيام سألني ابني البالغ من العمر ثلاث عشرة سنة:
ـ عندما أموت فكم سأبقى محترقاً بالنار؟
كان السؤال محرجاً لدرجة أنني سكت لحظات عدة من أجل أن أفلت من المفاجأة ثم أجبته بسؤال معاكس:
ـ هل تحب الفأرة؟
ـ لا...
ـ لماذا؟
ـ لأنها مؤذية (أجابني بسرعة وعلامات التقزز تطفح على وجهه)!.
ـ فإذا طلبت منك أن تدخل بها سيخاً حديدياً وتشويها على النار وهي حية هل تفعل؟
ـ لا طبعاً.. أجاب وعلامات الدهشة تملأ وجهه هذه المرة فقد فهم المغزى بسرعة.
سؤال ابني يعبر عن صورة الدين في مخيال الناس. فقد تحول لسيل من التهم لا ينتهي، وتحول الرب بسببه الى كائن أسطوري مخيف لا هم له سوى مراقبة البشر وعد خطاياهم. واية خطايا، ليتها اقتصرت على أخطاء عتاة التاريخ ومجرمي البشرية، ليتها توقفت عند جرائم الإبادة مثلاً. إذن لهان الأمر، لكن المشكلة أن الدين والرب بنارهما المخيفة راحا يلاحقان حتى الشاب الذي يختلس نظرة بريئة لصبية تطفح أنوثة وفتنة، وحتى من يدندن بينه وبين نفسه بأغنية مرحة في ساعة استرخاء. بل حتى أحاديث السمر التي تتضمن تناول شؤون الآخرين (الغيبة) والتي هي سلوك شائع لدرجة أن لا يخلو أي حديث بين اثنين منها، تحولت لجريمة تُدخل (مجرمها) ناراً ذات لضى تمتلئ بعقارب كالحمير وأفاعٍ كالثيران ووووو.
ما من شك أن النصوص القرآنية هي التي أكدت وجود النار وتوعدت بعذابها، لكن أي عذاب وعن أية جرائم؟ هناك سعي غير مفهوم لجعل الرب بهذا المستوى من البشاعة، الرب مخيف حتى للأطفال وهو حاضر ليعد الخطايا حتى في ساعات الخلوة التي تجمع بين الزوج وزوجته، فحتى في لحظات الخصوصية تلك توجد نصوص تمنع وأخرى تكره وغيرها تحذر. ولو أننا علقنا على جسد الإنسان مكان كل ممنوع ديني ثقلاً خفيفاً جداً لتجمع من الأثقال ما لا تستطيع تحمله حتى الجبال، تحول الدين بفضل حراسه إلى مجموعة هموم لا يمكن أن تتناسب وحياة الإنسان السوي. بالتأكيد أنا لا أتهم من أسميهم بـ(حراس الدين) بسوء الطوية لكنني اعتبرهم واهمين وهم يختصرون الذات الإلهية بصورة القاضي والحياة بجلسة المحكمة. فلا يبقى أمام الإنسان بعدها غير انتظار سجنه الأخير بقضبانه الملتهبة.
أخيارً.. لماذا نؤول الآية التي تقول: (يد الله فوق أيديهم) والآية التي تقول: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) والآية التي تقول: (وجاء ربك والملك صفاً صفا). وآيات أخرى كثيرة. ولا نؤول الآيات المتعلقة بالنار وعذابها.. أعتقد لأننا بحاجة لحقنة إنسانية.



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عَرَب
- ثقافة التنافس
- عيب عليك
- ارضنة الدين
- يوسف.. لا تُعرض عن هذا
- أصالة العبودية
- هل نتمكن؟
- أحمر الشفاه
- التعاكس بين منطق العلم و منطق الخرافة
- أنياب العصافير
- الجينوم العربي
- ال(دي أن أي)
- كريم منصور
- الأنف (المغرور)
- لمثقف الجلاد
- عشائر السادة (الرؤوساء)
- عشائر السادة الرؤساء
- أوهام (الكائن البشري)
- الروزخون
- الكتابة عن الموت.. بكاء المقبرة الموحش


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعدون محسن ضمد - المخيفون