أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مفيد دويكات - الضرير قصة فصبرة














المزيد.....

الضرير قصة فصبرة


مفيد دويكات

الحوار المتمدن-العدد: 2161 - 2008 / 1 / 15 - 09:18
المحور: الادب والفن
    



خرجت عصرا من البيت وكنت حائرا لا أدري إلى أين أذهب00 لا يوجد في الخربة ناد ولا ملعب
ولا شيء سوى الجيران، وأحاديث أغلبها مكرور0 رأيت سقيفته التي يطل بابها على الشارع0
بنيت خصيصا له كي يسهل على أقدام أصحابه الوصول0 شعرت بشيء يناديني إليه00 أذهب0
لا يوجد في الدنيا مجلس أقرب إلى النفس من مجلسه الغريب0فرغم كونه ضرير ويكبرني بثلاثين سنة إلا أنني أجد روحا خفيفة وحكايات مؤثرة0أنه يحب زيارتي0 فأثناء وجدودي معه لا ينعس ولا يتظاهر بتعب، كما يفعل أحيانا مع الآخرين0 بل يبقى جالسا على السرير يحكي ويسال0 ولكم كان يحب أخبار السياسة، هي الحكاية المقدسة لديه، تليها أخبار النساء،والتي يفضل أن تكون عن الجميلات0 ولا يكترث أكانت كذبا أم صدقا أبد لا يكترث0وصلت باب الغرفة لكنني لم أدخل 0تريثت وأرسلت بعيني إلى الداخل شبه المعتم0 رأيته مضجعا على السرير، ولحيته البيضاء تغطي نصف صدره، وقد غطى جبهته وحاجبيه بطاقيته الملونة0خلته نائما فأرهفت السمع، سقطت في أذني نبرات صوته الخشنة0 كان سارح الذهن يدندن لحن غان قديمة00 أغاني الحصادين00 والحراثين00 والرعيان00 تلك التي كانت تثير شجونه 0شدني جذر الدعابة الذي نبت في نتيجة لعشرته0 فقلت لنفسي لماذا لا أزعجه؟؟0 لماذا لا أداعبه حتى يثور؟؟
وهذه من ألأمور التي كنت أمارسها فيغضب مني للحظات ثم يهدأ 0 يهدأ بعد أن أدس سيجارة بين أصابعه المشرعة0 وأقول ما أقبح الأخبار هذا اليوم0 أنها مفجعة0هنالك ينفتح فمه ويتساءل 0فمرة دخلت وكانت هي البداية0 دخلت وقبل ان أرد السلام أحس بي، تحسست يده جوار السرير وتناول العكاز0 بدأ يضرب الهواء0 ظن أنني حمار سائب0 فراح يشتم أصحابه0 وكنت في ركن الغرفة فلما اقتربت عصاه مني أمسكت بها وجعلت أضحك0 هو أيضا بادلني الضحك0 وقال عرفتك0 بعد أشهر أتيت في لحظة مشابهة0 طفت حول الغرفة، وأمام الباب0 وكنت أرطن بكلمات عبرية وحين دخلت تعمدت دق ألأرض وكأن حذائي ثقيل، فرأيته متحفزا وراح يزمجر " أخرج نجست الغرفة لا عندي سلاح ولا مطلوبين فماذا تريد؟ فقأتم عيني ماذا تريدون أكثر؟" قلت له بعد لحظات :" عمي أنا حسن" هتف وهو يرتاح" لا أحسن الله إليك حسبتك عسكري"
وكانت يده تبحث عن العكاز، يوشك ان يستخدمه00 ولما ناولته السيجارة هدأ0 وحلفني ألا أعود إلى الدعابات السمجة0
لكن بعد مرور الوقت كنت أنسى وأعود00 ويوما ظن أني إحدى الجارات0 دخلت ورحت أتحسس ساقيه00 ارتخى قليلا00 وكان يبتسم ويدمدم "اخرجي لا ارغب" 0 بالنسبة لي أعرفه0هو أبو خليل قعيد الزاوية0 لم أره يوما بصيرا، ولكن عرفت أنه فقد بصره في معركة الدفاع عن نابلس0 كان يومها شابا متحمسا للوطن0 حمل بندقية قديمة وهب مع أمثاله للدفاع، فجرح وكان أن فقد
بصره0 وهو يتذكر تلك الحادثة ويحكي عنها قليلا، وكم قال لوأن لي عينين مثل الناس ما قعدت كالأرنب 0
تريثت حتى هدأ غناءه فدخلت وليس في نيتي اللعب لكنه أشعلها في نفسي00 أشعل تلك البذرة اللعينة0ففور دخولي سمعته يهمس" إ غلقي الباب" أغلقت الباب بصمت وتوجهت إلى ركن الغرفة عبثت بصحن وملاعق موجودة على الطاولة، فقال لا أريد ألأكل ولا الشرب أريدك00 تعالي حك لي ظهري00 ظهري يرعاني00 أريد حماما" اقتربت من ظهره العريض0 أرسلت أصابعي فوق الملابس0 بدأت أعمل0 ورأيت يده تحاول الوصول إلى ساقي0 ابتعدت وفجأة انتتر وراحت يسراه تبحث عن العكاز0 فتحاشيت الوقوع في مرمى ضرباته القوية0 وكان يهتف بغل هذه المرة:" سأقتلك يا حسن"
هربت إلى ركن الغرفة فنهض وهو يهتف" أين ذهبت؟ يا قرد" ثم عاد إلى مجلسه وكان يقول:" ياربي لم بلوتني؟ لكي أكون لعبة لهؤلاء المناحيس؟ ياربي خذني عندك 00عندك أرحم؟!" وفقدت عقلي حين رأيت الدموع تسري على خديه فهجمت عليه اقبل لحيته البيضاء واعتذر ولم يهدأ بالسرعة المألوفة0 بل لم ترتخ عضلات وجهه إلا بعد أن قلت له" اليوم صارت عملية فدائية راح فيها سبعة جنود" هنالك اتقدت عيناه وتساءل "أين وكيف" ولاحظت أصابعه مشرعة تبحث
عن سيجارة 0



#مفيد_دويكات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفارقات قصيرة جدا
- طيف
- البكاء على الأحياء00 اربع قصص قصيرة
- ابو الزعماء
- أسئلة وأجوبة معروقة على بوابة المؤتمر
- أول حاكم عسكري قصة قصيرة
- وصية الشاعر
- عود الى زرقاء اليمامة
- رسالة من رئيس الوزراء
- الرفيقة الثائرة قصة قصيرة
- اصعب وظيفة في الدنيا 00 هي وظيفة رئيس السلطة الفلسطينية
- بغل وقصص اخرى
- ما حدث وما يحدث في غزة الآن
- الفتاة اليهودية
- ديقراطية الأباتشي
- آختفووو على هيك عيشة
- من عاديات الحواجز
- نعم يوجد عندنا يسار ولكن
- اول قرار للجنرال
- الحارس الليلي- قصة قصيرة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مفيد دويكات - الضرير قصة فصبرة