أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - الأخبار في الإعلام العراقي: -المصدر الموثوق- لايستحق الثقة ولكنه مفيد!















المزيد.....

الأخبار في الإعلام العراقي: -المصدر الموثوق- لايستحق الثقة ولكنه مفيد!


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 2109 - 2007 / 11 / 24 - 11:33
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


"صرح مصدر موثوق رفض ذكر اسمه..." و "صرح مصدر مسؤول..." هي اشهر العبارات واكثرها تكراراً في الصحافة, خاصة العربية وبشكل اكثر تركيزاً، العراقية. ورغم ان اي شخص يستطيع ان يضع اي شيء بعد هذه العبارة دون تحمل اية مسؤولية, مما يجعل كل ما يليها عديم القيمة في الواقع، إلا انها على ما يبدوا تلاقي نجاحاً كبيراً بدليل انتشارها الشديد في الأخبار, وتدل ان القارئ العراقي لايتحسس منها التحسس الكافي وانه يسير "على الثقة".
.
مثالين على المصدر "الموثوق" من جريدة الزمان(03 2006) : "وقال سياسي عراقي بارز لوكالة رويترز للانباء (اذا بقي الجعفري مرشحا عن الائتلاف فلن تكون هناك حكومة)."
وايضاً:"وقال مصدر سياسي سني بارز ان جبهة التوافق لن تشارك في الحكومة اذا تقرر أن يقودها الجعفري."
.
هذا لايعني ان الخبر كاذب بالضرورة، انما هو قول لادليل عليه ولا يريد احد ان يكون مسؤول عنه، ولذا فلا قيمة له.
.
امثلة اضافية لأخبار تداولتها الصحافة والإنترنيت (ايلاف):
"وقال المصدر العراقي لـ"إيلاف" وهو وثيق الصلة بأطراف أميركية في العراق، مشترطا عدم ذكر اسمه، ..." ..."ومضى المصدر في حديثه الهاتفي لـ"إيلاف" إلى أن واضعي الخطة اخذوا في الحسبان التداعيات العسكرية والسياسية للاعتقال" ..."وأضاف المصدر العراقي ان تسريب خطة ..."
.
وفي النموذج التالي من "الزمان" ايضاً يأخذ "المصدر المسؤول الموثوق"، مجهول الهوية صفة الجمع:
(الزمان , كريم زاير): "أفاد مسؤولون في حزب الدعوة أن نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية تعهد لأكبر مراجع النجف السيد علي السيستاني اجتثاث الصدريين من العتبات المقدسة في النجف وكربلاء، وأضاف أعضاء من حزب الدعوة الذي ينتمي اليه المالكي أن العملية ستشبه في آلياتها اجتثاث البعثيين خلال السنوات الخمس الأخيرة. ووصف المسؤولون أن الأمر سيكون بمثابة خطة لتحييد المناطق المقدسة. "
ويسمون احياناً "شهود" ومن الأمثلة على ذلك (من جريدة الحياة):
"وأفاد شهود أن هناك قاعدة للجيش التركي منذ عام 1997 في مقر تابع للجيش العراقي السابق في بلدة بامرني شمال شرقي دهوك، فيها آليات مدرعة وعدد كبير من الجنود."
كذلك نلاحظ أن التكملة التالية المزوقة ببعض التفاصيل عن صفاة "الموثوق المجهول" مثل اسمه الأول و عمره لاتضيف إلى الخبر اية مصداقية:
"وأكد ياسين علي (32 عاماً)، من أهالي إحدى القرى القريبة من القاعدة، وجود هذه القوات، معرباً عن قلقه لأن «وجود هؤلاء الأتراك يخيفنا فقد يستهدفون مناطق آمنة".
.
وفي الخبر التالي عن الملف كوم يعلمنا ناشره ان المصدر "الموثوق" هو وزير، لكنه يبقى مع ذلك مجهولاً بشكل تام: " وزير من الائتلاف : يجب إنقاذ حكومة المالكي بالتحالف مع الأحزاب الكردية حتى لو كان الثمن هو التنازل لهم عن كركوك" لكن المصدر "لم يشأ ذكر اسم الوزير".
.
مثال اكثر تشويقاً لمصدر مجهول تحيطه تفاصيل كثيرة لإعطاء انطباع قوي عن مصداقيته، الخبر الذي اشاعته التوافق هذا نصه بلا تعديل: "عبر مجموعة من الاساتذه والاكادميين يمثلون جامعات البصره والمستنصرية وبابل وصلاح الدين وجامعة بغداد والكوفه حركة الوفاق الوطني العراقي عن تاييدهم بتوجهات الدكتور اياد علاوي لمشروعه الوطني الذي يسعى الى انقاذ العراق من محنته التي يعيشها حيث وجدو في هذا التوجه المسار الصحيح الذي يوحد العراق ويحقق امنه واستقراره ويبعده عن شبح المحاصصه والطائفيه .
واشاده الاساتذة والاكادميون بتحركات الدكتور وتوجهاته الوطنيه التي عرف بها الدكتور علاوي"....
لم تنشر اية اسماء لهؤلاء الأكاديميين حسب علمي حتى اليوم.
.
ليس من الضروري بالطبع ان يكون الخبر كاذباً، لكنه بالتأكيد لايستحق الثقة، وهو في الغالب اما عار عن الصحة تماماً او محرف او مبالغ به، خاصة عندما يتناول الأمر قضايا صراع حساسة وإتهامات.
.
نلاحظ ان لخصوم اميركا في العراق حصة الأسد من تصريحات "المصدر الموثوق"، فتخبرنا اصوات العراق (03 /06 /2007 ): " قال مصدر أمني مسؤول من شرطة البصرة الاحد ان قوة من خفر السواحل الايرانية احتجزت اثنين من الصيادين العراقيين جنوبي البصرة. وأوضح المصدر ، الذي طلب عدم ذكر اسمه ، للوكالة المستقلة للانباء ( اصوات العراق) الاحد أن قوة من خفر السواحل الايرانية احتجزت عصر السبت اثنين من الصيادين العراقيين مع زورقهما في شواطيء قضاء الفاو. واضاف أن الصيادين الاثنين كانا يصطادان في المياه الاقليمية العراقية بعيدا عن الشواطيء الايرانية . واشار إلى أنه رغم الاتصالات التي اجرتها السلطات العراقية مع الجهات الايرانية إلا أنه لم يتم إطلاق سراح الصيادين حتى الان."
وليس من الواضح لماذا يرفض هذا الـ "مصدر الأمني المسؤول" ان يذكر اسمه في خبر يفترض ان يعلن وان يثير احتجاجاً رسمياً.
وهذا مثال من الشرق الأوسط بلسان معد فياض : "في تطور لافت ابلغ مسؤول في جيش المهدي الذي يقوده مقتدى الصدر وكالة اسوشيتدبرس ان الميليشيا تعرضت الى انشقاقات وان هناك مجموعة منشقة تضم 3 الاف رجل يجري تمويلها مباشرة من ايران ولا تتبع الصدر حاليا. كما قال المسؤول الذي رفض ذكر اسمه ان مئات المقاتلين عبروا الى ايران للتدريب".
وخبر اخر للحياة (28/08/07): التيار الصدري يتهم الحكومة بالعجز عن وقف التغلغل الإيراني في الجنوب" وقالت ان مصدر الخبر هو الشيخ «ابو زينب»، الذي رفض الاشارة الى اسمه الصريح" لتكمل ان احد مساعدي مقتدى الصدر، (الذي رفض كشف اسمه) قال ان «الايرانيين يخلقون فوضى منظمة في الجنوب ويدعمون جهات عدة لتحقيق هذا الهدف»
.
ويتخذ "المصدر الموثوق" احياناً اشكالاً مختلفة مبدعة، مثل "اصابع الإتهام" كما في الخبر الذي كتبه نركال كيت: "وجاءت هذه التطورات على اثر الاشتباكات المسلحة التي جرت في منطقة الحرمين الشريفين اثناء الزيارة الشعبانية والتي وجهت أصابع الاتهام فيها الى مجاميع مسلحه تابعه للتيار الصدري (جيش المهدي ) في محاولة لضرب مقام الامام الحسين عليه السلام واخيه العباس بالاعيرة النارية واسلحة الاربي جي والبي كي سي لفرض سيطرتهم عليها بالإضافة الى ضرب الزوار وانتهاك المال العام" وهكذا تم الإيحاء بالعديد من التهم الى جهة محددة وكل ما يذكره الخبر من ادلة هو ادعاؤه ان "اصابع اتهام" اشارت اليها.
.
حشو المشكوك بين الموثق
.
نلاحظ في خبر رويترز الذي يخبرنا ان "المتشددين" هم المسؤولون عن تفجير البرلمان: "قال مصدر حكومي رفيع يوم الجمعة إن السلطات العراقية كان لديها معلومات عن تخطيط المتشددين لشن هجوم على البرلمان قبل التفجير الانتحاري الذي وقع يوم الخميس في المبنى."
كما نبهنا ليس من الضروري ان يكون الخبر كاذباً لكنه هنا ايضاً كالعادة لا يقدم اية اسماء، لا عن "المصدر الحكومي" ولا عن الـ "سلطات عراقية" لكنه يحيطه بمعلومات موثقة معروفة:
"وقتل في الهجوم الذي ألقى الجيش الامريكي مسؤوليته على القاعدة نائب وجرح أكثر من 20 شخصا. وذكر بعض الزوار ان اجراءات الامن شددت على المبنى واستخدمت الكلاب البوليسية لتأمينه."
وهذه تفاصيل مضافة لـ "تمليح" الخبر وجعله اسهل هضماً، حيث ينبه على مشكلة وصول المعلومات لـ "المصدر" المجهول ثم يضيف معلومات عامة صحيحة توحي بأن الخبر صحيح ككل، لكن المتمعن فيه يجد انه لم يقل اي شيء يحمله مسؤولية وبقي المصدر مجهولاً:
"وقال المصدر لرويترز دون ان يحدد كيفية وصول هذه المعلومات "كانت لدينا معلومات بان هجوما سيقع على البرلمان", وأضاف ان الادلة الاولية تظهر ان فردا في فريق أمني تابع لنائب سني ربما يكون قد لعب دورا في الهجوم الذي كان أسوأ اختراق أمني للمنطقة الخضراء الشديدة التحصين التي يوجد بها البرلمان ومكاتب الحكومة والسفارة الامريكية وسفارات غربية أخرى وقصور الرئيس الراحل صدام حسين. وانشئت المنطقة الخضراء بعد الغزو الامريكي للعراق عام 2003 ."
"وقال المصدر ان ذلك استند الى أقوال الناجين وبعض الجرحى."
"وصرح بانه لا علم له باحتجاز ثلاثة من العاملين في مطعم البرلمان الذي وقع فيه الهجوم."
وهاهو يشير الى "نائب" يتركه مجهولاً: "وكان نائب في البرلمان العراقي قد قال يوم الجمعة إن ثلاثة من العاملين في مطعم البرلمان العراقي احتجزوا لاستجوابهم بشأن الهجوم الانتحاري الذي وقع في المبنى يوم الخميس." ليعرفه في الجملة التالية، مما يوحي ان البدء بالتحدث عن "مصدر" مجهول ليس بالضرورة غامض.
"وصرح النائب حسن السنيد وهو من الائتلاف الشيعي الحاكم بأنه لم توجه اتهامات للثلاثة." لينتهي الخبر بالعودة الى "المصدر" وغالباُ نكون قد نسينا في غمرة التفاصيل ان كان المصدر قد تم تعريفه ام لا:
"وأضاف المصدر انه من الطبيعي ان يركز التحقيق على المطعم وكيفية حدوث هذا الاختراق الامني."
.
خبر عن أسامة مهدي من لندن يقول: "أكد احد زائري مدينة كربلاء العراقية الجنوبية ان الاحداث الدامية التي شهدتها المدينة خلال الايام الثلاثة الماضية اثناء الزيارة المليونية لمناسبة الاحتفال بمولد المهدي الامام الثاني عشر لدى الشيعة قد بدأت بشتائم من انصار رجل الدين الشيعي المتشدد مقتدى الصدر لمليشيا حرس روضتي الامام الحسين واخيه العباس التابعين لمنظمة بدر المنافسة التابعة للمجلس الاعلى الاسلامي برئاسة عبد العزيز الحكيم وقال ان رئيس الوزراء نوري المالكي ومستشار الامن القومي موفق الربيعي كانا يقودان حتى الليلة الماضية وساطة بين الطرفين وسط اجواء مشحونة بالتوتر." وهنا نلاحظ ان أسامة مهدي قد وجه الإتهام الى الصدريين عن لسان "المصدر المجهول" (باسم "احد زائري مدينة كربلاء")، ليعود وينقل عنه معلومات نعلم انها صحيحة، مما يوحي ان البقية صحيحة هي الأخرى: "واضاف الزائر في اتصال هاتفي مع "ايلاف" مفضلا عدم الاشارة الى اسمه الى ان الزيارة بدأت وسط اجواء مشحونة بين الصدريين والبدريين حيث ان هناك حوالي 3 الاف مسلح يشكلون مليشيا حماية مرقدي الامام الحسين بن علي بن ابي طالب واخيه العباس (ع) هم من عناصر منظمة بدر الذين كان معظمهم لاجئا في ايران".
.
خبر نشر في "صوت العراق" (لندن: علي نوري زاده) تحت عنوان: "مصدر إيراني: زيارة المالكي إلى طهران فاشلة «من الألف إلى الياء»". الصيغة غير الدبلوماسية تثير شكوكاً كثيرة عن صدق الخبر, وبالفعل لا نجد في الخبر اية اشارة نحدد هوية "المصدر" سوى انه "قريب من رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني":
"وصف مصدر إيراني قريب من رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني، زيارة رئيس الوزراء العراقي الثالثة لإيران، بـ«الفاشلة من الألف الى الياء». وأوضح المصدر أن «المالكي جاء الى طهران نصف متفائل، وغادرها متشائما مائة بالمائة». وقال ان «رئيس الحكومة العراقية علم خلال لقاء عابر مع أحد المسؤولين الإيرانيين، وهو من اصدقائه القدامى، ان الاستخبارات الإيرانية لم تكتف بدعم جيش المهدي والميليشيات الشيعية والسنية المناهضة لحكومته فحسب، بل انها تسعى بكل ما بوسعها، لافشال حكومته من أجل اعادة غريمه ابراهيم الجعفري الى الحكم»."
ونلاحظ من التكملة التالية ان الخبر لم يكن يستند على فراغ ويبدو ان هناك بعض خيبة امل، لكنه بالغ في فشل الزيارة: "ووصف الدكتور علي الدباغ، المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية، زيارة الوفد العراقي الى ايران برئاسة رئيس الحكومة نوري المالكي بانها «ناجحة وان لم تكن بمستوى طموحاتنا»، مشيرا الى ان «الوفد العراقي اهتم بالملفات الامنية وطلب من ايران ان تكون عنصرا ايجابيا في حل المشاكل الامنية لا عنصرا سلبيا».
.
لاحظ ان المصدر الوحيد الذي ذكر اسمه في الخبر وصفها بـ "الناجحة وان لم تكن بمستوى طموحنا" وهو وصف دبلوماسي يختلف بالتأكيد عن عبارة الفشل "من الألف الى الياء" عن "المصدر المجهول".
.
وهنا ايضاً تضاف رتوش تزيد الشعور الواهم بمصداقية المصدر: "وأوضح المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية قائلا، ان «هذه الزيارة جاءت في اطار السعي الى توثيق العلاقات، والسعي الى تعريف العلاقة بين العراق وايران»،
ليكمل عن عدم اجادة المالكي للفارسية وغيرها.
ثم ينتقل علي نوري زاده الى مناورة تبدو موثقة حيث كتب: "ولم يخف رئيس الوزراء العراقي استياءه من تحركات السفارة الايرانية في بغداد «لدعم الدكتور ابراهيم الجعفري وتسهيل عودته الى رئاسة الحكومة»،".
طريقة الكتابة تبدو كأستقطاع من قول المالكي، لكنه يكمل فوراً: "كما أورده المصدر الايراني في حديثه مع «الشرق الأوسط»." والأمر الغريب هنا ان "المصدر" يبدو كمن قدم استقطاعاً حرفياً لجملة قالها المالكي، وهو امر ملتبس.
.
مرة ثانية نؤكد ان عدم ذكر المصدر لايعني بالضرورة ان الخبر كاذب، انما يجب ان يعامل كخبر لاثقة بتمثيله الحقيقة, ولا حتى ربع الحقيقة، وإلا كان من السهل ايهامنا بـ "الحقيقة" بتكرار الكذب اربعة مرات مثلاً.
.
الخبر الكاذب ونفيه وردود افعال الناس
.
نشرت الحياة (21/10/07) خبراً مثيراً عن طلب السيستاني للمالكي اعادة النظر بحكم اعدام سلطان هاشم، يبدأ الخبر هكذا : "نقلت مصادر مقربة من مكتب المرجع الديني في النجف آية الله علي السيستاني أن الأخير سأل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عند زيارته له في النجف مطلع الشهر، عن إمكان إعادة النظر بحكم الإعدام الصادر بحق وزير الدفاع العراقي السابق سلطان هاشم في قضية الأنفال، عن طريق ايجاد المخارج القانونية للموضوع."
ورغم اننا سننتبه الى ان الخبر من "مصادر مقربة" لكن التفاصيل التي تليه تجبر عقلنا على تقبله ولو جزئياً. وبما ان الخبر نشر في عشرات ان لم يكن مئات المواقع والصحف فمن المتوقع ان يكون عدد كبير من الناس قد اقتنع به كحقيقة كاملة.
مضى خبر "الحياة" يتحدث عن التفاصيل المقنعة فقال ان السيستاني بين ان سلطان هاشم "ليس شخصية سياسية، وإنما شخصية مهنية، ويمثل موقعاً متميزاً لدى طائفة أساسية من مكونات الشعب العراقي، مشيراً إلى أن جهود المصالحة الوطنية التي تتبناها الحكومة العراقية تستدعي مبادرات تحمل روح التسامح، لافتاً إلى أن الإقدام على عمل كهذا يضر بهذه الجهود المبذولة، في وقت يحتاج فيه الشعب العراقي إلى مزيد من رص الصفوف والتئام الجراح." وهو اسلوب مشابه فعلاً لطريقة خطاب السيستاني ، الذي قال حسب الخبر انه طلب من المالكي " إيجاد مخارج تحول دون إعدام سلطان" بعد ان اضيفت بضعة كلمات عن حرية القضاء الى اخره..
لكن عبارة "ايجاد مخارج" هي عبارة احتيالية لاتناسب اسلوب السيستاني، كما ان حذره السابق في التدخل اثار شكوكي فقرأت الخبر ثانية واكتشفت عبارة "مصادر مقربة" التي عبرتني في القراءة الأولى بسبب صدمة الخبر وقوته فاحتفظت بنص الخبر للتأكد.
وبالفعل تم نفي الخبر من قبل الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد المرجعية الدينية العليا هذه التصريحات
قائلاً "إن المرجعية الدينية ليس لها دخل في القضاء العراقي ولا الحكومة، وأن دورها يقتصر على الرعاية الأبوية فقط"، مشيرا الى ان المرجعيه اذا كان لديها رأي فأنها ستعبر عنه من خلال خطب الجمعه .
ومن الجدير بالملاحظة ان الخبر قد نقل بشكل اخر من محطة تلفزيون الشرقية التي ذكرت نقلا عن الرئيس طالباني أن اية الله العظمى السيد السيستاني نصح الحكومة العراقية بعدم تنفيذ حكم الإعدام بحق المدان سلطان هاشم احمد في القضية.
هذه "الصدفة" او التنسيق بين الشرقية والحياة، وربما مصادر اخرى، كفيلة بخداع اكثر الناس حذراً في قراءتهم للأنباء.
.
لماذا تتجرأ مصادر اعلامية على مثل هذا الكذب رغم علمها انه سيفتضح بلا شك؟ إنها تأمل بان الخبر سينتشر بشكل اكبر كثيراً من نفيه وان الغالبية من الناس سيصلها الخبر دون النفي، وهكذا يتم تثبيت الخبر لديهم. ويستطيع من يأمل بمثل هذا، الإعتماد على ان الإثارة الموجودة في الخبر اشد من النفي وبالتالي فأن حصته من النشر ستزيد عن حصة نفيه، كما ان تلك الإثارة ستثبت الخبر في ذاكرة الناس ولو بشكل جزئي اكثر من النفي وسيترسب الأمر في ذاكرة الناس بشكل غامض نسبياً : "ان السيستاني يفضل الغاء الإعدام". كذلك يمكن لمن يسيطر بشكل ما على وسائل اعلام عديدة تقوية تأثير الخبر على النفي بأن ينشر الخبر ويتجاهل النفي.
يشجع وسائل الإعلام الكاذبة على استمرارهم في هذا التظليل ان المتلقين للأخبار من الناس لاينزعجون كثيرا على ما يبدو من اكتشاف ان قناة اعلامية ما قد كذبت عليهم, ولا يزداد حذرهم منها في اخبارها التالية, ولولا ذلك لخافت الكذب وترددت في نشره.
.
ربما تكون الفائدة الوحيدة في قراءة اخبار "المصدر الموثوق" ومتابعتها هي انه يمكنك من خلالها استشفاف ما تريد السلطة المسيطرة إعلامياً اقناعك به، ولصالح من وضد من تتوجه تلك "الأخبار" ولك ان تحلل اسباب ذلك وربما تستنتج منها توجهات السياسة المستقبلية للسلطة، سواء الحكومية او الإحتلال او اي اتجاه سياسي.



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل اصابنا الهبل لنقبل هذا؟؟
- الإنتقام من الظاء
- معالجة ضمور الشخصية لدى البرلمانيين العراقيين بواسطة التصويت ...
- عن العيش تحت مستوى سطح البقر
- شعوب العالم تناصر القاعدة
- اللوبي الكردي في واشنطن والطموح الى مكانة اسرائيل
- صناعة القرار السياسي العراقي في حظيرة ملوثة بالفساد
- عراق الحكيم وكاكه ئي وعدنان ام عراق فالح وسيار وكاترين؟
- دحض حجج دعاة التصويت السري في البرلمان العراقي
- البرلمان العراقي في خطر!
- مؤامرة لإقصاء البرلمان يقودها 100 نائب عراقي
- بوش يبحث عن مانديلا
- علاوي: قصة انفجار وهم
- ليس رداً على ياسين النصير لكن رفضاً لمنطق الخوف والإحتلال وا ...
- إنتبه فلربما يتناول اطفالك في العراق منذ سنين سموم الزئبق مع ...
- ضياع المنطق ونتائجه الخطرة في تحليل ياسين النصير
- 11 سبتمبر: الحقيقة بين عشق -نظرية المؤامرة- والخوف من وصمتها
- تنزيلات هائلة في محلات بيترايوس
- القواعد الأمريكية بين قلق العراقي وضمير ممثليه!
- القواعد الأمريكية بين قلق العراقي وضمير ممثليه


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - الأخبار في الإعلام العراقي: -المصدر الموثوق- لايستحق الثقة ولكنه مفيد!