فاطمه قاسم
الحوار المتمدن-العدد: 2086 - 2007 / 11 / 1 - 11:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الخ.لأخبار , أن الحكومة الإسرائيلية , تنتظر قرار المحكمة الإسرائيلية العليا لتصدر قرارا بقانونية او عدم قانونية الإجراءات العقابية الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية ضد قطاع غزة , ومن بينها تخفيضات في الوقود , والكهرباء ... الخ .
وحتى لو صدر قرار المحكمة العليا الإسرائيلية , ضد قرارات الحكومة , فإن هذا القرار سيكون تحت البند الانسانى وليس تحت البند السياسي , لان الإجراءات العقابية الإسرائيلية ضد قطاع غزة , هي مجرد تفاصيل وتداعيات للقرار الرئيسي باعتبار قطاع غزة كيانا معاديا وبموجب هذا القرار الخطير , فإن الخطوات تنفذ على الأرض يوميا لتستكمل إسرائيل خطوات فك لارتباطها مع قطاع غزة .
بطبيعة الحال :
فإن الإدارة الفلسطينية عاجزة حتى الآن عن مواجهة الحقائق , وبدلا من لك فإننا نشهد استمرار هذه الظاهرة المدمرة , وهى ظاهرة الهروب إلى سهولة الشعارات بدلا من التوحد لإيجاد حلول وضع مبادرات !!! والمشكلة عندنا قديمة ومزمنة ولكنها تزداد تعقيدا وخطورة كل يوم !!! دعوني اذكر بقرار الانسحاب الاسرائيلى أحدى الجانب من قطاع غزة, قبل عامين , فلقد تعالت الصيحات المخلصة من قبل سياسيين مستقلين , ومثقفين واكاديمين , بضرورة أن تولى مفردات النظام السياسي الفلسطيني أهمية خاصة لذلك القرار , وان تعقد اجتماعات حقيقية لمعرفة أبعاده , والتنبؤ بتداعياته, وإعداد خطط للمواجهة , ولكن تلك الصيحات المخلصة سقطت في الفراغ , وبدلا من النقاش العميق , والبحث والاستقصاء , والنفاق وطنيا على بدائل وحلول , وخطط قابلة للتنفيذ , رأينا ذلك القرار الخطير , وهو ا لانسحاب أحادى الجانب بنوه في ضجيج الشعارات , ووجدنا أنفسنا نغرق في التأويلات العقيمة فيما إذا كان ذلك الانسحاب الاسرائيلى أحادى الجانب قد جرى بفعل " ضربات المقاومة " أم بسبب توجهات إسرائيلية شديد التعقيد والخطورة ! والأخطر من هذه التأويلات الغير مجدية أن خطوة الانسحاب أحادى الجانب نفسها , والأرض المحررة التى كسبناها نتيجة هذا الانسحاب , والدونمات الزراعية وبعض المنشآت القليلة التى بقيت دون أن يدمرها الاحتلال , كل هذه سقطت في السجال الداخلي وتحولت إلى نقمة بدلا من نعمة , وكانت هي الميدان الذي انطلقت منه فصول الاقتتال الداخلي , وصولا إلى الوضع الشاذ القائم حاليا , والمتمثل في الانقسام السياسي والادارى والانفصال الجغرافي .
واستكمالا للقرار أحادى الجانب , وبناءا ع تداعياته التى كانت مدروسة ومتوقعه من قبل إسرائيل , جاء القرار الثاني باعتبار كيان غزة كيانا معاديا و وهو القرار الذي تم الرد عليه فلسطينيا بطريقة ساذجة وسطحية وربما اقل من ذلك , دون أدنى تدبر لمواجهة تداعيات هذا القرار , والآن يتضح أن سلسلة القرارات الإسرائيلية تتطور كلها باتجاه منظومة واحده هي فك الارتباط مع قطاع غزة , وفك الارتباط أحادى الجانب , اى بمعنى عدم التفاوض مع الفلسطينيين حول منظومة فك الارتباط وإنما فرضها كأمر واقع وترك الفلسطينيين يتدبرون أمرهم في قطاع غزة ولكن كيف ؟
إسرائيل ترى أنها غير معنية بهذا السؤال , هي تصنع الحدث وتنفى مسئوليتها عن تداعياته ! وتترك مليون ونصف المليون فلسطيني تحت رحمة القرارات الإنسانية , فرض الحصار من جهة , مثلما تفعل الدول حين تحاصر منطقة موبؤه بمرض فتاك ومعدي , ثم السماح فقط ببرنامج مساعدة انسانى لمساعدة السكان على الحياة بشروط الحد الأدنى , ثم مواجهة الأخطار القادمة من قطاع غزة , مثل إطلاق صاروخ , او اختراق السياج او حتى نجاح عملية , او مواجهه كل ذلك بأعلى درجات العنف الاسرائيلى , احتياجات باهظة , عمليات قصف جوى , ملاحقات واغتيالات , وعقوبات حتى على مستوى بعض الخدمات الإنسانية , مثل التضييق الشديد على تنقلات المرضى للعلاج خارج القطاع , او استمرار أعداد من العالقين في الخارج او من العالقين في الداخل , وزيادة قائمة المواد الممنوعة الذي ينتج عنه عدم تطوير البنية التحتية القائمة , ومن ثم التآكل التدريجي لهذه البنية التحتية , سواء بسبب القصف والاجتياحات , او بسبب سوء الاستخدام اليومي , او عدم الترميم , وعوامل الطبية المتلاحقة , مثل تأثير الصيف , او تأثيرات الأمطار عما قريب وهكذا , ليصبح قطاع غزة في بضعة شهور أخرى كومة من الأنقاض , ونموذجا لصعوبة الحياة , وساحة مخنوقة للتفاعلات العنيفة داخليا , وقائمة اتهامات موجهه إلى الشعب الفلسطيني
بصراحة
برغم أن هذه الصورة سوداوية للغاية إلا أنها بسيطة جدا لما يمكن أن يحدث , لان كل هذه العوامل التى ذكرتها لكم ستتفاعل بشكل أقسى وخاصة إلى مستوى النسيج الاجتماعي والنفسي وعلى مستوى عمق العلاقات الداخلية , والاحتقانات التى ستنشأ , وكمية وحجم ونوعية ردود الأفعال التى ستنشأ , متذكرين باستمرار, إن قطاع غزة في حالة من هذا النوع لا يملك اى امكانيات داخلية , وانه من أعلى بقاع الأرض كثافة في السكان قياسا للمساحة , وان القوى الإقليمية والدولية , يلزمها بين وقت وأخر , مناطق صغيرة معزولة لتكون بمثابة ماصة صواعق , او حديقة خلفية , ترمى فيها كل المخلفات او تمارس فيها تصفيات الحسابات بلا حدود ولا اعتبار للمنطقة او للسكان .
ولهذا , نجدد الدعوة ونجدد النداء , ونجدد الرجاء , إلى النخبة السياسية الفلسطينية , إلى فصائل العمل الوطني والاسلامى , إلى هياكل الشرعية وهياكل الأمر الواقع , أن تنهض من حالة الإحباط والعجز القائمة حاليا , وان تترك هذه المواقع السلبية التى تتمزق فيها , وان تفتح حوارا وطنيا واسعا ومعمقا للبحث عن طرق للخلاص من هذا المصير .
أجدد النداء والدعاء والرجاء:
وأنا اعرف أن هناك بعض الأفراد بل وبعض الجهات قد وصلت إلى حد فقدان العقل وفقدان التوازن والشعور بالمسئولية , وهى ترى أن الخلاص من المشكلة تتمثل في الغرق في مشكلة أخرى , بل هناك من يحمل مشاكله ويذهب بها إلى الآخرين لحلها , هذا غير مفيد بتاتا بل الواقع بفرض علينا فلسطينيا هنا في أرضنا , وفى توقيتها الصحيح , نحن نريد أن نفك ارتباط فلسطين مع إسرائيل , لنقيم دولة مستقلة , وليس فك ارتباط أحادى الجانب مع قطاع غزة , وتركه محاصرا ومغلقا وميدانا فعليا للفقر والقهر والجنون .
وأتمنى على هيئات المثقفين , أن يعلو صوتها في هذا الاتجاه , نريد خلاصا وليست العنتريات والعربدة ضد بعضنا , والتي لاتنتج إلا انتصارات وهمية على شعبنا , ودمارا لقضيتنا , وإعداما لأجيالنا فهل من يلبى النداء ؟؟
د.فاطمه قاسم
#فاطمه_قاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟