سعد محمد رحيم
الحوار المتمدن-العدد: 2074 - 2007 / 10 / 20 - 12:39
المحور:
المجتمع المدني
أجدني، في الغالب، مدفوعاً برغبة لقراءة تعليقات القراء على المقالات التي تنشرها الصحف والمجلات على شبكة الإنترنت، ( وللأسف فإن مواقع عربية قليلة تقدم مثل هذه الفرصة ). إذ فضلاً عن المتعة التي تمنحها مثل هذه التعليقات والطرافة التي تتضمنها، والمعلومات الجديدة التي يضيفها بعض القراء المتنورين والحاذقين، فإنها ( أي التعليقات ) تعطيك انطباعاً عن طريقة تفكير كل قارئ ومرجعيته، ومدى تقبله للرأي المخالف. وقد يكشف التعليق عن الحالة النفسية للمدوّن في بعض الأحيان، فتقول؛ هذا الرجل رائق المزاج وهذه المرأة منزعجة وتلك الشابة عاشقة، وذلك الشاب غاضب، وهذا الزوج ربما يكون أنهى ( عركة ) لتوّه مع زوجته، الخ. ولا تخلو مثل هذه القراءة في رأيي، وفي الأحوال كلها، من فائدة، حتى وإن كان بعض ما تقرأ سطحياً ومفككاً وسخيفاً. فأنت على الأقل ستتعرف على الكيفية التي يفكر بها بعض الناس. وما يلفت الانتباه، في هذا الأمر، هو عدم فهم بعض القراء لمقاصد بعض المقالات وسياقاتها حيث يبدأ هؤلاء المدونون، كما يقول المثل الشعبي، بـ ( الثرد بصف ـ خارج ـ الماعون ) وبكيل الاتهامات للمؤلفين.. اتهامات مخففة مثل الغفلة والسهو أو التحريف. أو اتهامات ثقيلة من قبيل الكفر أو العمالة للصهيونية والإمبريالية والعياذ بالله.
ما يحدث في مجال المدونات على الشبكة العنكبوتية محدود في المساحة والتأثير، عربياً على الأقل، ولا يرقى إلى مساحة وتأثير ما يجري في الندوات التلفزيونية والتي قد تصاحبها مداخلات المشاهدين، فهنا قلما نستمع إلى حوارات خصبة ومتزنة تثري معلومات وثقافة المشاهد وتنير جانباً مهماً من جوانب القضية التي تُناقش.
إن المحاور الجيد هدفه الحقيقة وهو الذي يفترض مسبقاً أنه قد يكون على خطأ، أو أن خصمه قد يمتلك الصواب، أو يمكن أن يلتقي الاثنان في منطقة وسطى ويصلان إلى فهم مشترك. غير أن الطامة الكبرى تكمن في أن يجلس أحدهم إلى طاولة الحوار وهمّه أن يفند ما يقوله خصمه حتى قبل أن يستمع إليه، على طريقة عادل إمام في مسرحية ( الزعيم ). فبمجرد أن قال الزعيم الزائر عبارة ( سيدي الرئيس ) صرخ زعيم الدولة المضيفة ( عادل إمام ) بوجهه؛ ( أنا لا أقبل ).
طالما افتقرنا لتقاليد الحوار العقلاني الهادئ، وأول شرط بهذا الصدد هو أن يكون المحاور مستمعاً جيداً وقارئاً جيداً، لا يعقّب أو يعترض إلاّ بعد أن يكون قد فهم مغزى ومعنى ما قصده محاوره أو غريمه. وخلق محاور جيد هو شأن تربوي وأخلاقي وثقافي. ومن المنظور السياسي يعد الحوار العقلاني الهادئ، حيث يحترم المتحاورون آراء بعضهم بعضاً ويحاولون الوصول إلى فهم مشترك، تقليداً ديمقراطياً بامتياز.
#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟