أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إيمان أحمد ونوس - الأخوة... بين الحب والشجار















المزيد.....

الأخوة... بين الحب والشجار


إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 2063 - 2007 / 10 / 9 - 12:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تقول آنا لويند لين: " إنني لا أتصور كيف يمكن أن يحيا الناس دون أن يكون لهم أخوة. إن كل ما تعلمته عن التفاوض والتعايش والكراهية، والاختلافات الفطرية والحب، فضلاً عن المعرفة، تعلمته من إخوتي. "
إن نزاع وشجار الأخوة أمر حتمي وطبيعي أثناء نموهم وتكوينهم النفسي والفكري والعقلي.. والجسدي. ولكن المهم كيف يتشاجر الأخوة، وكيف ومتى يحسمون النزاع بينهم..؟ هذه هي القضايا الأساسية التي يجب أن يواجهها الأبوان اللذين قد يشعرا أن الشجار بين أبنائهم يودي بهما إلى الجنون. وفي ذات الوقت عليهما أن يعرفا أن هذا الواقع يمكن أن يكون أحد الأدوات التعليمية العظيمة.
فالأولاد هم الذين يعلموننا كيف نحب ونتشارك ونفاوض، وكيف نبدأ الصراع وننهيه، كيف نجرح شعور الآخرين وكيف نحفظ ماء وجهنا . الأخوَة مدرسة حقيقية في التعامل والتكيف الاجتماعي. لقد أثبتت التجارب والأبحاث أن لوجود الأخوة العديد من المزايا العاطفية والتربوية الأكيدة على كافة المستويات. فهي توفر صحبة دائمة ومضمونة، خاصة الصحبة المرافقة لكل أنواع اللعب والهوايات. والأمر الهام جداً هو أن وجود أخ يعني أن يكون لكل طفل جزءاً من عالم طفل آخر. فهو يعلم أخيه مهارات لا يتقن تعليمها الكبار، إضافة إلى مهارات التفاوض للوصول إلى المصالحة والتسامح
إلاَ أن الأمور لا تسير دائماً بين الأخوة باتجاه إيجابي، فقد ينشأ أحياناً صراع بين الأخوة.
تقول حكمة إفريقية: " إن لم تكن قد تشاجرت مع أخيك من قبل، فأنتما لا تعرفان بعضكما البعض. "
والسر الكامن وراء هذا الصراع، هو محاولة كل أخ الاستئثار باهتمام الأبوين. كما لا يفوتنا أمر آخر هام، وهو فارق السن بين الأخوة، والذي يؤثر على العلاقة بينهم. فالفارق المنطقي والمقبول يقلص هذه الخلافات، مع الأخذ بعين الاعتبار نفسية وشخصية كل من الأبناء والأبوين، والتي تلعب دوراً مهماً في كيفية التوافق والتوفيق بين الأخوة. وهنا على الأهل تجنب المقارنة بين الأبناء ولو على مستوى الحركات مثلاً، لأن تلك المقارنة تؤجج نار الغيرة وبالتالي تفسح المجال لنشوب النزاعات بينهم. كما أن لتفضيل الأهل لطفل على آخر قد يسبب الكثير من المشاكل طويلة الأمد في العلاقة بين الأخوة- وبالطبع لا يسعى الأهل بشكل متعمد لهذا الأمر- مما يؤدي لنشوء بعض الأمراض النفسية والعواطف السلبية كالحقد والكراهية، أو الشعور بالدونية.
لذا على الأهل أن يحرصوا على جعل كل طفل يشعر بأن له مكانة خاصة في قلوبهم. كما عليهم أن يعلموا أن لهذا النزاع والشجار بين الأخوة مزايا مثل أن الغضب هو أمر طبيعي، وأنه يمكن أن نختلف مع شخص نحبه، وعلى الرغم من هذا تبقى العلاقة والمودة قائمة بيننا. إضافة إلى أن هذا الشجار عندما يتم بالشكل الطبيعي، فهو يعلم الأبناء كيفية استخدام الكلمات والحوار، وليس اللجوء للعنف والضرب، كما يدعم المهارات اللغوية والأدبية عندما يتم الابتعاد عن الشتائم. وكلما اكتسب الطفل مهارات مناقشة فعالة جراء خلافه مع إخوته، كلما تعلم الكثير عن كيفية الدفاع عن أية قضية أو مبادئ مقتنع بها أمام رفاقه أو غيرهم خارج نطاق الأسرة. كما أن التفاوض الناجح الذي ينتهي بإبرام اتفاق مع الآخر يساعد على تنمية وتقوية اعتزاز الطفل بذاته.
ولكن ومع كل هذا لا نجد من الأهل من يحب أن يستمع طوال الوقت لشجار الأبناء، لأنهم يخافون عواقبه الوخيمة كعدم الوفاق الذي ينم عن وجود مشاكل عميقة بين الأبناء، أو أن تُدمر صدامات الغضب علاقة الأخوة بشكل دائم، أو أن تستحوذ مشاعر الظلم على الأخ الصغير الذي ربما يميل لشعور أنه الضحية، فيتصرف على هذا الأساس داخل وخارج البيت. وربما يتساءل البعض.. لماذا يتشاجر الأخوة..؟
نقول: يتشاجرون لذات الأسباب التي يتشاجر من أجلها الكبار، مع بعض الأسباب التي تقتصر عليهم فقط كالرغبة في لفت انتباه الأبوين( حيث يعتبر النزاع من الطرق الفعالة في ذلك) وقد يتشاجرون لأنهم يمتلكون القدرة والرغبة في الشجار. أفادت إحدى الدراسات في جامعة ( بيتسبرغ) أن الذكور من الأبناء والأكثر إثارة للمشاكل من الناحية السلوكية يشتركون في أمرين:
أولهما- أنهم قد تعرضوا بدرجة كبيرة للصراع مع أخوتهم عن طريق الركل والضرب والصراخ.
وثانيهما- أن الأم بدورها كانت تميل إلى ردعهم من خلال النقد والعدوانية والعقاب الجسدي. فالطفل يتعلم بالقدوة، وقد وجد الخبراء أن الذكور من الأبناء يحاكون السلوك العدواني للأم من خلال تعاملهم مع الأخوة.
فما هو دور الوالدين في النزاع بين الأخوة ...؟؟
الابتعاد... ثمَ الابتعاد لأنه القاعدة الأساسية التي يجب أن يتبعها الأهل عندما ينشب الصراع بين الأبناء، حتى لا يقعا بسهولة في فخ أن يكونا القاضي والشاهد والحكم، وهذا ما يجعلهما الطرف الخاسر، وربما يقويا بذلك شعور النقمة عند الأبناء في حال إلقاء اللوم على طرف دون الآخر. وبدلاً من ذلك يمكنهما لعب دور فعَال بتعليم الأبناء كيفية حل الخلافات وحسمها بطريقة عادلة ترضي جميع الأطراف، لأن الهدف من ذلك ليس النيل من طرف دون الآخر، بل الإفادة من المفاوضات لاكتساب القدرة على العمل والعيش معاً مرة أخرى.
وهنا نؤكد على أمر هام على الأبوين الانتباه إليه، وهو أن يقتصر حديثهما مع الأبناء عند حدوث أي خلاف على موضوع الخلاف أو السلوك العدواني، وليس على شخص الطفل بحد ذاته، وأفضل ما يمكن فعله إزاء ذلك، محاولة اجتماع الأسرة لحل أي نزاع، لأن هذه الطريقة تلقنهم درساً في معرفة كيفية تجنب الصراعات. والهدف من ذلك مناقشة قضايا الأسرة والتفاوض للوصول إلى حلٍ وسط عندما تقتضي الضرورة، وأن تتسم هذه الاجتماعات بما يلي:
- احترام رأي كل فرد، وأن ينال كل واحد فرصته للتعبير عن مشاعره بحرية.
- أن يسود الصمت والإصغاء، وعد السماح بأي استخفاف أو استفزاز.
- تعويد الأبناء على الاعتراف بالخطأ، ولو كان هذا من أصعب الأمور، لأنه لا شئ يساعد في حسم الخلاف أكثر من الاعتراف الصادق.
سوف ندرك في نهاية المطاف، أن فقدان الحب، أو عدم توزيعه بالعدل بين الأبناء، ما هو إلاَ أحد أشكال الخسارة التي لا يمكن تلافيها. وسندرك أيضاً أن الحب يمتد ليتعدى حب الأم لأبنائها، فيصبحوا أصدقاء أيضاً.
ولكن الأهم، أننا سندرك أن معظم الحب الذي نتلقاه في هذا العالم، سيكون قائماً على حب من يتوجب علينا مشاركتهم
- تلك المشاركة التي تبدأ من المنزل مع أشقائنا- ولنعَلم أبناءنا أنهم كأخوة ينمون كأغصان الأشجار في اتجاهات مختلفة، غير أن جذورهم تبقى واحدة، وأن حياة كل منهم سوف تبقى دائماً جزءاً خاصاً من حياة الآخر.


عن دليل الآباء الحائرين-



#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأبناء... ما بعد الطلاق *
- تميز المرأة... نعمة .. أم نقمة..؟؟؟!!!
- ورشات ومؤتمرات لا متناهية..لطفولة بائسة ومهمشة.
- الالتزام والنقد و... الآخر
- أخلاقيات الفرد هي الأصل
- الشباب ومعضلة السكن
- المعوَق ... والمجتمع
- عندما يكون الخوف نعشاً للحرية.
- شرف المرأة بين سندان القانون.. ومطرقة المجتمع
- الاستلاب... آفة تغتال الوعي والإدراك
- حوار الأديان الثلاث بدمشق
- نحن والسلطة.... والآخر
- ما يكمن وراء ظاهرة الطلاق المبكر..؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
- هل يعودون للوراء.. أم نحن نتقدم للأمام في عقوق القيم الاجتما ...
- سيكولوجية المرأة العاملة
- دوافع واهية ... وراء الزواج الثاني..!!؟؟؟
- مفهوم الزواج... بين العرفي والاغتصاب
- عام آخر... والعراق مازال يتوسد الموت.. ويلتحف الدجى- ملف الع ...
- إشكاليات الزواج العصري
- هل الإنسان مجرد فرد...!!!؟؟؟


المزيد.....




- شاهد: مظاهرات غاضبة في أرمينيا تطالب رئيس الوزراء بالاستقالة ...
- بوتين للغرب.. لن نسمح بتهديدنا وقواتنا النووية متأهبة
- إصابة عنصري أمن بالرصاص داخل مركز للشرطة في باريس
- -إصابة شرطيَين- برصاص رجل داخل مركز للشرطة في باريس
- مصر.. أسعار السلع تتراجع للشهر الثاني على التوالي منذ -تعويم ...
- ألعاب نارية مبهرة تزيّن سماء موسكو تكريما للذكرى الـ79 للنصر ...
- -هجوم جوي وإطلاق صواريخ متنوعة-.. -حزب الله- ينشر ملخص عمليا ...
- روسيا تجهز الجيش بدفعة من المدرعات وناقلات الجنود المعدّلة ( ...
- شاهد: لحظة اقتلاع الأشجار واحدة تلو الأخرى بفناء منزل في ميش ...
- شاهد: اشتعال النيران بطائرة بوينغ 737 وانزلاقها عن المدرج في ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إيمان أحمد ونوس - الأخوة... بين الحب والشجار