أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إيمان أحمد ونوس - الشباب ومعضلة السكن















المزيد.....

الشباب ومعضلة السكن


إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 1981 - 2007 / 7 / 19 - 12:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تُجتاحنا في كل يوم, وفي كل تصريح لمسؤول, أو في خطة حكومية رسمية أو خاصة, آمالاً كبار, وأحلاماً لاتطالها نسائم التشاؤم أو القلق على مستقبلنا ومستقبل أولادنا. ولكن ما أن نصل النقطة النهائية في قراءة هذا التصريح أو الخبر, حتى تلفنا رياح الخيبة والفشل في تحقيق حلم طالما سعينا وبكل تقشف لتحقيقه.
هو امتلاك سقف يأوينا ويقينا ويلات القدر والغدر. هي ليست محض مشكلة خاصة بقدر ما هي مشكلة مصيرية عامة يعيشها وتعيشها معظم شباب وعائلات الطبقة المسحوقة والمهمشة من المجتمع, خصوصاً الذين دفعتهم هجرة مدنهم وقراهم بحثاً عن لقمة العيش والمستقبل الآمن, إلى الأطراف النائية عن المدن الكبيرة
فكيف يتم تأمين السكن لهؤلاء ..؟
بداية يكون إما في فنادق وضيعة لجهة الخدمات والمرافق, وغير متواضعة من جهة الأسعار, وإما عند الأقارب الذين بالكاد تتسع لهم مساكنهم, وذلك بشكل مؤقت ريثما يتم إيجاد العمل, وبعده يتم تأمين مسكن رخيص ريثما تتحسن الأحوال ويستطيع تأمين مسكن أفضل عندما يقرر الزواج.
ولمّا نعرف كم هي الغرف المستأجرة من قبل الشباب العازبين, وأيضاً الشابات العازبات اللواتي, إما يتخرجن من الجامعة ويتم تعيينهن بالمدن الكبيرة, أو اللواتي يأتين للبحث عن العمل أو لإتمام التعليم، نعرف ماهية المشاكل التي تقع في ظل هكذا سكن, أو فقدان الخصوصية التي يتمتع بها كل فرد من تلك الشرائح من مثل الهوايات والمزاج وطريقة التفكير, هذا إذا لم نضع في حسباننا التأثير الأخلاقي الذي تتعرض له الفتيات خصوصاً. طبعاً لا ينأى هذا التأثير عن الشباب كمثل المخدرات وغيرها من ممارسات مضرة بالفرد والمجتمع على حد سواء.
ولكن هل فعلاً تتحسن الظروف المادية التي تسمح للشباب بشراء بيت بأقل المواصفات..!!!؟؟
أعتقد أنهم قلة أولئك الذين ساعدتهم ظروفهم( وشطارتهم ) في تأمين هذا البيت, لأنه علينا أن لا نغفل مسألة هامة, وهي أن معظم أولئك الشباب مرتبطون أو ملزمون برعاية أسرهم التي تركوها في الريف, أو في أحسن الأحوال مساعدتها في تأمين مصروف وتعليم من بقي من الأخوة. فكيف لهذا الشاب أن يعزف على جميع هذه الأوتار مجتمعة وبريشة واحدة قد لا تكون صالحة لكل النغمات( الراتب البسيط), طبعاً كل هذا الكلام أيام كان الحصول على عمل أو وظيفة أمراً ممكناً وميسراً بعض الشيء, وليس في زماننا هذا الذي حاز على شهادة بطالة مرصعة بخمسين نجمة من الطراز الفاخر, حتى على صعيد حملة الشهادات العليا.
ولنعد لمسألة السكن ودورها وتأثيرها في حياة الفرد وشخصيته, وفق المواصفات النظامية والصحية, اجتماعياً ونفسياً وصحياً.
فالسكن المخالف والعشوائي الذي يحيط بالمدن, وتقطنه الغالبية المسحوقة من السكان الذين لا يستطيعون الحصول على سكن نظامي بمواصفات صحية جيدة, هذا السكن لا يتمتع بأي من المواصفات التي تليق بحياة وإنسانية وكرامة البشر. ولنكشف النقاب عن أضرار هذا السكن من كافة النواحي:
الناحية الصحية: مكان لا تتخلله الشمس على الغالب بسبب ترّاص الأبنية بعضها إلى بعض أفقياً وشاقولياً, وبهكذا وضع لا يمكن للهواء النظيف التغلغل عبر هذه البيوت وبالتالي تكون الرطوبة والعفونة سيدة الموقف, ناشرة الأمراض والأوبئة بين السكان, وهذا ما يحتم عبئاً إضافياً على ميزانية الأسرة ألا وهو الطبيب.
الناحية الاجتماعية: قد لا يخفى على أيِ منّا ماهية الإشكاليات التي تغلف هذه الظروف السكنية الشاقة حيث المرافق التابعة للسكن تكون مشتركة من المطبخ وحتى الحمامات, ولنتخيل كيف ستكون العلاقة بين النساء والأطفال, وحتى الرجال ضمن هذه المواصفات, وحجم المشاكل التي قد تنجم بينهم في ظل مزاج ووعي كل فرد من القاطنين, واحترامه للآخر وتقديره لخصوصياته وظروفه. و في ظل غياب أماكن اللعب الضرورية للأطفال, فإنهم سيجتمعون جميعاً في مساحة ضيقة لممارسة حقهم الطبيعي في اللعب, وإلاّ سيكون الشارع ملاذهم الطبيعي, وما أدراك ما هو الشارع بكل أبعاده ( الأمنية, السلوكية, النفسية, والأخلاقية)...؟؟
الناحية التربوية: إن ضيق مساحة السكن المخصص للأسرة, والذي يتمثل في الغالب بغرفة واحدة ومرافقها, يؤدي لأساليب تربوية غير سليمة وغير صحية ولا صحيحة بدءاً من النوم وحتى أصغر الممارسات الممكنة في التربية. إذ أن جميع أفراد الأسرة بما فيهم الأم والأب ملزمون بالنوم معاً في فضاء تلك الغرفة, وربما بذات الفراش,( وكم من أضرار نفسية وتربوية لهذا الوضع) وهذا ما ينعكس سلباً على خصوصية كل من الأبوين والأبناء, وعلى احترام استقلالية الطرفين بعيداً حتى عن مسألة النوم, إضافة إلى عدم إمكانية التربية السليمة في أن يتم التعامل مع بعض الأولاد بدون وجود آخرين من حيث إبداء الملاحظات والتوجيهات, وأيضاً بالنسبة لدراستهم إذ تكون صعبة وشاقة في ظل هذا الوضع اللاإنساني, لا سيما إذا ترافق مع إنجاب عدد غير قليل من الأطفال. حيث نجد عند بعض هذه الأسر طلاب في مختلف مراحل التعليم, ولكل منهم طريقته ومزاجيته في الدراسة والتي قد لا تتوافق مع آخرين من اخوته. هذا عدا عن المضايقات التي ترافق مسألة الدراسة من زيارات عائلية أو ما شابه ذلك, أو مشاجرات الأهل التي يجب أن تكون بعيدة عن مرأى ومسمع الأولاد, لما تتركه من أثر سلبي على شخصيتهم ونفسيتهم وتركيزهم الدراسي.
الخدمات العامة والبيئة: إن المرافق العامة في السكن العشوائي والمخالف شبه معدومة وهذا ما يخلق الكثير من المشاكل من استجرار غير نظامي وقانوني إن كان للكهرباء أو للمياه, ما يؤدي بالتالي لخسائر كبيرة للدولة والمواطن معاً. فكم من الحوادث المؤسفة والمميتة التي تعرض ويتعرض لها بعض السكان أثناء وصل التيار الكهربائي على الشبكة العامة, وكم يضيع على الدولة من أموال تذهب هباءً. إضافة إلى موضوع النظافة العامة شبه المعدومة في الأزقة الضيقة والحارات وما تؤول إليه الأمور من تجمع للنفايات والقمامة أمام البيوت, إضافة لما تجلبه من ضرر على صحة السكان بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص بسبب عبثهم بها أثناء اللعب في تلك الأحياء المحرومة من أماكن لعب مخصصة لهم. عدا عن صعوبة دخول أية واسطة نقل أو سيارة إسعاف أو إطفاء في حال دعت الظروف لذلك. وهناك أمور كثيرة أخرى قد لا يتسع المجال هنا لذكرها مما يجعل من وضع السكن المخالف والعشوائي وضعاً غير إنساني وغير حضاري, خصوصاً أننا في زمن التقنيات والتكنولوجية المتقدمة, والتي تفرض نفسها علينا بقوة, فهل من المعقول أن يعيش القسم الأكبر من أبناء الألفية الثالثة في ظل هذه الظروف السكنية الوضيعة, والقسم الآخر يتنعم بالفيلات والقصور, أو أبسط الإيمان في مساكن تحقق الشروط الصحية والإنسانية اللائقة بإنسانية الفرد وحقه في حياة حرة كريمة..؟؟!!
فكم حلم هؤلاء الفقراء والبسطاء بأن الظروف المعيشية ستتحسن وسيصبح بإمكانهم الحصول على سكن رخيص يتناسب مع مقدراتهم المادية, ويريحهم من تخصيص راتب كامل لدفع أجرة مسكن هذا إن استطاع هذا الراتب تغطية أجرة السكن في حال كان لائقاً صحياً واجتماعياً( أجزم بأنه لن يستطيع..!!)
لماذا لا تفكر الدولة أو الجهات المسؤولة بمساعدة هذه الشريحة الواسعة من الناس بتأمين مساكن صحية تتناسب ورواتبهم وحاجتهم حسب عدد الأفراد المؤلفة منهم كل أسرة...؟؟؟
لماذا لا يتم التفكير بأساليب أكثر جدية بوضع الأسر الشابة, والشباب عموماً ممن لا يستطيعون تأمين مسكن من أجل الزواج...؟؟؟ خصوصاً وأننا في زمن انتفت منه البيوت الكبيرة التي كانت تتسع لكل أفراد الأسرة مع زوجاتهم وأطفالهم, وذلك بعيداً عما هو متبع حالياً فيما يسمى السكن الشبابي, والذي لم يؤتِ أكله حتى اليوم بالشكل الذي يلبي حاجة الغالبية العظمى من شبابنا, والذين بدأوا يلجأون للزواج العرفي في ظل الظروف الحالية وعدم قدرتهم على إيجاد عمل ومسكن يتناسب وحاجاتهم المادية والنفسية والجسدية.( ونتساءل لماذا تدهورت القيم الأخلاقية إلى هذا الحد..؟!) إن هذا الوضع هو جزء أساسي ومهم من أسباب تفشي الجرائم الاجتماعية والأخلاقية في مجتمعنا, بعد البطالة والتي هي السبب الأهم والرئيسي في كل ما يعترض شبابنا من مشكلات, وعلى كافة الصعد. فهل نحن مواطنون من الدرجة المائة بعد المليون حتى نبقى على هذه الحالة منذ ولادتنا وحتى رحيلنا عن هذا العالم غير آسفين على الرحيل عنه...؟؟؟؟؟؟؟؟



#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعوَق ... والمجتمع
- عندما يكون الخوف نعشاً للحرية.
- شرف المرأة بين سندان القانون.. ومطرقة المجتمع
- الاستلاب... آفة تغتال الوعي والإدراك
- حوار الأديان الثلاث بدمشق
- نحن والسلطة.... والآخر
- ما يكمن وراء ظاهرة الطلاق المبكر..؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
- هل يعودون للوراء.. أم نحن نتقدم للأمام في عقوق القيم الاجتما ...
- سيكولوجية المرأة العاملة
- دوافع واهية ... وراء الزواج الثاني..!!؟؟؟
- مفهوم الزواج... بين العرفي والاغتصاب
- عام آخر... والعراق مازال يتوسد الموت.. ويلتحف الدجى- ملف الع ...
- إشكاليات الزواج العصري
- هل الإنسان مجرد فرد...!!!؟؟؟
- لأجل أمومة حرة... وسعيدة
- مقالة- إلى أرضٍ لا نستطيع مغادرتها... إلى أمي...
- الحجاب.. اغتيال للعقل والأخلاق والطفولة
- آذار احتفالية أنثوية


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إيمان أحمد ونوس - الشباب ومعضلة السكن