فاطمه قاسم
الحوار المتمدن-العدد: 2043 - 2007 / 9 / 19 - 12:07
المحور:
القضية الفلسطينية
شيئا فشيئا , تبدو الحالة الفلسطينية مثل بحيرة الوحل , كلما تحرك فيها الإنسان محاولا النجاة , فانه يغرق أكثر , ويكتشف من خلال الحراك والمحاولة أن المشكلة أصعب ألف مرَه مما يطفو على سطحها من مظاهر وظواهر , وأدوار يلعبها الصغار أو الكبار , وأن كل ما يجري في هذه الساحة رغم وضوح اللاعبين وانكشافهم , إنما هو مبني للمجهول _ كما يقول اللغويون _ وأن الأفعال ولأدوار الظاهرة على السطح لها حوافز غير معلومة , ولها محَركون لا يظهرون بالصورة إطلاقا .
لماذا قامت حماس بانقلابها في الرابع عشر من حزيران الماضي, قبل أكثر من ثلاثة شهور ؟
ولماذا جاء هذا الانقلاب بعد أن كان الفلسطينيون قد وصلوا إلى أهم محطات الحوار في مكة برعاية سعودية مقبولة ومباركة من كل الأطراف ؟
و إذا كان صحيحا ما ادعته حماس أن ما قمت به خطوة اضطرارية فأين هي العلامات الدالة على هذا الاضطرار ؟
وإذا كان الانقلاب خطوة استباقية , فأين هي علامات هذا الذي جرى استباقه , ومن هم الذين زينوا لحركة حماس أن تقوم بما قامت به , وما هي خلا صات ما اكتشفته بعد أن أوغلت في الفعل حتى النهاية ؟
هذه الأسئلة على أهميتها الكبرى :
يطرحها المثقفون , ويتبادلها النخب من كل الأطراف, ولكنها لا تتحول إلى حراك عام , ولا إلى رأي عام شامل , بل الأسئلة تذوي قبل أن تتفتح في عقول الاكثريه , والاسئله على أهميتها تضيع وتغرق في فيضان التفاصيل أليوميه , وهذه التفاصيل أليوميه تجري كردود أفعال ميكانيكية ينجرف إليها أصحابها بدون وعي وإن كانوا هم على ألأرض أصحاب القرار , وهكذا تصبح صورة الوضع الفلسطيني غريبة ومحيرة إلى درجة كبيرة , بحيث يبدوا الضحايا بحيث يبدوا الضحايا وكأنهم يتجاهلون عن عمد استيعاب العناصر الموضوعية والذاتية التي حولتهم إلى ضحايا !!
كما أنهم يخافون من الحقيقة, فيهربون منها وراء أستار هذا السجال اليومي السخيف, والمكرر, والممل, والذي في كثير من الأحيان لا يستحق حتى تصديقه من المشتغلين فيه والمسيرين لا أدواره والمؤججين لناره , بحيث تبدوا الصوره و فيها قدر كبير من الشذوذ , والانفصام , والرغبة في تدمير الذات الوطنية هكذا بلا معنى وهكذا بلا ثمن .
الحالة الفلسطينية الراهنة:
تشكل نموذجا يستحق الدراسة لمأزق المثقفين , حتى لو كان هؤلاء المثقفين يشتغلون بالسياسة , وينتجون الأفكار , ولكن أفكارهم تموت وهي في مراقدها , ولا تتحول إلى أفعال ذات خصوصيات تحيط بالوضع الفلسطيني !
بل الذي يسيطر هو الفوضى , وإنتاج الفوضى بأشكال متعددة أخطرها الهروب وأداره الظهر لقوه الحقائق لمجرد أن هذه الحقا ثق لا تأتي على هوى المأجورون لتأجيج نار الفتنه من ألعامه في الازقه والحواري وحتى الذين يؤججون نيران السجال السياسي لا لشيء سوى إن يبقى الوضع على حاله , بحيرة من الوحل يغرق بها الجميع .
وأريد هنا أن اذكر ببعض الملاحظات الرئيسية التي يبدوا فيها الوعي الفلسطيني خارج الميدان, ويبدوا فيها الواقع الفلسطيني
خارج الاراده الوطنية
ولنبدأ بحوادث إطلاق الصواريخ من قطاع غزه , النموذج الأقسى للضحية , وما أدت اله هذه الصواريخ الفلسطينية من وقوع عشرات الجرحى من الجنود حسب المصادر الاسرائيليه التي لا يمكننا نفيها او تأكيدها , حيث الصواريخ نفسها تحولت منذ فتره ليست بالقصيرة إلى واحده من أهم أدوات إسرائيل في امتلاك الحق
في مجال الفعل الذي تنفذه في الساحة الفلسطينية , هل هو فعل سياسي تراعي فيه علاقاتها وخلافاتها وإدارتها لملفات الرأي العام الداخلي والخارجي !
أم انه فعل استخباراتي وامني صرف , يؤدي إلى نفس النتائج ولكن بثمن رخيص جدا !!
أم انه عمل عسكري بالشروط الموضوعية للعمل العسكري ؟
ماهي حقيقة القرار الذي اتخذته إسرائيل ؟
ولماذا اتخذت هذا النوع من القرار ؟
وماذا نفعل نحن كطرف فلسطيني متعدد ومتناقض الرؤى في هذا الموضوع ؟
ومثال آخر:
فإن الوضع الاقتصادي، والبنية التحتية، وعناصر تسيير الحياة اليومية تكاد تصل إلى حدود الكارثة في قطاع غزة، فالحصار ينفذ بطريقة قاسية رغم أن الحديث عنه يتم بنفس الطرق التقليدية السابقة، الحصار يخنق الوضع الاقتصادي، والحصار يجعل قطاع الإنشاءات والبناء على حافة الهاوية، بعض الشوارع الرئيسية في قطاع غزة المجمد العمل فيها إذا لحقها الشتاء ستتحول إلى أودية ومجاري وسيول!!! وبعض مواقع الصرف الصحي في عدة مواقع في قطاع غزة يمكن أن تتكرر على شاكلة ما حدث في القرية اليدوية في منطقة بيت لاهيا شمال قطاع غزة!!! وبعض مضخات المياه التي بواسطتها تصل المياه إلى المناطق، والى الأبراج السكنية مهددة بالتوقف بسبب الحصار المفروض على قطع الغيار!!! وهناك قائمة طويلة على هذا المستوى، ولكن السجال السياسي ما يزال يدار بنفس الطريقة، ووظيفة هذا السجال هي أن تتحول إلى ستار يختبئ وراءه الجميع!!!
ومثال أخير:
وهو أن الانقسام الداخلي السياسي والإداري والجغرافي الذي وقع بسبب انقلاب حماس، تحدثت عنه إسرائيل علنا وعلى رؤوس الأشهاد انه احد أدواتها المعتمدة لتخفيض سقف التوقعات السياسية سواء في إطار المؤتمر الدولي الذي دعت إليه الولايات المتحدة في نوفمبر القادم!!!
وعلى صعيد أي حراك سياسي ضروري لنا للخروج من الجمود الواقع منذ سنوات!!! فماذا كان رد الفعل الفلسطيني على استثمار إسرائيل لارتباك الوضع الداخلي؟؟؟ والجواب لا شيء مع أن المفروض بداهة أن تقوم الأحداث الفلسطينية بسحب هذه الورقة الهامة من يد إسرائيل، وذلك عن طريق إنهاء الانقلاب وكل مفاعيله وفتح الأبواب بمبادرات شجاعة لاستعادة الحالة الطبيعية في العلاقات الداخلية الفلسطينية.
لماذا لا يحدث هذا؟؟؟
هذه هي الأسئلة التي يطلقها المثقفون ليل نهار، فيأتي الرد عليها بالمزيد من السجال السياسي المتوتر، وبالمزيد من التنافس على الفشل، ولهذا قلت لكم منذ البداية أن المثقف الفلسطيني يعاني من مأزق خطير على مستوى إنتاج الأفكار، لأن الذين يضعون التفاصيل اليومية على الأرض لا يحبون الأسئلة، ولا ينتمون للآفاق المفتوحة.
#فاطمه_قاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟