فاطمه قاسم
الحوار المتمدن-العدد: 1973 - 2007 / 7 / 11 - 10:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أمامنا طريقين لا ثالث لهما ومطلوب أن نحدد خيارنا, طريق السلامة أم طريق الحسرة والندامة, كان لا بد أن أبدا مقالتي بهذه الجملة, لأنها كتبت تحت عنوان لا وقت للبكاء,
هذا هو الخيار الصعب الذي يواجهه الفلسطينيون كشعب وقضيه وكيان ومشروع وطني , حيث انتهت الغيبوبه التي اصابت كل من حضر المشهد الأخير , وكما يقول المثل الشعبي " راحت السكرة , واجث الفكرة , واستفاق الفلسطينيون من هول الصدمة القاسية التي حدثت قبل أكثر من ثلاثة أسابيع ,ليكتشف حجم الخسارة التي لحقت بهم , وحجم المساه الكارثيه التي تنتظرهم , إذا لم يستطيعوا النهوض من بين الانقاد , ويتحرروا من قوه الصخب والضجيج , وان يحاولوا استعاده وعيهم وإرادتهم المضطربة , وفوضاهم المؤدية إلى كارثة وطنيه,
فان المبررات التي تقال لتغطيه ما حدث لم تعد مقبولة بل هي تشابه إلى حد كبير أوراق الصيف الجافة التي تتساقط عند تعرضها للرياح. لان النصر الذي توهمه البعض يتحول بسرعة كبيره إلى عبء ثقيل من الصعب تحمله والتعامل معه ,لان هذا العالم المتآمر أصلا من حولنا سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي , لم يقرا صوره ماحدث سوى أنها تأكيد جديد على أننا شعب زائد عن الحاجة , وأننا بفعل ما اقترفته أيدينا هبطنا من مستوى شعب له حقوق وطنيه وسياسيه إلى مجرد سكان لدينا مشاكل إنسانيه ليس إلا !
وبما أن هذه الرؤى السياسية المعادية لشعبنا كانت دائما موجودة , حتى وان كانت نائمة في الأدراج والاروقه ,إلا أن شعبنا يستفيق من هول الصدمة على صوت الحقيقة , والحقيقة تطالبنا بان نتحرر من موجه الجدل والسجال السلبي ,وان نكسر جدران ما يسمى بالأمر الواقع , وتحطيم نظريه ومعادله الغالب والمغلوب , وبرفض الاعتراف بنتائج ما حدث , والبحث عن وسائل ونوافذ وطنيه مفتوحة في الأفق المغلق , وعن حلول ممكنه في ارض وزمن المستحيل , فها هي الأقلام المستنيرة والحوارات والندوات تتوالى , ولا بد أن تستمر, والصيغ المتعددة يتم اقتراحها , والمبادرات تنبثق من قسوة الشعور بالجرح , واسئله كثيرة تعلن عن نفسها , كيف نكسر عنق الزجاجة , كيف ننهض من الحفرة التي صنعها أعداء وجودنا وقضيتنا , كيف نسترد حيوية الذات الوطنية بعد أن وجهنا إليها اقسي الطعنات , عبر ما سمي بالحسم العسكري , والخطوة الاستباقيه والعملية العسكرية الاضطرارية , وجميعنا يعرف أنها ماخوذه من قاموس ولغة الأعداء .
ممن ننتظر الحل ؟
من العواصم العربية , أم من الرهانات الاقليميه , أو التحركات الدولية أم أنها من ضرورياتنا الوطنية بعد أن تصفوا من رهانات الوهم وشطحات الجنون الغير مسبوق؟
ثمة من سيقول , لقد تأخر الوقت , وأصبحنا أسرى للأخر , سواء التجاذبات الاقليميه أو المصالح الدولية , وهناك من سيقول ننتظر من سيقدم لنا هديه مجانية للخروج من المحنه والمأزق ؟
إذ لم نكن نحن مؤهلين لذلك أصلا ! وثمة من يقول أن شعبنا الفلسطيني حافظ على وحدته حتى قبل أن تتحقق وحده الأرض, وحافظ على وحده المشروع الوطني حتى قبل أن يتمكن من زرعه واقعيا في الأرض والوطن , وانه لاخوف من الوصول إلى النهاية .
وما دام هذا الشعب قد استطاع في الماضي أن يعاكس شروط موته وان يخالف ضغوط تراجعه وانكفائه وان ينهض بقوه الاراده حين كانت حسابات العقل والسياسة غارقة في الإحباط
لا اعرف هل هذا الكلام شبيه إلى حد ما بشطحات الصوفيين , وأحلام السابحين خارج أسوار الحقيقة ؟
ربما ولكن الأمل في حياه الفلسطينيين كان دائما اكبر من اليأس, والألم صنع ثوره المستحيل, وفجر انتفاضه الحجارة واهتدى إلى طريق الوطن عائدا من السفن التي أخذتنا إلى ابعد المنافي.
هذه هي الحقائق الفلسطينية , لان قضيتنا أعمق وأوسع وأعظم من أن يضعها احد في جيبه أو أن يهديها إلى الآخرين , إنها قضيه كبرى ومعقده متداخلة إلى الحد التي دائما تكون قادرة على إنتاج نفسها بتجاوز للحسابات النمطية والفئوية ,إنها قضيه شعب سرعان ما يسترد ذاته ووعيه وحلمه وهدفه حتى بعد أن يكون تعرض للضربات القاسية سواء بيد أعدائه أو بيد بعض أبنائه التائهين .
إننا ننظر اليوم إلى الشرعية شرعيتنا الوطنية لكل الشعب الفلسطيني بكامل فئاته, لكي نستظل بظلها, ونحتكم إلى معاييرها, لان الشرعية وحدها هي التي ستنقذنا من براثن أعدائنا ومن براثن الذين يستخدمون قضيتنا في تجاذبانهم, وتنقذنا حتى من أخطائنا مهما كبرت.
هناك رفض وادانه لما حدث , وهناك براءة مما حدث , وهناك إصرار فلسطيني أن لا يسمح بالانسياق وراء المجادلة والتراشق السلبي لتبرير ما حدث وهذا يشمل الجميع بلا استثناء ,
فعلينا أن لا نغرق في دموع بكائنا على ما اقترفتاه وما اقترفته أيدينا بحق شعبنا وقضيتنا , وعلينا الاعتراف بالخطأ لان الاعتراف بالخطأ الوطني ليس فقط فضيلة بل هو قمة الانتماء الوطني , إزاء هذا الإصرار على المحاولة , من اجل أن نضع أقدامنا على الطريق الصحيح من جديد .
#فاطمه_قاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟