|
عندما يمنعون التجوّل !!!!!!!
خلدون جاويد
الحوار المتمدن-العدد: 2002 - 2007 / 8 / 9 - 06:11
المحور:
الادب والفن
عندما يمنعون التجول يرتعش القلبُ ، روحي تغادرني لعناق النوارس في نهر دجلة َ، حيث المساءات ميتة ٌ والأغاني سكوت ٌ مرير ٌ ، دبيب النسيم ، ووحشة ُ أطياف ِ بغدادَ عَبْر العهود ، الوجوه الحبيبة تنتابني وهْي َ تنساب في الحلم فوق الجسور ، النخيل أراه على جرحه يتوكأ بين ضفاف الرصافة ملتويَ الهام يبكي ، وتحضنه بالنواح الطيور ، أخاف أخاف على الكرخ ... وكل مها في الطريقْ ... على كل جنح فراشة ْ ، على كلّ رفة ِعصفور ْ. حنيني ، بكائي الى كف ّ امي التي ترتعشْ وهي تقفل نافذة ً ، على كل طير يغطي بجنحِهِ عشْ ، وأخشى على الضفتين ، وكل شراع ٍ رخي ّ يغني السلام َ،على كل حبة رمل ٍ وقطرة ماء ٍٍ ووردة غصن وسعفة نخل ٍ وبيض حمامْ . نعم عندما يمنعون التجول يعوي الأزيز وتأوي الى حفرة ٍ نملة ٌ واجفة ْ ، وتلوي الجبين على عنق جارتها فلّة ٌ نازفة ْ. وينتشر الصمت عبر الأزقة مثل الأفاعي ، ويهبط ليل الأفاعي ، وأخشى على كلّ إمرأة في مهب الجراحْ فقد تُستباح ْ !، الذئاب تدورْ ، ومن أين تسمع صرخة شحرورْ ، وكل المسالك مغلقة ٌ والسماوات سور ْ . وسبع ٌ وعشرون مليون قابيل – هابيل يحنو على بعضِهِ بالخناجرْ ، وكم من أخ ٍ قاتل ٍ في الليالي أخاهْ ، وكم من دموع أضاءت وكم شمعة ٍ في الدياجير ضاعت. بلى ياعراق الجراح طريقك بالدمّ ِ عامرْ ، وجوريّك الأحمر الغض بالدمع زاهر ْ ، وأنت المسافر في بحر هم ٍ وغم ْ، وانت الذي علموّك بأن الحضارة طعن الخناجر ، واغتيال رفاق الطريق وقتل الحمائم والجار ، وسلب الغريب بوضح النهار ْ . بلى كلما يمنعون التجول يسقط قلبي وأغدو رماد ْ ، أموت فهذا اذن موسم ٌ للحصاد وقتل العباد وحرق البلاد ْ! سلاما وبردا على وطن ٍ - وردة ٍ في طريق المجرّة ، مرفوعة ٍ بالأهلة ِ مرسومة ٍ بشعاع القمرْ . سلاما على كل ّ حي ّ ٍ فقيد ٍ ! واُمّ ِ شهيد ٍ ، على كلّ عين ٍ بكت ْ، وروح عراقية اُزهقت ، ونافذة بالردى اُوصِدَت ْ . وحسب العراق الذبيح بأن ينتضي واقفا ويمضي ولوْ زاحفا ً حيث لاقيصر ٌ لامسيح ْ ، ولاحائط ٌ للدموع ولاقبة للأسى أو ضريح . سيمضي العراق فسيحا ً كما روضة ٌ في الفضاء ، مباهجها للملائك ِ لا للطغاة ، وأحلامها بسمة الامهات ، ومن تحت أقدامهن جنان تسيل بأحلى نهار وأنهار ْ . سيمضي خليا ً من القاتلين عراق الفضاءْ . سيغدو فدى الرافدين السنى والسناء . ويبقى كبيرا ً على حقدهم والدماءْ ، عراق ٌسينثر للشعب سبعا وعشرين مليون وردة ْ ويختار بيضاء ! حبيبي عراق الندى والنسيم تجوّل ْ ! برغم الرماح ورغم الزمان الملثم ، تحدّ الملغّم ، قاوم ْ تقدم ْ . انت الذي تسفح النور فوق المراقد ، انت النذور ، الشموع ، الشمعدان ، ماء الحياة ، تقدم الى ذاتك العبقرية حيث مهب النسور، وحيث الذرى والسفوح وفوح الزهور ونوروز يمتد بالمجد حتى نواعير جيكور . حبيبي عراق الأغاني توحّد وكن بلسما للجروح ، فماعاد يجديك قطع النحور وسفك البدور وأنت الذي تتغنى بدار السلام، وترسم غصن المحبة فوق شفاه الحمام ، ترفق ْ بأبنائك العاشقين ، اعتصم بالحنان بأدمع اُم الشهيد ، ولاتتفرق ! فكم من شريد يحن وكم من جريح يئن ، وكم من زمان طويلْ ، العراقي ُ فيه رديف البكا والعويل . ترفق بذاتك أنت الجميل ! تشيّد ْ ولاتتهدمْ. حبيبي عراق التحزّب ، لاتحتجبْ في الكهوف ، التكايا ، ولاتتفرق شلل ْ ! ولاتتنابز ملل ! وكن مثل قنديلْ ، حسنا ً يضيئُ على الناس ، كل البرايا ، فكل الذين ابتلوا بالرماح وسفك الجراح سبايا ، وكل الذين يذوقون جمر الحروب ضحايا . ترفق ، قليلا ترفق ، وعد للشجرْ ، لظلال النخيل ، لأحلى الأغاني لأشهى المواويل ، عد للضفاف الحصاد ، المداخن وهي تمد الرغيف الجميل لأغلى الصبايا، تأمل قليلاً بما صار أو دارْ . حدق أمامك واقرأ كتاب الضفاف ، ونهر الزمان ، وشمس السنابل واستلهم الحكمة الغالية ْ بأن المحبة أبقى وأجسادنا بالية ْ وان البحار تجفُ وان الجبال الى هاوية ْ.
******
#خلدون_جاويد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصيدة مهداة الى شاعر غزلي في زمن الموت
-
نازك الملائكة نجمة خالدة في سماء الحقيقة
-
المزيّفون
-
فريق المنى والمجد
-
افرح ياعراق افرح
-
-- ليت للبراق عينا فترى --
-
- - أضحى التنائي بديلا من تدانينا - -
-
ألآ هبي بدمعك فاصبحيني
-
شهيد ٌ يرثي شهيدا ً
-
علي الوردي والشقراء
-
فناء وفناء وفناء
-
إنتباه لطرائق الكتابة رجاء ً
-
تسويغات أنيسة لتهديم كنيسة
-
لوحات مؤتلقة للروائي واسيني الأعرج
-
عراق الحلم
-
التنبيهات السبعة وقصائد اخرى
-
- - أنا ابن ُ دجلة َ معروف ٌ بها أدبي - -
-
اسطورة السيف والتأويل التحرري
-
- يقولون ليلى في العراق مريضة -
-
عاش القتيل ومات القاتل
المزيد.....
-
أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202
...
-
الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا
...
-
متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا
...
-
فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد
...
-
رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر
...
-
تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ
...
-
مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من
...
-
فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي
...
-
“ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام
...
-
محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|