من أجل حل دمقراطي حقيقي للصراع الداخلي ولبدء عملية سياسية شاملة


بسام الصالحي
الحوار المتمدن - العدد: 1802 - 2007 / 1 / 21 - 12:54
المحور: القضية الفلسطينية     

المحافظة على أولوية أهداف التحرر الوطني
من أجل حل دمقراطي حقيقي للصراع الداخلي ولبدء عملية سياسية شاملة
تشهد الساحة الفلسطينية حالة استعصاء كبيرة تهدد القضية الفلسطينية برمتها ولا يمكن السماح بإستمرارها، أو بحلها بآليات الصدام الداخلي، تمهيداً لإنطلاق عملية سياسية حقيقية وشاملة .
إن هذه العملية لا تحققها الإشتراطات الأميركية- الاسرائيلية على الشاكلة التي عرضتها فيها وزيرة الخارجية رايس، ولا من خلال مشروع الدولة ذات الحدود المؤقتة، كحصيلة للمفاوضات او كحصيلة للهدنة.
إن الدولة بهذا المفهوم ستكرس الاحتلال وتكافيء سياسة الابارتهايد، اما عملية السلام الحقيقية فيجب أن تستند الى الضغط من اجل جدول زمني واضح للانسحاب الاسرائيلي وانهاء الاحتلال واقامة الدولة المستقلة على كامل الاراضي المحتلة عام 1967، والحل العادل لقضية اللاجئين تنفيذاً للقرار 194.
غير إن مواجهة الاستعصاء الفعلي في الساحة الفلسطينية يتطلب ارادة لمعالجة الاسباب الحقيقية لهذه الحالة، والتي يمكن تلخيصها في التالي:
1. عدم احترام نتائج الانتخابات الفلسطينية والتعامل الخارجي الظالم هذه النتائج، بحصار الشعب الفلسطيني ومعاقبته على خياراته الديمقراطية.
2. غياب المعالجة الواقعية لاستحقاقات الواقع السياسي المحلي والإقليمي والدولي، بين النزعة الانعزالية التي ترفض شكل التلاقي في نقطة التوازن بين المصالح الوطنية والشرعيات الدولية والعربية، وبين النزعة المبالغة والاعتمادية على الرؤية الأمريكية لحل الصراع والتي دأبت الادارة الأميركية على تكييفها مع الموقف الاسرائيلي، والتغطية على مواصلة اسرائيل لسياستها العدوانية ورفض إعطاء أية فرصة حقيقية لعملية سياسية تغير من حالة الشك والإحباط الفلسطيني تجاه عملية السلام ، وآليات معاودتها بنفس الشاكلة في حالة استئنافها.
3. عدم احترام قواعد وأسس النظام السياسي الفلسطيني الديمقراطي والتي تقوم على الالتزام الصارم بالقانون الأساسي ومجمل القوانين والتشريعات المعتمدة في كافة المجالات بما فيها قانون الخدمة المدنية وغيره، بالإضافة إلى الالتزام الصارم بفصل السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.
4. الصراع الواضح على التمثيل السياسي للشعب الفلسطيني والذي تمثله منظمة التحرير الفلسطينية والمراوحة بين آليات هذا الصراع تارة بنفي صفة التمثيل عن المنظمة وتارة أخرى في محاولة فرض رؤية محددة لشكل تفعيلها وتطويرها، وفي الجانب الآخر استمرار وضع المنظمة على ما هو عليه.
5. غياب الضوابط لآليات الصراع الداخلي الأمر الذي تمخض عنه استخدام العنف والسلاح وتجاوز القانون وأدى إلى الاستقواء بالعلاقات الخارجية الإقليمية والدولية من قبل جميع الأطراف في هذا الصراع، وتجاوز هذا الصراع لاولويات الشعب الفلسطيني القائمة على الصراع ضد الاحتلال والحفاظ على العملية الديمقراطية والاهتمام بمصالح وقضايا الجماهير.
6. الإهمال الواضح لمصالح الجماهير وقضاياها وأولوياتها في الصمود كشرط حاسم لكسب معركة النضال الوطني، وفي إطار هذا الإهمال التراجع الواضح عن مراعاة احتياجات وخدمات الجمهور الذي يتطلع لتلبية مصالحه في الامن والاقتصاد والصحة والتعليم وغير ذلك من الخدمات.
إن حصيلة وميدان صراع الأشهر الماضية أدى إلى تراجع متزايد وإلى إخفاق الحوار الوطني في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية المنشودة، كما تم إجهاض محاولة تشكيل حكومة انتقالية غير سياسية من الكفاءات المستقلة، ويستمر إخفاق حماس في الحكم بصورة منفردة مع مخاوف تزايد التعديات على قواعد النظام السياسي في هذا الإطار.
إن هذا الاستعصاء يتطلب معالجة جذرية تستند إلى الأسس التالية:
1. المحافظة على أولوية أهداف التحرر الوطني وحسم الجدل السياسي الداخلي لصالح صيغة فلسطينية سياسية موحدة بمرجعية منظمة التحرير الفلسطينية والعمل على معالجة ملفها بصورة توافقية وديمقراطية.
2. احترام العملية الديمقراطية وتعزيزها، واحترام نتائجها، ورفض محاولات إجهاض التجربة الديمقراطية الفلسطينية بالحصار الأمريكي الإسرائيلي أو غيره، ورفض مبدأ معاقبة الشعب على خياره الديمقراطي، كذلك رفض الآليات غير الديمقراطية في الصراع الداخلي من خلال استخفاف الأكثرية بقواعد وأسس النظام السياسي أو مسعى الأقلية لتغيير نتائج العملية الديمقراطية بأي ثمن.
3. تعزيز آليات الحوار والتوافق وتوسيع مشاركة الشعب والجماهير في حسم الخيارات السياسية والتمثيلية للشعب الفلسطيني وفي حسم قضايا الاختلاف ونبذ كل محاولات استخدام العنف والقوة أو الإقصاء كآليات لإدارة هذا الصراع.
وبناءً على ذلك تزداد الحاجة لتوسيع المشاركة الجماهيرية لحماية السلم الأهلي ومنع الانزلاق نحو الحرب الأهلية، وكذلك لبناء تيار وطني ديمقراطي عريض من أجل تحقيق القضايا التالية:

أولاً: البدء الفوري بمعالجة ملف منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ومرجعيته السياسية من خلال:
1. البدء بإجراء انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية على أساس التمثيل النسبي الكامل، وذلك خلال مدة أقصاها عام واحد.
2. تمثيل كافة القوى الفلسطينية في المجلس الوطني الفلسطيني الجديد بنسبة متفق عليها وبما لا يزيد عن 10% وبالتساوي لكافة الفصائل.لضمان الصيغة الائتلافية لمنظمة التحرير الفلسطينية الى جانب صيغة الانتخاب الديموقراطي.
3. استكمال عضوية المجلس الوطني الفلسطيني من الخارج على نفس قاعدة التمثيل والانتخاب أينما أمكن في الشتات أو باعتماد ذات النتائج الإجمالية للمجلس الوطني في الأراضي الفلسطينية، من أجل استكمال تشكيلة المجلس الوطني.وبالنسب التي يتم التوافق عليها بين الداخل والخارج.
4. تتوافق اللجنة العليا التي اتفق عليها في حوار القاهرة على موعد إجراء الانتخابات في غضون عام واحد وللجنة التنفيذية في حال فشل ذلك الإعلان عن موعد هذه الانتخابات.
5. برنامج منظمة التحرير السياسي هو برنامج أية حكومة فلسطينية.
ثانياً: تكريس الجهد لإنجاح استئناف الحوار الذي اتفق عليه من أجل ضمان الالتزام بقواعد وأسس النظام السياسي الفلسطيني وعدم السماح بأي خرق لها، وفي هذا الإطار يستمر الحوار لتشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطيني خلال سقف زمني محدد.
ثالثاً: الحكومة الفلسطينية الراهنة أو حكومة التوافق الوطني لها الحق على كافة القوى والأطر والمؤسسات بالتضامن معها من أجل كسر الحصار ورفض العقوبات، وعليها واجب التزامات الحكم اتجاه المواطنين وخدماتهم وحقوقهم وأمنهم واحترام القوانين والنظم وقواعد النظام السياسي الديمقراطي.
رابعاً: من الضروري تعزيز هذا التوجه بدعم كافة الأشقاء والاطراف الدولية لتنفيذ هذه العملية الديمقراطية التي يمكنها الى جانب تعزيز وحدة الشعب الفلسطيني توفير مقومات انخراط فلسطيني فعلي في عملية سلام جادة على اساس عقد مؤتمر دولي جديد للسلام وذلك لتطبيق قرارات الأمم المتحدة بإنهاء الاحتلال وتأمين حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة غير القابلة للتصرف.