النعجة بنت المطية


حسين علوان حسين
الحوار المتمدن - العدد: 7766 - 2023 / 10 / 16 - 16:47
المحور: الادب والفن     

تحدث زيد بن عبيد لضيفه فقال: إسمع هذه الحكاية، يا ضيف الله:
"سأل الإبن أباه يوماً عن أصل وفصل "النعجة بنت الحمارة" التي تهاجم بعدوانية وشراسة النازيين المبيدين للشعوب موقعه الالكتروني، فرد عليه الأب قائلاً:
- أي بني، هذه النعجة بنت الحمارة النازية المبيدة للشعوب قصتها طويلة جدًا، لكن مختصرها هو:
في عام 1944، اكتشف أبو ناجي – في لحظة إلهام وتجلّي عدوانية نموذجية عند الفاشية الغربية – أن سكان الأراضي المقدسة التي تحتلها جيوشه يقاومون احتلاله بالاعتصامات والاضرابات العامة وبتنظيم كتائب المقاومة، لذا فقد برزت هناك حاجة ماسة لإيجاد الضد الذي يتكفل بقمع مقاومتهم بإبادتهم وتهجيرهم بدلاً من جلب جنوده المشتبكين بمعارك مستعرة في بلدان أخرى. عندها رأى أن بإمكانه تشكيل جيش نازي جرار فتّاك من قطعان معازل الحمير الوحشية الجرباء عبر تركيب المدافع الرشاشة على ظهورها، ومن ثم هدِّها زرافات ووحداناً على السكان الأصليين لقرى الأراضي المقدسة المحتلة لتفتك فتكاً ذريعاً بالأطفال والنساء والعجزة العزّل، فينزح بقية السكان من أراض آبائهم وأجدادهم، وتصبح موطناً للحمير الوحشية الجرباء التي ستتحكم بعدها بمقدرات المنطقة، فيخلو الجو لأبي ناجي وينسحب، ويوكّلها عنه من بعده على شن بحروب الإنابة المهلكة في المنطقة.
لكن أبا ناجي سرعان ما واجه العديد من المصاعب في تنفيذ هذه الخطة. أول مشكلة كانت تتمثل بكيفية توقيت اطلاق النار من طرف الحمير الوحشية الجرباء بمدافعهم الرشاشة على الأطفال والنساء والبشر العزل. وبعد البحث والتقصي، اكتشف أبو ناجي أن إست الحمار الوحشي الأجرب تتقلص بقوة حال رؤيته للبشر. وهكذا، فقد تم حل المشكلة الأولى هذه بواسطة ربط اطلاق أزند المدافع الرشاشة المحمولة على ظهورها بتقلص إستات تلك الحمير الوحشية الجرباء حال مشاهدتها للبشر. المشكلة الثانية كانت في النقص الحاد الحاصل في عديد الحمير الوحشية الجرباء المطلوبة لإبادة السكان الأصليين، لذا فقد تكفل أبو ناجي وقوّاده باستيراد الحمير الوحشية الجرباء من بلدان ذوي الأعين الزرق للتعويض عن هذ النقص. المشكلة الثالثة كانت أن العالم لم يعرف من قبل دولة للحمير- ناهيك عن دولة للحمير الجرباء والوحشية، وهو يستهجن تسلط الحمير على مقدرات البشر، لأن المعروف أن البشر هم الذين يركبون الحمير وليس بالعكس – فما بالك بدولة الحمير الوحشية الجرباء التي تبيد بإستاتها البشر العزل؟ ولحل هذه المشكلة العويصة، فقد استبدل أبو ناجي اسم الحمير الوحشية الجرباء باسم: "الحيوانات البشرية". لكن مجرد استبدال هذا الاسم لم يستطع لوحده تحويل الحمر الوحشية الجرباء المقرفة إلى بشر محبوبين. عندها، لجأ أبو ناجي الفهيمة الى التغني بالأعضاء التناسلية للإناث وذكور الحمير الوحشية الجرباء عند عليّة القوم في بلدان الأعين الزرق على وجه الخصوص والحصر، فراحت ذكور واناث الحمير الوحشية الجرباء تتناكح جماعياً مع نساء ورجال عليّة القوم أولئك على قدم وساق، فتحولت الحمير الوحشية الجرباء من مخلوقات مستحقرة ومعزولة إلى مخلوقات أثيرة بين ظهرانيهم، رغم أن وظيفتها الأساسية بقيت هي الاشتغال كمخلوقات مبيدة بإستاتها للبشر في الأراضي المقدسة. أما مشكلة تبرير اغتصاب الأراضي المقدسة من سكانها فقد جرى حلها بالخديعة عبر فبركة أبو ناجي لفرية تصنيع شجرة عائلة جديدة لقطعان الحمر الوحشية الجرباء بإلحاقها برجل عتيق من وادي الرافدين القديم كان غريباً عنها ويحتقرها، ودأب على التبول عليها لتشريفها. وهكذا، فقد ألحقوا الحمير الوحشية الجرباء بنسبه زوراً وبهتاناً – باعتبار أن الحيوانات الآدمية لابد أن يكون لها جَدّاً أعلى من البشر، وأن هذا الجَدّ قد اشترى البلدان كلها طولاً وعرضاً بالدراهم -التي لم يكن يملك أي درهم منها- من ربه الذي باعها له، لأن هذا الرب كان من صنف الرب الرأسمالي القح، وأن المُلك هو لرب رأس المال وحده.
بعد اكتمال تنفيذ خطة أبو ناجي، تم تأسيس عشرات عصابات قطعان الحمر الوحشية النازية الجرباء المدججة بالمدافع الرشاشة التي اقترفت بإستاتها آلاف المجازر وهجّرت ملايين البشر من أراضيهم من عام 1944 - إلى ما شاء أبو ناجي. وسرعان ما انسحبت قوات أبو ناجي من الأراضي المقدسة، وتم تدشين الدولة المصطنعة للحمير الوحشية الجرباء فيها، فأصبح قادة قطعان هذه العصابات الاجرامية المبيدة للبشر جنرالات وقادة احزاب ووزراء ومسؤولين كبار في دولة الحمير الوحشية الجرباء الجديدة. كما تم استبدال مدافعها الرشاشة المربوطة بإستاتها بالدبابات والمدافع والطائرات والصواريخ والقنابل النووية، التي زودها أبو ناجي بها تباعاً."
وواصل الأب روايته بالقول:
-" الذي حصل هو أن دولة الحمير الوحشية الجرباء هذه قد ربًّت كباشاً خاصة من تضريب الخنازير بالماعز، درّبتها على التسافد مع إناثها؛ فإن ولدت الأتان ذكراً، سُمّي بالكبش إبن المطي. أما إذا ولدت أنثى، فتسمى بالنعجة بنت المطية. كما تم تدريب هذا النسل الجديد ليس فقط على اقتراف جرائم الإبادات الجماعية ضد البشر بإستاته، بل وكذلك على تبرير هذه الجرائم النازية المريعة المبيدة للشعوب بالأضاليل والأكاذيب، ومهاجمة من يستنكرها من البشر الأحرار. لذا ستجد اليوم العديد من هذا النوع الجديد من الحيوانات وقد صدَّقت ليس فقط فرية أبا ناجي بكونها حيوانات آدمية، بل وكذلك تعطي نفسها الحق المطلق بإبادة البشر نازياً، وبمهاجمة أسيادها البشر الأحرار على وسائل التواصل الاجتماعي بإطلاق اسمها الكاذب: "حيوانات بشرية" عليهم، مثلما فعل وزير دفاعها - المهزومة جيوشه الجرارة شر هزيمة في التاريخ من طرف حفنة من الرجال الحقيقيين - أمام أنظار وأسماع العالم أجمع."
- هل عرفت الآن قصة النعجة بنت المطية الآن، يا ولدي؟
- فهمت، يا أبتي. ولكن كيف أتصرف مع عدوانها الشرس ضدي؟
- تبوّل عليها كي تشرِّفها، مثلما كان يفعل جَدّك الرافديني العتيق ذاك!
يقول الضيف:
- بعد أن سمعت هذه الحكاية، عرفت لأول مرة ما هو أصل وفصل الحيوانات البشرية. ولكن هل أن هذه هي الحقيقة العارية، أم أنها محض خيال؟ ذا أمر محيّر فعلاً!