ما معنى أن تكون شيوعيا وتتخذ موقفا من الحرب ؟


امال الحسين
الحوار المتمدن - العدد: 7231 - 2022 / 4 / 27 - 15:41
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

إما أن تكون أو لا تكون ولا وسطية بينهما كما في الفلسفة إما مادية أو مثالية وما بينهما لا أدرية التي تدعي المادية لكن من منطلق مثالي.
العداء الوحيد الذي لا مفر منه في الحرب بأوكرانيا هو ضد سيطرة البرجوازية على خيرات الفقراء، ذلك ما يحكم الصراع في عالم الإمبريالية، أما أن تسيطر الأوليغارشيا الروسية على خيرات الشعوب الروسية ويصرف عنها بوتين النظر ويصدر الحرب إلى الخارج، فذلك يعتبر خدمة للإمبريالية. إن السياسة يا أصحاب الثنائية القطبية لا يمكن أن تسير في خط مستقيم، إنما سيرها يكون لولييا في صراع بين القطبين : قطب البرجوازية القلة القليلة من سكان العالم وجحافل الفقراء التي تعد بالميايير.
إن أي صراع سياسي لا يرتكز على القضاء على الفوارق الطبقية ويركز السلطة في يد قلة من الحكام يتصارعون فيما بينهم على السيطرة على خيرات كوكبنا، إنما يعتبر خيانة لشهداء الحروب الإمبريالية اللصوصية في فلسطين والفيتنام وكوريا وأفغانستان وإيران والعراق ولبنان والصحراء الغربية وإفريقيا وغيرها في عهد ما يسمى القطبين والحرب الباردة، وغض الطرف عن جرائم ما بعد تدمير الاتحاد السوفييتي، الذي بني ب20 مليونا من شهداء روسيا الاتحادية وأوكرانيا وشرق أوروبا وما تلا ذلك من جرائم ما يسمى العولمة، إنما هو بكل وضوح خيانة.
إن تفكيك أوكرانيا التي بناها لينين خلال الحرب الأهلية ضد الحرب الإمبريالية لا يمكن أن يرد أمجاد الاتحاد السوفييتي، بقدر ما يخدم السياسة الاستعمارية الإمبريالية التي ترى في تفكيك الشعوب أرضية لامتداد عمرها القصير. إن الحرب بأوكرانيا لا يصفق لها إلا الجبناء من أشباه المناضلين الذي فشلوا وأفشلوا المشروع التحرري، الذي استشهد من أجله ثوار العالم الذين يعدون بالملايين، استشهدوا وما زالوا يستشهدون اليوم، في حروب لصوصية تقدوها الإمبرياليات المتعددة بقيادات سياسية خونة للطريق الثوري في روسيا والصين وإيران وأمريكا اللاتينية وفلسطين والعراق وسوريا واليمن.
لسنا هنا بسرد تاريخ الثورات العالمية والتجارب الثورية العالمية الحقيقية في زمن الردة الثورية، لأننا نعرف جيدا أننا سننعت بالعدمية والتفكير التقليدي للثورة، نعرف جيدا أن كل المفاهيم الثورية قد تم تمييعها من طرف الإمبريالية وخدامها الانتهازيين المسيطرين على مراكز القرارات السياسية في حفنة من الدولة، التي كانت يوما رائدة في قيادة الثورة الاشتراكية العالمية، نحن نعرف جيدا أن المفاهيم الثوية قد تم مسخها فأصبحت الخيانة مفهوما ثوريا، يتم عبره التصالح مع مجرمي الحرب المضادة بإيران ولبنان وأفغانستان بقيادة الخونة بروسيا والصين وغيرهم من الخونة بمصر والعراق وسوريا واليمن، نعرف جيدا أن الرجعية العربية المدججة بخيرات البلدان العربية من قبيل البترول والغاز والأورانيوم والذهب والماس والفضة، التي وضعت عليها أياديها الوسخة وسخرتها في قتل النساء والأطفال في كل البلدان التي مرت وتمر بها الحروب الإمبريالية اللصوصية، نعرف جيدا أن حفنة من الأوليغارشيات قد تشكلت في كل بلدان العالم وسيطرت على الدول على حساب معاناة الفقراء، بل وعلى حساب جماجم شبابهم في الحروب.
كل ذلك يجعلنا أن نكون ضد الحرب بأوكرانيا ليس لأننا أغبياء لا نفهم في السياسة شيئا كما يحلو لبعض التافهين نعتنا به، نعم نفهم جيدا ما يقع في الكواليس المؤامراتية في جميع الدول وقياداتها الخيانية، والمشتركة في اللعبة الحربية الإمبريالية في جميع مناطق العالم، باسم تشكل القطبين خارج القطب العريض لجماهير العمال والفلاحين الفقراء والمفقرين، هذا القطب العريض الذي لم يقل اليوم كلمته الفصل، حيث هو خارج العملية الاستخباراتية للخونة، وبقدر ما يتعرض لصدمات وتأثيرات القرارات السياسية الخيانية الغربية والشرقية على السواء يتم تصليبه، لهذا نعتبر أنفسنا من صلب هذا القطب العريض، الذي نعرف جيدا أنه يتم تغييبه في هذه العملية القذرة التي تسمى تشكل القطبين عالميا، تغييبه إلا في سفك دماء المحاربين من أبنائه، الذين زج بهم في معارك لن يجني منها آباؤهم وأمهاتهم وأبناؤهم إلا الويلات والضرائب مدى الحياة.
نعم نحن لسنا ضد كل الحروب، إنما نحن ضد الحروب الإمبريالية اللصوصية التي تنتشر في العالم كالفطر على حساب تفقير العمال والفلاحين، نحن مع الحروب الوطنية الثورية التي لن تكون بقرارات سياسية من أعلى الأهرام السياسة المتعفنة، التي يتربع عليها الخونة من أجل التحكم في خيرات البلدان والشعوب المضطهدة، نعم هذا القطب لم يقل كلمته بعد، لكون السياسيين والأيديولوجيين الحزبيين والنقابيين الخونة منغرسين في أوساطه يعرقلون تقرير مصيره عالميا، نعم كل الأحزاب التي تسمى نفسها شيوعية واشتراكية وديمقراطية محنطة اليوم، وذلك ليس من تلقاء نفسها، لكن بإيعاز من قياداتها المتبرجزة التي ضربت فيها الخيانة في الأعماق، نعم نعرف جيدا أنها لا حول لها ولا قوة، لكونها ما زالت مخدرة بما يسمى العولمة والحداثة فأرسلت أبناءها للدراسة في أوكرانيا وأمريكا والدول الأوروبية، اليوم أوكرانيا العزيزة على لينين قائد الثورة الاشتراكية والحرب الوطنية الثورية ضد الحرب الإمبريالية قد أصبحت هي الجحيم، الكل يفر منها كأنها تعيش يوم القيامة التي تنتظرها قيادات إيران وحزب الله وكل القديسين في الكنائس والدير.
نعرف جيدا أن الدين تحول منذ زمان إلى مخدر يتم عبره تمرير جميع السموم التي تجعل الناس في نوم عميق، نعم نعرف جيدا أن القيادات البرجوازية والأوليغارشية بالغرب والشرق تستعمل هذا المخدر، الذي تسميه الرجعية تراثنا مفروض علينا باسم الخصوصية، وتجرعت القيادات كؤوس الطاعة المسمومة، وتظل توزعها على رواد التنظيمات السياسية التي تسيطر عليها، والتي كانت تحسب على الصفوف الثورية إلى جانب الثورة الروسية والصينية والفيتنامية، مدعية أن الأيديولوجية قد تم تجاوزها، في محاولة لإغفالنا عن مناوراتها القذرة لجعلنا نفقد ذاكرتنا التاريخية ونهلل بالعولمة والحداثة، فأصبحت قيادات كل الأحزاب الشيوعية والاشتراكية تؤدي صلواتها بالمساجد والكنائس والدير ساعية وراء ذلك إلى تخدير ما يمكن تخديره من الشعوب، لن نكون معكم ولا مع تصوراتكم الكاذبة، سنبقى وحيدين متشبثين بالحقيقة كل الحقيقة.
نحن مع الحروب الوطنية الثورية وهي حروب ستندلع عندما يستقر الحال بأصحاب القطبين في سواحل بحر الإمبريالية، ويصبحون جزءا من المشكل لا جزءا من حل التناقض بين الإمبريالية وضحاياها جماهير فقراء العالم من العمال والفلاحين، آنذاك يكون الحسم في يد القطب العريض من سكان البلدان المضطهدة جياع العالم الذين تهبون لقضم كل من أكل قسطها من غذائها الضروري لها في الحياة، نحن مع جياع العالم الذين سينتفضون ضد السياسيين والأيديولوجيين البرجوازيين والأوليغارشيا المسيطرين على خيرات العالم.