هبة الشعب المغربي، لماذا ؟ وماذا يجب ؟


امال الحسين
الحوار المتمدن - العدد: 7069 - 2021 / 11 / 6 - 14:46
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

إن كل من يحاول اليوم كتابة شيء يخالف ما تروجه المنابر الإعلامية الإمبريالية إلا ويتم نعته بالسباحة عكس التيار، وما أحوجنا إلى ممارسة هذه الرياضة الصحية التي تكسبنا المناعة ضد سموم الإمبريالية والانتهازية على السواء، حيث لا يمكن السكوت عن الوضع الراكد في صفوف الحركة الماركسية ـ اللينينية التي استسلمت طواعية في جل البلدان العربية لعبة الإمبريالية فيما بات يسمى جائحة 2020، وهي ليست إلا فصلا من فصول النتائج الفظيعة لسيطرة التحالف الاحتكاري العالمي الاقتصادي والسياسي المهيمن منذ سقوط التجربة السوفييتية.
لقد استحالت روسيا والصين إلى امبرياليتين صاعدتين تغذيان الإمبريالية العالمية بواسطة شرايينها التي تمتص ما تبقى من دماء الشعوب المضطهدة بأسيا وإفريقيا، في تكامل تام للعبة السياسية فيما بات يسمى صراع القطبين خدمة للمشاريع الاستعمارية الإمبريالية، وتم تفجير هذه اللعبة السياسية عبر نشر كورونا الفيروس الفتاك، الذي توظفه الإمبريالية اليوم لإرهاب الشعوب والقمع الشامل للحركات الثورية عبر العالم.
لقد صدق العالم أكذوبة الفيروس المنبعث من الطبيعة وأشعرته الإمبريالية كسلاح فتاك، وتتابع حركته المميتة لقمع الشعوب، واضطهاد الفقراء وخاصة منهم والفلاحون الذين سلبت منهم أراضيهم وأصبحوا فقراء يبحثون عن العمل، والعمال الذين امتص الرأسمال المالي الإمبريالي قوة عملهم بالمعامل، المناجم والخدمات، وأنهك صحتهم الجسدية والنفسية بتلوث المدن ونشر الأمراض في صفوفهم، حتى باتوا يسقطون جثثا هامدة بالمستشفيات ودور العجزة وفي منازلهم، ولا من يشيع جنازاتهم وأصبحوا أرقاما تتداولها المنابر الإعلامية الافتراضية.
إنها أكبر مجزرة يعرفها التاريخ المعاصر، وقعت في صفوف الطبقة العاملة التي بنت صرح الشركات الإمبريالية العابرة للقارات، التي راكمت رساميلها المالية في البنوك الإمبريالية، واليوم يتم جمع جثثها في أكياس بلاستيكية في مهرجانات جنائزية رهيبة، أقل ما يمكن القول عنها أنها مساوية.
وجفت العيون من دموعها، فأصبح الموت شيئا عاديا في أعين الأحياء الأموات القابعين في حجرهم، بعد نشر الفيروس الفتاك، عبر ما بات يسمى مناعة القطيع، التي صرح بها كبير الإمبرياليين بإنجلترا وصنوه بأمريكا، قبل بداية المجزرة، ليس كما يدعون أنهم مخطئون، بل هم يعلمون علم اليقين خطورة هذه الحرب القذرة.
ولإتمام مجازرهم في صمت مطبق للشعوب يلجؤون إلى الحجر، قمع الشعوب، من أجل استرجاع أنفاس الرأسمال المالي المنهك بالأزمات طيلة 30 سنة، تم فيها نشر الحروب اللصوصية التقليدية عبر العالم، فأصبح كل الثوريين، وما هم بثوريين، أمام فاجعة مجزرة الطبقة العاملة، يرفعون رايات العزاء عبر العالم.
إن الإمبريالية اليوم ترتب أحوالها، في نادي تحالف اتحادات الاحتكاريين الاقتصاديين والسياسيين، لمواجهة نتائج حربهم القذرة على الشعوب، كعادتهم في كل الحروب الإمبريالية، وبقي الماركسيون اللينينيون يراجعون أسفارهم علهم يجدون هناك جوابا، قيل في إحدى التجارب الثورية السابقة.
ومع هبة الشعب المغربي الرافض لنتائج هذه المجزرة الإمبريالية خرج علينا بعض من يسمون أنفسهم ماركسيون لينينيون ينشرون دروسا في الوعظ والإرشاد وفنون الثورة، في غفلة تامة وجهل تام بأن جماهير العمال والفلاحين لا يمكن انتظار صيحتهم حتى يعبرون عن آلامهم وآمالهم، وكعادة الانتهازيين يقومون عند كل هبة بتفسيرها ونقدنها خاصة في هذا العصر الذي يعج بوسائل الإعلام الافتراضية، في تطبيق و"كفى الله المومنين شر القتال".

وأمام هذه الهبة الشعبية التي تختلف عن نظيراتها التي عرفها المغرب بحكم تشكيلتها الاجتماعية، التي يشكل فيها الشباب والمرأة غير المنظم/ة في الأحزاب والنقابات والجمعيات التي سيطر عليها التحالف الطبقي المسيطر على السياسة والاقتصاد.
وفي ظل سيطرة البرجوازية التجارية التي راكمت أموالا طائلة على حساب التجارة في خيرات بلادنا، والمندمجين في الرأسمال المالي الإمبريالي وعلى رأسهم رئيس الدولة ورئيس الحكومة معا بدون استثناء، خرج الشعب المغربي في هبة شعبية قل نظيرها بعد حجزه طيلة 19 شهرا باسم الحجر الصحي، عانى فيه الفقراء الويلات جراء القمع اليومي المسلط عليهم علانية من طرف أجهزة القمع من سلطات محلية وأعوانها والشرطة والدرك، حتى كذا الكل يعتقد أن سنوات القمع الأسود قد رجعت بشكل أكثر مأساوية.
في ظل هذا القمع الأسود الذي تصفق له الأحزاب الإصلاحية والإدارية التي يترأسها برجوازيون وبرجوازيون صغار ومعهم البيروقراطيات النقابية المتبرجزة، معلنة جميعها بذلك مشاركتها في هذه اللعبة القذرة عبرت عنها في انتخابات 08 شتنبر 2021، التي أسفرت عن حكومة يترأسها الملياردير الوزير السابق لكل شؤون الأرض والبحر والطاقة، عبرت عن سيرها في طريق قمع الشعب المغربي في شهرها الأول بتشريع غير قانوني لما يسمى إجبارية التلقيح وجواز التلقيح أداة تنزع حقوق الإنسان المغربي، النقطة التي أفاضت كأس السياسات الاقتصادية الطبقية الممنهجة طيلة 65 سنة الماضية، عرج على إثر ذلك الشعب المغربي في هبة فريدة من نوعها يوم الأحد 31 أكتوبر 2021.

فهل تكون هذه الهبة نبراسا منيرا لطريق المناضلين التقدميين والديمقراطيين لمراجعة حساباتهم الضيقة السياسية والتنظيمية في الأحزاب والتيارات السياسية المحسوب عليها ؟

سؤال على الجميع الجواب عليه في الواقع الملموس بالنزول إلى الشارع في الصفوف الأمامية للجماهير المحتجين سوم الأحد 07 نونبر 2021، وعلى الماركسيين اللينينيين أن يكونوا حاضرين في هذا الدرس التاريخي ما بعد الحجر/الحجز الصحي.