الاستفتاء بدل الانتخابات


يونس الخشاب
الحوار المتمدن - العدد: 1087 - 2005 / 1 / 23 - 12:32
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق     

بدأتُ بطرح هذا السؤال في الخفاء من باب التمني ، ماذا لو تتحول كل العملية الانتخابية الى تحوير جذري بحيث تنقلب المعادلة ، فعوضأً عن كافة القوائم والاحزاب والجماعات ، ماذا لو تختزل كل تلك البرامج الى اجراء استفتاء شعبي مباشر يصاغ في ثلاثة اسئلة وثلاثة مربعات او اكثرو يمكن للجميع ادراكها ولا تحتاج الى حملات انتخابية ، كما لا تحتاج لان يخفي مرشح ما هويته ، لانه لن يكون هناك من مرشح بالاساس : هل أنت مع بقاء القوات الاجنبية على ارض وطنك ؟هل أنت مع رحيلها ؟هل انت مع وضع جدول زمني للانسحاب ؟.
من الناحية المبدأية تعتبر اية انتخابات مكون من مكونات العملية الديمقراطية ، ولكن ليس كل انتخابات هي أداة شرعية للديمقراطية . فالانتخابات لا يمكن ان تكون شرعية حينما تجرى من قبل قوات احتلال اجنبي لا بارقة امل قريبة برحيلها . وهي لا يمكن ان تكون شرعية حينما تنفذها حكومة معينة بالاساس من قبل قوات الاحتلال العسكري .
نحن نعلم ان الجمعية الوطنية التي يخطط لانتخابها والتي ستكتب دستور البلاد سوف تستمر بالعمل تحت تاثير الاحتلال ولا يمكن نكران تاثير تلك المنظمات الامريكية التي تعمل وراء الكواليس على نتائج الانتخابات ، ولدينا افغانستان كمثل حي ، حيث استطاعت الولايات المتحدة من تامين كافة العملية الانتخابية لصالح مرشحها ( حميد كرزاي ).
ولكن كيف تختلف الانتخابات العراقية المزمع عقدها عن الانتخابات الاخرى والتي سبق وان جرت في بقاع اخرى من العالم تحت الاحتلال ؟ لقد زعمت الامم المتحدة ان انتخابات تيمور الشرقية عام 1999 هي الاخرى سبق وان اجريت تحت الاحتلال وكانت انتخابات ( شرعية ). ومع ان المقارنة لا تصح بين الحالتين لكنه يكفي القول ان الامم المتحدة سبق وان ادانت ومنذ عام 1976 الاحتلال الاندونيسي للجزيرة ودعته بانه احتلال غير شرعي ودعت اندونيسيا الى سحب قواتها من هناك ، الشئ الذي لم تفعله في حالة العراق ، بل بالعكس قامت بشرعنته وشاركت بصورة مباشرة وغير مباشرة في مأزق الشعب العراقي الحالي .واستفتاء عام 1999 في تيمور الشرقية لم يكن لاختيار حكومة دمى تعمل مع استمرار الاحتلال الاندونيسي ، ولكنه كان استفتاءً عاماً مباشراً عن انهاء الاحتلال او استمراره ، خياراً ، لم يمنح للعراقيين ولم يطالب به اي من تلك الاحزاب التي تتعاطى مع الاحتلال وتزعم انها مع خروج الاحتلال .وذلك الاستفتاء كان قد جرى تحت الاشراف الكامل للامم المتحدة وبمساعدة الالاف من عمال الانتخابات وشبكة واسعة من المراقبين الدوليين ، وهو ما كان يجب ان يجري في العراق ولم يحصل.
ولكن اي نوع من الانتخابات يمكن ان تجرى في العراق ؟ وهل ستطالب جمعية وطنية منتخبة من قوى الاحتلال الانسحاب من العراق ؟
ان ما يمكن ان يحدث هو استمرار عمليات العنف والمقاومة وخاصة في المناطق التي اصبح الامريكان يطلقون عليها مناطق السنة . وان حكومة شرعية منتخبة حقاً وبطرق ديمقراطية كانت ستفعل ذلك وتطلب من المحتل الرحيل وانهاء الاحتلال . ولكن بما ان كامل عملية الانتخابات هي غير شرعية فانه من المؤكد ان الحكومة المقبلة لن تطالب بانهاء الاحتلال ( رغم ان بعض الاحزاب تدعي انها تسعى لانهاء الاحتلال ) وان قوة الحكومة المقبلة سوف تستمدها من بقاء الاحتلال وديمومته وليس من مصلحتهم انهاء الاحتلال . غير ان ذلك لن يمنع القوى الخيرة في العالم والحركات المناهضة للحرب من استمرار شجبها للغزو الامريكي واعتبار ما حدث هو خرق للقوانين الدولية بكل المعايير .

يونس الخشاب
كاتب من العراق