غزة: التقييم الاخلاقي البدائي


يونس الخشاب
الحوار المتمدن - العدد: 4533 - 2014 / 8 / 4 - 16:50
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني     

يتفحص الفيلسوف الكندي مايكل نيومان في احدث مواضيعه على التويتر الابعاد الاخلاقية للهجوم الاسرائيلي على غزة .

غزة: التقييم الاخلاقي البدائي

المحاولات ادناه نظرة نظامية قاسية ، عن ما هو صحيح او خطأ اخلاقيا في الحرب على غزة. ليس هناك نقاشا عن القانون الدولي ، لانه يمكن للقوانين ان تكون جيدة او رديئة اخلاقيا ، واذا كان شيئا مايتطابق او لايتطابق مع القانون لايخبرنا الكثير عن ما هو صحيح او خطأ اخلاقيا .
يتكلم الناس كثيرا عن التنوع الاخلاقي غير انه اذا كان هناك حقا معترف به عبر الزمان والمكان فانه حق الدفاع عن النفس , وهذا المفهوم هو مفهوما مركزيا بالنسبة للنزاع في غزة .
لا يحتاج حق الدفاع عن النفس ان ينطبق على على التهديدات المفاجئة والواضحة. لنفترض اننا نعيش في الصحراء ,وانك تحرمني تدريجيا من الماء والذي بدونه لا يستطيع جسدي ان يعمل وانني سوف اقضي نحبي . ان ذلك هو تهديدا لوجودي ، ولي كل الحق ان ادافع عن نفسي ضده .
وما يبيحه لي هذا الحق ان افعله يعتمد على ما هو متوفر لي من خيارات . ومن المحتمل انني مجبر على ان اختار البديل الاقل تدميرا او ايذاءا المتوفر بالنسبة لي . ليس بمقدوري قتلك لمجرد انك تحاول ان تملئ مصرفك للمياه لان ذلك سوف يضع نهاية للتهديد الدائم لي.
هذا الحق عن الدفاع عن النفس عادة ما يخضع للتساؤل. اذا كنت تشكل خطرا مميتا بالنسبة لي ، فان البعض يقول انني لا احتاج ان اجري حسابات لطيفة حول ردة فعلي الاقل دمارا . وعليه فان الخيارات التي تحتاج ان تؤخذ بنظر الاعتبار ، قبل ان اختار خيارا جذريا بشكل ما ، غير مؤكدة .
لنحاول الان ان نطبق هذه العموميات ليس علىسكان غزة ، بل على عموم الفلسطينيين .ان مصائرهم متشابكة لايمكن فصلها عن بعضها البعض. فلن يبدو معقولا ان لاي طرف منهم ان يفترضوا ان تعرض قسما منهم الى الخطر المميت سوف لن ينسحب على بقية الاطراف منهم .
هل يواجه الفلسطينيون خطرا كهذا ؟ يبدو ان الحالة كذلك . ان تجسده الظاهر هو ربما في الاحتلال ، غير ان جذوره تغوص بعيدأ.انها ترتبط بمبادئ انشاء اسرائيل ومؤسساتها .
ان اسرائيل وجدت بمقاصدها ،و كما هو مرسوم لها (كدولة يهودية ). ان الحكومة الاسرائيليةوالاغلبية من سكان اسرائيل ملتزمون التزاما عميقا بهذه الفكرة . وماذا يعني ذلك ؟
(اليهودية ) في هذا السياق تعني تعريفا شبه عنصريا : فاليهود من اي مكان في العالم سواء كانوا يهودا يمارسون شعائر اليهودية ام لا لهم الحق في الحصول على الجنسية الاسرائيلية .ملاحظة القرابة او النسب (اليهودية ) هذه تعتمد في النهاية ما اذا كنت تنحدر من اصول يهودية ام لا . وبما ان هؤلاء الاجداد ربما لم يمارسوا اليهودية كطقوس فان المعيار الضمني يشير الى الميزة او المسحة البيولوجية . ان ذلك يميزها عن معيايير المواطنة التي تتبعها الدول الاخرى والتي تسمح قواعدها ان تمنح حق المواطنة لاولئك المنحدرين من ابوين مبنية على اللغة او مكان الاقامة .
ان النظرية هي جزء مكمل للحقيقة.اسرائيل دولة يهودية بالمعنى الذي ليس له اي علاقة بالدين .ان سياستها في منح الجنسية لمواطنيها تغري وتجتذب الهجرة اليها ضمنا للشروط التي لا علاقة لها بالمعتقد،مكان الولادة ،او اللغة ، فقط للنسب .
هذا بالنسبة( لليهودية ) .ماذا عن الدولة ؟ الدولة ، وفقا لتعاريف العلوم السياسية هو كيان يحتفظ باحتكار العنف في مساحة جغرافية معينة .ذلك يعني ان الدولةلوحدها تقرر كل شئ ، بضمنها من يموت ومن يحيا في المنطقة التي تسيطر عليها .وعليه فان من يسيطر على هذه الدولة فان له السلطة ليقرر من يموت ومن يحيا. عليه فانه في الدولة اليهودية فان اليهود هم اصحاب سلطة الحياة والموت لكل فرد ، سواء كان يهوديا او لم يكن ممن يعيش هناك. وحين تم اختيار اليهود على معايير شبه عنصرية ، فان المبدأ الذي يعمل في الدولة اليهودية هو شئ اقرب الى الهيمنة العنصرية .
وماذا عن غير اليهود الذين يعيشون في اسرائيل او المناطق المحتلة ؟ في اسرائيل ،لا يهم اي من الحقوق يتسلم الفلسطينيون من ما يتمتع به القادة اليهود او ما يتعلق بذلك ، فالناخب الاسرائيلي يتمتع بتطبيق الهيمنة الاسرائيلية في اسرائيل ،الحفاظ على الاكثرية الاسرائيلية .) وبما ان الدولة ملتزمة بالحفاظ على الهيمنة اليهودية فان الدولة اليهودية تلتزم بها ،وعلى غير اليهود ، ايا كان اصلهم ،بالنتيجة ، ان يقبلوا بان حياتهم هي في ايدي يهودية . واليهود هم من يقررون من الذي سيعيش ومن الذي سوف يموت .اما بالنسبة لاؤلئك الفلسطينيين من الذي يعيشون في الاراضي المحتلة فان وضعهم اكثر سوءا. فهم يعيشون تحت السيطرة الكاملة للدولة دون ان يتمتعوا حتى بالقسط الزهيد من حقوقهم كمواطنين اسرائيليين .
هل العيش تحت الحكم الاسرائيلي هو تهديد مميت لغير اليهود ؟ يفترض المرء ان ذلك صحيحا الى حد ما .في الديمقراطيات يقال ان حياتك هي بايدي مرشحك الذي انتخبت والذي تنتسب له. وانه هو الذي يلطف ويخفف من التهديد الذي تتعرض له. غير انه في اسرائيل فان مرشحك لا يستطيع ان يخفف من التهديد الذي تتعرض له ،لأن الدولة تضمن لك بانك سوف تكون خارجا عن عملية اتخاذ القرار النهائي : لانها تضمن بان السيادة والهيمنة سوف لن تؤخذ من ايدي اليهود.