النفط والنخب


يونس الخشاب
الحوار المتمدن - العدد: 1105 - 2005 / 2 / 10 - 11:02
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق     

لكي ننعش ذاكرتنا الجمعية يتوجب علينا ان نتذكر الكلمات التي قالها مدير شركة " شيفرون " النفطية في عام 1988 في واحد من خطاباته : " يمتلك العراق احتياطات هائلة من النفط والغاز ، احتياطات اتمنى ان تستطيع " شيفرون " من الوصول اليها. " ويبدو ان امنيته قد تحققت بعد حربين واحتلال واحد ! فالنهب المنظم لثروة العراق النفطية امام سمع العالم وبصره يجري على قدم وساق ، وتطل الصحافة علينا كل يوم لتقول لنا : انتم واهمون ، فما يجري في الواقع هو اسوأ مما تتصورون وهناك الكثير مما لم يكشف بعد . أما الذي كشف ونعرفه في هذه اللحظة فهو ما جاء في التحقيق الذي اجرته محطة ال BBC القناة الرابعة وعن حقائق مذهلة حيث جرى ويجري نهب ما قيمته ( 20 ) بليون دولار من الثروة النفطية العراقية ذهبت اما سرقة واضحة او نهباً ورشوةً . فالى الآن لا توجد عدادات لقياس كميات النفط المستخرجة والمصدرة وتسجيلها، ولايزال النفط يضخ من دون عدادت. كما ان عوائد النفط لا توضع في صندوق تنمية العراق مما يشكل خرقاً لقرارات الامم المتحدة .
بعد هذا النبأ سربت وكالة الانباء المتحدة ( UPI ) في الثامن من هذا الشهر خبراً مفاده ان نخباً سياسية عراقية تمنح عقوداً مغرية يسيل لها لعاب الشركات النفطية حتى قبل ان يتسلم المجلس الوطني الجديد مهامه ، حيث تخوض شركات النفط الغربية سباقاً محموماً للفوز باستثمارات في الاحتياط النفطي العراقي . ويبدو ان الحكومة الانتقالية الحالية تقوم بموازنة لكي تشرع باحالة معظم العقود حتى مع علم هذه الحكومة ان بقائها في السلطة هي لفترة قصيرة و ستحل محلها حكومة جديدة في القريب العاجل . فقد صرح السيد احمد الشماع ، وكيل وزارة النفط لشركة " بلومبيرغ " ان الوزارة الحالية سوف تصادق على عقود قيمتها مئات الملايين من الدولارات الى شركات نفط اجنبية . وتتضمن هذه العقود اتفاقيات بقيمة 450 مليون دولار لتطوير حقول حمرين النفطية يُقدر ان تساهم في زيادة الانتاج بمقدار مائة الف برميل يومياً .وعلى الرغم من ضخامة عقود تطوير الحقول النفطية فان الامر الاكثر اغراءً كما سربته وكالة الانباء يتضمن انشاء مصفاة عملاقة ، اما الشركات التي ستقوم بهذه المهمة فهي شركات امريكية واوربية وهم يحاولون تامين حصة من الانتاج في العديد من مصافي النفط الخام المنوي انشاؤها في مناطق لا تزال موضع جدل .وطبقاً لما صرح به احدالمسؤولين في السفارة الامريكية في العراق لا يريد الافصاح عن اسمه فان عقداً بقيمة 3 بليون دولارلانشاء مصفاة عملاقة لانتاج البنزين والمشتقات الاخرى خلال مدة عامين سوف يجري الاعلان عنها قبل ان تتسلم الحكومة الجديدة مهامها في العراق .
اما الخبر الذي اذا ما تحقق فانه يعتبر قصمة ظهر للاقتصاد العراقي وكارثة اقتصادية يبلى بها الشعب العراقي فهو ما كان قد صرح به السيد عادل عبد المهدي عن نيته تخصيص القطاع النفطي وبيعه للشركات الاحتكارية العملاقة ، لا بل حتى بيع المخزون من هذا النفط وهو تحت الارض .تقول الصحفية " انتونيا جوهاسز" في مجلة " السياسة الخارجية في مقالة لها قبل الانتخابات بايام :
"في 22 من شهر ديسمبر من عام 2004 صرح وزير المالية العراقي " عادل عبد المهدي "الى ثلة من الصحفيين والمهتمين بالشان الصناعي في النادي الوطني الصحفي في واشنطن قائلاً ان العراق يريد ان يصدر قانوناً نفطياً جديداً يفتح بموجبه باب شركة النفط الوطنية العراقية للاستثمارالاجنبي الخاص . وكما يفصل السيد مهدي ( ان ذلك امراً واعداً للمستثمرين الامريكان وخاصة الشركات النفطية) . بكلمات اخرى يقترح السيد مهدي ان تجري خصخصة نفط العراق ووضعه في ايدي الشركات الامريكية . وطبقاً لوزير المالية سيتمكن الاجانب من الوصول حتى للمخزون النفطي العراقي ، ويكون بوسعهم بيع النفط العراقي وتملكه وهو تحت الارض ـ وذلك هو السبب الحقيقي الذي يجادل فيه الكثير والذي ذهبت من اجله امريكا الى العراق . "
أليس من حق الشعب العراقي ان يسائل عن الجهة التي خولت السيد عادل عبد المهدي بيع أصول العراق النفطية وموارده التي هي من حق الاجيال القادمة الى الاحتكارات النفطية ؟
أليس من حق الشعب العراقي ان يسائل في ذلك ؟ ثم ألا يجب ان يجري استفتاء شعبي على غرار ذلك الاستفتاء الذي جرى في بوليفيا العام المنصرم حيث قال الشعب البوليفي لا للاحتكارات
النفطية و حرية السوق ؟
انه مجرد تساؤل لا غير .
يونس الخشاب