في المنطقة الخضراء يقيم كورتز

في المنطقة الخضراء يقيم (كورتز )

تحتل رواية (قلب الظلام )للكاتب البولوني الاصل والانكليزي الجنسية المثير للجدل (جوزيف كونراد) مكان الصدارة في تاريخ الكولونيالية اواخر القرن التاسع عشر في افريقيا وبالاخص الكونغو. كونراد يقص علينا ، بلغة انكليزية رصينة وباهرة تاخذ بلب القارئ ،هي ليست لغته الام ، النهب المستمر لثروات العاج للقارة التعسة انذاك وذلك تحت ستار البعثات التبشيرية الدينية لنشر التمدن في مجاهيل افريقيا. وما كتب عن هذه الرواية بالذات يكاد يفوق ما كتب عن اي رواية اخرى لاثارتها الجدل وتفسير رموزها ،وكتب الفيلسوف (ادوارد سعيد ) اطروحته لنيل شهادة الدكتوراه عن هذه الرواية بالذات.
(كورتز )، الذي يرمز له في الرواية كرسول للحضارة الاوربية في تمدنها هو شاعر ورسام وخطيب مفوه الى جانب تفوقه في جمع كميات كبيرة من العاج يطمح ليكون رئيس الشركة . اما مسكنه حيث يقيم في قلب ادغال الامازون فتنتشر الرؤوس المقطوعة على عشرات الاعمدة المحيطة بالبيت لترهيب السكان حتى باتوا يعبدونه كاله.تعلم اللغة المحلية وعقد مع قبائل المنطقة صداقات وتحالفات حتى انهم يشعروا بالسعادة لتقديمهم الخدمات له. (كورتز ) كان رسولا للامبراطورية.
بعد مرور اكثر من مائة عام ما برح (كورتز ) يسكن في المنطقة الخضراء تحيطه عشرات الالوف من الجثث العراقية الممزقة والاشلاء ، جراء عنف التفجيرات والاغتيالات ،يعقد التحالفات مع القبائل و القوميات ، ولكن من اجل البترول هذه المرة.
في الامبراطورية لا شئ يحدث بالصدفة ، كل شئ مخطط له وبدقة متناهية ومحسوبة ، ذلك كان منذ سنوات قبل غزو العراق.درس الامريكان تجربة الانكليز في احتلال العراق واستفادوا من التجربة بحذافيرها. وحينماوصلت هذه الدراسة الى مرحلة النضج ، بدأوا بجني ثمار الاحتلال. المقصود بالنضج هنا هو ان تتحكم بمسار كل شئ ، من اصغر ترس في عجلة الدولة العراقية وكتابة دستورها الى صناديق الانتخابات وبطاقات التصويت الذكية وفرز الاصوات الكترونيا ببرامج من صنع ( كورتز ) نفسه. العراقيون الذين يتظاهرون انهم يتحكمون بجهاز الدولة واهمون، لا شئ يحدث صدفة ، الامور وان بدت انها تتطور بشكل عشوائي ، خارج عن السيطرة غير انها تتطوروفق المسار المرسوم لها .
كان( كورتز ) يستعين بحلفائه من القبائل الاخرى لشن الغزوات الليلية لتسهيل جمع العاج وشحنه للامبراطورية.