سيرتي كطالب ومعلم في السويد -الجزء الرابع [الحلقات 13,14,15,16]


يونس الخشاب
الحوار المتمدن - العدد: 7256 - 2022 / 5 / 22 - 18:11
المحور: سيرة ذاتية     

الحلقتان الثالثة عشر والرابعة عشر

سيرتي كطالب ومعلم في السويد


الحلقة الثالثة عشر

بمرور الزمن اصبحت اتقن هذا النوع من العمل الذي يتطلب المهارة وخفة ضربات الفرشاة والسرعة في الاداء .كنا نحن الرسامون الثلاثة نعرف ان كل منا يخفي سرا عن الاخر لا ندع الاندفاعات الصداقية ان تاخذ مدى ابعد مما هو ضروري .كان [مرتضى ] هو المسؤول عن الموسيقى فننصت لساعات لاعظم السمفونيات الخالدة ذلك ما صبغ علاقتنا بنوع من التآلف الروحي .وكنا نبتعد عن اي نقاش سياسي خوفا من ان يسمعنا الغريب .كنت التقي مع جعفر خارج المعمل واستمع منه عن اخبار الحملة .كافة افراد الخلية على ما يرام. استمر ذلك العمل مدة ثلاثة اشهر الى ان تلقيت امرا بضرورة مغادرة العراق الى سوريا مصطحبا معي خطيبة الرفيق [ عماد ] احد اعضاء خليتنا وهو في داخل العراق سيغادر بعد ان تسمح ظروفه بذلك .في احدى الايام كنت اتجول في الكاظمية وبمجرد الصدفة رايت احد موظفي قسم الحسابات في الشركة العامة للمشروبات الغازية وجها لوجه .يبدو انه تغافل عن رؤيتي لانني ومنذ اكثر من شهرين قد تركت العمل في الشركة. كنت اتحاشى النزول الى بغداد خوفا من العسعس. وكان السؤال الذي يشغلني آنذاك هو كم استطيع تحمل التعذيب الجسدي في حالة وقوعي في ايديهم . احد المرات اخذت الباص الى القصر الابيض عن عمد وفي ذهني هذا السؤال , كم ساصمد ؟ تذكرت المواقف الصعبة التي مرت في حياتي من الطفولة والمراهقة والان الرجولة . كنا نقرأ عن اساليب التعذيب التي يمارسها الامن في النشرات الحزبية التي تدعو رفاق الحزب الى توخي اقصى ايات الحذر من الكمائن التي ينصبها رجال الامن. في ذلك المساء اقتربت سيارة فولكس وكانت من النوع الذي يستعملها الامن من الرصيف الذي امشي عليه اقترب صوت المحرك من مكاني وكنت متحفزا للهرب حال وقوفها خاصة وان المكان مزدحم بالمارة . غير ان السيارة تجاوزتني بعد ان جمد الدم في عروقي فاخذت عهدا على نفسي ان لا اعرض نفسي لمخاطر كهذه. اقترب موعد السفر وموعدنا محطة الباصات المتوجهة الى سوريا. كانت خطيبة رفيقنا في الجامعة التكنولوجية لها من العزم والشجاعة لتجاوز الحدود. تعارفنا مع وجود جعفر الذي توسط لتعارفنا وعقدنا العزم على المواصلة اما عماد فانه سيلتحق بنا عاجلا. وصلنا الحدود السورية ومضى المشوار بدون اي مشاكل. اتفقنا انا وتلك الرفيقة انني ساقدمها على انها بنت اختي واتفقنا بيننا على الاسماء امام اسئلة الامن السوري وذهبنا لاكمال تعليمات الاقامة والغرض من الزيارة ومشي الامر امام المحقق السوري وتدريجيا نمت الثقة بيننا وتعززت الرفقة . للاسف الشديد نسيت اسم هذه الرفيقة العزيزة. كانت ثقتنا بالحزب مطلقة لاننا وسط اندفاعاتنا لا نفكر سوى بسلامة رفاقنا .حجزنا في احد فنادق المتواضعة على السطح واخبرت رئيس العمال اننا جئنا من العراق وننوي السفر الى لبنان حيث الحرب الطائفية لان اقربائنا يعيشون في لبنان وبعد بضعة ايام تبلغنا اننا سنغادر الى لبنان .وصلنا الى الفاكهاني في بيروت وكنا نسمع دوي القنابل وما ان وصلنا حتى اختفت رفيقتنا ولم اتمكن من رؤيتها ثانية. اخبروني ان محل سكني في شقة في شارع صبرا حيث تكدس في تلك الشقة عشرات من الرفاق وبضمنهم عوائل باكملها بحيث انك تسمع عشرات الاصوات تتحدث في نفس الوقت. اخبرونا اننا سنتلقى تدريبا عسكريا في معسكر اسمه [ الناعمة ]للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ونعود الى العراق عبر تركيا. في تلك المجموعة تعرفت على رفاق جدد منهم ،ابو حسنة , ابو عراق ووليد وكثير غيرهم . بدأت اتكيف مع التدريبات والدراسة النظرية ثم اخذنا دورات استطلاعية في البقاع وحاصبيا مع الكادر الفلسطيني الى ان حل يوم توجهنا الى العراق عن طريق تركيا .اقام الجماعة حفلة كبيرة لتوديعنا وقد القى كريم احمد عضو اللجنة المركزية خطبة فينا اخبرنا ان السلاح متوفر لنا في قواعد الحزب في الجبل [ الامر الذي تبين لنا انه كذبة ].كان ضمن الحفلة التي اقيمت على مناسبة رحيلنا جاسوس سوف يصبح بعدئذ المستشار السياسي للفوج الثالث واسمه [ ابو طالب ].بعدئذ سينكشف دور الخيانة وكيف باع هؤلاء رفاقهم للامن وسوف يتبين دور قادة الحزب كيف سرقوا تاريخ الناصع للحزب جراء تلك الظروف .حيث سينكشف دور الخزي لفخري كريم وسرقته لاموال الحزب في اللاحق من الأيام .

الحلقة الرابعة عشر

الحلقة الرابعة عشر
توجهنا الى تركيا من لبنان في شهر تشرين الاول من عام 1979ثم الى اقليم [ هكاري ] كنا نرتدي الملابس المدنية عدا احذيتنا التي كانت عبارة عن بساطيل عسكرية وعلى الفور بدأ الناس يسألوننا ماذا نروم ان نفعل في هذا الوقت من السنة خاصة انه ليس موسم السياحة في هذا الفصل من السنة. تلقفنا حزب [ كوك ] التركي وليلا سيتولى تهريبنا نحو قاعدتنا التي كان يقودها [ ابا عايد ] كانت ارجلنا متورمة من البساطيل العسكرية التي نحتذيها .قاعدتنا التي كانت عبارة عن غرفة قد بنيت حديثا لا تزال رطبة من حداثة البناء وبجنب القاعة يوجد تنور للخبز . كان احد منتسبي حزب [ كوك ] التركي يورد لنا الارزاق من طحين ونفط وبعض المواد الغذائية كالفاصوليا والعدس والزيت على البغال من قرية تركية قريبة .كان مقرنا يقع على نبع صغير ليمضي ويصب في نهر الخابور اسمه [ كلي كوماته ] موقع حصين لا تلوحه طيارات الجيش لتعقيد تضاريسه .بجانبه يقع مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تبرع لنا ببعض الاسلحة بعد ان كان الحرس يحرسنا بالعصي الخشبية. بدأنا نتعرف على مفردات الحياة اليومية باللغة الكردية وطقوس اليوم في العمل .كان آمر الفصيل يوزع الواجبات التي تتراوح بين اعداد العجين والخبز واعداد الطعام ثم بناء قاعات جديدة الى جانب تلك القاعة والمسؤولية عن قطع الاشجار لتوفير حطب للصوبة ليلا وما ان ياتي الليل حتى ندخل في ساعة من الصمت للقراءة نحرص عليها باهتمام. اما فطورنا في الصباح فلم يكن يتعدى ثلاث او اربع من الجوز نقتاته مع ابريق الشاي الذي علاه السخام الاسود. اما تنظيمنا العسكري فيتكون من حضائر وبمرور الوقت اصبح سرايا ثم فوج ثم بتاليون اضافة الى مسؤول سياسي ومسؤول عسكري اضافة الى الاداري الذي يسأل عن توفير الطعام .وبدأت القاعدة في [ كلي كوماته ] تتوسع بنزوح الكثير من المنتسبين للحزب الى القاعدة في قاطع بهدينان وخاصة من الاخوة الايزيدية والقرى الكردية اضافة الى من كان يصل من تنظيم الخارج ومن سوريا وبدأت مرحلة فتح قواعد جديدة في [ هيركي ].انغمست في تلك الفترة ببناء القاعات وتعلمت كيفية البناء بالصخور من المرحوم ابا سلام الايزيدي وهو معلم من بعشيقة .الجدير بالذكر هنا ان القاعدة آنذاك تنم عن عراق حقيقي مصغر فيه كافة الاقليات من الجنوب الى الشمال فكنت تسمع مختلف اللغات من الكردية الكرمانجية والصورانية الى اللغة السريانية الى العربية بمختلف لكناتها من مصلاويتها الى لغة الصابئة المندائيين. اضافة الى تنوع المهن من الطبيب والمهندس الى الكيمياوي اضافة الى العمال والفلاحين .ما ابهرني هنا هو روح الايثار العراقية التي تجلت واضحة في سلوك الجميع .الى ان بدأت بناء الغرف الصغيرة للقادة وانعزالها في كهوفها السرية .كان هناك اصوات خمدت مع الزمن خاصة من بعض كبار السن الذين تفاجئوا بعدم وجود السلاح في القاعدة وضعف الموارد الغذائية .طالبين العودة الى سوريا .هناك كنا نسمع عن اخبار القواعد في قاطع [ صوران ] وعن المكتب السياسي .كان [ درباس ] الكردي التركي الذي كان يمول القاعدة في ايام تاسيسها يتقاضى اسعار عالية جدا مما حدى بالقيادة الى خلق قنوات اخرى للاستعاضة عن خدماته عن طريق ذهاب اكراد الى القرى في شمال تركيا والتسوق من هناك .عن طريق التسلل من جانب قرية [ يك ماله ] وتعني قرية البيت الواحد حيث يقع بعد نصف ساعة من المشي معسكر تركي من الجندرمة على الحدود التركية العراقية. ابلغني [ ابا ماجد ] انني مكلف بمهمة ذلك المساء بالذهاب مع مفرزة لتوفير الارزاق من تركيا .كانت المفرزة تتكون من اربعة من الاكراد وانا .تلك كانت اول مهمة اكلف بها خارج القاعدة .ما ان حل المساء حتى استعدنا مع اسلحتنا الى الذهاب الى قرية درباس التركية للحصول على الطحين .كنا في شهر شباط من عام 1980 والثلوج تغطي الارض .اتجهنا الى [ يك ماله ] عند الغروب وما ان حل الليل حتى دخلنا الى عمق الاراضي التركية.

لحلقتان الخامسة عشر والسادسة عشر


الحلقة الخامسة عشر
ما ان دخلنا في عمق الاراضي التركية بنصف ساعة حتى انفتحت علينا النيران من جانب مركز الجندرمة الاتراك .كان الثلج الناصع البياض يغطي تلك التلال وخمسة من البيش مركة قادمين من الاراضي العراقية هدفا مرئيا , كانت بعض الطلقات من النوع المسمى الخطاف نراها وهي تمر من فوق رؤوسنا وبين اقدامنا فقدنا اثر الثلاثة الاخرين ولا نعرف ما حل بهم .كان [خليل ] هو الدليل الذي يسير من امامنا وانا خلفه كان هناك اخدود عميق لدرجة انه يغطي قاماتنا ولا يتغطى بالثلج سرعان ما نزل اليه [ خليل ] وبسرعة نزلت ورائه ونحن نرى الطلقات تمر من فوق رؤوسنا .كانت احذيتنا من النوع الذي نسميه نحن الانصار ب [ السامسونح ] وهو حذاء شعبي ينتعله معظم سكان القرى في المنطقة.بدأنا نخوض في الماء وكنت اشعر ان الماء بعد فترة قد اصبح دافئا ولم انتبه انني فقدت الفردة اليمنى من الحذاء ونحن نهرول في عمق المعسكر التركي واسلحتنا معلقة باكتافنا .التوقف والتقاط الانفاس يعني الموت المؤكد الى ان انتهى الاخدود الارضي الذي حمانا من الموت .شعرت بتجمد قدمي اليمنى وتنملها الى ان انتهى بي الامر بعدم قدرتي على المسير الا بصعوبة شديدة الى ان وجد [خليل] كهف يستخدمه الرعاة للاستراحة .احد الرعاة من الشباب اطل علينا واخبرنا ان الجندرمة يبحثون عنا ,او عن جثثنا في ذلك الاخدود .بسرعة اوقد ذلك الراعي الشاب نارا شديدة وبدأنا ندفئ اجسادنا المنهكة من تعب الليلة لم اكتشف انني فقدت فردة حذائي سوى الان بينما الجوارب الصوفية لقدمي اليمنى مبللة بالماء , نزعت الجوارب وقدمت باطن قدمي المتجمدة من النار فاحترق باطن قدمي دون ان اشعر بذلك خاصة من اطراف الاصابع. ما ان وقع بصري على باطن القدم وقد اصبح لونه اسودا حتى اكفهرت ملامح وجهي .[ عليكم ان تسرعوا قبل ان ياتي الجندرمة الى المغارة ] أخبرنا الراعي الشاب. اخبرت [ خليل ] انني غير قادر على الخوض في الثلج مرة اخرى لان قدمي تؤلمني الما شديدا. فحمل سلاحي ووضعني على ظهره ويبدو ان القرية لا تبعد كثيرا عن المغارة التي ضمتنا .وصلنا القرية وفتح لنا [ درباس ] بيته لاستفاضتنا .جلسنا قرب المدفأة بعد ان خبأ درباس اسلحتنا .جاء البعض واخبرونا ان الجندرمة قد وصلوا القرية . طلب درباس ان ننتقل الى بيت آخر يقع بالقرب من بيته على ان يبقى [ خليل ] في بيت [ درباس ]. كنا نطلق اسم [ خليل ابو شوارب ] على [ خليل ] شاب ايزيدي متحمس لقضيته ,قوي كحصان, ,يعمل فلاحا من احدى القرى الايزيدية على ما اعتقد .دخلت زمرة من الجندرمة الى القرية ودخلوا بيت [ درباس ] يسألون ان جاء بعض الاغراب من العراقيين الى قريتهم. جاء الليل وانا لا ادري اين انا وكل الذي اعرفه ان صاحب البيت قد اعد لي فراشا في ممر مستطيل الشكل في مدخل بيته ويبدو انه متزوج حديثا لان لا اطفال في بيته .بقيت اعالج آلام قدمي وهجرني النوم وانا اسمع مناغاة الزوج لزوجته اشبه بالهمس . .
استمرت الالام تعذبني وتتوالى الكوابيس السوداء تمر امام عيني عن احداث اليوم الماضي .لم انم ليلتها وفي الصباح اخبروني انهم اتفقوا ان ينقلوني على بغل عبر طريق آخر غير الطريق الذي جئنا منه .ما ان جاء الليل حتى اركبوني على البغل والدليل يقود الحيوان عبر مسالك شديدة الانحدار .اخذ الطريق منا حوالي اربع الى خمس ساعات لكي نصل الى مقر الفصيل .كانت الاخبار قد وصلت الى البقية في القاعدة لان الثلاثة قد تمكنوا من الانسحاب حال وقوعنا في الكمين .اقبل الجميع يهنأونني بسلامة الوصول . كان معنا طبيب متخرج حديثا من كلية الطب في بغداد هو الدكتور [عادل ] فحص قدمي وقد اصبحت اكثر سوادأ بعد حرقها بتقريبها الى النار , وهو الذي اخبرني ان جلد باطن القدم لا يمكن للجسم البشري ان يعوضه وان الاصبع المجاور لابهام القدم هو اكثر سوادا من الجلد في باطن القدم وان هناك احتمال اصابته بالغنغرينا وعلي ان استعد لاجراء عملية جراحية على وجه السرعة خوفا من امتداد الغنغرينا الى كل القدم. ربما ان دكتور [ عادل ] هو احد الانصار القلائل الذي اعزه واحترمه وقد استشهد في معركة بشتاشان الثانية .يومها لجئت الى مكان منعزل وبكيته بحرقة مريرة حقا دون ان ادع احدا ما من رؤية دموعي. لم يكن لدينا اي ادوات طبية عدا موس صغير لكسر انابيب الماء المقطر وهو موس لا يتجاوز طوله السنتمترين, كما اننا نفتقر الى المخدر . كان يرقد بجانبي الشهيد [ مشرق الغانم ] وهو المصاب بالتدرن الرئوي والذي كان يئن من الالم .وسوف نتعارف على بعضنا البعض من خلال الفيسبوك ونتبادل المكالمات الهاتفية يوميا ونحن نسترجع ذكريات تلك الايام. فاخبرت دكتور عادل ان يجري العملية في صباح اليوم التالي .كان الانصار يشعرونني بتضامنهم مع حالتي .في الصباح جاء [دكتور عادل ]يساعده بعض الانصار ورفعوا قدمي اليمنى وشعرت بالموس الصغير ينغرز في اصبعي دون مخدر ولف الجرح بلفافات من القطن واخبرني بعد العملية انه اذا الدم الخارج من الجرح بعد العملية دما قاني اللون فهذا يعني ان العملية ناجحة .بعد حوالي الثلاثة ايام فتح [ عادل ] اللفافات وكان الدم قانيا احمر وابتسم .

الحلقة السادسة عشر


غمرني الانصار بمحبتهم ورعايتهم شعرت انني بدأت افيق من صدمة الحدث لانه الطريق الوحيد لاستمرار بقائي على قيد الحياة.جاء الى قيادة القاطع المناضل [ توما توماس ] وهو قائد طيب القلب ومناضل في اضرابات [ كاور باغي ]في كركوك مع عمال النفط في العهد الماضي قبل ثورة تموز اضافة الى كونه بيش مركة قديم في فصائل الحركة الكردية عام 62. اقترح علي [ أبا جميل ]وهذه هي كنيته ان اتسلم المسؤولية عن الارزاق وتوفيرها .فذهبت الى القرى وراء نهر الخابور .وبمساعدة اللغة الكردية البسيطة التي تعلمتها قمت بزيارة قرى على الجهة الغربية من نهر الخابور الهادر في فصل الشتاء اخذنا نتسلم الطحين ثم يقوم الانصار بتعبيرها على ظهورهم بعد ان بنى الانصار من الحزب الديمقراطي الكردستاني جسرا خشبيا مشدودا بالحبال لغرض تثبيته الى ان بدأت بالضجر من هذا العمل واخبرت [ ابا جميل ] فاقترح بضمي الى السرية الاولى التي كان يقودها المرحوم الشهيد [ ابا ليلى ] .كان الفلاحون على معرفة بنضاله عام 63 حيث اصابة عينه شظية ففقد البصر باحدى عينيه .في تلك الفترة بدأ الجندرمة بمضايقتنا حتى اجبرونا على مغادرة مقرنا واخذنا بالبحث عن موقع مناسب يتوفر فيه عين ماء فانتقلنا الى كلي قريب واستمرت استفزازات الجندرمة والقرقول الى ان انتقلنا الى [كلي هصبة] اي وادي الخيول ويقع وراء جبل متين المشهور وعينه الصافية الغنية بالماء الرجاج .ثم طلب ابا جميل تاسيس موقع جديد لترحيل الرفاق المرضى واستقبال مفارز السلاح .كان ذلك الموقع واسمه [كيشان ] ورشحني ابو جميل للاشتراك فيه وكان القائد لهذا المركز المناضل [ ابا سعاد ] ومعه عائلته .هناك حصل اغتيال احد الملتحقين بنا من قبل ا[لبكه كه] الذي هو نفسه حزب العمال الكردستاني التركي وهاجموا مقرنا ليلا فاضطررنا للنزوح عن المقر .وقد كتب المرحوم توما توماس في مذكراته عن ذلك الهجوم وجاء اسمي [ابو جاسم كيشان ] في مذكراته عن تلك الاحداث. وتتوالى الاحداث ليضرب المقر الجديد الذي اسسته القيادة بالكيمياوي ليصاب الكثير من الانصار به. .كانت السلطة البعثية قد توصلت الى استعمال سم [ الثاليوم ] لتسميم المعلبات التي نشتريها من دكاكين القرى مثل علب اللحم المعلب والجبن بهذه المادة السمية وقد نجحت في حقن الكثير من الهدايا التي تصل من الداخل بحجة انها جاءت هدية من الاقارب في الداخل .وما ان وضعت الحرب العراقية الايرانية اوزارها عام 1988 حتى تفرغت لتصفية الحركة الكردية في بهدينان وصوران , فشنت حملة واسعة في بهدينان سميت [ حرب الانفال ] شملت كافة القرى التي كانت خارج سيطرتها .اخذ الناس ينزحون بالالاف نحو الحدود لتركيا وبدأت قوات انصارنا برمي السلاح على الحدود قبل الدخول الى تركيا.حصرونا في ساحة هي عبارة عن مخيم كبير جدا يحتوي على خيم وكان العسكر التركي يتجول في ذلك المخيم .كان بعض الصحفيون على مقربة منا وكنت الوحيد بين سكان المخيم يتكلم الانكليزية وكنت اقوم بشرح ما اعرفه عن تلك الحملة الظالمة ضد الشعب الكردي.اخبرنا احد سكان القرى ان الامن التركي يسألون عني وعن الخيمة التي اسكنها وعلي ان اختفي في مئات الخيم .المخيم لا يبعد كثيرا عن معبر [ ابراهيم الخليل ]ويبدو ان الامن التركي يتعاون مع الامن العراقي .بعد ايام جاء الاتراك بسيارات حمل لنقلنا اما لماردين او ديار بكر.وهكذا جاء دوري الى ان انتهي في [ معسكر ماردين ].معسكر ماردين ليس اكثر من سجن كبير مسيج بحراسة مشددة يمنع على سكان المخيم الخروج منه.كانت السلطات التركية توزع علينا الزيت والعدس والحمص وبعض الطحين حسب الخيم .كان الصحفيون الغربيون مع كاميراتهم لا ينقطعون من زيارة المخيم .فكانت السماعة الموجودة تصرخ باسمي أ ن اتصل بالادارة وهذا يعني ان صحفيين يزوروا المعسكرا.في احد المرات جاء وفد من البرلمان السويدي الى المعسكر يتكون من اعضاء من البرلمان السويدي وما اكتشفوا انني كنت طالب في السويد واجيد السويدية حتى عرضوا علي المساعدة حال وصولي الى السويد .وكانت سوريا قد ابدت استعدادها لقبول عدد محدود من اللاجئين الى الاراضي السورية حتى وصلت بعد اهوال العيش في معسكر ماردين.

























































ا



ا


















الحلقة السادسة عشر