انهم يخفون معالم جريمتهم ، أليس كذلك ؟


يونس الخشاب
الحوار المتمدن - العدد: 1084 - 2005 / 1 / 20 - 10:08
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق     

لماذا ترفع انقاض منازل معينة بالذات ، باكملها ، دون غيرها ، ويجرف التراب من تحتها ويحمل في شاحنات كبيرة وينقل الى مكان مجهول ، بينما بقية البيوت المجاورة ، والتي دمرها القصف هي ايضاً تبقى على حالها دون ان تشملها هذه الاجراءات ؟ لماذا تغسل بعض البيوت وما جاورها بمياه مضغوطة تطلق من خراطيم موصولة بخزانات مياه هائلة ؟
ان وراء الأكمة ما ما ورائها. اذ يبدو ان احداثاُ غريبة تجري هذه الايام في الفلوجة ، حيث يقوم الجنود الامريكان ، طبقا لما يقوله شاهد عيان كان في زيارة لبيته المدمر هناك بعد عودته الى بغداد:
" في مركز حي الجولان يجري نقل انقاض منازل معينة بكاملها بعد ان دمرتها القنابل ، في نفس الوقت فان معظم البيوت التي دمرها القصف تترك على حالها كما هي . لماذا يفعلون ذلك ؟ ويتابع " انهم يفعلون الشئ نفسه في حي نزال ، المعلمين ، وحي جبيل ومنطقة الشهداء . وكانت القوات الامريكية قد بدأت بهذه الاجراءات بعد عيد الفطر مباشرة ، اي بعد 20 من تشرين الثاني الماضي .
" لقد شاهدنا الجنود الامريكان يستخدمون البلدوزرات في تجريف ودفع التربة في اكوام ومن ثم تحميل هذه التربة في سيارات لتطرح في اماكن مجهولة . كما جرى ذلك ايضاً في حيي الجولان والجمهورية " ، وكما هو معلوم شهدت هذه الاحياء اعنف المعارك اثناء الحصار ، وكانت المقاومة هنا على اشدها " يواصل شاهد العيان حديثه . "هناك كيلومتران من التربة ، على اقل تقدير قد أزيلت ، وهي بالضبط نفس الاجراءات التي اتخذها الامريكان بعد معارك مطار بغداد عشية الغزو ، حيث استخدم الامريكان سلاحهم الخاص " ويتابع :
"في مناطق معينة حيث استخدم الجيش الامريكي ( الذخائر الخاصة ) أزيلت مساحة 200 ( مائتي متر مربع ) من الاتربةمن مكان الانفجار " . ويؤكد العديد من اصدقاء هذا الشاهد ان القوات الامريكية جلبت معها شاحنات تحمل خزانات مياه ضخمة وقامت بعد ذلك بشطف وغسل الشوارع بالماء المضغوط. " لقد اطلقوا خراطيم مياههم حول كل بيت في تلك المنطقة ، كما لو انهم يحاولون اخفاء شواهد ودلائل على استخدام اسلحة كيميائية بتلك المياه ".
وهذه القصة يؤكدها شاهد عيان آخر كان قد تلقى العلاج في مستشفى عامرية الفلوجة ، حيث قال انه شاهد سيارات عسكرية امريكية تحمل خزانات ضخمة للمياه وهي تطلق ماءً مضغوطاً من خراطيمها في شوارع الفلوجة .ويتسائل احدهم : لماذا يفعلون ذلك ؟ هل لتجميل الفلوجة ؟ كلا ، انهم يغطون آثار اسلحتهم الرهيبة التي استخدموها في الفلوجة .
وتقول احدى العاملات في الهلال الاحمر العراقي والتي لا ترغب في الافصاح عن هويتها :
"انني متأكدة ان الامريكان ارتكبوا افعالاً شنيعة هناك ، ولكن من الذي يستطيع اكتشاف ذلك و قوله"
حيث تحدثت عن مشاهداتها عما عايشته في المدينة المنكوبة ، " لم يسمحوا لنا بالذهاب الى حي الجولان أو اي من الاحياء جرت فيه معارك طاحنة ، وانا متأكدة ان الاشياء الفظيعة انما ارتكبت هناك "
في 30 من تشرين الثاني منعت القوات الامريكية بعثة مساعدات انسانية مرسلة من قبل وزارة الصحة العراقية من الدخول الى الفلوجة ، فقد طلب الجنود الامريكان من الوفد الرجوع واعادة الزيارة بعد 8ـ 9 أيام . من ذلك التاريخ .
لقد أخبر الدكتور ابراهيم الكبيسي الذي رافق البعثة الصحفيين في حينها "هناك جريمة قد ارتكبت في الفلوجة والامريكان لا يريدون لاحد ان يعرفها " .
لقد خلد " بيكاسو " مدينة " جورنيكا " الاسبانية في تلك الجدارية الرائعة علي جدران الامم المتحدة .
في العراق ، سينهض "جواد سليم " آ خر بهذه المهمة ، فالعراق الذي انجبه قادر على انجاب امثاله.
وما يحز في النفس ان هناك اصوات لا تزال تنادي بتطبيق نموذج التدمير على مدن أخرى ، يا للعار.

يونس الخشاب