أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - سميرة موسى … نابغةُ مصر الخالدة














المزيد.....

سميرة موسى … نابغةُ مصر الخالدة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7354 - 2022 / 8 / 28 - 14:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قبل أن يحملَ أغسطسُ مِخلاتَه ويتوكأ على عصاه ويفتحَ بابَ الزمان ليمضي إلى حيثُ تمضي الشهورُ ولا تعود، دعوني أتذكّرُ معكم إحدى النوابغ المصرية الفريدة التي رحلت عن عالمنا في أغسطس، على يد الغدر الصهيوني. جميلةُ الوجه جميلةُ العقل، العالمة "سميرة موسى" ابنة محافظة الغربية، التي خطفها الموتُ غدرًا في أوج إشراقها وشبابها ونصوعها العلمي؛ لأن عقلَها الفذّ كان خطرًا على تجارة السلاح العالمية التي تُدرُّ بلايين الدولارات على تُجّارها. قرر سدنة تجارة السلاح العالمي إخماد صوت عالمة الفيزياء والطاقة النووية المصرية حين أوشكت أبحاثُها وتجاربُها المعملية على ابتكار قنبلة ذرية من مخلفات المعادن الرخيصة، ما سوف يسمحُ للدول الفقيرة من إنتاجها، فيختفي بذلك تفوقُ الدول القوية على الدول المستضعفة. وهذا عينُ ما ترفضه قوى الاستقواء والاستعمار والتسيُّد. فتقرّر تصفيةُ ذلك العقل المصري النيّر قبل تحقيق الحلم. وتمت الجريمةُ في أمريكا عام١٩٥٢، وهي لم تُكمل عامها الخامس والثلاثين.
تفوّقتْ النابغة "سميرة موسى" طوالَ سِني دارستها: كُتاّب القرية، مدارس القاهرة، ثم الجامعة. وكان لتفوّقها صدى جميل عند الحكومة المصرية آنذاك، فقُدّمت منحةٌ مالية سنوية محترمة للمدرسة التي ترعى هذه النبتة العبقرية من أجل دعمها علميا. وأنشأت ناظرةُ مدرسة "بنات الأشراف" الثانوية معملَ فيزياء خصيصًا من أجل التلميذة النابغة، التي حصلت عام ١٩٣٥، على المركز الأول على مستوى القُطر المصري في الشهادة التوجيهية. ورفضت دخول كلية الهندسة، الأعلى في سُلَّم التنسيق الجامعي آنذاك، والتحقتْ بكلية العلوم، لشغفها بالفيزياء. وتخرجت كالعادة أولى دفعتها. ولم تسمح اللوائحُ بجامعة "فؤاد الأول" بتعيين البنات في سلك التدريس آنذاك! فوقف العالمُ المصريُّ العالميُّ "مصطفى مشرّفة"، في وجه سَدنة المجتمع الذكوري داخل أسوار الجامعة من الأساتذة الإنجليز، وهدّد باستقالته من عِمادة كلية العلوم، إن رُفض تعيين الخريجة النجيبة "مُعيدةً" بوصفها الأولى على دفعتها في بكالوريوس العلوم. وأصبحت "سميرة موسى" أول معيدة في كلية العلوم بجامعة القاهرة في ثلاثينيات القرن الماضي. وأنجزت رسالة الماجستير حول "التواصل الحراري للغازات"، ثم سافرت إلى بريطانيا لدراسة الإشعاع النووي، وخلال عام ونصف أنجزت الدكتوراه في الأشعة السينية (X-Rays)، وأثرها على خواص المواد. ثم واصلت البحث حتى توصّلت إلى معادلة فيزيائية خطيرة: "تحويل فُتات المعادن الرخيصة إلى قنبلة ذرية"؛ لتكون في متناول جميع الدول؛ حتى الفقير منها. ورفضت الدوائرُ العلمية تدوين المعادلة التي سيكون فيها خرابٌ على صناعة السلاح في العالم، وانتهاء احتكار دول بعينها للقنابل النووية.
كان حُلم الصبية الوطنية، أن تدخل مصرُ حقل التسلّح النووي ليكون لها مكانٌ على خريطة التقدم العلمي، التي فيها الكلمةُ العليا للأقوى سلاحًا وعِلمًا وصناعةً. كانت تدرك أن امتلاك السلاح النووي هو أرضية تحقيق السلام من منطلق القوة، لا الضعف، في عالم متوحّش أشعل حربين عالميتين هائلتين دمرتا شطرًا كبيرًا من العالم. خافت على مصر من مصير اليابان، في هيروشيما وناجازاكي عام ١٩٤٥، المدينتين اللتين دكّتهما القنبلة الذرية الأمريكية دكًّا. وبعد قيام دولة إسرائيل وإصرارها على الانفراد بالتسلّح النووي في المنطقة العربية، خافتِ الجميلةُ على وطنها؛ فأرادت أن يكون لمصر ظهيرٌ نووي تردُّ به الأذى عن نفسها وعن المنطقة العربية. بعد إعلان دولة إسرائيل المحتلة على أرض فلسطين عام ١٩٤٨، أسّست “سميرة موسى” "هيئة الطاقة الذرية"، ونظمت وفودًا مصرية للسفر في بعثات علمية لدراسة علوم الذرّة. وواصلت المناداة بالتسلح النووي للوقوف على أرض النديّة أمام الكيان الصهيوني الاستعماري الآخذ في الاستقواء بقوتي: السلاح النووي والدعم الأمريكي. ونظّمت في كلية العلوم مؤتمرًا عالميًّا شارك فيه عددٌ من علماء العالم، أطلقت عليه: “مؤتمر الذرّة من أجل السلام"؛ لتنشر فكرتها أمام العالم: "تطويع الذَّرّة لعلاج الإنسان من السرطان، وليس لقتله بالقنبلة الذرية”.
وكان لابد للعدو من وضع نهاية لتلك الحياة الثرية الحافلة بالعلم والوطنية والامتياز العقلي. بعد استجابة د. سميرة موسى لدعوة من أمريكا لإجراء أبحاثها في معامل جامعة سان لويس بولاية ميسوري الأمريكية، حاولوا استقطابها للبقاء هناك للتدريس. ولكنها رفضت وأصرت على العودة لمصر، الوطن العزيز. وقبل عودتها لمصر بيومين، زارت معمل نوويّ في ضواحي كاليفورينا. وصرّحت للصحف بتصريح خطير قالت فيه: “لو كان بمصر معملٌ مثل هذا؛ لانجزتُ الكثيرَ لبلادي. وحين أعود سأنشئ مثله لتطوير تجارب الطاقة النووية لخدمة قضية السلام من منطلق القوة.” فور خروجها من المعمل دهم سيارتَها لوري ضخم فسقطت مهشمةً في واد سحيق. تحيةَ احترام لروح الوطنية الخالدة: "سميرة موسى".

                                               ***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حب العذراء مريم
- أشقائي … شهداء كنيسة -أبو سيفين-
- ماذا علَّمني أبي … وأبي؟
- التعليمُ الراهن … مُعاصَرةٌ وأخلاق
- مهرجان -چرش- … يصدحُ ويزهو
- مدارسُ الفرير … على شرف الماعت
- لماذا تدنّى مستوى خطابِنا؟
- ٢٦ يوليو … تفويضُ الكرامة
- خطاباتُ جدّي وجدّتي … تعليم زمان
- أولادُكم ليسوا لكم … شكرًا للنائب العام
- في الطريق إلى الثمانين … السعادةُ اختيارٌ
- أيّها الوحيدون … اصنعوا زحامَكم!
- العيد … العائلة … الجنّةُ التي على الأرض
- الضمير… القطّةُ التي كسرت عنقي!
- دقّوا الشماسي
- شمس ٣٠ يونيو
- مَن يُسَلِّعُ المرأةَ ويُشيّؤها … على هامش مقتل نيّرة
- شمعةٌ جديدة في بلاط المصري اليوم
- عيد الأب … العيد المنسيّ!
- فرج فودة … عِشْ ألفَ عام!


المزيد.....




- مفتي رواندا: المسلمون يشاركون بفاعلية في تنمية الدولة
- هاجروا نحو -الجنة- في أوروبا... أسر تونسية تبحث عن أبنائها ب ...
- تهديدات -كاذبة- تطاول 3 معابد يهودية في نيويورك
- تهديدات -كاذبة- بوجود قنابل تستهدف معابد يهودية ومتحفا في ني ...
- الكنائس الفلسطينية: منع وصول المصلين لكنيسة القيامة انتهاك ل ...
- مطبوعة عليها يد النبي محمد.. جدل على مواقع التواصل بشأن وثيق ...
- ألمانيا: مظاهرة لمجموعة متطرفة طالبت بـ-تطبيق الشريعة وإقامة ...
- الكنائس الشرقية الفلسطينية تقصر الاحتفالات بعيد الفصح على ال ...
- -من يخالف يعاقب-.. الأوقاف المصرية تحذر الأئمة وخطباء المساج ...
- بوابة الأزهر الإلكترونية.. نتيجة مسابقة شيخ الأزهر بالرقم ال ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - سميرة موسى … نابغةُ مصر الخالدة