أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - في حب العذراء مريم














المزيد.....

في حب العذراء مريم


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7350 - 2022 / 8 / 24 - 12:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اليومَ عيدُ السيدة العذراء، عليها وعلى ابنها السلام. اليومَ يفطرُ أشقاؤنا المسيحيون بعدما صاموا خمسة عشر يومًا، تقبّل اللهُ صيامَهم وصلواتِهم ونجواهم ودعاءَهم. السيدةُ مريم، العذراءُ البتول، وابنُها الكريم كلمةُ الله، آيتان من المعجزات القدسية في الحياة. وعلّها السيدة الوحيدة التي أجمع على حبِّها وتقدير مكانتها والتبّرك باسمها جميعُ البشر على اختلاف أعراقهم وعقائدهم. وهي السيدة الوحيدة التي خصّها القرآنُ الكريم بسورة كاملة باسمها: “سورة مريم".
في حوار جميل أُجري معه بالأمس، قال الأبُ "موسى إبراهيم"، المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية: إن المسلمين والمسيحيين من أقباط مصر تربطهم علاقة قوية بالسيدة العذراء مريم، وإن هناك روابطُ تاريخية قديمة تجمع المصريين على حبّ السيدة مريم عليها السلام. وبعد فترة الصيام التي تمتد من يوم 7 أغسطس حتى 22 منه، يتشارك المصريون كافة، مسلمين ومسيحيين، في الاحتفال بذكرى صعود السيدة مريم إلى السماء، نظرًا لمكانتها الرفيعة في قلوب المسلمين. والشاهد أن الأعياد والمناسبات الدينية تكون فرصة جميلة لإظهار قوة ومتانة رباط الوحدة الوطنية في نسيج الوطن الطيب مصر. فالمجتمع المصري ذو طابع "عائلي"، تغلب عليه سمات الود والمحبة والمؤازرة. فالجارُ بالنسبة للمصري بمثابة الشقيق، الذي يقف معه في لحظات الفرح ولحظات الحزن، على غير ما نرى في المجتمعات الغربية مثلا.
وبالفعل، كما قال الأبُ "موسى إبراهيم"، فإن للسيدة العذراء مريم، أطهر نساء العالمين مكانةً رفيعة في قلوبنا نحن المسلمين وفي كتابنا القرآن الكريم دون شك. والحقُّ أن العذراء مريم، عليها وعلى ابنها السلام، لها شديدُ الخصوصية وبالغُ الاستثناء من بين بَني الإنسان. فتلك البتول المُصطفاة، ذات الحُسن الملائكي، رمزٌ "عابرٌ للأديان"، لا تخصُّ عقيدةً دون أخرى. بل تَعبُرُ فوق مظلاّت الأديان لتستقرَّ رمزًا أبديًّا في قلب الإنسانية الخضراء. رمزٌ للأمومة التي لا تُشبهُها أمومةٌ. أمومةٌ إعجازية من دون دنس أرضيّ. أمومةٌ حزينةٌ، وأمومة فرِحَة. في البَدء: وجَلَتْ وجفلتْ حين علمت أن جنينًا ينمو في خِصرها البتوليّ النحيل، من دون رجل. وفي المنتهى: قرّتْ عينًا حين أدركت أنها تحملُ النورَ ساطعًا بأمر الله. شاع في قلبها الفرحُ، بعد الوجل والخوف، حين علمت أن اللؤلؤةَ التي تتكوّن في بطنها الآن؛ سوف تكون هديتَها للعالم، وهديةَ السماء للأرض الشقيّة بالخطايا والحَزَن. عذراءُ نقيةٌ سوف تُقدّمُ للعالم صبيًّا "وجيهًا"، كما وصفه القرآن: “إذْ قالتِ الملائكةُ يا مريمُ إن الَله يُبشِّرُكِ بكلمةٍ منه اسمُه المسيحُ عيسى ابن مريم وجيهًا في الدنيا والآخرة ومن المُقرّبين" (آل عمران/45)، وأنه سوف يغدو شابًّا وسيمًا "يجولُ يصنع خيرًا"؛ يمسحُ على الجباه العليلة فيُبرئ الأكمهَ والأبرص وينفخ الروحَ في الميْتَة فتحيا بأمر الله. “وأُبرئُ الأكمَه والأبرصَ وأُحيي الموتى بإذن الله" (آل عمران/ 49). ثم هي أمومةٌ مفجوعةٌ ثكلَى، سوف ترى وحيدَها الجميل وقد حكم الأشقياءُ عليه بالموت، وبعدُ لم يتجاوز الثالثة والثلاثين من عمره، وما تزوّج ليتركَ لها ما تقرُّ بها عيناها من بعده. لكنّها تعلم أنه حيٌّ عليٌّ في السماء، سواءً صُلبَ وقام من مواته بعد أيامٍ ثلاثة كما في الأدبيات المسيحية، أو رُفع من الصليب حيًّا إلى السماء كما في أدبياتنا الإسلامية: “إذا قال اللهُ إنّي مُتوفِّيكَ ورافعُكَ إليَّ ومُطهِّرُكَ من الذين كفروا وجاعلُ الذين اتّبعوكَ فوق الذين كفروا إلى يومِ القيامة" (آل عمران/55). ففي جميع الأحوال، الوجعُ الذي ضرب قلبَ العذراء مخيفٌ ومفجعٌ لا يشبهه وجعٌ. واقفةً تبكي والقلبُ مفطورٌ أمام ذلك الموقف العظيم: ابنُها، الذي ما نَخَسه الشيطانُ، ولم يرتكب خطيئةً، تُبصره حاملاً صليبَه الخشبي الهائل يجرُّ قدميه محكومًا عليه بالموت من دون ذنب. لكنّ الصبيَّ يُبشّر أمََّه بالصبر، ثم يدعو الَله لظالميه من اليهود والرومان، أن يغفرَ لهم لأنهم "لا يعرفون ماذا يفعلون”.
تلك العذراءُ المُصطفاة، زارت مصرَ مع طفلها المسيح عليهما السلام قبل ألفي عام، وطوّبت أرضَنا الطيبةَ ومكثت معنا قرابة السنوات الأربع، فكانت تتفجّر تحت قدميها ينابيعُ الماء لتشرب ووليدها الكريم. لهذا فمكانةُ العذراء في قلوب المصريين، على اختلاف عقائدهم، هائلةٌ وراسخة.
في كتاب "قواعد العشق الأربعون" للكاتبة التركية “إليف شافاق"، يقول المتصوفُ الجميل "شمس الدين التبريزي": “الأديانُ كالأنهار؛ تصبُّ جميعُها في البحر نفسه. وإذ ترمز الأمُّ مريم إلى الشفقة والرحمة والحب غير المشروط؛ فإنها رمزٌ للجميع دون استثناء.”
كل عام ومسيحيو مصر بخير في عيد العذراء مريم عليها السلام، وعيد سعيد على مصر والمصريين والعالم أجمع، بإذن الله تعالى.


                                               ***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أشقائي … شهداء كنيسة -أبو سيفين-
- ماذا علَّمني أبي … وأبي؟
- التعليمُ الراهن … مُعاصَرةٌ وأخلاق
- مهرجان -چرش- … يصدحُ ويزهو
- مدارسُ الفرير … على شرف الماعت
- لماذا تدنّى مستوى خطابِنا؟
- ٢٦ يوليو … تفويضُ الكرامة
- خطاباتُ جدّي وجدّتي … تعليم زمان
- أولادُكم ليسوا لكم … شكرًا للنائب العام
- في الطريق إلى الثمانين … السعادةُ اختيارٌ
- أيّها الوحيدون … اصنعوا زحامَكم!
- العيد … العائلة … الجنّةُ التي على الأرض
- الضمير… القطّةُ التي كسرت عنقي!
- دقّوا الشماسي
- شمس ٣٠ يونيو
- مَن يُسَلِّعُ المرأةَ ويُشيّؤها … على هامش مقتل نيّرة
- شمعةٌ جديدة في بلاط المصري اليوم
- عيد الأب … العيد المنسيّ!
- فرج فودة … عِشْ ألفَ عام!
- أنت على حق يا نهرو!!!… والدليل: قالولوا!


المزيد.....




- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - في حب العذراء مريم