أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق سلوم - جنرالات الثقافة في متاهتهم ..ثقافة التهميش ام ثقافة المنفعة















المزيد.....

جنرالات الثقافة في متاهتهم ..ثقافة التهميش ام ثقافة المنفعة


فاروق سلوم

الحوار المتمدن-العدد: 1494 - 2006 / 3 / 19 - 11:30
المحور: الادب والفن
    


توطئة
هذه مقالة قديمة نشرت في الصحافة المحلية العراقية
في ايلول 2003 وقد فقدت جزئيها اعيد نشر الجزء الأول بأمل ان اجد الجزء الثاني
معتقدا انها ترسم صورة واقعية لما حصل ويحصل في بيئة الثقافة العراقية.
شاكرا للحوار المتمدن افقه ورحابته.

ليس لدينا طقوس او شروط لإعلان ثقافتنا، إنها أنثيال فطري.. وارتجال يلخص ملامح الثقافة العراقية.. فكيف ستكون الصورة أمام الحرية المأمولة.. والمؤجلة في أن معا.. و في رواية رشيد الدين الهمذاني، صاحب تاريخ المغول ان جنكيز خان لاحظ وهو علي مشارف بغداد ان أحد قادته يعني بجمع الغنائم والأسلاب الكثيرة فقال له: وكيف ذلك يا رجل، قال: انني يا سيدي أجمع العوام والرعاع والاراذل.. وأعدهم فيأتوني بما أريد، فسال جنكيز خان.. وأسيادهم.. ما هم فاعلون؟ قال الرجل انهم يا سيدي يؤثرون الموت علي ان يسرقوا مال أهلهم وبلادهم، فقال جنكيز: ينالهم الموت جميعا.. .العوام والرعاع والأراذل.. ليسوا أوفياء لبلادهم.. والأسياد بموقفهم لن يكونوا أوفياء لنا.. فالسيف.. السيف أذن.

سأذكر ذلك، حين حانت لحظة الحوار مع السفير جون لمبرد، أول منسق لشؤون الثقافة، علي عهد الجنرال غارنر، أواخر نيسان (ابريل) 2003، حين تأمل وجوه العاملين في حقل الثقافة، وقرأ مطالباتهم بحماية المؤسسة الثقافية، وقال: اننا لانستطيع حماية المؤسسات الثقافية للبلاد هذا ليس شغلنا الآن . عندها صاح رئيس هيئة الآثار بألم (إنهم يسرقون اليوم موضع النبي إبراهيم الخليل).. فضحك السفير وقال ..وكنت كتبت مقالا في الحوار المتمدن على العبارة قال (مهلكم لقد إصطدنا فيلا ضخما.. وليس لدينا سوي ملعقة واحدة،فصبركم علينا). فكانت تلك العبارة مفاجأة خرقاء، وسخرية باهتة تمثل واحدة من الأعاجيب المبكرة للآخر الذي يمثل الإدارة المدنية؛ وحين أحس السفير لمبرد Limperd بوطأة عبارته علي وجوهنا قال: (لو كنت مواطنا عراقيا لأصبحت مليونيرا في سنة واحدة،إذ سيكون سهلا لي أن أؤسس شركة للحماية الشخصية،وحماية المؤسسات والبيوت.) إنه يرشقنا بالفاجعة، مثل منطق عبارة جنكيز خان، إذ بلا حماية فإن الموت يواجه الثقافة والناس، فالحماية وظيفة مجزية والثقافة براغماتيا عابرة والحضارة سلعة إستعمالية، إذ ما الفرق في أن تكون موجودات المتحف العراقي، في مكانها أو عند أي مالك تحف في أي مكان في نيويورك او لندن و في متحف وادي ارافدين في اسرائيل. وإنني أستطيع أن أقول،إن ذلك المنطق الذي ناقشت به إدارة الجنرال غارنر المدنية شؤون البلاد ما يزال ساريا حتي الساعة، علي الرغم من تغيير الإدارة والمنسق الثقافي أو في إنبثاق تشكيل رسمي وزاري يعني بالثقافة. فقد رافقت الإشارات الإعلامية، عن ترشيح السفير كوردوني الايطالي الجنسية لإدارة الثقافة، مساعدا للسيد بريمر، مجموعة من التنويهات والإشارات إلي إهتمام كوردوني بالثقافة ومعرفتة بالعربية كونه إشتغل مدة طويلة سفيرا لبلاده في بلاد النيل وكانت تلك وعودا خيرة عند أوائل شهر ايار (مايو) 2003 أي بعد السقوط بشهر! في ذات الوقت الذي كانت فيه تلك التنويهات تمثل لنا ثرثرات أصدقاء، ليس إلا ؛ فقد كانت التنظيمات السياسية والتشكيلات الإجتماعية للطيف السياسي الجديد تزج بكوادرها الثقافية في الحوار مع الإدارة، كنا نرى نحن تلك المحاولات علي إنها تجارب أركيولوجية لخلق جيل من حفاري قبور المعني، إذ لم تكن تلك التشكيلات قد خلقت كوادرها، عدا تلك العلامات الكهنوتية لمثقفين ماركسيين او متدينين منحازين يعمدون الي مزاولة مغايرة. وكانت تلك المحاولة مصحوبة بأنماط الضغط والتهديد والإبتزاز، بغية تشغيل قانون الإزاحة وهي عملية مبررة موضوعيا لكننا كنا نتسائل الي أي مدي تستطيع موجة المثقفين الجدد بكل إرثهم الثقافي السلفي أو الديني المذهبي او المعرفي، بحداثته، أو قدامته أن يفهم المعادلة، معادلة الأحتلال وإلي أي مدي يمكن أن يستعيد هؤلاء وعود التسامح والحوار الثقافي وصناعة المجتمع المدني التي حملوها معهم بحيث تجعل مهمة إستلام زمام الأمور أقل فوضي وأقل عنفا، وإغتيالا، وموتا.

جاء السفير كوردوني محاطا بمجموعة من الرتب العسكرية للقوات ــ لا أجد الضرورة من التطرق الي أسمائهم ورتبهم ــ وكنا نحن، بكل الإرث الثقافي السابق وبكل ثقل الجدل والإحتدام الذي أحدثه سقوط النظام نميل الي تحجيم الخراب، فيما يندفع الآخر بأنماط ثقافة العنف والثأرية... والنكوص. وكانت تصدر خارج حوارات الثقافة مع الإدارة المدنية سلسلة من صحف المرحلة تتميز بميول فضائحية ودعوة للإنتقام بشكل يسم الثقافة الإجتماعية التي تصنع خارج الإدارة المدنية في ظل خراب المؤسسة الثقافية وسرقتها.. وحرقها، وإندفاع تيارات ثقافية للحركات السياسية والأحزاب لا تريد أن تفي بوعود الحوار والتسامح والصفح الإجتماعي. بل الى القتل والتدمير والأحلال وعلي الرغم من التفاؤل الذي كان يسود أوساط المثقفين العراقيين في جديد تجمعاتهم، فإنهم سوف يصدمون بما رافق إدارة السفير كوردوني ومساعديه العسكريين، وما أتضح من بواكير العمل السياسي و الثقافي الرسمي بعد التشكيل الوزاري الجديد.

كان يمكن القول إن معجم الإدعاءات هو مصدر الكثير من الإرتجالات المتبادلة في البيئة الثقافية التي خلقتها المتغيرات بعد السقوط، وكان الإندفاع هائلا لدي بعض المثقفين لدخول مقرات الإدارة، علي الرغم من كل إجراءات التفتيش وشروط منح الهوية أو وسائل الإتصال، للحصول علي إمتياز الحوار الذي ظهر في ما بعد إنه مجموعة أقاويل وثرثرات لا تخلو من طرافة أو وعود لم تنفذها إدارة بريمر او ادارة كوردوني لشؤون الثقافة كما ان الأحزاب الدينية والتشكيلات الأخرى لم تكن تريد احدا من الداخل اذ ثمة موجة لمحو الداخل محو الذاكرة ..وستبين اليام معنى ذلك لاحقا. فأشتكي من هذه الظاهرة التشكيليون والكتاب والموسيقيون، وأطراف ثقافية في مجال العمارة والدراسات الاجتماعية، بل إن إدارة الثقافة كانت تتبع بوضوح أوامر الإدارة العسكرية المرافقة والموجودة بإستمرار والتي لاتريد اي نمط من تحريك الأمر.. وأستطيع القول إن إدارة السيد كوردوني حتي نهاية أيلول (سبتمبر) 2003 لم تقدم شيئا، بل إنها تركت رغوة اللغة، وملمسا مثل رغوة الصابون، جعل الجميع يشعرون إن إدارة الثقافة في العراق اليوم هي مهنة شاقة. وأستطيع القول دون بلاغة أن وزارة الثقافة منذ تشكيلها أطلقت إتجاهاتكثيؤة وخطيرة ، حيث إندفع العديد من المثقفين للحصول علي إمتيازات الوظيفة، والإدارة حين فتحت الوزارة أبوابها، فكان أن تحول ذلك التقابل والتنوع في البيئة الثقافية الي إحتدام.. وتهم.. وتخوين، مما دفع الوزارة للقول إن لا محاكمة للمثقفين العراقيين في الداخل ؛و هو دليل علي مستوي الإستهداف الذي شحنت به التشكيلة الوزارية، من قبل المثقفين المقبلين علي إمتيازات المرحلة. وليس من باب الإلتفاف علي الفكرة، القول: إن المثقفين العراقيين من مختلف الأجيال، والإنتماءات اليوم يشعرون بالتهميش وبالتحول من انداء في الإبداع، إلي أضداد في النوايا والأهداف، وهو جراء اليأس الذي تركه جنرالات الثقافة، الذين إنتهت عقودهم والجدد أيضا، وثقل التركة التي تجعل وزارة الثقافة تبحث عن أهل الثقة قبل أهل الخبرة لإقامة قيامتها الثقافية، لقد لاحظت إن تشكيلة الإدارة المدنية من منسقي الثقافة لا ترغب بالعمل مع مجموعة العراقيين الذين وفدوا بعد السقوط و الذين تم التعاقد معهم كخبراء في الثقافة والإعلام ضمن المجلس العراقي للإعمار والتطوير. لذلك ظلّوا مهمّشين رغم شكاواهم للسكرتير الثقافي والأعلامي للسيد بريمر.

أقول أن عجز التشكيلات السياسية الحالية عن النجاح في مهمة خلق مثقفي المرحلة الجديدة وهو إتجاه واضح، جراء الإلغاء والمحو وإرتجال التهم إزاء الآخر، وعدم وضوح سياسة الإستقطاب عند المؤسسة الثقافية الجديدة، قد أطلق الأصوات التي نسمعها لمثقفين في الخارج، كانوا يقفون في صفوف المعارضة قبل السقوط،وهم ينددون بمثقفي الداخل كجزء من توجهات المحو كما كان يرى مجموعة مثقفي البلاد.. ولمثقفي الداخل الذين، إلتزموا منهجهم الإبداعي بعيدا عن نمطية النظام السياسي، وثقافته المغلقة خلال العقود الثلاث الماضية. الذين يتوجهون و يسألون من الخارج بمن إتصلتم من المثقفين والذين في الداخل يسألون لم التهميش وحرق الجسور وإثراء الثقافة العداء والعنف، بعد أن تركت الإدارة المدنية بصمتها الخاصة في سياسة منسقي الثقافة، التي ستحيل الثقافة ليس الي المؤسسة الثقافية وبل الي الجامعات، والمعاهد والتشكيلات المدنية الثقافية، وهي مهمة مستقبلية يراد ان أن ينهض بها المثقفون بعد أن فشل جنرالات الثقافة في فهم المتطلبات الحضارية، لثقافة مجتمع قديم ومركب وصعب. إن إخراج الثقافة العراقية اليوم من تأثيرها المؤسساتي والإجتماعي، وإحالتها مثل التجربة الأمريكية، الي الميادين المدرسية.. والجامعية.. والمدنية سوف يخرج الثقافة العراقية من تأثيراتها المستقبلية في إتجاهات الفكر، والمجتمع، وإذا تسني لي القول إن محدودية الصلة الثقافية بين التشكيلة السياسية، عبر مجلس الحكم، كنتيجة لمحدودية العلاقة بالشعب، قد ينعكس علي محدودية علاقة البنية الثقافية، مما يجعلها تميل الي رصيدها الخاص، وصناعة النخب الثقافية بفعل لأبعاد والأزاحة.

كادر

تحدثت سكرتيرة الأمن القومي كوندليسا رايس عن أمثلة ما يحصل من إستقرار في العراق، وقالت إن المتحف العراقي يفتح أبوابه.. والسمفونية الوطنية العراقية تقدم عروضها، وذلك بإيحاءات من الإدارة المدنية، والحقيقة أن إدارة المتحف هي التي قررت المشروع من قبل الكوادر العراقية للتعبير عن الاستمرار رغم الخسارة، والعرض الذي قدمته الفرقة السمفونية العراقية علي مسرح قصر المؤتمرات يوم 24 تموز (يوليو) 2003 كان نتيجة لقاء الموسيقيين العراقيين الذين قرروا التعبير عن طاقة العراقيين الإبداعية في البقاء والتواصل تحت ظل ظروف الاحتلال، وقد جيرت تلك الأحداث الثقافية لصالح إدارة السيد كوردوني وجنرالاته للخروج من متاهة اللا فعل!



#فاروق_سلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمة ..ونجوم و..علامات
- مرايا ليوميات البلاد
- شجرة سعدي يوسف
- آخرة الحزن البغدادي
- ارصفة لأعقاب السجائر وفوارغ الرصاص
- ظهيرة صحبي
- تداعيات الرحيل
- The family international ..angels
- فوتو لأمرأة ..وأبجدية
- كتابة أخرى
- جدارية مؤيد نعمة
- قصائد مسائية
- رموز صغيرة للوليتا
- شكرا غارنر ..شكرا لمبرد ....وليمة اصطياد الفيل
- سنوات الحرية والحوار والتنوع تجربة شخصية
- وردة ثالثة
- تأثيث ألصفنة
- سكون المنزل وضجيج الرصاص
- تقريـر يومي لسكان المنــزل
- شـجرة غاردينيا قديمـة


المزيد.....




- كرنفال الثقافات في برلين ينبض بالحياة والألوان والموسيقى وال ...
- ما الأدب؟ حديث في الماهية والغاية
- رشيد مشهراوي: مشروع أفلام -من المسافة صفر- ينقل حقيقة ما يعي ...
- شاهد الآن ح 34… مسلسل المتوحش الحلقة 34 مترجمة.. تردد جميع ا ...
- مصر.. تأييد الحكم بالسجن 3 سنوات للمتسبب في مصرع الفنان أشرف ...
- بعد مسرحية عن -روسيات ودواعش-.. مخرجة وكاتبة تواجهان السجن ف ...
- بقضية الممثلة الإباحية.. -تفاصيل فنية- قد تنهي محاكمة ترامب ...
- مصر.. القبض على فنان شهير بالشيخ زايد بتهمة دهس سيدتين
- صلاح الدين 25 .. متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 25 م ...
- غزة تحت النار.. الشعراء الشهداء إذ ينثرون إبداعاتهم


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق سلوم - جنرالات الثقافة في متاهتهم ..ثقافة التهميش ام ثقافة المنفعة