أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيثم بن محمد شطورو - بين العلم و الايمان















المزيد.....

بين العلم و الايمان


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 5322 - 2016 / 10 / 23 - 21:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل الدين و العلم متـناقضان؟ هل التـفكير العقلي الإنساني هو بالضرورة مناقض للدين أم نقول مثلما قال ابن رشد : " إذا كانت الشريعة الإسلامية حقا و داعية إلى النظر المؤدي إلى الحق، فإنا معشر المسلمين، نعلم أن النظر البرهاني لا يؤدي إلى مخالفة ما ورد به الشرع، فإن الحق لا يضاد الحق بل يوافقه و يشهد عليه". فحقيقة الشرع أي الدين و القرآن مشروطة بتوافقها مع البراهين العقلية القائمة على المنطق و العلم.. و الحقيقة أن هذا الاشتراط الرشدي لا يخرج عن منطوق القرآن القائل في الآية 20 من سورة العنكبوت : "قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق".
***
اكتـشف فريق من العلماء في شمال كندا سنة 2004 ما أطلقوا عليه اسم "تيكتالك". الاسم و إطلاق الأسماء هو بذاته عمل آدمي الاهي حسبما ورد في القرآن..
" إذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد في الأرض و يسفك الدماء و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك قال اني اعلم ما لا تعلمون. و علم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم". ( سورة البقرة الآيات 30 – 31 – 32).
و لا يمكن طبعا أن نقرأ هذا المتن حسب ظاهره فقط. فمن الواضح أن الزمن هنا هو الزمن المطلق أو ألازمن، و حسب تحديدات العقل الإنساني فالكلام هنا عن فكرة الإنسان أو الإنسان بالقوة حسب الصياغة الأرسطية اما الإنسان بالفعل، في الواقع الإنساني التاريخي، فهو كان و يكون و سيكون يتعلم الأسماء و يطلقها. فآدم جوهره هو التعلم و العلم و بذاك يكون خليفة الله في الأرض، فجوهر الإنسان ليس الفساد في الأرض و سفك الدماء مثلما ذهبت إلى ذلك الملائكة أو الطرف الآخر في صناعة الحوار و الجدل الرباني بتـقـنية أدبية رفيعة تـتـساوق مع الثـقافة الانسانية من حيث المضمون و الشكل، فالملائكة موجودة في الثـقافة الانسانية قبل القرآن، فتلك شروط الكدح الإنساني في تطوير نفسه عبر الالتـقاء بجوهره كعلم و عقل. أليست الحروب هي اكبر منتج للاختراعات و الاكتشافات العلمية؟ أليس الإفساد في الأرض هو اكبر محفز لبناء جديد خير و عادل أي نهضة حضارية شاملة؟ إذن إنها دواعي الصيرورة قانون الحياة بين الوجود و العدم. فـ"الفزع من الخطأ هو الموت المحتوم لكل تقدم" مثلما يقول "هيغل"، و مثلما قال "رويس" كذلك:
" إننا إذا لم نخطئ، و إذا لم نحاول العلو على أخطائنا، فانه هيهات لنا أن نصبح حكماء.. هذا هو مبدأ السخرية السقراطية، و تلك هي خلاصة الحكمة البشرية". لأجل ذلك أقر الدين مبدأ التوبة و الغفران و المغفرة و ذلك ليس لأجل نفاق الله فان الله عليم بما في السرائر و إنما من اجل العلو على أخطائنا و تجاوزها نحو الإصلاح في الأرض و السلام.
( الإفساد في الأرض حوله الإسلام المنحط إلى الاخلاقويات الضيقة أي الزنا و غير ذلك من التفاهات، و إنما هو تبديد الثروات و إهلاك الأرض بيئيا و المظالم الاقتصادية و الاجتماعية و التسلط على خلق الله من بشر و حيوان و شجر. أي هو كل جهد تسلطي للنهب و الاستحواذ بأنانية ضيقة).
فـ"التيكتالك" هو كائن يجمع بين صفات الأسماك و الحيوانات الأرضية، لها قـشر يغطي ظهرها، و زعانف مثل الأسماك، و لها في نفس الوقت رأس مفلطحة، أعلاها عينان و رقبة. لها ذراعان و معصمان أي نصف سمكة و نصف حيوان برمائي و ذلك منذ 375 مليون سنة.
و من المعلوم أن يد الإنسان تـتـشابه و جناح الخفاش و زعانف الحوت. كما أن الإنسان يشترك بـ 98 في المئة من الجينات مع الشمبانزي. و ربما يكون من دواعي ضرب كبرياء الإنسان أن يعتـقد في أصله راجع إلى القرد الأعلى أو السمك، و لكنه من دواعي الدهشة و التعظيم للخالق كيف يتطور الخلق من السمكة في البحر إلى القرد الأعلى إلى الإنسان المفكر، و تلك عظمة الله التي يجب على المؤمن الحقيقي أن يقف صاغرا أمامها. فيكاد الله يشتكي من غرور الإنسان حين يقول في الآية 14 من سورة نوح:"ما لكم لا ترجون الله وقارا و قد خلقكم أطوارا".
فالانفتاح على العلم هو انفتاح على التـفكير الاصوب في الله و بالتالي الإيمان الحقيقي به و الذي يتماهى مع الإيمان بالعقل الإنساني بما هو تعبير عن خلافة الله في الأرض أو تجسيد لروح الله في الأرض. هذه هي الأمانة التي عرضها الله على الجبال فأبت و قبلها الإنسان. و الجبال هنا كرمز لضخامتها و قوتها المادية الواضحة للعيان و ليست بما هي جبال في ذاتها. الإنسان التافه من حيث الضخامة المادية أمام الجبال قبل الأمانة و التي هي متعلقة بالعقل و التـفكير و العلم و التي بواسطتها تمكن من اختراق الجبال و استخراج الثروات الكامنة فيها. هذا الإنسان الذي سخر له كل شيء لأنه ذو عقل و ليس لأنه ذو ضخامة الجبال في عرضها و طولها و ارتـفاعها.. هذا العقل و هذا الإنسان هو من الأرض تطور خلقا بعد خلق، ليكون بواسطة العقل الاهيا. انه الواسطة بين الطبيعة و الله..
و لماذا نصر على ضرب كبرياء الإنسان بالمنطق العلمي و البرهاني؟
ليرتـفع الى العقل و يرتـفع عن الغرور و الجهل و هما أسباب كل إفساد في الأرض. ليرتـفع إلى الحضارة عن التوحش و إلى الله عن الغريزة و إلى الكل عن الأنانية و إلى التـشاركية الحياتية مع أخيه الإنسان اجتماعيا و اقتصاديا و روحيا... ليرتـفع إلى العقل، إلى الله، ليكون جوهره و حقيقـته و سعادته و غبطته المتعلقة بالامتـناهي، و ليس مظاهره المتـناهية و عوالم زيفه و اغترابه عن حقيقته في اللوح المحفور..
فالعقل وحده يملك إمكانات خلاصه وجوديا و انطولوجيا. العقل هو القادر على حل جميع الشفرات. العقل قادر على معالجة جميع الظواهر الغريبة و من بينها ما سنذكره الآن..
***
"البير ماسون" طبيب انكليزي استطاع عن طريق المعالجة بالتـنويم المغناطيسي ان يعالج بقعة من جلد الفتى السميك الذي كان مغطى بما يشبه حراشف السمك، خلال عشرة أيام. و تابع من ثم هذا النوع من العلاج حتى عاد جلد الفتى المريض كجلد غيره من الفتيان العاديين. و قد كتب الطبيب بحثا عن ذلك سنة 1952.
و نذكر أن سمكية جلد الفتى المذكور لم تكن نتاج حادث عرضي و إنما في تكوينه الجيني. أي ان تركيبته الجينية كانت مضطربة على غير القياسات البشرية. هناك نكوص جيني إلى الأصل. نكوص عن حالة التطور التي تشكلها التركيبة الجينية للبشر الآن. هذا النكوص يحيل إلى نظرية الأصل السمكي للبشر..
من جهة أخرى فان التطبيب بواسطة التنويم المغناطيسي القائم على اعتـقاد الطبيب و تمرير خطاب
معين إلى عقل المريض يؤكد على معالجة عقلية و ليس بواسطة العقاقير التي عجزت عن مداواته. فهنا إحالة إلى القوى الغير مرئية في الإنسان و مكمنها العقل. إنها ما يسمى كذلك بالقوة الروحية. يفتح هذا الحدث الأبواب مشرعة حول إعادة التـفكير في مثل هذه القوى و تحديدها. أي إننا هنا لا نقف موقف الاستهزاء بالعلوم التجريبية و إنما الانفتاح على الاستـثـناءات فيها و على مجمل معطيات العقل الإنساني..
و نسوق كذلك مثل السيدة "ليس هارتل" التي كانت فارسة تدريب دانماركية على ركوب الخيل (1921 – 2009). في سنة 1944، كانت حاملا بطفلها الثاني، و صارت ضحية لشلل الأطفال، و بقيت مشلولة تحت الركبيتين، و خضعت لإعادة التأهيل ثلاث سنوات، و في سنة 1952، السنة التي حصلت فيها المرأة على المشاركة في الألعاب الاولمبية، اشتركت فيها في ( هلسنكي – عاصمة فنلندة)، و حصلت على الميدالية الفضية. و بعد أربع سنوات، حققت النتيجة نفسها في ( ستوكهولم – عاصمة السويد)، على الرغم من أنها كانت تحتاج إلى مساعدة لركوب الحصان و النزول عنه، و أصبحت مضرب المثل في تحدي الإعاقة، و انتـشرت شهرتها في أنحاء العالم، و سميت باسمها نوادي كثيرة للفروسية في الدانمارك و غيرها تخليدا لذكراها.( من الهامش لرواية "الرجل الذي كان ينظر الى الليل " للكاتب "جلبير سينويه"، و الهامش اضافة المترجم السوري محمود المقداد.- عن سلسلة ابداعات عالمية)..
و هذا مثل واضح على دور الإرادة الإنسانية في تحدي عوامل العجز المادية. هذه الإرادة التي تعني إيمانا بالذات و بالتالي قدرة عقلية على تجميع ملكات الذهن في تحدي عوامل العجز.. إننا أمام القوة العقلية و الروحية التي يمكن للإنسان ان يستـنهضها لتحدي ما يظهر انه مستحيل.. الإيمان بالذات، بالإنسان، بالله.. إيمان بجوهر واحد يحقق التجاوز نحو الانجاز الإنساني.. التقدم.. النهوض..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حصان الثورة
- -جمنة- بين الثورجية و المعقولية
- تعاونية -جمنة-
- الكاتب و الزبالة
- أمريكا الداعشية
- -بورقيبة- و الثورة
- -يلزمنا ناقفو لتونس- رئيس الحكومة الجديد يستحضر شعار -شكري ب ...
- في الالحاد الاسلامي
- الفردوس المفقود المأمول
- رئيس الجمهورية التونسية يسحب البساط من الجميع
- الصادقون و الكاذبون
- هل تتجه تونس نحو سلطة الشعب؟
- تركيا نحو الانهيار
- سؤال بسيط: هل انت مؤمن فعلا؟
- -أردوغان- يفلت من العقاب
- أبي الغائب الحاضر و الإمام الغائب
- فتاة -هرقل-
- تقدمية المثقف الستيني
- الرئيس يلعب بالنار
- -العصفورية-. ملحمة العرب المعاصرة


المزيد.....




- كواليس قرار الجنائية الدولية بشأن كبار القادة في إسرائيل و-ح ...
- الجيش الأميركي: أكثر من 569 طن مساعدات سُلمت لغزة عبر الرصيف ...
- مسؤول أممي: لا مساعدات من الرصيف العائم في غزة منذ يومين
- بايدن: هجوم إسرائيل في غزة -ليس إبادة جماعية-
- مصدر: مستشارو السياسة الخارجية لترامب التقوا بنتنياهو
- 7 مرشحين يتنافسون في الانتخابات الرئاسية الموريتانية
- من تبريز إلى مشهد، كيف ستكون مراسم تشيع الرئيس الإيراني؟
- نيبينزيا: إسرائيل عازمة على الاستمرار بعمليتها العسكرية على ...
- سيناتور روسي: في غضون دقائق ستترك أوكرانيا بدون رئيس
- مادورو: الرئيس الإيراني كان أخي الأكبر ورمزا للثوري الطامح ل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيثم بن محمد شطورو - بين العلم و الايمان