نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث
(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)
الحوار المتمدن-العدد: 3427 - 2011 / 7 / 15 - 15:15
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
عبثاً تهرب من ماضيك
تبني لك بيتاً
متناسياً وجع الطفولة
مرطباً جفاف ذكرياتك وقدميك
مقتلعاً من أصابعك شوك السنين
أجمل ما فيك التراب الذي فيك الشاعر.. زاهي وهبي
انقاذ و هروب لجمن :
فشل شاكر أفندي بتخليص قرينه الجاسوس لجمن بواسطة تحشيد العشائر والادعاء بأنه درويش شيعي عذب من قبل المتصرف , كانت خطته الثانية بتحشيد عشيرة ألبو صالح الواقعة على طريق الديوانية الحلة ودفع المبالغ لهم وله قربة لهذه العشيرة مما تمكن من تحشيد 300 مسلح ونصب كمين للجندرمة البالغ عددهم العشرين لمرافقة للجاسوس لجمن , فتمكنوا السيطرة على الجندرمة وتهديدهم بالسلاح والتمكن من فك وثاقة وإطلاق سراحه وعاد الجندرمة خائبين إلى عزة بيك فأرسلهم إلى الحلة للسيد عاكف بيك فأمر باعدامهم جميعاً.
الجاسوسة المس بيل:
كان للسيد شاكر أفندي الدور الكبير في مساعدة الجاسوسة البريطانية جرترود بل ويذكر السيد وداي العطية في تأريخ الديوانية قديماً وحديثاً ص118: ( السيد " س " .. كان من عمال المسز بيل منذ زيارتها الأولى للديوانية قبل الحرب الكبرى, وكان الوحيد بين سكان الديوانية يعرف بأسرارها وخفايا أمورها, وكان يساعدها في رحلاتها في منطقته غير حافل بعواقب الأمور ما دامت هذه المساعدة تدور على الأرباح الطائلة).ولكن الجاسوسية التركية كان لها حدس بوجود مسز بل في الديوانية وادعائها مساعدة العشائر في القضاء على الأمراض المتفشية بينهم, وقد أمضت مسز بل سنوات ما قبل الحرب العالمية الأولى متنقلة بين قبائل لواء الديوانية , وقد جمعت الكثير من المعلومات وكتبتها بمذكرات عن واقع المنطقة لإرسالها لمصلحة الاستخبارات البريطانية , كونها خبيرة في شؤون البلاد , ولكن رئيس مصلحة مقاومة الجاسوسية العثمانية في العراق السيد حسام الدين بيك بمعرفته بهروب لجمن من الجندرمة, بدأ الشك يلوح إلية بوجود جواسيس آخرين والشبهات تدور حول مساعدة شاكر أفندي لهم في لواء الديوانية فكان له خطة بمساعدة الآنسة التركية صدبرك كمال التي كانت في بغداد فاستدعاها إلى الديوانية لمساعدته ودخول بيت المتخاذل شاكر أفندي, فكان له ذلك ودخلت بيت شاكر أفندي فتوطدت العلاقة بين عائلة شاكر أفندي وصدبرك كمال وفي أحد الأيام لاحضت وجود مسز بل في بيت شاكر أفندي, مما أنبأت حسام الدين بيك بوجود بل في الديوانية وما كان إلا السفر للديوانية, فقد هربت مسز بل متجهة إلى عشائر الزياد وشهامة العشائر تهتم بالغريب وبقيت فترة عند هذه العشرة وتمكنت من إقناع زوجة الشيخ علوان ( كعوة ) باخفاء مذكراتها لديها وإرسال من هو أمين لجلبها ثم الهروب من المنطقة إلى الشامية ومن ثم إلى البصرة, وتمت مطاردتها وتمكنت صدبرك كمال من العثور على مذكراتها المشفرة بواسطة احد الرعاة في المنطقة ودخولها لبيت زوجة شيخ عشيرة الزياد, ويذكر السيد وداي العطية إن المسز بل ص134:( هي أول من عرف(س)" شاكر أفندي" بالجاسوس لجمن, فصار يتردد علية وبنزل في داره ويأخذ منه التقارير عن الحركات العثمانية),وكانت غاية مسز بل أخذ كتاب توصية من السيد شاكر افندي إلى السيد هادي المكوطر وهو من الزعماء الأخيار في منطقة الشنافية وكان يعتقد إن العراق اذا أراد أن يستقل فليعتمد على إتحاده مع الترك العثمانيين, ولكن مساعي الانكليز باءت بالفشل باستمالة السيد هادي المكوطر لجانبهم, فما كان إلا الإستماله للسيد محسن أبو طبيخ بواسطة مسز بل بعد مرورها بالشامية وناحية غماس التي يسكنها السيد فأعطته الكتاب, ويذكر وداي العطية في ص136 من تأريخ الديوانية: (وبقيت تعالجه إلى أن أمسى مساء تلك الليلة فاختلت به ونفحته مائتي ليرة وصارت تمنيه بالأحلام الذهبية والوعود الخلابة, وأخيراً رضي بما طلبته منه ووافق على أن يساعدها).ومنذ ذلك الحين بات السيد من المؤيدين لمسز بل وأخذ يوافيها بالتقارير عن النجف والكوفة والشامية بواسطة جواسيسها الذين ترسلهم إليه.
دخلت مسز بل العراق بصفة طبيبة لمعالجة العراقيين من مرض الملاريا المتفشي بين أبنائهم وبواسطة هذا الادعاء حصلت على الكثير من المعلومات عن عشائر المنطقة, هذه المرأة كانت خبيرة في شؤون البلاد.
عند دخول الجيش البريطاني الديوانية من البصرة والسيطرة على العراق واحتلالة فقد كرم السيد شاكر أفندي وعين متصرف للواء الديوانية نتيجة جهوده الذي بذلها بمساعدة الاحتلال البريطاني,وعند قيام ثورة العشرين في الجنوب زار الكولونيل لجمن الديوانية واتصل بالسيد شاكر أفندي ليقوم بجولة في المنطقة وزيارة الشيخ شعلان أبو الجون , فعند وصولهم منطقة العارضيات وبصحبة شعلان أبو الجون , كان من شعلان إبلاغ لجمن بأن هذه المنطقة قد قتلنا عمامك فيها ولو كنت معهم لقتلت شر قتلة, امتعض لجمن وعاد للديوانية خوفاً على نفسه من القتل والتأريخ يعيد نفسه وما أشبة اليوم بالبارحة فالاستعمار الأمريكي قد دخل بمساعدة تلك
النفوس الضعيفة ومساويء الدكتاتور صدام وارتباطه بعجلة الامريكان منذ انقلابهم المشؤوم عام 1963 وتصريح علي صالح السعدي القيادي في حزب البعث باننا أتينا بقطار أمريكي , والقطار ركبه شرذمة المجتمع ومن دخل بعباءة المتخاذلين وبائعي خيرات البلد من الأحزاب القومية والأثنية والإسلام السياسي , همهم مصلحتم لا مصلحة العراق, وحق لشاعر العراق الجواهري عندما قال:
والصابرون على البلوى تراودهم....................من أن تضمهم أوطانهم حلمُ
فالجواسيس هم في كل وقت وتأريخ, بالأمس شاكر أفندي واليوم الكثير من أمثاله ممن أبدى المساعدة ولعب الدور الكبير في تحشيد العشائر من صحواتها وثعالبها لصالح الأجنبي ونكاية ببلدهم.
كانت لقواد ثورة العشرين الأهازيج الكثيرة وقد ذكرتها كتب تأريخ الثورة وذكرها الشاعر الحلي حامد كعيد الجبوري بثلاث مقالات على الحوار المتمدن ولكن هنالك اهزوجة جميلة تبين الصراع بين قادة الثورة على الجنه الموعودة:
ثلثين الجنة الهادينه يقصد العالم عبد الهادي القزويني
أو ثلث الكاكة أحمد وولاده أي القائد الكردي أحمد الحفيد
وشوية شوية البربوتي بربوتي رجل معتبر من أهالي الأعظمية
............................ .....................................
زعل عليهم الشيخ عباس علي شيخ الرماحيه وكانت اهزوجته
جا وين أكعد يا رب هادي
مقتل لجمن:
من عادات العشائر في العراق عند معاداة الحكومة تقوم بتخريب المنشآت الحكومية ومنها سكك الحديد وقطع الطرق على المسافرين من الجانبين سواء كانوا مدنيين أم قوات عسكرية أو موظفين حكوميين , بغية سرقة ونهب أموالهم فما كان من الكولونيل لجمن إلا الذهاب إلى المنطقة الغربية وبالخصوص مخفر أبو منيصير للتأكد لأن هنالك اتفاق ما بين العشائر في المنطقة والقوات البريطانية على حماية المنطقة ,وكانت تحت حماية عشيرة الشيخ ضاري ويذكر الباحث الاجتماعي علي الوردي في لمحات اجتماعية من تأريخ العراق الحديث ج4 ص86: (أرسل لجمن إلى ضاري يطلب مقابلته في ( مخفر أبو منيصير) .. راكباً سيارته الخاصة يسوقها سائق هندي وكان بمعيته خادم اسمه حسن.. فوجد ضاري و ولدية خميس وسليمان وبعض أقربائه وعبيده.. وأخذ يحدثه عما جرى في بغداد.. ومحاولة إلقاء القبض على يوسف السويدي وأصحابه..فجاء سائق سيارة.. أخبر عن حادثة سلب وقعت بالقرب من سدة الترك , فظهرت إمارات الغضب على وجه لجمن والتفت نحو ضاري قائلاً(هذي كلها حركاتك).
كان لجمن بكل مقابلة مع الشيخ ضاري يوجه الاهانات له واتهام ضاري بهذه الأعمال, فأشار ضاري إلى ولده سليمان بقتل لجمن, فأطلق النار عليه من بنقديته وانهال الشيخ ضاري بسيفه لضرب لجمن على رأسه وصدره , حتى سقط أرضاً متمخض بدمائه.
#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)
Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟