|
لماذا على مصر نصرة الشعب الليبي عسكرياً ؟
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3328 - 2011 / 4 / 6 - 20:10
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
منذ بدأ التدخل العسكري الأمريكي في ليبيا لمساندة الشعب الليبي ، و أنا أتخوف من أحد مسارين يمكن أن ينتهي لهما الحال في ليبيا . المساران اللذان أعنيهما ، مبنيان على متابعة للتدخلات الأمريكية في النزاعات الداخلية للدول ، منذ حرب تحرير الكويت ، و إلى اليوم . المسار الأول ، و يمكن أن أطلق عليه مسار كوسوفو - أو كوسوفا كما تُكتب أحياناً - و فيه لا تترك الولايات المتحدة النزاع حتى تحسمه ، لينتهي لصالح الطرف صاحب الحق ، و يمكن أيضاً إتخاذ البوسنة و الهرسك كمثال سابق على مثال كوسوفو من الناحية التاريخية ، و إن كنت أفضل تسميته مسار ، أو نمط ، كوسوفو ، لأن في كوسوفو كانت العملية سريعة ، و حاسمة . المسار الثاني ما حدث في العراق في التسعينيات من القرن الماضي ، حيث شجعت الولايات المتحدة ثورة ، ثم تخلت عنها ، ثم عادت فإكتفت بعقوبات دولية ، و مناطق لحظر الطيران ، ليبقى نظام صدام ، و إن تم تقليم مخالبه ، و ليعاني الشعب العراقي من ذلك الوضع الصعب . مسار العراق في التسعينيات من القرن العشرين هو ما أخشى حدوثه في ليبيا ، و مسار كوسوفو هو ما تمنيته ، و أتمناه . لا أقول بالطبع أن أي من المسارين ينطبق بالتفصيل على ليبيا ، لأنه لا توجد نسخ كربونية في التاريخ ، و لكن هو تشبيه في الخطوط العامة ، فمثلا أعني بالمسار العراقي في التسعينيات من القرن الماضي ، التدخل غير الحاسم ، لتتمزق نتيجته سلطة النظام القائم ، أو تضعف جداً ، دون أن يظهر بدلاً منه نظام جديد أفضل ، فتكون النتيجة معاناة الشعب . المسار العراقي - كتشبيه في الخطوط العريضة كما نوهت في الفقرة السابقة - يبدو إنه هو الذي سيكون في ليبيا لو إستمرت الأوضاع بوتيرتها الحالية ، لأن أوباما غير حاسم في هذا الشأن ، و يبدو أن السيدتين اللتان أقنعتاه بالتدخل لحماية الثورة الليبية ، لم توفقا في إقناعه بضرورة إستكمال العمل الذي شرع فيه . لا يمكن إجبار الولايات المتحدة ، أو حلف الناتو ، أو أي دولة مشاركة في العمليات الحالية ، على أن تحسم النزاع الليبي الداخلي ، و لكن مصر من الضروري أن تتدخل عسكرياً ، و بسرعة ، لنصرة الثورة الليبية ، للأسباب التالية ، دون شرط أن يكون في ترتيبي لها أي علاقة بالأولوية ، و على العموم هي حزمة مترابطة من الأسباب : أولاً : لأسباب إنسانية . الشعب الليبي هو من سيدفع ثمن إستطاله النزاع ، و دخوله مرحلة الصراع المزمن ، أو حتى مرحلة الركود غير المحسوم ، أو حتى مرحلة تقسيم ليبيا ، و نحن كمصريين ، لا يجب أن نسمح بهذا لأسباب إنسانية تتشارك فيها كل الإنسانية ، و تزداد قوة بإخذنا في الإعتبار أن الشعب الليبي هو شعب شقيق ، تمازج مع الشعب المصري منذ فجر التاريخ المصري ، و إلى اليوم ، و تداخل تاريخهما معاً في مراحل كثيرة من تاريخ الشعبين . ثانياً : لإنهاء وجود هذا الحجم الكبير من التواجد العسكري الأجنبي بالقرب من حدودنا الغربية . التدخل المصري لإنهاء النزاع لصالح الثورة الليبية ، سوف يلغي أي مبرر لحلف الناتو للإبقاء على تواجده في المياه ، و الأجواء الليبية ، و بالقرب من الحدود المصرية ، و أرى أن هذا يهمنا . ليس من مصلحة مصر تواجد نزاع مزمن بجوارها ، و تمركز كبير لقوات أجنبية بالقرب منها . ثالثاً : لتقويض فرص الإرهاب . الولايات المتحدة الأمريكية ترفض تزويد قوات الثورة الليبية بالسلاح خوفاً من أن يقع ذلك السلاح في يد تنظيمات إرهابية . ربما تكون لوجهة النظر هذه ما يدعمها ، لكن أيضاً يجب الأخذ في الإعتبار أن عدم الحسم سيعني وجود درجة ما من الفوضى ، و الفوضى هي أفضل بيئة لنمو الإرهاب . كما أن عدم الحسم سيعني بقاء نظام القذافي ، و لذلك النظام تجارب سابقة في دعم الإرهاب ، و تبنيه ، و أعتقد إنه سيعود لإستعمال نفس الإسلوب لو بقى في الحكم ، خاصة ضد مصر ، و تونس ، اللتان هبت منهما رياح الديمقراطية على ليبيا . لهذا فإن التدخل السريع للجيش المصري لحسم ذلك النزاع لصالح الثورة هو الحل الأفضل ، لأن السلاح سيظل في يد الجيش المصري الموثوق به ، و سيعني التدخل السريع تشكيل نظام حكم ليبي ديمقراطي ، بما يعني إنعدام الفوضى ، و تقوض فرص الإرهاب ، الرسمي ، و غير الرسمي . رابعاً : لدعم المد الديمقراطي في الدول العربية . قبل ثورات 2011 ، أشرت في مقالات عديدة إلى تحالف الأنظمة العربية الحاكمة ، أكانت تنعت بالمعتدلة ، أو بالمتطرفة ، لمواجهة أي تجربة ديمقراطية عربية ، و القضاء عليها . أشرت لتجربة موريتانيا ، و للتجربة السودانية في الثمانينيات من القرن الماضي ، و التي وأدها إنقلاب البشير ، و في أكثر من مقال للحرب التي شنتها ، و لازالت ، الأنظمة العربية الإستبدادية ، بكافة تصنيفاتها ، على الديمقراطية العراقية . السكوت الحالي لنظام عمر سليمان ، و رفضه دعم الثورة الليبية عسكرياً ، سواء بالمشاركة في العمليات ، أو حتى بإرسال السلاح ، و الخبراء العسكريين ، هو في الحقيقة دعم لنظام القذافي ، إي إستكمال لسياسة حرب الأنظمة العربية الإستبدادية على الديمقراطية . إنتصار الثورة الليبية هو إنتصار للشعوب العربية التائقة للديمقراطية ، و خسارتها - لا قدر الله - أو بقاء الوضع غير محسوم ، أو تقسيم ليبيا ، إنتصار للإستبداد العربي ، لأن في الخسارة ، أو عدم الحسم بسرعة ، أو التقسيم ، ليس فقط وأد للديمقراطية الليبية ، و حسر للمد الديمقراطي العربي ، بل و أيضاً لأن ذلك يعطي مثال سيئ لما يمكن أن يحدث نتيجة للثورات ، و ترويج لفكرة أن الإستقرار ، و لو كان تحت حذاء الإستبداد ، أفضل من الفوضى الناتجة عن الثورة . معركة الشعب الليبي من أجل الديمقراطية و حقوق الإنسان ، هي معركة كل الشعوب العربية ضد الإستبداد ، و الإنتصار الحاسم ، و السريع ، للشعب الليبي على الإستبداد مثلما هو دعم للديمقراطية في العالم العربي ، فإنه أيضا دعم للإستقرار في المنطقة ، و العالم . لهذا فإن أول قرار سأتخذه لو حظيت بدعم الشعب المصري في الإنتخابات الرئاسية القادمة ، و كان الموقف في ليبيا لم يحسم بعد ، أو تم القضاء على الثورة ، لا قدر الله ، هو التدخل عسكرياً لنصرة الشعب الليبي ، حماية لمصر ، و للقيام بواجبنا تجاه شعب شقيق ، و جار .
06-04-2011
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى متى ستظل البلطجة قطاع من قطاعات الدولة ؟
-
من يرعبه الخطاب الديني لا يقود التغيير
-
مباحث أمن الدولة تحاول الوقيعة بين الشعب و جيشه
-
إسبوعان من التظاهر و سيقف مبارك و سليمان أمام المحكمة
-
عندها سترون كيف تكون المعارك
-
حتى تصبح المبادئ و الأهداف واقع
-
الفرص يجب أن تتكافئ أولاً
-
جُمع قتل الثورة
-
هل سينطبق نموذج أمريكا اللاتينية على البحرين ؟
-
لكن النضال من أجل العدالة و الديمقراطية و القصاص لن يتوقف
-
كنا سنقضي على القذافي قبل الثالث من مارس 2011
-
في هذه الحالة سأخوض الإنتخابات الرئاسية
-
النفط العراقي يمكن أن يدعم الديمقراطية في الخليج
-
نصف بالقائمة و نصف بالفردي
-
ثورتنا على الظلم و الإفقار حلال
-
برغم الخطأ تظل الدعوة للغضب قائمة
-
يوم الإستفتاء يوم للغضب
-
على الثورة أن تقدم دستورها البديل ، أو مشروع دستور 2012
-
كنيسة قرية صول هي أيضاً ميدان التحرير
-
دستور جديد ، دستور 2012 ، هذا هو المطلب
المزيد.....
-
دونيتسك.. نزع الألغام من المناطق المحررة
-
البرلمان العراقي يقر قانونا يقضي بتجريم أفراد مجتمع الميم-عي
...
-
معتقلون غزيون في إسرائيل: مكبّلون من أطرافهم الأربعة ومعصوبو
...
-
شاهد: فلسطينيون يشيعون المدرّس علام جرادات الذي قُتل برصاص إ
...
-
اتهامات بالتعاون مع -الجزيرة- .. إسرائيل توقف بث وكالة أسوشي
...
-
واشنطن: التطبيع بين إسرائيل والسعودية يتطلب تهدئة في غزة
-
رئيس الأرجنتين يرفض التراجع عن تصريحاته المشينة بحق زوجة رئي
...
-
لابيد: مصادرة أجهزة وكالة -أسوشيتد برس- من قبل الحكومة الإسر
...
-
-حزب الله- يستهدف 4 مواقع مهمة تابعة للجيش الإسرائيلي
-
لتحسين الوضع الديموغرافي.. برلماني أوكراني يقترح فرض ضريبة ع
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|