|
مجافاة الحقيقة والتلاعب بالمفاهيم الإقتصادية
عبد علي عوض
الحوار المتمدن-العدد: 2370 - 2008 / 8 / 11 - 09:54
المحور:
الادارة و الاقتصاد
إنَّ موضوعة مناقشة الإقتصاد العراقي وما مرَّ به مِن أزمات وتغيّرات ، أخذَتْ حيّزاً كبيراً في كتابات الإقتصاديين المتخصصين ، والأفكار والحلول التي طُرِحت من قبلهم لم تلقَ ترحيباً وتقبلاً من قِبل أصحاب القرار ! والدوافع الخفية والدفينة بالنسبة لنا معلومة . الذي أثارَ إنتباهي ، هي تصريحات رئيس هيئة الإستثمار د . أحمد خضر ، من خلال شاشة فضائية الحرة ، لما تضمنته من مغالطات إقتصادية وتزييف للحقائق . والغرض من كلامي هذا ، هو ليس رصد ملاحظات تسقيطية والإيقاع بالأستاذ رئيس الهيئة ( مع كل الإحترام والتقدير له ) ، وإنما تصحيح لمفاهيم هي ليست في محلها ، وهو رجل أكاديمي .أوجزها بالتالي : - أولاً - ذكرَ الدكتور المحترم ، أنّ الإقتصاد العراقي كان شمولياً لمدة خمسين عاماً ، يعني أنّ عمليات تأميم القطاع الخاص بدأت بعد ثورة 14 تموز 1958 ، وهذا غير صحيح ، لأنّ تنفيذ قرارات التأميم تمّت في عام 1964 إبّان عهد عبد السلام عارف . فما قام به الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم من خلال بناء قطاع صناعي عام ضخم ، كان سببه عاملان ، أولهما هو إمتصاص البطالة الكبيرة ، التي نتجت من زحف أبناء الريف الى المدن ، وثانيهما هو أنّ القطاع الخاص ورأسماله المحدود حينذاك ما كان قادراً على بناء منشآت صناعية ضخمة كألتي بُنيَت بعد ثورة 14 تموز ، أي أنه عاجز عن النهوض بالإقتصاد الوطني . إنَّ ظهور القطاع الصناعي العام آنذاك ، أعطى سمة إيجابية للإقتصاد العراقي ، بحيث أصبحَ إقتصاداً متعدد الأنماط ( العام والمختلط والخاص ) . ثانياً - بيَّن الأستاذ رئيس الهيئة ، أن الإستثمار يبدأ من عمليات الخصخصة ... ، لذلك نرى حالياً النهج التدميري للقطاع العام عن طريق ( سياسة التمويل الذاتي ) . مِن الممكن بيع مؤسسات القطاع العام للقطاع الخاص إذا كانت تلك المؤسسات في وضع مالي خاسر مستمر بسبب رداءة منتجاتها وإنعدام الطلب عليها ، في حين نرى أن السوق العراقية بحاجة الى تلك المنتوجات ، بعد أن تقوم الدولة بتطويرها من خلال تحديث تكنولوجيتها . لذلك لا أجد صلة بين فتح باب الإستثمار للراسمال الخاص وخصخصة القطاع العام ، وفي هذه الجزئية لدينا مثال حي يمكن إعتماده ، وهو أن الصين التي أصبحَت قطباً إقتصادياً عالمياً ، أعلنَت في هذا العام 2008 أنها ستنتقل إلى الإقتصاد الحر في عام 2020 ، وتطرقتُ لتجربتها في مقالي ( بصدد قانون الإستثمار ) في 2 / 11 / 2006 على موقع صوت العراق . ثالثاً - في إحدى المرات صرَّحَ الأستاذ الدكتور رئيس الهيئة ، أن اٌلإقتصاد الإشتراكي هو الذي كان سائداً في العراق ، وهذه مغالطة إقتصادية فاضحة ، إذ أنّ قوانين الإقتصاد الإشتراكي ما كانت مطبّقة بصورة صحيحة حتى في دول المعسكر الإشتراكي ، حيث أن الملكية بكل أشكالها الصناعية والزراعية والتجارية كانت تعود للدولة ، أي كانت تسود ( رأسمالية الدولة الإحتكارية ) وليس كما تنص عليه نظرية الإقتصاد الإشتراكي ، والتي تركّز على أن ملكية وسائل الإنتاج تعود للقوى المنتجة ، بينما كان الذي يحصل هو أن العاملين في تلك المؤسسات هم أُجَراء وليسوا مالكين لها . وأخيراً أكرر ما ذكرته سابقاً .. يجب التوقف عن جعِل الإقتصاد العراقي حقل تجارب بسبب تطبيق وصفات وقوالب جاهزة ، أفرَزت وضعاً إقتصادياً كارثياً ، والذي لعِبت فيه بنوك القطاع الخاص دوراً كبيراً ، إذ لاتزال تمارس دوراً تخريبياً للإقتصاد الوطني مِن خلال غسل الأموال وتسريبها إلى الخارج . فمِن أين مصادر 18 مليار دولار وكيف تكونت وأُخرجت الى الأردن ، ونحن نعلم جيداً أن الحصار الإقتصادي على العراق لم يُبقِ رأسمالياً غنياً ؟؟!! .
#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عشرة آلاف بعثة دراسية ....تساؤلات
-
دور النفط والغاز في تعزيز الثِقل النوعي الإقليمي والدولي للع
...
-
مصير الإقتصاد العراقي بيد مَنْ وإلى أين يسير ؟
-
هل ستفرِض الأجندة الوطنية نفسها بعد أحداث البصرة ؟
-
سلطة الظل و المخطط الرهيب
-
الكورد الفيليون و التُهَم المُشَرِّفة
-
الذاتية والتخبط الإقتصادي و هدر المال العام تحت ستار القانون
-
بإختصار... تأكيد على نداء بناء عراق ديمقراطي مدني
-
الإنفاق اللاعقلاني و هوَس بناء المطارات
-
الثقافة العراقية وإنتشالها من الإحتضار
-
الإنهيار و التحالفات وكشف الأوراق أمام الشعب
-
الأقلام الجريئة وعام الحسم والتعرية
-
تغييب و طمس ثورة 14 تموز و مشكلة العلم العراقي
-
ملاحظة سريعة
-
عكس القاعدة
المزيد.....
-
مصر تعلن عن تراجع كبير في إيرادات قناة السويس
-
توكاييف يصادق على بروتوكول نقل النفط الروسي إلى الصين عبر ال
...
-
بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور بشكل مطّرد وموثوق
-
ستاندرد تشارترد: قطر على أبواب طفرة اقتصادية مع زيادة إنتاج
...
-
حجم الأصول تحت الإدارة بسوق أبوظبي العالمي ينمو 211%
-
رويترز: المركزي المصري قد يثبت الفائدة في اجتماعه المقبل
-
وزير المالية المصري: إيرادات قناة السويس تراجعت بنحو 60%
-
حالة عدم اليقين السياسي تهبط بأسواق منطقة الخليج
-
حصة الروبل في صادرات روسيا إلى أوروبا تبلغ مستوى قياسيا
-
الخطوط السعودية تعلن عن صفقة لشراء 105 طائرات من إيرباص
المزيد.....
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
-
جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال
...
/ الهادي هبَّاني
-
الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية
/ دلير زنكنة
المزيد.....
|