|
مصير الإقتصاد العراقي بيد مَنْ وإلى أين يسير ؟
عبد علي عوض
الحوار المتمدن-العدد: 2277 - 2008 / 5 / 10 - 04:46
المحور:
الادارة و الاقتصاد
دائماً أطرح سؤالاً هو - لماذا لا ننظر إلى تجارب البلدان التي سبقتنا في مضمار الإنتقال من إقتصاد الدولة إلى اقتصاد السوق ، كي نستفيد منها ونتحاشى الوقوع بنفس المطبات التي وقعت بها والكوارث التي تعرضت لها وآثارها لا تزال باقية . ومن هذا المنطلق أحاول دائماً أن أقارن بين ما جرى في تلك الدول وما يجري في العراق حالياً . اليوم إستمعتُ إلى ملاحظات مختلف الكتل السياسية المعارضة في البرلمان الروسي ( مجلس الدوما ) ، بمناسبة ترشيح ( فلاديمير بوتين ) لمنصب رئاسة الوزراء . أهم ما طرحته المعارضة ، هو أنّ ثلاثة أرباع سكان روسيا غير راضين على مستوى الرواتب الذي لا يتناسب مع مستوى الأسعار ، تفشي الفساد في كل مفاصل الدولة ، سيطرة المافيات على كل فروع الإقتصاد الوطني ، وأخطر ما ذلك هو تحويل قطاع الإنتاج العلمي إلى سلعة بيد بعض المافيات ، التي تقف عائقاً أمام الإبداع العلمي . إضافةً إلى مؤشرات سابقاً ، كإرتفاع أثمان الشقق السكنية في موسكو ، بحيث أصبح سعر المتر المربع الواحد ثلاثة آلاف دولار ، وخُمس سكان مدينة موسكو ( المليونان ) يعيشون تحت خط الفقر مِن مجموع عشرة ملايين . السبب في هذا الواقع المأساوي هو الإنتقال الفوري المباشِر من الإقتصاد المركزي إلى الإقتصاد الحر ، والغرض منه هو إشاعة الفوضى الإقتصادية ، والتي إعترفت بها دوائر الغرب ، وكانت فضيحة كبرى ، عندما أفصَحت أنّ قصدها ( الدول الغربية ) مِن تلك العملية ، هو أنْ لا تقوم قائمة لروسيا إلاّ بعد خمسين سنة !!! . لكنّ حكومة الكرملن تداركَت الأمور وأحكمَت سيطرتها على مرتكزات الإقتصاد الروسي ، واعني الموارد الطبيعية النفط والغاز والمعادن والصناعات التعدينية الثقيلة وصناعة السلاح . بعد تلك الخطوات الجادّة من قِبل الحكومة المركزية ، بدأ يتعافى الأقتصاد الروسي ، والمرحلة القادمة ستكون موجهة لأعادة الطبقة الوسطى ألتي تعتبر معيار إزدهار المجتمع . وما يجري في العراق هو أكثرُ سوءاً . النظام العسكرتاري البائد جعل كل مؤسسات الإقتصاد الوطني ترفد وتؤمّن كل ما تحتاجه آلته العسكرية ، لذلك بعد سقوط ذلك النظام ، بدلاً مِن أنْ توضَع الدراسات العلمية الكفيلة بالنهوض بالقطاع الإقتصادي ، عملَ كل مَن جاء إلى السلطة جاهداً على تصفية وتدمير ذلك القطاع بحجة الإنتقال المباشر إلى إقتصاد السوق ، واقع الحال هو ( الفوضى الإقتصادية ) كتلك التي حدَثت في روسيا ، إضافةً إلى المحاولات العديدة الرامية إلى تجريد السلطة المركزية مِن السيطرة على ثروات البلد الطبيعية وتسليمها إلى مافيات بعض الأحزاب السياسية ، مِثل تمرير قانون النفط والغاز ( الملغوم ) . نعلم جيداً أنّ مسؤول الملف الإقتصادي هو نائب رئيس الوزراء السيد برهم صالح ، لقد صُعِقتُ عندما إستمعتُ إلى كلمته أمام مجلس النواب ، إذ أنه كان يتكلم بالعموميات فقط ، ولم يطرح أية خطة علمية إستراتيجية وبالأرقام توضح كيفية النهوض بالإقتصاد الوطني ، مشكورعلى شيء واحد ، هو أنه إعترَف أنّ سبب التضخم يعود إلى سياسة البنك المركزي النقدية المستوردة مِن الخارج ( كوصفات جاهزة ) لمعالجة الإقتصاد العراقي ، والتي حذّرتُ منها سابقاً . الطامّة الكبرى ، أنّ آخِر ما توصَل اليه السيد نائب رئيس الوزراء هو إقتراحه بتوزيع جزء مِن عوائد النفط على السكان . أول مَن بدأ ينشر ويبشّر بهذه الإسطوانة المشروخة هو وزير النفط السابق السيد إبراهيم بحر العلوم ، وعملية تبنّي هذه الفكرة مِن قِبل السيد برهم صالح تدلّ على فشله وعجزه في إدارة الملف الإقتصادي !! ، والذي يردّ مادحاً ومدافعاً عن السيد نائب رئيس الوزراء بأنه ( مهندس العهد الدولي ) ، يجب أن يعلم ، أنّ الفضل في ذلك العهد يعود إلى تلك الدول التي بادرت لدعم العراق. هل يعلم د . برهم صالح بالنتائج الوخيمة التي ستترتب على تنفيذ إقتراحه وكيف ستؤثر على حالة التضخم المستفحلة في الإقتصاد العراقي ، وتصب في مصلحة شريحة طفيلية تتحكم بمداخيل الطبقات السحيقة ؟ . يجب أن نُدرك مؤشراً خطيراً ، هو أنّ 40% من السكان يعيشون تحت خط الفقر ! ومثل هذه النسبة إذا لم تكن أكثر مع خط الفقر ، يعني 80% أو أكثر مِن أفراد الشعب العراقي في حالة فقر متقِع . لم نسمع أنّ هنالك خطوات جادّة وعملية في إعادة الطبقة الوسطى وظهورها كمحرك أساسي في تنمية وتطور وإزدهار البلد . أنا لا أقصد الطعن والتجريح والتقليل مِن شخص الدكتور برهم صالح ، فمع كل الإحترام والتقديرله ، يجب أن نطرح الأمور كما هي عليه بدون تجميل أو تشويه . وأتمنّى من السيد رئيس الوزراء أن يعطي الملف الإقتصادي لشخصية أكاديمية مهنية مستقلّة ( بعيداً عن المحاصصة ) لها باع في حل المشاكل العقدية في الإقتصاد العراقي ، وتضع خطط مستقبلية للتنمية الشاملة .
#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ستفرِض الأجندة الوطنية نفسها بعد أحداث البصرة ؟
-
سلطة الظل و المخطط الرهيب
-
الكورد الفيليون و التُهَم المُشَرِّفة
-
الذاتية والتخبط الإقتصادي و هدر المال العام تحت ستار القانون
-
بإختصار... تأكيد على نداء بناء عراق ديمقراطي مدني
-
الإنفاق اللاعقلاني و هوَس بناء المطارات
-
الثقافة العراقية وإنتشالها من الإحتضار
-
الإنهيار و التحالفات وكشف الأوراق أمام الشعب
-
الأقلام الجريئة وعام الحسم والتعرية
-
تغييب و طمس ثورة 14 تموز و مشكلة العلم العراقي
-
ملاحظة سريعة
-
عكس القاعدة
المزيد.....
-
واتساب عمر الذهبي “تحديث جديد + نسخة مجانية ” .. مميزات مذهل
...
-
روسيا تستثمر 1.8 تريليون روبل في مشروع -البحار الخمسة- الاق
...
-
يوتيوب الذهبي تنزيل اخر اصدار بميزة جديدة احصل عليها انت فقط
...
-
مقطع فيديو يظهر لحظة وقوع انفجار بمسجد في إيران (فيديو)
-
السجن 25 عاما لمؤسس بورصة FTX للعملات المشفرة في الولايات ال
...
-
يباع بنحو ألف دولار.. باحثون: أوزمبيك يمكن إنتاجه بكلفة 5 دو
...
-
عباس يصادق على حكومة فلسطينية جديدة من 23 وزيرا برئاسة الاقت
...
-
بلومبيرغ: انحسار جاذبية دبي لأثرياء روسيا
-
فوربس.. قائمة قادة الشركات العقارية الأبرز بالمنطقة في 2024
...
-
ثقة المستهلكين الأميركيين ترتفع إلى أعلى مستوى في 32 شهراً
المزيد.....
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
-
جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال
...
/ الهادي هبَّاني
-
الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية
/ دلير زنكنة
-
تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى
...
/ سناء عبد القادر مصطفى
-
اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك
/ الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
المزيد.....
|