أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام عبدالله - دوامة العنف الكوني














المزيد.....

دوامة العنف الكوني


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 2024 - 2007 / 8 / 31 - 10:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو ان خصوصية القرن الحادي والعشرين هي التي أبرزت هذا الكم الرهيب من العنف الكوني: العنف الذي ينتقل من الحقيقة الي المجاز، من الواقع الي الصورة. وكما لاحظ عالم الاجتماع الفرنسي " بيير بورديو " في كتابه: " التليفزيون والتلاعب بالعقول" فان القوى المهيمنة بوسائلها المعلنة أو الخفية تمارس الزيف وكافة أشكال العنف الرمزي عن طريق ثقافة الصورة، وهي الأخطر في عصرنا.

إن ثقافة الصورة تتلاعب بالعقول، وتشكل الوعي المسطح، وتحول المجتمعات والبشر إلى مجرد دمى في يد القوى الخفية والآلهة الجدد للإعلام. وعبارة "إن كان يدمي، فسيقودنا الي مكانه". هي وصف مختزل لميل وسائل الاعلام الي تقديم العنف بطريقة تثير المشاعر، سواء كانت تلك القصص تستحق ان تكون أخبارا أو حتي تتميز باتجاهات دالة أم لا. فقد تضافر كل من "العنف الترفيهي" و"العنف الإخباري" على إغراقنا في دوامة العنف.


والمقصود بالعنف الترفيهي هو ذلك الذي يظهر في البرامج الترفيهية كالمسلسلات والأفلام وتستخدمه شركات الانتاج بهدف جذب المشاهد من خلال الإثارة ودغدغة الأحاسيس السطحية كما يصفها البعض.

أما العنف الإخباري فيعني عرض مشاهد العنف والحرب والدماروالكوارث والاصابات التي تكون عادة في مناطق الأزمات من خلال نشرات الأخبار والبرامج السياسية أو التوثيقية.

وكم كان نيتشه مصيبا عندما قال: انه لأمر مرعب حقا ان ينتقم المرء بنفسه لمبدأه الخاص. فما يحصل الان من أعمال عنف ليس إلا أنتقاما، في كل ما يضمر الانتقام من معان: فرد ينتقم من الجماعة، جماعة تنتقم من السلطة، سلطة تنتقم من الاعداء (المعارضين). ولم يعد الألتجاء الى العنف قادرا على انهاء العنف نفسه.

صحيح ان الأفكار الكبيرة التي رسمت اطارا فلسفيا للعنف أنتهت مثلما أنتهي جزء من التاريخ، القديم والحديث، لكن انتهاءها لم يعن أبدا أنتهاء العنف في صورته اليومية أو الملموسة والمفترضة: العنف الذي تحتكره السلطة، العنف الذي يحرق الأيدي التي تمارس العنف بدورها. العنف الحقيقي الذي يحرر، العنف المزيف الذي يلغي صورة الآخر.

غير ان الطابع الاشكالي والنقدي للفلسفة يحتمان عليها إعادة النظر في كل شئ، وبالتالي اخضاعها للمساءلة. والفلسفة، كذلك إلتزام لانها اندماج وانصهار في كل ما من شأنه ان يساهم في صيرورة الحياة، من أجل الانطلاق بها الي فضاء أرحب وأوسع .

والفيلسوف ضد العنف لانه، كما يقول (إريك فايل) "سلوك لا عقلي يهدف الي النيل من كرامة الانسان ومن انسانيته. والفلسفة ضد العنف لانه يقوم علي كل الأفكار السلبية التي تحاربها كالتسلط والظلم والبؤس والشقاء والحرمان .... الخ .

ولان العنف، اليوم، أصبح سلوكا ممنهجا يهدف الي إخفاء أبعاده وخلفياته وبالتالي اخفاء أساليبه وآلياته، أو كما يقول "ايف ميشو": "ان مايميز العنف المعاصر عن أشكال العنف التي عرفها التاريخ، هو التدخل المزدوج للتكنولوجيا والعقلنة في أنتاجه". .... فان ذلك ما يجعل العنف سلوكا لا عقلانيا أنتجه العقل.

ان خطر العنف المعاصر، في ان الوسيلة تغلب الغاية .فضلا عن ان الغاية لم تعد تتناسب مع الوسائل المستخدمة، ونجاح العنف معناه إدخال ممارسة العنف في صلب الجسم الاجتماعي والسياسي ككل، مما يعني عدم العودة للوضعية السابقة . ان ممارسة العنف ، مثل كل فعل آخر، من شأنها ان تغير العالم ، لكن التبدل الاكثر رجحانا سيكون تبدلا في اتجاه عالم أكثر عنفا ودموية ....





#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دين الفلاسفة
- هوبز المفتري عليه
- اللا مفكر فيه .. عربيا
- نقد التسامح الخالص
- قاضي العالم الأعلي
- أزمة الحداثة
- الأخلاق والدين
- الدين في النطاق العام
- ما قبل ويست فاليا .. بعدها
- خطوط الانفلات
- الدين في حدود العقل
- تحولات عميقة
- عنف لا أحد
- الصمت بين الكلمات
- دريدا والإله تحوت
- إعادة محاكمة سقراط
- ثقافة الانتقام
- التعصب وسنينه
- تفكيك الأصولية والهوس الديني
- الأصولية .. هنا وهناك


المزيد.....




- تراشق كلامي بين ترمب وبايدن وحشد على أفواه البنادق
- -إنها تمطر علينا-.. ركاب طائرة يصلون وجهتهم مبللين كليا 
- -عدم وجود فرنسا انحراف-.. رئيسة جورجيا تدعو ماكرون لزيارة بل ...
- على وقع مظاهرات حاشدة.. نتنياهو يواجه مهلة غانتس ودعوة لبيد ...
- -صندوق أسود مظلم-.. عائلة في تكساس تكشف مصير -الأب- في سوريا ...
- بالفيديو.. الأمطار تتساقط داخل طائرة متجهة إلى نيويورك
- ما تأثير الحيوانات الأليفة على الإصابة بالخرف؟
- أطعمة ومشروبات تسبب التورم
- استخباراتي أمريكي سابق يحلل ما سيفعله ترامب بعد فوزه لرأب ال ...
- تركيا.. أردوغان يصدر عفوا عن جنرالات متقاعدين مدانين في انقل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام عبدالله - دوامة العنف الكوني