عايد سعيد السراج
الحوار المتمدن-العدد: 1949 - 2007 / 6 / 17 - 12:56
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
أي ّ صراع هذا الذي يتلبس الأخوة الأعداء , في فلسطين , والعراق , ولبنان , الكل يتساءل , مالذي يجري ؟ ولمصلحة من ؟ والجواب بسيط جداً جداً , إن العرب لم يتعلموا بعد كيف يتحاورون وخاصة عندما تحتدم المصالح , فالعقل العربي ومنذ القديم تربى على لغة السيف والمثال لشاعر العرب الأكبر ( أبو الطيب المتنبي) قوله : (( السيف أصدق انباءاً من الكتب , في حده الحدّ بين الجد واللعب )) لذا مات بسيف ٍ 0 ومأساة الثقافة العربية هي لغة الغزو , والثأر , والانتقام , فهذه الثقافة الكريهة المملؤة بالشر , لا تجعل العرب يجيدون لغة الحوار , وكأنّ خطأهم الأول هو خطأهم الأخير , وبما أن العربي هو : قائد وفارس ومقدام – نراه لا يعترف بالخطأ , فكم يكون الأمر عظيماً لو أن ّ قائداً عربياً وفي لحظة حاسمة يعترف بأخطائه , وينتقد نفسه , ويضع كل سلوكياته تحت تصرف شعبه , أم حتى هذا الحق البيّن والبسيط هو بمثابة المعجزة عند الحكام العرب ؟ أم هم واغلون بالجريمة لدرجة أنّ اعترافهم هو كاعتراف زعيم العصابة المحكوم بجرائم تُخجل القانون , وبالتالي يصبح الأمر ( عليّا وعلى أعدائي ) وأعداءهم في هذه الحالة هم الشعب , أبناء القائد ومواطنوه , كما يكرر لهم في جميع المناسبات , فيصبح خياره الوحيد هو دمار شعبه ووطنه , أعجبني قول المفكر ) عبد الباري عطوان ) رئيس تحرير جريدة القدس العربي , من على إحدى القنوات التلفزيونية , بعد أحداث ( غزة ) يقول : ( صدّقوا أنفسهم أنهم حكومة , ثم أن الذي يجري في غزة لا يصدّق , ثم أن الفلسطينيين هرّبوا السلاح إلى داخل فلسطين , ليقتلوا بعضهم بعضاً ) وأنا أقول أنّ تحالف فتح , وحماس , في حكومة , تقيم للفلسطينيين دولتهم المشروعة التي ضحى من أجلها شرفاء فلسطين و من العالم العربي والعالم0 لدرجة اسالة أنهر من الدماء الطيبة الطاهرة , مرفوعة ومشفوعة بدماء أطفال فلسطين , والحل هو ترك , أطفال فلسطين , ونساء فلسطين , وشيوخ فلسطين , هم أصحاب الرأي والمشورة , في قضية فلسطين , وحينها فلسطين لا تنزف قطرة دم واحدة , في حرب بين الأخوة الأصدقاء , أما هؤلاء القادة السياسيون الذين يُفرحهم رنين الدولار والدينار , ويذهبون بعد صلواتهم في مساجدهم , أو باراتهم إلى بيوتهم أمنين بعد أن توضئوا بالدم الفلسطيني , واستباحوا كرامات شعبهم وتركوا النساء والأطفال – أرامل وثكالى – كيف لهم أن يكونوا قادة لشعوبهم وهم استعذبوا صوت الرصاص الذي يصوب على صدر صديق الأمس , وشقيق اليوم , كيف لهذه الرؤوس التي لا زالت سيوف الجهل تقرقع في جماجمها من أنّ لها محبة عارف , وقدرة فارس في زمن القدرة الخارقة للعلوم من أن تترجّل عن حصانها الجاهلي الذي أرّقَهُ فارسهُ الأجهل , وتعطي الدور لمن هم أقدر في قيادة مسيرة القضية , التي هي ليست قضية فلسطينية فحسب بل هي قضية كل شرفاء العالم , وأيضاً كل وحوش القتل فيه , إنّ الذي يجري في فلسطين نفسه الذي يجري في العراق , وما هؤلاء الذين يفجرون الجوامع في العراق وخاصة ( مرقدي الإمامين العسكريين الهادي , والمهدي ) لهما الشرّ ذاته , لأنّ كرامات المواطنين في أيّ وطن في العالم – يجب أن تحترم , فما بالك إذا كانت هذه الكرامات قناعات إيمانية شبه مطلقة , فمن هنا , يأتي رد الطرف الآخر ليقتل أبرياء , ويصبح الدم هو سيد الموقف , كيف يُقتل إنسان ليس له علاقة بما يجري , بل هو شاجب للذي يجري , على الهوية ؟ كيف يقذفون بأبناء بلدهم من الطوابق العليا , ويمثلون بأجساد الشبان أو يفخخونهم كما هون الحال في لبنان والعراق , أية وحشية وصلت إلها ضمائر هؤلاء , كيف يأتمن الشعب على نفسه إذا حكمه هؤلاء الذين يمثلون وبأخس الأساليب الوحشية في أخوة الأمس , والذين كانوا معهم في الموقف الواحد ؟ كيف للعالم أن يصدّق أن ّ هؤلاء الذين يقومون بهكذا أعمال هم بشر أسوياء ؟ المسألة ليست فتنة , بل هي حقائق وقناعات ثابتة راسخة في العقول وفي الصدور , والذين يأتون بانتخابات تشبه في الشكل الخارجي القوانين الديمقراطية , هم جاؤوا على أكتاف أحزابهم التي جيشوها , أو على تجمعات طوائفهم التي أَلّبوها , أو وعدوها بالأكاذيب , مستغلين بساطة الناس وطيبتهم , ومتاجرين بفقرهم وجهالتهم , ومن ثمّ يعدونهم بالجنة الموعودة على الأرض , أو في السماء , وبعد ذلك يدخلون عالم السياسة الكاذب , ويسخّرون الدين والدنيا من أجل ذلك , فيصبح الملاكان على أكتاف قادتهم يأمرونهم بما يأمر الله , وَيَصْبحون أولياءه على الأرض , فيؤُمرون بذبح عظيم , مجازر لا تعّد ولا تحصى من أرواح الأبرياء , فالقادة إذن لم يعودوا يملكون الدم في عروقهم , بل يتاجرون بمسيل الدم , وتستمر الفتنة في فلسطين ولبنان , والعراق , وما تفجير المراقد الإمامين , الهادي والمهدي , وقتل النائب اللبناني – وليد عيدو – وابنه والمحيطين بهما , وكذلك القتل العشوائي في غزة الفلسطينية , إلا مؤامرة تحركها أياد ٍ خارجية تريد بث الرعب والفوضى وتصدير الطائفية على أنها قانون في بلاد العرب , فالطفل الصغير لا يُصدِّق أنّ الذي يجري في هذه البلدان الثلاثة وغيرها , هو من أجل الوطن والوطنية , بل لسياسات خارجية تريد إشعال المنطقة , والقادم أعظم , إن السياسات المتهورة لهذه المنظمات والفصائل والأحزاب , لهي السلاح الأقوى والأمضى بيد أعدائهم , وأعداء شعوبهم وإنني أقول لهؤلاء جميعاً وبدون تسمية أنكم تنفذون ما يريده النظام الصهيوني العالمي , بل وأنكم تجرمون بحق ِّ شعوبكم وبلدانكم , ولن تحصدوا إلا مزيد من الموت والخراب , وأعمالكم كأعمال اليائس الذي ينحر نفسه , أو عائلته فرداً فرداً وبدءاً بالطفل البريء ولا أريدكم أن تعودوا إلى ضمائركم وعقولكم , لأنكم ليس لديكم ضمائر , فعقولكم مؤجرة لبلاد الغير , وضمائركم ملأها السواد والكره والأحقاد , وأنني هنا أأكد على مقولة الكاتب – ياسين الحاج صالح – في مقالته الأخيرة المعنونة / في نقد العلمانية والديمقراطية أو مشكلتا الدين والدولة – حيث يقول ( في حالنا الراهن " الدين " ليس دينياً " والدولة " ليست دولة 0 ونتحدث عن مشكلة دينية لأن الدين , مفهوماً وممارسة وعلاقات , بلا شكل ولا نظام , مشتبه , مختلط , تدخل فيه أشياء ليست من نصابه , ويدخل في أشياء ليست من مجاله , وعبارة – الإسلام دين ودولة – وجه من وجوه هذا الاختلاط وفقدان الشكل 0 وهي في الواقع عبارة متناقضة منطقياً , تخرج الإسلام من مقولة الدين , فتجعله غير مفهوم , فالإسلام ليس ديناً مثل المسيحية واليهودية والبوذية 000 إنه أوسع وأكبر من كلمة دين حسب السيد ( يوسف القرضاوي ) ما هو ؟ إنه دين ودولة , ومصحف وسيف وسلطان وقرآن " في عبارة حسن البنا " أيّ مفهوم يُوَحِّد هذه الثنائيات 00 الإسلام – وايديولوجيتهم لا تتهيب من القول صراحة إنه ليس للإسلام نظائر , وأنه مختلف عن كل ما عداه ومتفوق على كل ما عداه ) ويؤكد الكاتب الذي أصاب جوهر الحقيقة ( بيد أن هذا إما حشو لا يفيد شيئاً , أو تعنت يرفض المفهومية ويفتح الباب للقوة ) وهو فعلا ً تعنت أحمق جوهره الخرافة وقـَلِّة العرافة , وباطنه عند المؤمنين به جهل وتكبر أحمق , وظاهرهُ فتنة لن تقف عند حدود , وأخيراً سوف يتوحد عليه جميع الحاقدين , والذين ليس لهم علاقة بالحياة , وكأنهم لا زالوا يعيشون في كهوف الظلام , وسوف يكونون وقوداً لأنظمة القهر والإذلال , إن التستِّر بالدين لن يصنع ثورة , وكذلك التستّر بالثورة لن يصنع ثورة , أما الثورة فهي تلهم قلوب أبنائها الشرفاء الذين لا يعميهم المال ولا السياسة عن قضيتهم الجوهرية , فالطريق إلى فلسطين يبدأ بفلسطين , وخير من مثّل فلسطين خلال تاريخها, هم أطفال الحجارة , فالحجر أقوى من بنادق الإجرام التي توجّه إلى صدور الأخوة الأعداء , والأطفال هم الجديرون بأوطانهم لأنهم يعرفون كيف يدمون أعدائهم , ويكسبون ثقة الشعوب في العالم فالجميع في الداخل والخارج الفلسطيني يُحاول أن يُميّع القضية بتدويلها , وابعادها عن الجوهر , وهذا أيضاً في العراق ولبنان , فالهدية المجانية العظيمة التي أهدتها / منظمة حماس / بتهورها وجاهليتها لدولة إسرائيل لهي استهانة كبرى بدم الفلسطينيين , واستخفاف بعقلية داعمي القضية الفلسطينية من عرب وأجانب , حيث أنني لم يكن عندي أي وهم من أنّ حماس ومن على شاكلتها من المنظمات قادرة أن تحكم وطن إلاّ بالحديد والنار ( يمكن العودة إلى مقالنا عن القضية الفلسطينية في موقع الحوار المتمدن بعنوان : لماذا تآمر الحكام العرب على القضية الفلسطينية ) لذا لم استغرب الذي يجري , رغم ألمي وحزني الشديدين 0
فسلام عليك بغداد ( قتلتنا الردة 00 لأن الواحد منا يحمل في الداخل ضده , وسلام فلسطين لم يخنك سوى أبناءك المهزومين , ومنهم من على عتبات أبواب الأعراب متسولين , ولدول الأغراب مأجورين ,
فسلام فلسطين , وسلام لبنان يا بلد الأحزان , يا من أعطاك الله من جناته كل جنان , فطمع فيك الصادي والبادي والخوّان , فسلام يا شهيدة كل زمان - يا لبنان 0
#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟