النوروز , وقانون الإحصاء الجائر

عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 1861 - 2007 / 3 / 21 - 12:37
المحور: القضية الكردية
    

تذكر الأكراد , عندما تحاول الكتابة عن عيد النوروز , هذا العيد الذي هو رمز لخلود الطبيعة , إذ عندما أتذكر ذلك, أول ما يخطر على بالي هو جاري ( أبو محمد ) الذي لا يملك الجنسية السورية , رغم أنه درس في معاهدها, ونال الشهادة بامتياز دون أن يُعترف به كمواطن سوري , فورّث هذه المسألة لأبنائه الأربعة وعلى الرغم من أنه شارف على الستين إلا أنه إلى الآن لا يحمل ( هوية شخصية ) تمكنه أو تمكن أولاده الذين جلهم حصلوا على شهادات علمية جيدة 0 مرة حدثني جاري الكردي الطيب الذي يأنف أن يحطّ النسرُ على شاربيه المفتولين , على أنه ربما يأتي يوم ويصبح في الشارع , لأنه لا يملك في هذا الوطن حتى البيت المتواضع الذي اشتراه بعرق جبينه وكدحه الدائم , وعلى الرغم من أنه محبوب من الجميع بلا استثناء , وذلك نتيجة سلوكه المغالي في المثالية , إلا أنه ظل عند الدولة غير مواطن / أو أجنبي / كما يدعون , وهو يذكر جده الذي مات أجنبياً – وكذلك والده الرجل المفتول العضلات والذي كان يعمل / حمالاً / وهو أيضاً مات قبل أن يحصل على الجنسية , إن قانون الإحصاء الظالم الذي سجل الكرد بشكل عشوائي وخاصة في منطقة الجزيرة السورية , لهو قانون ظالم ومدان , وهذا القانون خلق تفرقة كبيرة بين الشعب الواحد / عرب – أكراد / وخلق شرخاً اجتماعياً عنصرياً تدفع ثمنه الأسرة بكاملها وذلك بعد أجيال عديدة , عاشت أو تعيش الآن0 ومنذ ما يقارب من نصف قرن , والأكراد السوريون الذين لم يشملهم قانون الإحصاء , مرفوع عنهم الغطاء لكل نوائب الدهر , إذ كيف تحس بمواطنيتك وأنت لا تملك في هكذا وطن عشرة أمتار من أرض , ويكتب على بطاقتك / أجنبي / وأنت وأقاربك تقومون بكل ما يقوم به المواطن الشريف الوطني من الطراز الأول – من المستفيد من هذا الذي يجري ؟ ولمصلحة من ؟ هل التعصب القومي الأجوف – يستطيع أن يخلق سلاماً ؟ أم يخلق كراهية ونفوراً , تمزقان أبناء الوطن الواحد , كيف تجعل المواطن الكردي – يشعر بمواطنته – وهو يرى الأرض التي عمل وعاش فيها منذ أحقاب وأحقاب , توزع لآخر عربي جاء من محافظة أخرى , وليس لهذا المواطن امتلاك الأرض فقط بل أيضاً الوظائف في الدولة , وفي جميع المؤسسات الأخرى التابعة لها – إن السلام الاجتماعي لا يتحقق بالأحكام العرفية والقوانين الجائرة , بل بالعدل والمساواة , وبث روح الأخوة بين الجميع وذلك من خلال التعايش المشترك , ورفع الظلم الذي حاق بالأكراد في قضية / قانون الإحصاء / وكذلك القوانين الظالمة / الأحكام العرفية / وغيرها وإخراج جميع المساجين السوريين من أصحاب الرأي من أكراد وعرب / وإعطاء الحريات العامة / بما في ذلك عدم التضييق عليهم في احتفالات / النوروز / إن الحريات العامة ألحقه هي السبيل الأوحد للمواطنة ألحقه , وللشعور بالمواطنة / والسلام الاجتماعي / لأن الأكراد والعرب , هم من أكثر شعوب العالم تقارباً , ليس بالدين فقط بل أيضاً بالعادات والتقاليد والموروث الاجتماعي والنفسي , وقد ظهر عبر التاريخ / كتاب وأدباء ومفكرون / , كانوا أكثر إخلاصاً للقضية العربية والإسلامية , ووصلوا إلى أعلى هرم السلم الاجتماعي في الجغرافيا العربية , وباقي دول العالم مثل الملك الناصر ( صلاح الدين الأيوبي ) الذي هو من أصول كردية – أذر بيجانية – وهو من أعظم ملوك عصره – وهو مولود في علم 1138 م وتوفي في دمشق عام / 1193 م – ودفن بقرب الجامع الأموي / حيث تحول قبره إلى مزار – وأيضاً من رجالات الكرد الأفذاذ – الملك العادل سيف الدين – أبو بكر محمد – وهو أخو السلطان صلاح الدين, وكذلك منهم ابنه الملك الكامل وأيضاً الملك المعظم – تورانشاه – ومن الشعراء الذين هم من أصل كردي – الشاعر العراقي المعروف – معروف الرصافي – وكذلك شاعر مصر الكبير – أحمد شوقي – وشاعر سوريا العظيم – جكر خوين / وهكذا نرى الأكراد يحاربون ويقتلون من أجل قضية أوطانهم وتاريخهم المشترك مع العرب / في فلسطين واليمن – والجزيرة العربية والعراق – وسوريا – ولبنان - / وكل بلاد العرب وكذلك بلاد المسلمين – إذا ً لماذا هذا التنابذ الذي – خلقه الحكام والأفكار الشوفينية المتطرفة – وضيق الأفق السياسي , وتعمية الناس , وزرع الأحقاد والكراهية – هل ما يجري هو لمصلحة الوطن – وقد قال قديماً الشاعر المصري ( عبد الغني المنشاوي ) في مدح صلاح الدين الأيوبي الآتي :
هذا مقام العلا والفخر والغلب – فغن بالنصر يا صناجة العرب
وهزّ بالفخر عطف الشرق في عجب – كم في حياة صلاح الدين من عجب
بيّضت بالكرد وجه الكرد فأتلقوا – كواكباً في سماء المجد والحسب
أينصر الدين كردي !! فقل لهم – الدين لله لاللكرد والعرب
ونحن نقول إن الأوطان للشعوب , ولكل المواطنين الشرفاء , لا للحكام ومأجور يهم , لأن الأوطان باقية سرمدية , فلا تفرّخوا فيها الفتنة , فتحية لجميع الأكراد في أيّ, وكل مكان, من العالم0 بعيد – النوروز – وليكن عيد النوروز – هو عيد محبة وسلام على الجميع , وبما أنني ليس لديّ أماً منذ صغري / فإنني أقبل أيادي جميع الأمهات في العالم في عيدهن عيد الأم , ومن أجل عالم ٍ مزهر يُفرح الأمهات جميعاً 0

#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل