لماذا تآمر الحكام العرب على القضية الفلسطينية

عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 1926 - 2007 / 5 / 25 - 12:10
المحور: القضية الفلسطينية
    

إذا ارتدت أن تعرف مالذي يجري في لبنان ؟ فاعرف مالذي يجري في العراق , ولا أريد أن أركز على البعد الطائفي فقط , بل على مجمل الظروف الذاتية والموضوعية لكلا البلدين رغم الاختلاف الكبير في مسائل كثيرة ومنها مثلاً عدم وجود الحالة العشائرية بمعناها الانتمائي القبلي , كما هو الحال في بلد ٍ مثل العراق , فكلنا يعلم أن العراق بعربه وكرده النمط العشائري هو السائد في البلد , أما في لبنان فيوجد النمط العائلي , والحياة الاجتماعية هنا حياة مدنية – لدرجة أن الريف أو الحياة الريفية أو الرعوية تكاد أن تكون ضئيلة وليست هي الفاعلة , على ما أعتقد , ولكن مأساة لبنان تكمن في أنها فتحت أبوابها مشرّعة لكل الدنيا , ويبدو أنّ الجميع لم يحترم محرمات بيروت , فبيروت ومنذ التاريخ القديم كان يهرب إليها كل الأدباء والكتــّاب والساسة , الذين يهربون من بلادهم , وكذلك تحولت إلى ملجأ لكل الفقراء والمشردين والهاربين من ويلات الحياة وضنك العيش في بلدانهم – مثل سوريا – فلسطين – الأردن – العراق – السودان الخ 0 إذاً هي حاضنة للمشردين وكذلك كل مظلومي الرأي لأسباب مختلفة ولكل الأسباب , وخاصة الفلسطينيين الذين هرّبهم – جمال عبد الناصر – بعد أحداث أيلول الأسود في الأردن إلى لبنان – كبلدٍ متسامح ٍ وحضاري 0 ويظل السؤال الأكثر مأساوية هو لماذا هجّر جمال عبد الناصر الفلسطينيين إلى لبنان , ولم يضعهم في دولة أخرى مثل مصر , والتي تتماثل معهم في النسيج الاجتماعي والجغرافي الخ 0 أقول ( جمال ) لأنه كان في ذاك الزمن هو مركز السياسة العربية وصاحب القرار النهائي , ومن هنا جاءت مأساة الفلسطينيين الذين انحصروا في مجتمعات محدودة المساحة وغالباً ما تكون غير مهيئة للسكن وغير مخدّمة , بحكم الكثافة السكانية والبناء العشوائي / وبهذا ارتكب قادة الدولة العربية جميعاً مأساة حقيقية , تفاقمت مع الزمن ويكاد أن يكون حلها الآن شبه مستحيل , فالفلسطيني الذي عاش في هكذا ظروف / كيف يكون / سيكيولوجياً / أليس معادياً لكل من يحيط به , أليس معادياً أو على الأقل غير راض ٍ عن كل من يسكن في بيت يحقق له شروط كرامته وإنسانيته , ما ذنب الأطفال الفلسطينيين ليعيشوا في هكذا ظروف , وما هو ذنب النساء والعجائز ليتحملوا هكذا ظروف , أليست هذه الظروف مجتمعة هي التي تخلق التطرف , وهي البيئة الصالحة لكل ما يخطر أو لا يخطر على بال , لكي يظهر للعلن وللناس أجمعين وكأن الفلسطينيين هم مصدر المشاكل والبلاوي في المنطقة , ويظل السؤال هو : لماذا الحكومات العربية مجتمعة التي استمرت في الحكم بهذه الأنظمة الشمولية الديكتاتورية , لم تحقق شيئاً للقضية الفلسطينية سوى مسألة واحدة استغلال فلسطين كشماعة ضد شعوبها , وتجهيل واحتقار الشعب الفلسطيني الذي سوف يتعامل حتى مع الشيطان إذا وقف إلى جانب شعبه وقضيته , وآنئذ سوف يظهر وكأنّه خائن للعروبة , لأشقائه العرب , يا للفضيحة ؟
1- إن الفلسطينيين الآن هم أكثر انقساماً فيما بينهم من أي وقت مضى ويستمر هذا الانقسام حتى تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني 0
2- ماذا قدمت الأحزاب والمنظمات الفلسطينية للشعب الفلسطيني , غير أن تساهم في تكريس الانقسام فيما بينهم 0
3- أين هو البرنامج الفلسطيني الذي يشكل إجماعاً فلسطينياً ؟ ثم لماذا تخلّف الفلسطينيون سياسياً في طرح قضيتهم خارج إطار العنف ( عنف الإنسان المقهور ) 0
4- هل الفلسطينيون هم رأس حركة التحرر الوطني في المنطقة العربية وفي العالم ؟ ما هو مشروعهم في ذلك وأين هم من مشاريع القرارات الدولية / كما يعمل أعداؤهم الصهاينة في ذلك / إذاً لماذا تخلفوا عن الفعل السياسي العالمي , وبمنطق شيخ العشيرة بدأوا يعادون كل الدول التي تقف إلى جانب أعدائهم , بدلاً من أن يكونوا ساسة مُحنّكين قادرين على فضح عدوهم وإظهار / قضيتهم / ربما يبدوا هذا الكلام ساذجاً / ولكن الناظر إلى هذه المسألة بعمق يرى أن الفلسطينيين وكأنهم الآن يبدأون من الصفر بعد ستين عاماً من الاحتلال ,
5- كلما كان الفلسطينيون أكثر تطرفاً وعودة إلى التطرف الديني كانوا أكثر ابتعاداً عن أنصارهم في العالم0 فقراءة الأمور الآن بطريقة مختلفة أمر مطلوب وعلى الفلسطينيين أن يفهموا أن أعدى أعداءهم هو كثرة المنظمات والفصائل الفلسطينية والأحزاب , فعليهم أن يلتفوا حول برنامج وطني شامل ومبدئي , وأن لا يحصروا أنفسهم أو تحصرهم قياداتهم في / الخانة الضيقة / إمّا / أو ضد 0 فعالم السياسة هو أكبر بكثير من ذلك , والقوى الرجعية والأصوليات المتخلفة سيدمرون قضية الشعب الفلسطيني العظيم / وهذا ما تريده الصهيونية العالمية , وكل أعداء الشعب الفلسطيني ليحولونهم إلى أدوات ضيقة لخدمة الحكومات أو الأحزاب وهم بالنهاية لا ينظرون أبعد من مصالحهم الأنانية, حتى لو كان الدم الفلسطيني هو الثمن 0
* مما سبق يتضح لنا لماذا ظهرت منظمة إرهابية مثل منظمة فتح الإسلام مستغلة مسألتين جوهريتين هما : أسم منظمة فتح الفلسطينية وكذلك اسم الإسلام فتأملوا ومتى يأتي زمن نستطيع فيه الخلاص من المنظمات وما تجره من بلاء على شعوبها والأحزاب الانتهازية وما تجره من مآس 0

#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات