أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود جلبوط - سقوط الورقة الأخيرة














المزيد.....

سقوط الورقة الأخيرة


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1950 - 2007 / 6 / 18 - 05:05
المحور: الادب والفن
    


ضحك حتى كاد أن يقلب على قفاه وهي تلقي عليه بعض نكاتها , ولأنهما من بنية مجتمعية تخشى الضحك الكثير علّقت على قهقهاته: „الله يعطينا خير ضحكك هذه الساعة„.
تغيرت حاله فجأة , فتقمطت الغمة وجهه , لاحظت صمته , ولما التقت نظراتهما ضمت وجهه إلى صدرها .

ينتابها أحايين كثيرة نحوه شعور الأمومة , أحست وكأنها تحتضن ابنها الصغير فراحت تمطر جبينه وخده بقبلات صغيرة , يستسلم لها , يدس أنفه ورأسه لكي ينغمر برائحة ثدييها , يمور الجوع فيه , همت بسؤاله عما يحزنه وما الذي أوقف ضحكه , يسكتها بوضع سبابته على شفتيها , يتأمل وجهها , شعرت أنه يحتضنها بعينيه المغرورقة , ولما التقت النظرات الساهمة , شعرت بصرخاته الاحتجاجية دون أن ينبس ببنت شفة , ومن القشعريرة التي عمت جسده بين يديها أدركت ما يعتريه , ربما راح يحصي عدد السنوات المتبقية من العمر في انتظار سقوط الورقة الأخيرة منه , أو ربما المدن التي تداولته لاجئا بلا وطن , أو ربما عدد الدواليب في حفلات التعذيب التي شملته بين يدي الجلادين في العالم السفلي , أو ربما الجلدات التي كانت تهوي على ظهره في حفلات الاستقبال للفروع الأمنية التي أمها والتي روى لها عنها , أو عدد الموقوفين الذين ازدحم بهم المكان سنوات طويلة من الشباب , أو ربما عدد المنافي , أو ربما عدد القتلى والجرحى في انفجار إحدى السيارات المخخخة في شوارع بيروت أو بغداد أو الضحايا في حروب الإخوة المفتوحة في غزة التي راحت تغطي كل مساحات محطات الأخبار في الأيام الأخيرة.

تلتقي عيناه بنظراتها الشاردة : „أيتها الغريبة مثلي , إني أخاف عليك من دغل أحزاني „ .
أحست , عندما لمحت تركيز الصمت لديه أن على شفتيه كلام كثير : عن الحرمان , عن السرطان , عن اللجوء , عن السجون , عن الرعب , عن الخوف , عن الدم , عن الموبقات , وعن أمه .

„غريبة أنت أيضا مثلي“ , حدث نفسه , وأحس , وهي تحتضن رأسه , برغبة شديدة للدخول في حقل البكاء .
أمضى العمر تتنامى على كاهله باسقات القهر حتى جلبت له في الورقة الأخيرة منه سرطانا , يتجرد حلمه من الشمس , من القمر , من الأمنيات والأغنيات , من البحر والظل والمعجزات , فلماذا يبقي على علاقته بها , أليفجعها بموته الفجائي ؟
لماذا لايداري عبء الجموح ويبتعد , ليصلي لها اعتذارا , يبوح لها , ألم تكن وعدا وأمانا وحبا وأما ؟
لا , لن يبوح لها , فلم يتبقى له غير عيونها هذه التي تملك البرق والبحر والياسمين والفل واللحن الجميل حدودا عليه .

„غريبة أنت الآن مثلي“ , ويقطف غصنا من المواويل الحزينة , ويروح يغني .

جرح في الذاكرة نازف : أنهكه الجوع وأنهكته الغربة .

„أيتها الغريبة مثلي : لا , لا تصدقي هذري , فأنا أسعى إليك , بل ما أجمل السعي إليك , لأن ابتعادك عني يزيد من غربتي , هو صخر , ورمل وقفر , فمازال فيّ إليك شجن من هوى وعشب“ .



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعلان
- مرة أخرى في المشهد السوري
- ذكرى النكبة , ثم النكسة , على قصف أو حصار المخيم المباح
- مايجري خلف المشهد السوري الأخير
- نكبة الشعب الفلسطيني المتجددة
- من الذي يضعف الشعور القومي والوطني واقعيا في سوريا؟
- هل نتعلم من عدونا
- أسئلة ابنتي الصغرى الصعبة
- وردتان
- في يوم الأرض
- رحل صوتي ..وقلبي معه إلى أن يعود
- لا يلد القهر سوى انكسارا
- رثاء لصديقي الذي كان يسكن في الضفة الأخرى من المنفى وقضى فيه ...
- أمنيات
- نداءا للحياة
- الصيغة اللبنانية الطائفية المتفجرة دوريا 3
- الصيغة الطائفية اللبنانية المتفجرة دوريا 2
- الصيغة اللبنانية الطائفية المتفجرة دوريا 1
- في الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن
- ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا


المزيد.....




- -أولُ الكلماتِ في لغةِ الهوى- قصيدة جديدة للشاعرة عزة عيسى
- “برقم الجلوس والاسم إعرف نتيجتك”رسميًا موعد إعلان نتيجة الدب ...
- “الإعلان الثاني “مسلسل المؤسس عثمان الحلقه 164 مترجمة كاملة ...
- اختتام أعمال منتدى -الساحة الحمراء- للكتاب في موسكو
- عثمان 164 الاعلان 3 مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 الم ...
- فيلم مغربي -ممنوع على أقل من 16 سنة-.. ونجمته تؤكد: -المشاهد ...
- نمو كبير في الطلب على دراسة اللغة الروسية في إفريقيا
- الحرب والغرب، والثقافة
- -الإله والمعنى في زمن الحداثة-.. رفيق عبد السلام: هزيمتنا سي ...
- مصر.. قرار من جهات التحقيق بخصوص صاحب واقعة الصفع من عمرو دي ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود جلبوط - سقوط الورقة الأخيرة