أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود جلبوط - ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا















المزيد.....


ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1732 - 2006 / 11 / 12 - 09:55
المحور: القضية الفلسطينية
    


ردا على مقال نشر في موقع سوريا الحرة تحت عنوان : يا فلسطيني النظام السوري هلا سألتم متقي عن إخوانكم في العراق بتوقيع الزميل حسن صبرا بتاريخ 7.11.2006

تنويه : سأرسل هذا المقال إلى موقع سوريا الحرة ليتوفر نشره هناك ردا على الزميل كما جرت عليه الأعراف الصحفية , ونرجو من الزملاء هناك النشر , ثم فضلنا استعمال ضمير الأنا في المقال حتى لا يحمل كلامنا ورأينا للتجمع الفلسطيني المقيم في سوريا أو حتى لا يقصد أنا نمثل أي من تجمعهم أو ألوانهم السياسية على اعتبار انتمائنا للتابعية الفلسطينية بشكل عام وللجزء الذي يعيش في الشتات السوري بشكل خاص , الذي نعترف بجميله لاستضافتنا , ولمعاملته الكريمة لنا من الناحية الأهلية والقانونية والتشريعية ومساواة سلطاته المتعاقبة لنا أسوة بمواطنيها , فكان لنا ما للمواطن السوري وعلينا ما عليه , بغض النظر عن بعض المفارقات في سلوك بعض سكان المنطقة الجغرافية التي ينام فيها المخيم الفلسطيني المعني (فعلى سبيل المثال لا الحصر كان الدمشقيون يلقحوا علينا كلام أننا قد بعنا أراضينا وقبضنا حقها وجئنا نزاحمهم الهم في بلادهم أو يحملونا مسؤولية الفجور والسفور الذي أصاب نسائهم وشبابهم على أساس أن البلا وطن بلا عرض وبلا دين ويرمون نسائنا في شرفهم وشبابنا بالزعرنة , وأن سبب ضياع فلسطين هو كفرنا وتركنا لديننا) , وأيضا بعض المفارقات التي كانت تخصنا بها السلطات المتعاقبة في سوريا إلا لمن والاها منا.

يحضرني في البدء قصيدة قصيرة للشاعر الكبير محمود درويش من المناسب أن أوشي بها مطلع مقالي , تعبر عن المعاناة الفظيعة لهذا الفلسطيني : أولا في أراضيه في مواجهة عدو شرس استثنائي التركيبة والأهداف والمهمات قضت ظروف إنشائه لأن يكون رأس حربة لقوى الاحتكار العالمي الامبريالي , له مهمة وظيفية في شرقنا المتوسط , الذي هوعقدة المواصلات العالمية الهامة بين القارات والذي اختار القدر أن يحوي هذا الكم الهائل من الاحتياط العالمي من النفط والثروات الأخرى والمستهلكين لسلعه , تتجاوز الرقعة الجغرافية التي يسكنها هذا الشعب الصغير , ليكون وقود هذا الصراع إلى جانب فقراء اليهود الذين ضللتهم دعاوي الصهيونية العالمية العنصرية (العودة إلى أرض الميعاد)وجلبتهم إلى بؤرة الصراع ليكونوا وقودا في خدمة مصالح الاحتكار العالمي , بعد أن كانوا آمنين في أوطانهم الأصلية ليدفعوا والفلسطينيون , السكان الأصليين , ضريبة عن كل سكان المنطقة العربية تتجاوز رقعته الجغرافية الصغيرة : وثانيا في بلاد الشتات ليتعرضوا لمذابح دورية في زحمة تصارع الأجندات , طورا بسبب إخلاص بعض قيادييه السياسيين لمبادئهم , وطورا لحماقة بعض قيادييه السياسيين أو عمالتهم , وأطوارا كثيرة لعمالة وحماقة الأنظمة العربية مستبدي الرقعة الجغرافية التي يستريح فيها مخيمهم , تنفيذا لأجندات الاحتكار الصهيوني الغربي .

تقول القصيدة :

ونحنُ نحبُ الحياةَ إذا ما استطعنا إليها سبيلاَ
ونرقصُ بين شهيدينِ. نرفعُ مئذنةً للبنفسجِ بينهما أو نخيلاَ
ونحنُ نحبُ الحياةَ إذا ما استطعنا إليها سبيلاَ
ونسرقُ من دودة القَزِّ خيطا لنبني سماءًا لنا ونُسيِّجُ هذا الرحيلاَ
ونفتحُ باب الحديقةِ كيْ يخرُجَ الياسمينُ إلى الطّرقاتِ نهارا جميلاَ
ونحنُ نحبُ الحياةَ إذا ما استطعنا إليها سبيلاَ
ونزرعُ حيثُ أقمنا نباتا سريع النُّمُوِّ، ونحصدُ حيثُ أقمنا قتيلاَ
وننفخُ في النايِ لونَ البعيدِ البعيدِ، ونرسمُ فوق تُرابِ الممرِّ صهيلاَ
ونكتبُ أسماءنا حجرا حجرا، أيها البرقُ أوضحْ لنا اللّيلَ، أوضحْ قليلاَ
ونحنُ نحبُ الحياةَ إذا ما استطعنا إليها سبيلا

إن أخذت خلفية القصد في استعمال تعبير ((يا فلسطيني النظام السوري)) في ترويسة مقال الزميل أو ما ورد عبره بحسن النوايا فإنني فهمت أنه يقصد في ندائه , توجيه نقد لقياديي حماس أو لغيرهم من القادة الفلسطينيين الآخرين اللذين يقيمون في سوريا ويلتقون مع المسؤولين الإيرانيين في إيران أو في السفارة الإيرانية ويتلقون المساعدات منها أو اللذين لهم علاقة ما مع السلطات السورية , وسأحاول عبر سطوري القادمة في هذا المقال إقرار بعض الحقائق التي ربما تتقاطع مع الدواعي التي دفعت زميلي لاستعمال هذه الصيغة التحريضية ضد الفلسطينيين في سوريا(يشبه تحريضا حدث في العراق قبل احتلاله , وخلال غزو الكويت من النظام العراقي , تحت عنوان يا فلسطيني صدام , وسأعرج على هذا في المقال في حينه) بتناوله للموضوع وسأمر لاحقا على المحاذير التي علينا أن ننتبه , إن حسنت النوايا , في الوقوع بها زلة لما يكمن في ساحة لا شعورنا للدائرة المسكوت عنها , أو أن يصب في بوتقة التحريض ضد الفلسطينيين لدى العامة من الناس في سوريا , كما حدث في الكويت والعراق أدت لما أدت من ارتكاب مجازر وانتهاكات بحق العامة من الفلسطينيين لا يتحملون سوئات قادة المنظمات , كانوا يسكنون هذا الشتات , سيكون له وقعا سيئا وتجليا كارثيا , إن حدث المحظور(الذي ينتظره البعض بشغف) وإن تناغم مع ما تريده دوائر أمريكا وإسرائيل أو الأنظمة العربية المحيطة , شبيه بما حدث ويحدث في العراق و لبنان لأهالينا الفلسطينيين.

علينا مسبقا وللتوضيح أن نميز بين أطر فلسطينية سياسية وتنظيمية هي من صناعة مباشرة للأنظمة العربية وبإشرافها المباشر لتنفيذ أجنداتها , وبين أطر نشأت بشكل مستقل عن الأجندات بدافع ضرورة المقاومة ضد المحتل فكانت انعكاسا لحاجة حركة التحرر الوطني الفلسطيني في النضال ولكنها كانت وما زالت مجبرة وبحكم قوة قانون الجغرافيا للمحيط الفلسطيني والحاجة للدعم , للتوافق مع ما تمليه السياسات العربية أو غيرها أحيانا .
يسوؤني , ككاتب المقال الزميل حسن صبرا , سلوك بعض القادة الفلسطينيين في حركة المقاومة والتحرر الوطني الفلسطيني بل واللبنانية أيضا وأعتبر أن من أكبر سوءات كليهما هي العلاقة مع النظام السوري , ليس بسبب طغيانه ودكتاتوريته , فأحيانا يتسق الأمر ويبرر لكثير من حركات التحرر في إقامة بعض العلاقات مع أنظمة دكتاتورية تساند قضايا التحرر وتتلقى المساعدات منها كحالة الإتحاد السوفييتي سابقا أو كوريا و كوبا و فيتنام والصين حاليا أو بعض الأنظمة العربية , وإنما بسبب استخدام النظام السوري لهذه العلاقة لستر عوراته ولتسويق متاجرته بالقضايا السورية والعربية واستعداده لبيع رؤوسهم مع قضيتهم في أول فرصة سانحة في سوق المساومات مع أمريكا وغيرها من قوى الاحتكار العالمي أو الوكيل الإقليمي , في سياق تنفيذه للمهام التي أوكلت وتوكل إليه منذ استيلائه على سدة السلطة في سوريا , ونكتفي بسرد بعض أدواره الموكلة إليه :
في سقوط الجولان عندما كان الأسد الأب وزيرا للدفاع في سوريا آنذاك , في مجازر أيلول سنة 1970 , في تدخله في الحرب الأهلية اللبنانية 1975 لضرب مشروع الحركة الوطنية اللبنانية لتغيير الصيغة الطائفية في لبنان المتحالفة مع الحركة الوطنية الفلسطينية في مواجهة المشروع الطائفي الانعزالي لقوى حزب الكتائب وحلفائه في حينه , وتنفيذه لمجزرة مخيم تل الزعتر بالتعاون مع ذات القوى الطائفية(لم يعد هناك مخيم تل الزعتر فقد سوته يد الحقد بالأرض , وكان هذا بالتأكيد قبل مجازر صبرا وشاتيلا التي نفذتها ذات القوى الطائفية ولكن بالتعاون مع الحليف الإسرائيلي هذه المرة , وقبل مجزرة مخيم جنين 1+2 وقبل مجزرة حنين الأخيرة بالطبع ) , وقمعه لمعظم مسيرات يوم الأرض في مخيم اليرموك وغيره إلا التي كانت تسير برعايته وضمن شعاراته , بإطلاقه الرصاص الحي على المتظاهرين الفلسطينين فيها مما أوقع وفي أكثر من مرة قتلى وجرحى واعتقالات تشمل المشاركين فيها , ولا ننسى دوره الجوهري في شق منظمة التحرير الفلسطينية ومحاولاته المتكررة لإيجاد البديل عنها(ولم يكن تحالفه في حينه مع حماس والجهاد الإسلامي إلا ضمن هذا السياق) , وطرده لياسر عرفات من سوريا وحرمانه من نيل شرف استضافته على أراضيها في عز أزمة الانقسامات في صفوف المنظمة(لقد بلغه أمر الطرد السيد عبد الحليم خدام)ومحاولات النظام المستميتة لتصفيته ورفاقه الرافضين الارتهان لأجنداته مقابل احتضان المقاتلين ومعسكراتهم ومكاتبهم على أراضي سوريا , واشتراكه في حرب المخيمات في طرابلس اللبنانية وغيرها إما مباشرة أو عن طريق الدعم العسكري للتنظيمات المعارضة لياسر عرفات التي قبلت لمصالح تنظيمية وشخصية ضيقة الإرتهان لسياساته(لم ينفع ندم البعض منهم بعد ذلك) ثم إكمال ترحيل قوات المنظمة خارج لبنان , إلى جانب زجه آلاف من المقاتلين الفلسطينيين والناشطين السياسيين منهم في السجون بل في أسوأ معتقلاته سجن تدمر سيء الصيت(مازال البعض منهم يقبع إلى الآن في سجونه هذا ماعدا عن المفقودين في عنجر وغيرها من مواقع التصفيات الجسدية) , يحضرني في هذا السياق الرفيق أبو فادي من الجبهة الشعبية الذي التقيته عام 80 في زنازين أمن الدولة في كفر سوسة , الذي اختطفته السلطات الأمنية السورية من لبنان , والأخ عبد المجيد زغموت الذي كان محكوما بالإعدام مع وقف التنفيذ منذ 1969 الذي التقيته في سجن القلعة ثم في سجن عدرا قبل وفاته الذي تابعت السلطات السورية ابتزازه حتى مماته (لا أنسى أياديه البيضاء علي ومساعداته رحمه الله) .

بالطبع هذه ليست السوءة الوحيدة لقوى المقاومة الفلسطينية أواللبنانية فهناك الكثير إن فتشنا , بعضها لا يروق لي ولا للزميل(كالأمثلة التي ذكرنا) , وربما كان بعضها يروق لكلينا(لو كانت هذه المقاومات تنضم لتحقيق أجندات التغيير التي ننادي بها) , وربما كان البعض يروق له ولا يروق لي(لربما كان يعجبه اللون الإسلامي في أيديولوجيا المقاومة) , وربما العكس يعجبني ولا يعجبه , هكذا أتوقع وربما أكون غلطان(لأنني أرى , ومن وجهة نظري أنه لن تنجح في منطقتنا أي مقاومة أو أي قوى تحرر أو تغيير إلا إذا قادت نضالها ببرنامج وطني ذو آفاق اجتماعية , لا يعتمد الولاء الديني أو المذهبي أو الطائفي لانتساب أعضائه أو لخوض نضالاتهم في إطاره , يأخذ بعين الاعتبار التكوينات السكانية المختلفة للمنطقة , وتمكنه من تقديم قضيته العادلة للمجتمع الدولي عبر علاقات دولية تعترف من خلاله بالقانون الدولي(بالرغم من انحيازه) وبشرعة حقوق الإنسان المعتمدة حاليا(بالرغم من عجزها أحيانا عن حمايتنا من ممارسات النظام السوري وإسرائيل وأمريكا) والمتطورة بتطور العلاقات الدولية ذات الصلة , وبعضها الذي لا يعجبني يخص البرامج التي تقود هذه الحركات والتي تقوم على أسس دينية(اعتبار حماس والجهاد الإسلامي فلسطين وقفا إسلاميا متجاهلين كل المواطنين الفلسطينيين المسيحيين أو اليهود الغير صهاينة) و المذهبية(التي خاضها حزب الله من خلال الحسينيات النتشرة في الجنوب اللبناني والبقاع التي تؤسس لولاية الفقيه لكي يستطيع أن يجند الطائفة الشيعية ولينجز النصر الإلهي) , ومنها يتعلق بالوسائل المتبعة في عمليات المقاومة , والبعض يتناول السياسات التكتيكية والتحالفات المعقودة التي يؤمن من خلالها الاستمرار والدعم بالسلاح والمال .

وإنني رأيت مبكرا أن أهم السوءات التي اقترفتها المقاومة الفلسطينية( والتي دفعتني للخروج من صفوفها التنظيمية مبكرا كرفيق من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في عام 1977 -1978 على إثر إتفاق الجبهة مع النظام السوري وإقرارها على عدم التدخل في الشؤون الداخلية) , عندما عزلت نفسها عن عمقها العربي ولم تقم علاقات مباشرة مع المكونات السياسية الحزبية والشعبية المباشرة في جميع الأقطار العربية بشكل مستقل عن إرادة الأنظمة ومراقبتها , بل استكفت بإقامة العلاقات مع الأنظمة عبر صيغة الجامعة العربية العاجزة , هذه الأنظمة التي لم يكن ولا للحظة واحدة تحرير فلسطين من أجنداتها , جرى هذا إما تحت ضغط الأنظمة ومجازرها المتكررة بحق الفدائيين الفلسطينيين بسبب خوفها من المثل الذي ضربته المقاومة الفلسطينية لشعوب أقطارها عند انطلاقتها من وحي الهزيمة 67 الكبرى التي هزت أركان المنطقة وأسست لكل الحاضر المزري الذي نعيش , توجت بتقاعس القوى الشعبية العربية للقيام بواجباتها , فانخرطت الأنظمة بالكامل في حماية الكيان الصهيوني كوكلاء للامبريالية آنذاك وحتى اليوم (الحرب اللبنانية الأخيرة وأحداث الأراضي الفلسطينية المحتلة شهادة) , وانسجم هذا مع رغبة القادة الفلسطينيين بالنأي بالقضية عن تلاعب الأنظمة بها واستخدامها ورقة سياسية للتأسيس عليها في تدعيم كراسيها في الحكم أو علاقاتها مع الخارج إن كان هذا الخارج أمريكا و إسرائيل , أوتحقيقا لأهداف ومرامي كانت تملأ رؤوس بعض قادة المقاومة حينذاك للتفرد بالقرار في قضية تهم كل الأمة .

قضية تحوي كل هذا الكم من التعقيدات والتمفصلات مع قضايا المنطقة لا يمكن حلها وخوض الصراع لحلها بنضال الشعب الفلسطيني الصغير لوحده في مواجهة أعتى القوى الاحتكارية العالمية والوكلاء المحليين , والتي حمت وتحمي هذا الكيان وتسانده وتدعمه وتسلحه ليس من أجل تحقيق أهداف تخص هذه الرقعة الجغرافية الصغيرة فلسطين بل تخص كل منطقة الشرق الأوسط الكبير وتأسسه بالقوة لو اقتضى الأمر كما شاهدنا في العراق ولبنان(وربما لاحقا سوريا) .

كثيرة هي السوئات كما رأينا لو أردنا البحث عنها عندما لا نتمكن من رؤية حردبتنا ولا نشاهد إلا حردبة الآخرين كما يقولون في المثل عندنا , فلو تذاكرنا معا ما قامت به المعارضة السورية , سابقا , أو بعض أطرافها أو غيرها , أو ما تقوم به الآن أو بعض أطرافها من محاولات لتجميع الأوراق الضاغطة على النظام السوري الطاغي لخدمة أجندات التغيير الديموقراطي(أو غير الديموقراطي حسب أجندة البعض) من اتصالات وعقد اتفاقيات مع أطراف يعلن عنها وأطراف لا يعلن عنها , عن وجه حق أو عن غير وجه حق , في ظل السياسة الواقعية أو الواقعية السياسية التي سادت وتسود العلاقات الدولية والإقليمية والمحلية , والتي أشرت في أكثر من موقع من كتاباتي أنها لا تنسجم مع هواي وأدعو لإقامة علاقات سياسية بينية أكثر صدقا وأخلاقا , أفلا نعذر عندئذ الأطراف الفلسطينية بالرغم من أن سلوكها وعلاقاتها واتفاقياتها لا يأتي على هوانا ولا يروق لنا؟؟.
إنني لم أؤمن ومازلت إلى الآن , بأن قضايانا في شرقنا معزولة عن بعضها البعض , فهي متداخلة , ومازلت أؤمن بترابط القضايا بالمنطقة وترابط هذه المنطقة ببعضها , وأننا , فقراء ومظلومي هذا الشرق , شعبا واحدا , وأن عدونا مشترك وواحد بغض النظر عن انتماءاتنا القومية والدينية والأثنية , وأنا من ناحيتي آخذ أنظمتنا العربية الرابضة فوق صدورنا رزمة واحدة , وأي إنجاز في أي ساحة مهما صغرت في هذا الشرق العظيم , مقاوم ضد الغزاة الصهاينة أو الامبرياليين الغربيين أمريكا وحلفائها , أو أي تغيير اجتماعي أو ديموقراطي في وجه الطغم الحاكمة , هو إنجاز شخصي لي وإنجاز لكل قوى التحرر الوطني على أرض هذا الشرق العظيم .
ومن هذا المنطلق يحق لأي منا , بغض النظر عن رقعته القطرية الجغرافية أو معتقده الديني أو السياسي , أن يبدي برأيه في أحداث شرقنا ويشارك في صناعته(والأجنبي الغريب الغازي في شرقنا هو قوى الاحتكار الغربية وإسرائيل), وأن مقولة أهل مكة أدرى بشعابها مقولة مضللة , ولهذا أنا كنت مع ما أدلى به الكاتب الرفيق ياسين الحاج صالح من إعادة إحياء مشروع الدولة العلمانية الديموقراطية في فلسطين التي تضم أبناء كل الأديان بعد إزالة الصبغة الاستعمارية العنصرية عن الكيان الصهيوني كمواطن غير فلسطيني(بالمناسبة كان لي انتقاد للحزب قدمته أثناء تداول موضوعاته المقدمة لمؤتمره الأخير عندما أزال من موضوعاته السياسية هذا المشروع الذي تبناه في حينه في مؤتمره الخامس وكانت هذه في حينه رؤية منظمة التحرير الفلسطينية لحل الصراع ثم استبدله بمشروع الدولتين أسوة بالفلسطينيين لكي لايكون فلسطينيا أكثر من الفلسطينيين) , وأنا أؤيد أيضا ما يوجهه من انتقادات لفصائل الثورة الفلسطينية وللوضع الفلسطيني ككل من موقع الإنتماء لها الدكتور عبد الله تركماني على صفحات الرأي كمواطن سوري من هذا الشرق الواحد , والرفيق معقل زهور عدي , وأؤيد في نفس السياق الزميل حسن صبرا , و كل ما أحاول القيام به من انتقاد ما قصد في مقاله , التنبيه لمخاطر استعمالنا لبعض التعابير السياسية في كتاباتنا التحريضية والدعوية أو محاولاتنا لشرح المواقف من إساءة للقصد الذي عنينا , زلة كان لمستور فينا أو تبيانا , ولا يفقد الخلاف للود صلة .

يكتب الزميل في مقاله : ((نريد من فلسطينيي النظام السوري في دمشق استيضاحهم بالسؤال التالي: هل تم بحث مصير ربع مليون مواطن عربي فلسطيني مقيمين في العراق، يتعرضون ليلاً نهاراً في المصنع والمتجر والمدرسة والجامعة والشارع والمزرعة لعمليات تنكيل وقتل وملاحقة وتهديدات واغتصاب فتيات وترميل سيدات وتيتيم أطفال .

هل سأل خالد مشعل او رمضان شلح تحديداً منوشهر متقي عن اوضاع ربع مليون فلسطيني تلاحقهم وتقتل منهم ميليشيات وفرق الموت التابعة لمنظمة بدر التي يرأسها عمار عبد العزيز الحكيم رجل طهران الاستخباراتي الاول في العراق؟)).
ثم يتابع بسرد حادثة مأساوية أخرى جرت للفلسطينيين في ليبيا إثر توقيع اتفاقية أوسلو فيقول :
((ولكم في هذا الخجل سابقة مخجلة يا فلسطينيي النظام السوري، فهل تذكرون عندما رحّل النظام الليـبي آلاف العائلات الفلسطينية عام 1994 الى الحدود الصحراوية مع مصر بحجة ارسالها الى غزة بعد توقيع اتفاقية (اوسلو) عام 1993.

هل تجرأ أي منكم على سؤال العقيد معمر القذافي عن هذه المأساة؟ هل نذكركم بردود افعالكم؟ حسناً.. كان اقصى رد فعل لكم ترك ابناء فلسطين عرضة للبرد القارس شتاء، ولدغ العقارب والافاعي لأطفالكم صيفاً ان أصدرتم بيانات تنددون فيها بياسر عرفات.. صدقوا او لا تصدقوا.. شتمتم عرفات كيف يعود الى فلسطين.. اصبحت العودة الى فلسطين في عرف نضالكم من مكاتب النظام السوري خيانة)) .
طبعا أنا لا أعرف إن كان قادة حماس قد بحثوا مع المسؤولين في إيران أو في غيرها من البلدان حول هذه المأساة بل المذبحة التي تندرج في سياق المذابح التي تقترف يوميا في العراق على أساس الصراع الطائفي المفتوح بين طوائفه برعاية قوات الاحتلال ووكلائه المحليين , ومن حق الكاتب حسن صبرا , إن صح استنتاجي أن ينحاز إلى اتفاقية أوسلو , وأوافقه بأن كثيرا من مواقف حماس وغيرها من التنظيمات الفلسطينية , وخاصة الموالية لسوريا , اقتصرت مهمتها التشويش على سياسة ياسر عرفات , ولكن ما يهمني هو أسباب اضطرار عامة الفلسطينيين في الرقعة الجغرافية للحدث المعني لدفع ثمن كبير دون غيرهم لفاتورة الصراع على المنطقة .
لا أنفي سوء تقدير بعض القادة الفلسطينيين لمواقفهم السياسية إن كان عن قصد أو غير قصد , والذي يؤدي إلى تحميل العامة من الفلسطينيين عبء الموقف(كما جرى في الكويت ودول الخليج عامة وكما يجري في لبنان وسوريا أو كما يجري في فلسطين نفسها) , ولكن ليس هذا بيت القصيد , وإنما القصد هو الطريقة التي يجري بها التحريض ضد الفلسطينيين عامة من قبل رموز وأوساط سياسية محلية منخرطة بشكل مباشر مع القوى المعادية ومرتبطة بأجندات بعينها , مستخدمين عفوية العامة من الناس في التعبير عن آرائهم واتخاذهم لمواقف تنحاز في الصراع الذي ينشأ بين قوى الاستعمار وأي نظام عربي أو إسلامي أو حتى في أنحاء العالم الثالث لهذا النظام أو زعيمه , فترفع صور صدام و الخميني و شافيز وكاسترو وجيفارا ودانييل أورتيغا , لإدراكها بحسها العفوي بواجب التصدي لهذا الإستعمار , وهي لا تجري جردا إن كان دكتاتور أو ديموقراطي أو كم مذبحة اقترف بحق شعبه أو كم عدد المساجين أو ...إلخ .
عندما ضاقت سوريا بي وقدمت أوربا منفيا , كان هذا قبل الحرب الأمريكية على العراق , ألتقيت بعراقيين معارضين لصدام حسين(ليس صدفة أن كان معظمهم شيعة وأكراد) وخضت نقاشات كثيرة وطويلة معهم عن أن صدام جند الفلسطينين واستخدمهم في حربه ضد المواطنين في العراق , إن كان في كردستان أو في الجنوب أو في الكويت , وأنهم قد اقترفوا مذابح ضد العراقيين هناك , وأن ,ان ...كثيرا ..إلخ . وكانوا يطلقون عليهم تسمية فلسطينيو صدام المجرمون , , وتحلفوا بانه سيأتيهم يوما يدفعون به الثمن , وجاء اليوم , وذهب بعض الشباب الفلسطيني إلى العراق للمشاركة في قتال العدو الأميريكي ومنهم ابن عمي الشهيد ساري , فاستشهد الكثير منهم , ولما انقشعت الغمة قليلا تناقلت الناس في مخيم اليرموك وغيره في سوريا أن معظم الشهداء الشباب كانوا بنفس الطريقة مقتولون غدرا من الخلف ....إلخ.
وأرست الحرب أوزارها كما أعلن جورج بوش في بيان النصر وشرد الفلسطينون في العراق(كما ذكر زميلي في مقاله) من بيوتهم على أساس أنها بيوت العراقيين اغتصبها صدام منهم وأعطاها لهم وهم الآن أحق بها , يخطف الفلسطينيون لأنهم إما صداميون أو بعثيون أو سنة فيذبحوا(ما هذه المفارقة الكبرى , يذبح الفلسطيني في العراق لأنه سني , ويذبح في لبنان لأنه شيعي , ويذبح في فلسطين لأنه فلسطيني ) , لقد سبق هذا تحريضا عاما ضدهم بجريرة أخطاء بعضهم , وكانوا العراقيون يطلقون عليهم تسمية : فلسطينيو صدام!!!!( يذكرني هذا بما جرى بيننا في سجن عدرا خلال حرب الخليج الأولى والتي حشدت فيها أمريكا قوات دولية وعربية ومن ضمنها قوات سورية لضرب العراق , وحينها اتخذت أنا وبعض الشباب موقفا ضد قوى التحالف هذه وضد ضرب العراق فأطلق علينا رفاقنا الآخرون تعبير : الصداميون!!. وأذكر أيضا كيف كثفت معنا عناصر الأمن السوري تحقيقها وأساليب تعذيبها لنعترف بعلاقة لنا بالإخوان المسلمون والنظام العراقي وصدام . كما أذكر أيضا كيف كان الجلاد يميزني عن رفاقي السوريين الآخرين فيخصني بدولاب إضافي لفلسطينيتي...هذه هي ضريبتنا لأننا فلسطينيون) .
ما أردت قوله على مدار مقالي هذا أنه علينا أن ننتبه جيدا لشعارات التحريض التي نستخدمها في مقالاتنا وأحاديثنا , وخصوصا بين العامة من الناس , وإلا أتت النتائج في خدمة الأعداء وأهدافهم .

وعذرا إن كنت قد قسوت في بعض مفاصل مقالي على الزميل حسن صبرا .



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية طاغية ولكن لو.....
- المسكوت عنه
- قصة........حدث في مركز اللجوء المركزي في Halberstadt
- طبيعة الصراع الطبقي في حركة التحرر الوطني متابعة
- إلى صديقي الساكن في الضفة الأخرى من المنفى
- في حركة التحرر الوطني القومي من الإمبريالية ...متابعة
- الامبريالية وكيفية الخروج من أزمته الراهنة ...متابعة
- البنية الطبقية للنظام الامبريالي
- قصة قصيرة ......فسحة صغيرة من الحرية
- قصة قصيرة جدا......فسحة صغيرة من الحرية
- من أين يأتي هذا الإيغال والمبالغة في سفك دماء الأطفال والغلو ...
- وين العرب.....وين الإسلام ؟؟
- قراءة في البيانات والكتابات السياسية لبعض أطراف المعارضة الع ...
- كتابة على جدار حر
- بالأمس ابتهجت وابتهجت معي قريتي الجاعونة
- خنجر من لحمي في لحمي
- أنا والسياسة الواقعية أو الواقعية السياسية
- من ذاكرة معتقل سابق ...الذاكرة الأخيرة
- هل الأول من أيار عيد للعمل أم عيد للعمال ؟
- ويرحل الحمام


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود جلبوط - ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا