أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - راسم عبيدات - القدس بين مطرقة الإحنلال وسنديانة الإهمال الفلسطيني















المزيد.....



القدس بين مطرقة الإحنلال وسنديانة الإهمال الفلسطيني


راسم عبيدات

الحوار المتمدن-العدد: 1937 - 2007 / 6 / 5 - 11:04
المحور: القضية الفلسطينية
    


.....القدس التي نردد في خطبنا العصماء ، وشعاراتنا الرنانة ، " وهوبراتنا " الإعلامية ، أنها العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية ، وأنها خط أحمر لا يمكن لأي كان أن يتجاوزه فلسطينيا أو عربيا ، والقدس قي العيون نفنى ولا تهون ، " وعالقدس رايحين شهداء بالملاين " ، وغيرها من " السيمفونيات " ، المعهودة والتي لا نجد لها أية ترجمات أو تطبيقات عملية على الأرض ، وهذا الإهمال والقصور الفلسطيني ، سلطة وأحزاب وفصائل ، وعرب ومسلمين ، بحق القدس والذي سنأتي على ذكره تفصيلا ، في سياق ورقة العمل هذه قدر الإمكان ، ترافق مع سلسلة من الممارسات والإجراءات الإحتلالية بحقها ، والتي تشارك في التخطيط لها والعمل على وتنفيذها وتطبيقها الحكومة والمؤسسة الرسمية الإسرائيليتين ، بكل أجهزتهما وأذرعهما وأدواتهما وإمكانياتهما ، وعلى كل الصعد والمستويات ، مستهدفة بذلك كل ما يمت للإنسان الفلسطيني بصلة في القدس ، بشر وحجرا وشجرا وثقافةً وتراثاً ومقدسات ..... إلخ ، وهدف السياسة هذه بالأساس تهويد المدينة المقدسة وأسرلة سكانها ، والأمور هنا ليست قصراً على الحقوق الإقتصادية والإجتماعية ، بل أن الأمر يتعدى ذلك ليطال الجانب الوطني والسياسي ، وبما يشمل إلغاء الوجود الفلسطيني في القدس ، ونزع هويتها الفلسطينية وقوميتها العربية ، ولعله من الهام جدا القول ، أن إتفاقيات أوسلو المجحفة والمذلة ، كان لها تأثيرات جداً سلبية على فلسطيني القدس ، فعدا أن الطرف الفلسطيني الموقع على هذه الإتفاقيات ، قبل بتأجيل مصيرها إلى ما يسمى بمرحلة الحل النهائي ، فهو أيضا سلم وقبلّ ضمناً بالممارسات والإجراءات الإسرائيلية بحق سكانها الفلسطينيون ، والمسألة ليست من باب المزايدة أو التحريض على هذا الطرف أو ذاك ، بل أن الوقائع تدعم وتسند صحة هذا القول ، فالطرف الفلسطيني قبل وسلم بأنه لا يحق للسكان المقدسيين ولحاملّي الهوية الإسرائيلية قسراً ، الحق في الحصول على جواز سفر فلسطيني ، كما أن إتفاقيات أوسلو كشفت أن الطرف الفلسطيني قبل أن يشارك الفلسطينيون من سكان القدس في الإنتخابات الرئاسية والتشريعية للسلطة الفلسطينية من خلال صناديق البريد الإسرائيلية ، والفائزين من أعضاء المجلس التشريعي لدائرة القدس ، لا يحق لهم ممارسة نشاطاتهم ، ضمن المناطق الفلسطينية المقدسية والواقعة ضمن ما يسمى حدود بلدية القدس الإسرائيلية ، وهذه بحد ذاتها مهما حاولنا تجميلها تنازلات مجانية ، واليوم عندما نتحدث عن القدس ، نقول أنها ليست أكثر عزلة عن محيطها الفلسطيني ، بل هي معزولة تماما ، حيث أن الأطواق الإستيطانية لا تحيط بها من جميع الجهات ، بل أصبحت مقامة في قلب الأحياء العربية وفي قلب البلدة القديمة ، وإضافة لذلك أحاطها الإحتلال بجدار الفصل العنصري ، وبما يعزلها ويفصلها تماماً عن محيطها الفلسطيني ، جغرافيا وديمغرافيا وإقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً وحياتياً ، وبذلك حوّل الإحتلال القدس إلى " جيتو " مغلق ، وأخذ ا يمارس بحق سكانها الفلسطينيين ، كل أشكال وأصناف الإنتهاكات لحقوقهم الإجتماعية والاقتصادية :- فمن مصادرة الأراضي واستمرار إقامة المستوطنات وتوسيع ما هو قائم منها ، وسياسات هدم المنازل ، والغرامات الخيالية على ما يسمى بالبناء غير المرخص ، ناهيك عن الشروط التعجيزية للحصول على رخص البناء ، ومصادرة حق المقدسيين في الإقامة وإسقاط حقوقهم الإقتصادية والإجتماعية وتقيد حرية الوصول إلى أماكن العبادة وخاصة المسجد الأقصى في وقت تصاعدت فيه حدة الحملات الإسرائيلية التي تستهدف هذا المكان المقدس ، وما الحفريات التي تجري تحته ، وفي باب المغاربة ، وهدم التلة المؤدية إلى المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة إلا خطوة على طريق هدم الأقصى ، وإقامة ما يسمى بالهيكل المزعوم مكانه ، وخطى الإحتلال خطوات إضافية ، عندما قام بنبش قبور المسلمين في مقبرة مأمن الله في القدس الغربية ، والتهديد بنبش قبور أموات أهالي السواحرة الغربية ( جبل المكبر ) أحد أحياء مدينة القدس الجنوبية بدعوى ملكية إحدى الشركات الإستيطانية لجزء من مقبرة البلدة ، بالإضافة للشروع في هدم بناية المجلس الإسلامي الأعلى في القدس الغربية، ناهيك عن الضرائب بمختلف أنواعها وتسمياتها التي يفرضها الإحتلال على السكان الفلسطينيون في القدس بغرض دفعهم للهجرة القسرية خارج المدينة المقدسة ، وفي رصدنا لللإنتهاكات والممارسات الإسرائيلية بحق المقدسيين الفلسطينيين نحتاج إلى مجلدات ، وهو ما لا تتسع له ورقة العمل هذه ، ولكن لا ضير في ذلك ، وسأحاول أن أسلط الضوء على المفاصل الأساسية لهذه الإنتهاكات والممارسات الإسرائيلية بحق المقدسيين الفلسطينيون ، وكذلك الإهمال والقصورات الفلسطينية سلطة ومعارضة بحق أهل المدينة المقدسة ، وبقدر ما تتسع له الورقة .
• الإستيطان ومصادرة الأراضي :- بعدما استكمل الإحتلال إقامة الأطواق الإستيطانية حول المدينة المقدسة ومن كل الجهات ، معززاً ذلك بجدار الفصل العنصري ، وبما له من آثار تدميرية على كل مناحي حياة المقدسيين ، ومخاطر هذه الآثار التدميرية ، تعادل مخاطر نكبة عام 1948 ، إن لم تزد عنها ، كما أن الإحتلال شرع في رفع وتصعيد وتيرة مصادرته لأراضي المقدسيين الواقعة داخل الجدار لإقامة مستوطنات عليها وتوسيع القائم منها ، حيث تم مصادرة 2000 دونم من أراضي قرية الولجة الواقعة جنوب القدس لإقامة 5000 وحدة جديدة ، وكذلك أحزمة استيطانية متواصلة حول القدس القديمة وفي قلبها ، حيث أقيمت مستوطنة " معاليه هزتيم " في رأس العامود ( 132 ) وحده سكنيه ، والتخطيط لإقامة ( 200 ) وحده سكنية أخرى مكان مركز شرطة رأس العامود بعد إخلائه لصالح المؤسسات والجمعيات الإستيطانية ، وكذلك إقامة مستوطنة " تسيون زهاف " ( 200) وحده سكنية على أراضي جبل المكبر ، بل وفي قلب حي جبل المكبر ، في أكبر عملية تواطؤ بين من يدعي ملكية جزء من هذه الأراضي " المستوطن عبود ليفي " وما يسمى بلدية القدس ، والتي من أجل تسهيل وتشريع إقامة الحي الإستيطاني صادرت أراضي الفلسطينيين المحيطة بالمشروع لما يسمى بالمنفعة العامة ، أي لصالح خدمة المشروع الإستيطاني ، بالإضافة إلى مخطط آخر لإقامة مستوطنة باسم " كدمات تسيون " على أراضي بلدة أبوديس المطلة على حي رأس العامود وجبل المكبر بهدف خلق تواصل ديمغرافي يهودي يبدأ من حي الشيخ جراح مروراً بجبل الزيتون حيث البؤرة الإستيطانية المسماة " بيت أورون " " ومعاليه أدوميم " وانتهاءاً " بتسيون زهاف " ، وهذه الحزم الإستيطانية حول البلدة القديمة ، كان قد أعلن عنها قبل عامين ونصف وزير السياحة الإسرائيلي السابق " بيني ألون " ، والذي تحدث عن سبعة عشر بؤرة استيطانية ستقام حول المدينة المقدس بالإضافة لإقامة حي استيطاني آخر داخل أسوار البلدة القديمة في المنطقة المعروفة ببرج اللقلق ، وهذا المشروع يشتمل على إقامة ( 4000 ) وحدة استيطانية ، ليكون ثاني حي يهودي يقام داخل أسوار البلدة القديمة ، بعد الحي الذي أقيم على أنقاض حارة الشرف بعد سقوط القدس عام 1967 .
ويتزامن هذا التصعيد الإسرائيلي في مصادرة الأراضي والإستيطان مع عمليات الإستيلاء على عقارات المقدسيين داخل البلدة القديمة وخارجها ، ليرتفع عدد العقارات المستولى عليها من قبل المستوطنين إلى أكثر من ( 100 ) عقار داخل البلدة القديمة وخارجها ، وهناك نشاط استيطاني من نوع آخر حول البلدة القديمة ، تمثل في شبكة الأنفاق والجسور والطرق الإستراتيجية التي أنهي العمل في جزء كبير منها ، أشهرها شارع النفق أسفل جبل الزيتون ، حيث صودر ( 52 ) دونماً من أراضي حي واد الجوز ، وشارع رقم واحد والذي إلتهم أكثر من ( 370 ) دونماً من أراضي المواطنين ، ثم شارع رقم 4 والذي صودر لشقه ( 2200 ) دونم من أراضي بيت حنينا القديمة ، وتم الإنتهاء منه ، بالإضافة إلى شارع الطوق الشرقي الذي الذي إلتهم ( 1070 ) دونماً من أراضي عدد من القرى المحيطة بالقدس ، ناهيك عن أن جدار الفصل العنصري والذي تقريباً شارف على الإنتهاء ، ابتلع ما لا يقل عن ( 72 ) كم من أراضي المواطنين .
• ديمغرافيا القدس : - لا بد لنا من القول أن هناك علاقة وثيقة بين الأنشطة الإستيطانية داخل البلدة القديمة وحولها ، حيث أن الزيادة في عدد السكان المقدسين داخل حدود ما يسمى بلدية القدس ، والتي ارتفعت لتصل إلى أكثر من 30% من إجمالي عدد سكان القدس ، تثير قلقاً واسعاً لدى صناع القرار الإسرائيليين ، والذين يرسمون خططهم وبرامجهم وإستراتيجياتهم المستقبلية ، على أساس أقل عدد ممكن من السكان المقدسيين العرب ، والذين ينظر لهم على أنهم كم زائد يجب التخلص منه ، سواءاً بالطرق المشروعة أو غير المشروعة ، ولتحقيق هذه الغاية ، وحتى لا يشكل سكان القدس الشرقية أغلبية ، جرى العمل على إقامة أحزمة استيطانية حول البلدة القديمة وداخلها ، وجدار الفصل العنصري ، وكل ذلك خشية من أن يصل العرب المقدسيين إلى حوالي 60 % من سكان القدس عام 2020 على رأي الدراسة الإسرائيلية التي أعدها خبير الديمغرافيا في الجامعة العبرية " سيرجيو فير غولا ، وهذا الأمر لم يقتصر على الإستيطان ومصادرة الأراضي ، بل رافقه تصعيد خطير ، وتحديداً بعد إقامة جدار الفصل العنصري ، حيث شنت عمليات هدم واسعة ضد منازل المقدسيين تحت حجج وذرائع البناء غير المرخص ، ونستطيع القول أنه من بداية الإنتفاضة الثانية وحتى اللحظة الراهنة ، تم هدم ما لايقل عن ( 750 ) منزلاً ، ناهيك عن مئات الأوامر بالهدم ، والقيود المشددة على البناء غير المرخص ، والغرامات الباهظة والتي تصل إلى مئات الآلاف من الشواقل على البناء غير المرخص ، وكذلك الشروط التعجيزية من أجل الحصول على رخص البناء ، مثل الطلب من الفلسطينيين إثبات ملكية الأراضي التي ينون إقامة بناء عليها وبتكاليف باهظة من دائرة الطابو ، والحصول على مصادقة وموافقة الجيران ، ومطاردة وملاحقة الفلسطينيين في هذا الجانب ، توسعت بحيث تشمل منع شركة الكهرباء من إيصال الكهرباء للبيوت غير المرخصة ، وكذلك منع شركة المياه من تزويد البيوت غير المرخصة بالماء ، وكذلك لم يسلم المقاولين والمهندسين وأصحاب شاحنات ومصانع الباطون من ممارسات بلدية الإحتلال وداخليتها ، حيث يجري مصادرة شاحنات الباطون والمعدات الهندسية المستخدمة في البناء ، وتغريم أصحابها وتعريضهم للسجن الفعلي ، كما أن البلدية أخذت تلجأ إلى وسائل وطرق جديدة للحد من ما يسمى بالبناء غير المرخص ، من خلال نشر صور البنايات التي صدر بحقها أوامر هدم إداري تحذر المواطنين من شراء شقق فيها ، أو السكن فيها ، وكل من يخالف ذلك سيتعرض لأقصى العقوبات ، ولا يوجد رقم محدد ومعطى دقيق حول البناء غير المرخص ، وهو يتراوح بين 8000 – 12000 بيت ، ولم يكتفي الإحتلال بهذه الممارسات والإجراءات والقوانين " القراقوشية " بحق السكان المقدسيين ، بل وسعت سلطات الإحتلال وكثفت من نشاطها الإستيطاني ، لإحاطة المدينة المقدسة بالأطواق الإستيطانية من كل الجهات " معاليه أدوميم " شرقا و " وجفعات زئيف " غربا ، والتجمع الإستيطاني شمالاً مستوطنات " آدم ومعاليه مخماس " وجنوبا ما يعرف بالتجمع الإستيطاني الكبير " غوش عتصيون " ، وهذا الطوق من الإستيطان الذي يحتوي القدس في داخله ، هو حدود القدس الكبرى التي تساوي 10% من مساحة الضفة الغربية .
• قطاع التعليم الحكومي :- هنا لا بد لنا من القول أن أوضاع التعليم الحكومي في القدس العربية ، التابع لبلدية القدس ودائرة معارفها ، قد وصلت إلى مستويات كارثية ، بكل معنى الكلمة ، والمسألة ليست قصراً على مرحلة دون الأخرى ، ولعل أخطر ما في الأمر ، هو خصخصة التعليم في المرحلة الثانوية ، وتسليمه إلى شركات ربحية إسرائيلية ، همها الأول والأساسي ، تحقيق الربح ، وآخر ما تهتم به الطالب واحتياجاته ، حيث هذه المدارس ، عدا عن كون الأبنية المستأجرة من قبلها ، تفتقر لمبررات وشروط وجودها كمدارس ، ولا يوجد فيها مرافق عامة ، من ملاعب وساحات وغيرها ، والإفتقار إلى المكتبات والمختبرات العلمية والمحوسبة ، وطواقمها التدريسية ، أكل عليها الدهر وشرب ، ومعظمهم من الذين تقاعدوا ، أو استقالوا من العملية التدريسية ، ولكم أن تتخيلوا الأجيال التي تتخرج من هذه المدارس ؟! ، ولعله من المفيد تدعيم وجهة النظر هذه بالتقارير الحكومية الإسرائيلية ، حيث كشف تقرير أعده مؤخراً مركز الأبحاث والدراسات في الكنيست الإسرائيلية ،النقاب عن 50% من طلبة المدارس الثانوية في القدس العربية ، يتسربون من مدارسهم ومؤسساتهم التعليمية ، بسبب سياسة التميز العنصري والإهمال الإسرائيلية المتواصلة تجاه جهاز التعليم العربي ، بالإضافة إلى رفض بلدية القدس تسجيل طلاب فلسطينيون من القدس في مدارس البلدية ، بزعم عدم وجود أماكن فيها ، وكذلك أشار التقرير إلى وجود نقص حاد في الغرف الصفية ، وصل العام الدراسي الماضي إلى ( 1354 ) غرفة صفية ، ومتوقع أن يصل هذا النقص في عام 2010 إلى ( 1883 ) غرفة صفية ، وهذا يندرج في إطار السياسة الإسرائيلية الرسمية الهادفة إلى تقليص عدد السكان العرب في القدس الشرقية إلى أقل عدد ممكن ، ويظهر هذا التميز واضحاً ، في أن البلدية تخصص ما نسبته 29% فقط من ميزانية التعليم ، لجهاز التعليم في القدس العربية ، ويتجلى هذا التميز الصارخ ضد جهاز التعليم في القدس العربية ، من خلال عدم توفر العدد الكافي من المدارس والغرف الصفية ، حيث أن هذا النقص ارتفع بين العامين 1995 و 2005 بنسبة 290% ، ومن هنا نجد أن أوضاع التعليم الحكومي في القدس العربية ، هي أكثر من كارثية ، حيث أن جهاز المخابرات الإسرائيلية " الشاباك " يتدخل في التعينات لإدارات المدارس وكذلك المدرسين ، والإحتلال غير معني بتحسين أو تطوير التعليم في القدس العربية ، لأسباب سياسية ، وللعلم فإن أكثر من 45000 طالب من ما مجموعه 75000 من طلبة مدارس القدس ، يتلقون تعليمهم في المدارس الحكومية التابعة لبلدية القدس ، والمسألة هنا لا يتحملها الأهالي وحدهم ، بل حالة الإهمال الواسعة للمدينة ولهذا القطاع من قبل السلطة والقوى الوطنية الفلسطينية ، حيث سلمت بسيطرة الإحتلال على هذا القطاع ، ولم تقم بأي جهد حقيقي ، أو تبادر إلى صياغة حلول ومقترحات ، تمكنها من تعزيز سيطرتها على هذا القطاع ، مثل إقامة أبنية مدرسيه خاصة في المنطقة الخاضعة لسيطرة بلدية القدس ، أو العمل على تشكيل أجسام مهنية لمتابعة تحصيل الحقوق من الإحتلال في هذا الجانب الحساس ، أو تقديم الدعم بطرق غير مباشرة لهذه المدارس ، أو العمل على إقامة إتحاد قطري للجان أولياء الأمور يساهم في العمل كجسم ضاغط على بلدية القدس ودائرة معارفها لإنتزاع حقوق الطلبة المقدسيين ، من أبنيه ، وتجهيزات وبنى تحتية ، ومختبرات وكوادر تعليمية وغيرها ، وأقتصر الأمر على الهمة ، والنشاط والجهد الفردي ، للجنة أولياء أمور هنا أو هناك ، علما أنه مطلوب خوض نضالات حقيقية في هذا الجانب بالتحديد ، لدور وأهمية هذا القطاع في البناء والتطوير والتغير .ونحن نقول ان استمرار الإهمال وعدم تحمل المسئولية في هذا الجانب من شأنه أن يلحق ضرراً بالغاً ، ليس فقط بطلبتنا وهويتهم وقوميتهم ، بل أن المسألة أبعد من ذلك وتمس هوية وعروبة المدينة المقدسة وكذلك فإن الاستمرار في الندب والبكاء ، لن يفيد أو يقدم شيئاً ، بل المطلوب من الجميع توحيد وتكثيف جهودهم من أجل عدم تجهيل أجيالنا ، وتفريغهم من محتواهم الوطني ، ودفعهم إلى حالة من الضياع والتوهان.
• حرية العبادة والوصول إلى الأماكن المقدسة :- لا بد من نقول أن الإحتلال بعد زيارة " شارون " المشؤومة إلى المسجد الأقصى في 28/9/2000 ، صعدت إسرائيل من هجمتها المحمومة والمسعورة على المسجد الأقصى خصوصاً ، والمقدسات الإسلامية والمسيحية عموماً ، فهي لم تسمح لسكان الضفة الغربية و قطاع غزة مسلمين ومسيحيين ، من زيارة الأماكن المقدسة ، بل وفي كثير من الأحيان ، كانت تفرض قيوداً مشددة على دخول سكان القدس ومناطق عام 1948 إلى المسجد الأقصى ، وذلك بعدم السماح لمن تقل أعمارهم عن 45- 50 عاماً من دخول الأقصى ، وحتى أنها إتخذت إجراءات بحق الكثير من الشبان المقدسيين وحراس المسجد الأقصى ، من خلال الإعتقال ، وإصدار أوامر عدم دخول للمسجد الأقصى لفترات تراوحت من ثلاثة إلى ستة شهور ، يجري غالباً تجديدها ، وفي إطار الهجمة المسعورة على المسجد الأقصى ، جرى إقتحامه من قبل غلاة المستوطنين أكثر من مرة ، وبعلم وقرار رسمي حكومي ، كما أن الأوقاف منعت من إجراء أعمال الترميم داخل المسجد الأقصى ، وتواصلت أعمال الحفر تحت المسجد الأقصى وفي الطرق المؤدية إليه ، في إطار السعي إلى هدم المسجد الأقصى وإقامة ما يسمى بالهيكل المزعوم ، حيث أنه في الفترة الأخيرة فإن الحفريات أصبحت تشكل خطر جدي وحقيقي على المسجد الأقصى ، وقام الإحتلال من جهة باب المغاربة بهدم التلة المؤدية إلى المسجد الأقصى ، كما نصبت كاميرات مراقبه في كل ساحات الأقصى ، وبما ينذر أن الإحتلال يتحين الفرص لتنفيذ مخططاته بشأن هدم الأقصى ، في ظل معرفته بحقيقة الموقف العربي والإسلامي الذي لا يتعدى الشجب والإدانة والإستنكار، في حالة إقدامه على مثل هذه الخطوة وأن حالة العجز والإنهيار العربي الرسمي ، قد توفر له فرصة مؤاتيه للقيام بخطوة من هذا النوع ، ولم تقتتصر الإنتهاكات على المقدسات الإسلامية بل طالت رجال دين مسيحيين ، من لهم مواقف قومية ومناهضة ورافضة لسياسات الإحتلال ، وداعية إلى الوحدة والتلاحم الإسلامي المسيحي ، من أمثال الأب عطالله حنا ، والذي قيدت حركته أكثر من مرة وتعرض للإستجواب والتهديد بالإعتقال ، وهذا أيضاً ينسحب على رجال الدين المسلمين من خطباء وقاضي قضاه ورئيس الهيئة الإسلامية ووزير الأوقاف وإمام المسجد الأقصى وغيرهم .
• الهموم الإقتصادية والإجتماعية :- في هذا الجانب فإن المقدسيين يعانون الأمريين ، حيث تتجلى العنصرية والإنتهاكات الفظة والفاضحة لحقوق المقدسيين في كل مناحي حياتهم ، والمؤسسات الإسرائيلية التي تقدم الخدمة لهم في هذه الجوانب ، تنفذ السياسات الإحتلالية ، وهي مؤسسات للتعذيب " والتطفيش " من تأمين وطني ، أو مكاتب الداخلية ، أو مؤسسات الضريبة ودوائر البلدية المختلفة ، حيث تقوم مؤسسة التأمين الوطني بأعمال قرصنه وزعرنه ضد السكان المقدسيين من خلال غارات نهارية وليله على المقدسيين وبيوتهم ، للتأكد من أماكن سكنهم ، وكل من يثبت أنه ساكن خلف الجدار ، يفقد حقه في الإقامة وتسحب هويته ، ويتعرض لعملية إستجواب بوليسي ، ويحرم من خدمات التأمين الصحي وخدمات التأمين الوطني ، وبهذه الطريقة جرى سحب مئات الهويات في السنوات الأخيرة لسكان مقدسيين ، ووزارة الداخلية تلعب دوراً بارزاً في هذا المجال ، فأي شخص مقدسي يذهب لتجديد بطاقة هويته ، فإنه يتعرض لحالة من الإذلال والمهانة والإستجواب ، ويطلب منه إحضار عشرات الوثائق التي تثبت انه ساكن في القدس ، من فواتير دفع " الأرنونا " – ضريبة على السكن - وفواتير دفع الماء والكهرباء وشهادات ميلاد الأولاد وشهاداتهم المدرسية .. الخ ، ناهيك عن الصعوبات والقيود الموضوعة والمفروضة على جمع شمل العائلات ، والتي توجت أخيراً بقانون عنصري ، لم يعمل به حتى في أشد الأنظمة عنصرية ، النظام العنصري السابق في جنوب أفريقيا ، قانون تقيد الجنسية ، أي فلسطيني من الضفة الغربية ، أو من غزة يتزوج من فلسطينية تحمل الجنسية الإسرائيلية ، لا يستطيع الحصول على الجنسية الإسرائيلية ، وأيضا هناك شروط تعجيزية على تسجيل الأبناء الذين أحد ابوهيم لا يحمل الجنسية الإسرائيلية – قانون لم الشمل - وكل هذه الإجراءات تندرج في إطار السياسة الإسرائيلية الرسمية الهادفه لتقليص عدد العرب إلى أقل عدد ممكن في القدس الشرقية ، ناهيك عن معاناة المقدسيين القاطنين خلف الجدار ، بسبب إنفصالهم عن مركز حياتهم ، حيث صعوبة الإلتحاق بالمدارس والأعمال وتلق الخدمات بمختلف أنواعها .. إلخ ، وفي الكثير من الأحيان يحرمون من حقوقهم الأقتصادية والإجتماعية ، رغم أن هناك لا توجد سياسة إسرائيلية رسمية معلنة حول ذلك .
أما بخصوص الضرائب المفروضة على السكان فحدث ولا حرج من ضريبة " الأرنونا " -الضريبة على السكن – إلى ضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة وضريبة التلفاز ، وضريبة .... إلخ ، وهذه الضرائب التي يدفعها المواطن المقدسي ، ما يتلقاه من خدمات مقابلها، لا يكاد يذكر ، وبلغة الأرقام ، فإن سكان القدس العرب يدفعون ما مجموعه 20% من الضرائب المجباة من السكان، وما يتلقونه من خدمات مقابلها لا يزيد عن 6% ، حيث يتم صرف الضرائب المجباة منهم على مشاريع تطويرية في القدس الغربية والمستوطنات ، وتستطيع أن تلمس الفرق الهائل في الخدمات بين الشطر الغربي والشطر الشرقي للمدينة ، حيث تفتقر القدس الشرقية إلى البنية التحتية ، فهناك شوارع لم يجري تأهيلها منذ زمن الإنتداب البريطاني ، مثل شارع القدس – بيت لحم القديم ، وشوارع بدون أرصفة ومليئة بالحفر والمطبات وبدون خطوط للمشاة ، حيث يخيل لك أن المدينة في القرن التاسع عشر وليس الحادي والعشرون ، والكثير من مناطق القدس العربية بدون شبكات مجاري وإنارة ، وتفتقر إلى أبسط وسائل الترفيه ، حيث لا متنزهات عامة ولا حدائق ولا ملاعب ولا مؤسسات شبابية وخدماتيه ، وبإختصار الخراب هنا " عام وطام " ، والهدف هو دفع العرب قسراً لمغادرة المدينة وتفريغها من سكانها ، فكثير من المؤسسات غير الحكومية والتي كانت تقدم خدمات للسكان الفلسطينين ، بسبب جدار الفصل العنصري ، وصعوبة ؟إنتظام عملها ، وبسبب تعذر وصول موظفها ، هجرت المدينة إلى خارج القدس ، ومن لم يغلق بفعل الإحتلال وإجراءاته التعسفيه ، يغادر المدينة، بفعل الإهمال والقصور الفلسطيني ، حيث أن الكثير من المؤسسات المقدسية ، تعاني من أزمات مادية خانقة ، والسلطة لم تقدم لها سوى الوعود والشعارات والخطب والبيانات .
• الهم الوطني والسياسي : - بعد إحتلال عام ( 1967 ) ، وبما لا يزيد عن شهر أعلن عن قانون ضم القدس ، وأعتبرت عاصمة أبدية لإسرائيل ، وحظر فيها أي نشاط سياسي أو وطني ، وشنت سلطات الإحتلال حملة شعواء على الحركة الوطنية التي أبدت مقاومة شرسة في هذا الجانب ، ودفعت مدينة القدس كباقي المدن والمحافظات الفلسطينية ثمناً باهظاُ شهداء وجرحى ومعتقلين ، وجرى التعامل مع أسرى القدس بخصوصية ، بقصد قتل روح الإنتماء والنضال والتضحية عند أهل القدس ، حيث أن الأسرى الفلسطينيون من حملة هوية القدس ، كانت تفرض المحاكم الإسرائيلية عليهم في محاكمها المدينة أحكام مرتفعة ، بحجة أنهم " خونة " للدولة ، وكذلك ترفض أن يجري إطلاق سراحهم في أية صفقات إفراج ، بحجة أنهم مواطنيين إسرائيليين ، وكذلك أي مؤسسه فلسطينيه تمارس أي نشاط وطني أو سياسي ، يجري إغلاقها ، وتمنع إقامة أية مهرجانات أو إحتفالات ذات طابع وطني أو سياسي في مدينة القدس ، وبعد الإنتفاضة الثانية ، شنت سلطات الإحتلال حملة واسعة على المؤسسات المقدسية ، حيث جرى إغلاق بيت الشرق ، والكثير من المؤسسات الإجتماعية والخدماتية تحت يافطة وذريعة ، علاقاتها بالقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية والسلطة الفلسطينية ، توجيها وتمويلاً ونشاطاً ، وحسب مركز القدس للدراسات الإجتماعية والإقتصادية ، جرى إغلاق ما مجموعه 33 مؤسسة ، ولم يكتفي الإحتلال بذلك ، بل أنه وضع قيوداً على مشاركة المقدسيين في الإنتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية ، وإعتقل الكثير من كادرات حماس والجبهة الشعبية على خلفيتها ، تحت حجج وذرائع أنها منظمات إرهابية ، رغم أن إتفاقيات أوسلو المذلة ، شرّعت وسمحت لهم المشاركة في الإنتخابات ، بل وداهمت مهرجانات وإجتماعات إنتخابية لمرشحين مقدسيين ، وحتى بعد السماح للمقدسيين بالمشاركة في هذه الإنتخابات ، جرى إعتقال عدد من المرشحين ولفترات قصيرة ، كما جرى فرض غرامات عالية على المرشحين المقدسيين الذين مارسوا الدعاية الإنتخابية في القدس ، وذهب الإحتلال خطوة أبعد من ذلك ، حيث أنه بعد أسر الجندي الإسرائيلي " جلعاد شاليط " ، من قبل المقاومة الفلسطينية في حزيران الفائت ، قامت بإعتقال وزير شؤون القدس المهندس خالد أبو عرفة ونواب دائرة القدس ، الأربعة من كتلة الإصلاح والتغير ، وما يسمى بوزير القدس أو محافظ القدس ، ونوابها المنتخبين وفق الإتفاقيات الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ، لا يسمح لهم بمزاولة نشاطهم ، في المناطق المقدسية ، الواقعة تحت نفوذ ما يسم بلدية القدس ، ناهيك أن من لا يحمل منهم الهوية المقدسية " الهوية الزرقاء " لا يحق له دخول مدينة القدس ، كما أن سلطات الإحتلال سحبت " الهويات الزرقاء " ، من عدد من الأسرى المقدسيين والذين شاركوا في أنشطة وطنية ضد الإحتلال ، وشرعت بإجراءات قضائية ، لسحب هويات نواب القدس ، وبما لا يدع مجالاً للشك بأن الإحتلال لا يلتزم أو يحترم أية إتفاقيات وحتى لوكانت هزيلة ، وعلى غرار إتفاقية أوسلو ، والإحتلال يبني خططه وإستراتيجياته على أساس تهويد المدينة المقدسة وأسرلة سكانها ، وهو يتصرف ضمن هذه الرؤيا رسمياً وشعبياً ، وبالتالي فإن من وافق على تأجيل قضية القدس ، حتى المرحلة النهائية إرتكب خطئاً فادحاً ، حيث أن الإحتلال يواصل سياساته وإجراءاته ضد القدس وأهلها ، غير عابىء بأية إتفاقيات أو مواثيق أو أعراف دولية ، وهذا كله يدفعنا إلى أن نستعرض بشكل مكثف الموقف الفلسطيني من أهل المدينة المقدسة ، على ضوء كل ما تم ذكره من ممارسات وإجراءات وإنتهاكات إسرائيلية لحقوق المواطنين الفلسطينين سوءاً في الجوانب الإقتصادية والإجتماعية ، أو الهم الوطني والسياسي .
• الموقف الفلسطيني :- سنقوم بطرق هذا الموضوع من فترة ما بعد قدوم السلطة الفلسطينية ، حيث أن التعامل والتعاطي مع هذه القضية ، والتي هي على درجة عالية من الأهمية ، ولكونها إحدى ركائز البرنامج الوطني الفلسطيني ، فقد بشكل تسطيحي وفئوية ونزق وردات فعل ، واللعب على وتر العواطف والشعارات والبيانات والإستنكارات ، و" الهوبرات " الإعلامية ، ولغة " الفرمانات " وبأمر مولانا السلطان ، وكذلك جرى التعامل مع أهل القدس بفوقية ، وبأن هناك من يفكر لكم وعنكم ، وكأن أهل المدينة المقدسة قطيع من الأغنام ، لا رأي ولا وجهة نظر لهم ، ولم توضع أية عناوين أو مرجعيات واضحة ومحددة لهم ، لا في الهم السياسي والوطني ، ولا في الهموم الإقتصادية والإجتماعية ، إلا في الإطارالشكلي ، كما أن الصراعات والنزاعات والخلافات داخل بيت السلطة الحاكمة وحزبها الرئيسي عكست نفسها على قضية القدس ، حيث كان هناك في الإطار النظري والشكلي والإعلامي عشرات اللجان المعنية بموضوعة القدس ، والمتضاربة في المهام والصلاحيات ، فهناك مسؤول ملف القدس ، ووزير مكلف بشؤون القدس ، اللجنة الوزارية الخاصة بالقدس ، واللجنة البرلمانية لشؤون القدس ، واللجنة الرئاسية لشؤون القدس واللجنة الفصائلية لشؤون القدس ، وقد تم إجهاض كافة الجهود التي كانت تبذل من أجل إيجاد مرجعية منتخبة لأهل المدينة المقدسة ، تعالج همومهم المباشرة إقتصادياً وإجتماعياً ، ورغم أن المرحوم فيصل الحسيني ، كان يشكل أحد العناوين الهامة في القدس ، وكان مقر بيت الشرق بمثابة المرجعية والعنوان لأهل المدينة المقدسة ، إلا أن تعدد مصادر القرار واللجان المشكلة المتضاربة في المهام والمسؤوليات ، لعبت دوراً سلبيا في هذا الإتجاه ، بحيث عاني أهل القدس من حالة توهان وتولد لديهم شعور عالي بالإحباط واليأس من السلطة الفلسطينية والقوى والأحزاب الوطنية ، نتيجة ذلك ولكون العلاقة مع السلطة خضعت للعلاقة الشخصية والحزبية ، والقرب والبعد من مركز القرار ، ولم توضع أو ترسم أية خطط أوبرامج عملية ، للتعاطي مع هموم المقدسيين بشكل جدي وعملي ، وأصبحت المدينة تعيش حالة من الفوضى ، وأرتهن العمل فيها والتصدي لممارسات الإحتلال بحقهم على " الفرمانات " والتعينات الفوقية والفئوية ، من قيادة ورأس السلطة الفلسطينية ، وكذلك على الجهد الفردي والفئوي ، وكان الجهد مبعثر وغير موحد ، ولم تحدث أية تراكمات يبنى عليها ، ورغم أن قضية القدس ، هي قضية مصيرية ، وإحدى مرتكزات البرنامج الوطني ، وهي أكبر من كل جهد فئوي أو فصائلي ، إلا أن التعاطي معها ، في إطار منظومة من الشعارات " والكليشهات " الجاهزة ، من طراز القدس عاصمة الدولة الفلسطينية ، والقدس خط أحمر ، ولنكتشف لاحقاً ، أنها مثل حرمة الدم الفلسطيني ، لا خط أحمر ولا أصفر ، ولا سلام بدون القدس ، والقدس مفتاح الحرب والسلام ، وهذه المنظومة من الكلام واللغو والإطناب والجناس والبلاغة ، وبدون أية ترجمات عملية على الأرض ، لا تحرر أوطان ولا تعيد أرض ، ولا تقنع أهل المدينة المقدسة بجدية التوجه الفلسطيني تجاه قضاياهم ، وفي هذا المجال نسجل الكثير الكثير ، حيث أنه في إطار المعركة ، على السيادة في القدس العربية ، فإن الإحتلال يشن حملة شرسة على البيوت المقدسية ، ويقوم بهدمها أو فرض غرامات مالية باهظة عليها ، تحت حجج ويافطة وذرائع البناء غير المرخص ، والسلطة لم تقدم لهم أية مساعدات جدية في هذا الجانب ، وكذلك الكثير من المؤسسات الفلسطينية المقدسية ، والتي تمر بأزمات مالية خانقة ، لم يجري دعمها وإسنادها من أجل الصمود وإستمرار العمل في القدس ، وأيضاً لم تعمل السلطة الفلسطينية على إقامة مدارس أو مشاريع إسكان في المناطق الواقعة تحت سيطرة نفوذ بلدية القدس ، وكل ذلك قاد حتما إلى شعور تولد عند المقدسيين ، وكما قال الأستاذ نبيه بري في تموز الفائت ، أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان للعرب ، " والله إننا عرب" ، والمقدسيين رغم كل المرارة والإحباط المتولد عندهم تجاه السلطة ، فإنهم إستمروا في قرع جدران الخزان والقول للسلطة بأنهم فلسطيسنيون أقحاح ، وأنهم يستمدون فلسطينيتهم من التمسك بأرضهم وبنضالاتهم وبعذابات أسراهم ، وهي ليست مجالاً للشك أو المزايدة ، ولكن على السلطة أن تعطي قضية القدس الأهتمام الذي يليق بالمدينة المقدسة ، كأحد عناوين النضال الفلسطيني ، وليس إختزالها إلى دائرة في مكتب الرئاسة ، أو تعين مسؤول أو وزير لشؤون القدس ، كل شيء يستطيع أن يفتي فيه إلا موضوعة القدس ، فهو أولا:- لا يستطيع الدخول إلى القدس ، وثانياً:- ليس لديه الإلمام والمعرفة بهموم ومشاكل أهل القدس ، والمسألة ليست خاضعة ولا تحتمل التجريب واللعب والقدس ليست عاقر ، بل فيها الكثير الكثير من الكفاءات القادرة على تحمل أعباء المدينة المقدسة عن فهم وعلم ودراية وخبرة وكفاءة وتجربة ومن هنا فأنه من الهام جداً ، وحتى نستطيع أن نواجه الممارسات والإجراءات الإسرائيلية في القدس ، فأنا أرى أن العمل يجب أن يركز على المحاور التالية : -
• ضرورة العمل الجاد من أجل إيجاد مرجعيات وعناوين واضحة ومحددة وموحدة لأهل القدس في الجوانب والهموم الإقتصادية والإجتماعية ، من خلال عقد مؤتمرات شعبية قطاعية تفرز مندوبيها إلى هيئة أو لجنة تنفيذية ، على أن يصار إلى فرز سكرتاريا ، تصرف العمل اليومي في كل المجالات والقطاعات الخدماتية والصحية والإجتماعية والحياتية ، وضرورة مشاركة ممثلى القوى والأحزاب فيها ، لإعطائها الزخم والقوة والقدرة على العمل والتنفيذ .
• في الهم السياسي – الوطني : - تكون هناك لجنة أو هيئة من القوى الوطنية والإسلامية تتولى هذه المسؤولية ، وتكون صلتها مباشرة مع اللجنة التنفيذية ل م – ت – ف ، على إعتبار أن هذا الموضوع ، هو أحد مرتكزات المشروع الوطني الفلسطيني ، ومسألة التقرير بشأنه من مسؤولية م- ت - ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .
• العمل على إنشاء صندوق دعم خاص بالقدس ، بتمويل عربي – إسلامي ، يعمل على تقديم الدعم والإسناد لأهالي القدس في مختلف المجالات ، وتحديداً في مجال البناء ، والعمل على تغير شروط الدعم للإسكان والبناء ، وخاصة لأصحاب الدخل المحدود والذين لا يمتلكون الأموال الكافية من أجل الحصول على رخص البناء ، على أن يصار إلى وضع نظام وضوابط ، تمكن من إستعادة الأموال الممنوحة للأشخاص من أجل البناء ، حتى يمكن الإستفادة منها مرة أخرى من قبل أشخاص آخرين .
• العمل على إيجاد جسم مهني واحد " إتحاد قطري للجان أولياء الأمور في المدارس الحكومية " ، وبما يعزز من الحضور والتأثير الوطني في هذه المدارس ، وكذلك تشكيل عامل ضغط على البلدية ودائرة المعارف الإسرائيلية ، من أجل المطالبة بحقوق تعليمية ، مثل الأبنية المدرسية والبنى التحتية ، والتجهيزات من مختبرات علمية ومحوسبة ومكتبات وكوادر تعليمية كفوءة وغيرها ، وضرورة العمل على وضع خطة شامله لإقامة مدارس خاصه في حدود ما يسمى ببلدية القدس ، لتعزيز السيطرة وحسم ما يسمى مسألة السيادة على القدس .
• في ضوء حالة الفلتان والتآكل في منظومة القيم والمعاير، وتهتك نسيج الوحدة واللحمة السياسية والمجتمعية الفلسطينية ، وتنامي العشائرية والجهوية والقبلية والطائفية، وسيادة سلطة المليشيات والمافيات بمختلف مسمياتها ، فإن السلطة الفلسطينية والقوى والأحزاب الوطنية ، مطالبة بالعمل على إيجاد وتشكيل جسم يختص بمعالجة كافة القضايا العشائرية وما ينتج ويتفرع عنها من مشاكل وقضايا إجتماعية، حيث أن الإحتلال أغرق المنطقة في الإشكالات والآفات والأمراض الإجتماعية ، بغرض تفريغ المقدسيين من محتواهم الوطني ، ودفعهم وإلهائهم في المشاكل والإحتراب القبلي والعشائري والجهوي .
• ضرورة العمل على إعادة المؤسسات التي هجرت قسراً من القدس بفعل الإحتلال وسياساته ، لما له من أهمية وجود مثل هذه المؤسسات غير الحكومية ، والتي تقدم خدماتها إلى الفئات المهمشة والفقيرة من المجتمع المقدسي ، وكذلك الخدمات والبرامج التوعوية للشباب والنساء وغيرهم .

أن إستمرار العمل والتعاطي مع موضوعة القدس بالطرق والآليات السابقة ، من خلال لغة " الفرمانات " والتعينات الفوقية ، وبأمر مولانا السلطان ، وكذلك الإكثار من " الهوبرات " الإعلامية والشعارات والبيانات والإدانات والإستنكارات ، ومخاطبة المشاعر والعواطف ، بدون إقران ذلك بأية ترجمات عملية وأفعال على أرض الواقع ، سيزيد من حالة الإحباط واليأس وعدم الثقة والمصداقية المتآكلة أصلاً من قبل المقدسيين تجاه السلطة الفلسطينية ، وبالمقابل فإنه يجب على المقدسيين ، عدم الإكتفاء بالبكاء والندب ، وجلد الذات ؟، بل عليهم العمل والمبادرة ، لتشكيل أجسام وطنية ومهنية تتصدى لكافة الممارسات والإجراءات الإسرائيلية المستهدفة ووجودهم ومستقبلهم في هذه المدينة المقدسة .

المراجع :-
1. عبيدات راسم ، القدس ... مرجعيات متععدة وشعارات كبيرة وأعمال قليلة ، جريدة القدس ، 10/6/2003 .
2. عبيدات راسم ، القدس الشرقية ... بنى تحتية مدمرة وخدمات شبه معدومة، جريدة القدس ، 14/11/2004.
3. عبيدات راسم ، القدس غياب سلطة .... فوضى وإنفلات ، جريدة القدس ، 23/12/2004 .
4. عبيدات راسم ، في القدس الخراب " عام وطام " ، ولا أحد يتحمل المسؤولية ، جريدة القدس ، 12/4/2005 .
5. عبيدات راسم ، القدس ... ليست بحاجة ل" فرمانات " جديدة ، جريدة القدس ، 23/5/2005.
6. عبيدات راسم ، واقع التعليم الحكومي في القدس الشرقية ، جريدة القدس ، 24/9/2006 .
7. عبيدات راسم ، الوجه الآخر للقدس ، جريدة القدس ، 14/12/2006 .
8. عبيدات راسم ، القدس ... أوضاع كارثية بحاجة لوقفة جاده ، جريدة القدس ، 11/1/2007 .
9. عبيدات راسم ، الكارثة تحدق بقطاع التعليم الحكومي في القدس الشرقية ، جريدة القدس ، 8/3/2007 .
10. العف رامي ، تقرير إخباري ، مدينة القدس باتت أكثر عزلة بفعل الجدار والمستوطنات والتهويد ، موقع جولان الألكتروني ، 6/4/2007 .



#راسم_عبيدات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تمهد اللقاءات الأمريكية - الإيرانية ، إلى إنفراج في الساح ...
- من فتاوي الجوع الجنسي إلى فتاوي الشعوذة والتكفير والتخوين
- إعتصموا بشعبكم وقضيتكم لا بأحزابكم وتنظيماتكم وحركاتكم وعشائ ...
- عصابات فتح الإسلام والتوقيت والدور المشبوه
- هذا العبث والجنون يمهد لأجندات وسيناريوهات غير فلسطينية
- المواقع الألكترونية والفوضى الخلاقة
- أزمة الرئاسة التركيه، أزمة هوية أم أزمة خيارات تتصل بالجغراف ...
- مفارقات ، لجان تحقيقهم ولجان تحقيقنا ، و - طوشهم وطوشنا -
- رسالة لكل المقدسيين الحل ليس بالسكين ولا بالعصا ولا بالجنزير
- عن جدران الفصل وسياسة الفوضى الخلاقة
- المفاوضات من أجل المفاوضات ، أومفاوضات طحن الهواء وخض الماء
- واقع الحركة النقابية في مهمة بناء النقابات العمالية / فلسطين ...
- المبادرات العربية والردود الإسرائيلية عليها
- على ضوء قضية الدكتور عزمي بشارة / الجماهير العربية وقواها ال ...
- في يوم الأسير الفلسطيني / الأسرى الفلسطينيون وملف
- الساحة اللبنانية حبلى بكل التطورات
- هل إقترب موعد الضربة النووية الأمريكية لإيران
- ما سر الإهتمام الإسرائيلي الأمريكي بمبادرة السلام العربية
- فلتان أمني تخت السيطرة ، ومصالحة وطنبة - سوبر -
- - أولمرت - يترأس القمة العربية - ورايس - تضع جدول


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - راسم عبيدات - القدس بين مطرقة الإحنلال وسنديانة الإهمال الفلسطيني