|
ما سر الإهتمام الإسرائيلي الأمريكي بمبادرة السلام العربية
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 1873 - 2007 / 4 / 2 - 12:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
....... لعل الجميع يذكر الموقف الإسرائيلي من المبادرة السعودية التي أطلقها الأمير عبدالله بن عبد العزيز ، والتي تحولت في قمة بيروت / 2002 الى مبادرة للسلام العربية ، هذه المبادرة ، التي الرد الإسرائيلي عليها لم يتأخر ، حيث وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق " شارون " بأنها لا تساوي قمة الحبر الذي كتبت به ، والموقف الإسرائيلي من هذه المبادرة ، لم يقف حد الموقف النظري منها ، بل أن شارون حرك قواته ودباباته لإجتياح كامل الضفة الفلسطينية ، وحاصرة مقر الرئيس الراحل أبو عمار في رام الله ، ولكون هذه المبادرة ليس لها أنياب أو اليات للتطبيق والتنفيذ ، ولكون النظام الرسمي العربي صاحب المبادرة ، يعاني من العجز والإنهيار ، المترافق مع خصي عسكري ، وإستقالة من الدور السياسي وفقدان كلي للإرادة ، فإن المبادرة أحيلت الى أدراج وملفات الجامعة العربية ، ولكن فجأة وبقدرة قادر أبدت الولايات المتحدة وإسرائيل إهتماما بالمبادرة العربية وقامت وزيرة الخارجية الأمريكية بجولات مكوكية لإستكشاف إمكانية تسويق المبادرة العربية ، كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي " يهود أولمرت " والذي يقف على حافة الإفلاس السياسي بسبب التحقيقات التي تجريها لجنة " فينوغراد " في الحرب العدوانية الإسرائيلية في الصيف الفائت على لبنان ، تحدث بإيجابية عن هذه المبادرة ، وإن أعلن شمعون بيرس أحد أقطاب السياسة الإسرائيلية عن رفض إسرائيل لهذه المبادرة بصيغتها الحالية ، والإهتمام الأمريكي الإسرائيلي بهذه المبادرة ، مرده بالأساس الى جملة من التطورات والمتغيرات الإقليمية والدولية ، هذه التطورات والتغيرات التي تشير الى أن المشروع الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط في مأزق كبير وسجل سلسلة من الإخفاقات والتراجعات ، وبما يشكل مخاطر جدية وحقيقة على الوجود والدور الأمريكي في المنطقة ، بدءا بما سمي بمشروع تعميم الديمقراطية ومرورا بالشرق الأوسط الكبير وإنتهاءا بالشرق الأوسط الجديد ، ففي العراق يزداد التورط الأمريكي في المستنقع العراقي ، والمقاومة تتصاعد وتنمو بشكل متواصل ، وتزداد صلابة وعنفوان وتطورا نوعيا ، وديمقراطية الأمريكان المزعومة ، والتي لم تجلب للعراقيين سوى الموت والتخريب والتدمير والتجزئة والتذرير ، وإدخاله في أتون حروب داخلية وأهلية عرقية ومذهبية وطائفية ،وتحويله الى ساحة الى كل عصابات الأجرام والقتل لتمارس قتلا وذبحا يوميا في الشعب العراقي ، وحتى على الصعيد الأمريكي نفسه فإن الحرب العدوانية على العراق ، هي التي تسببت في الهزيمة القاسية للجمهوريين في الإنتخابات النصفية " للكونغرس " الأمريكي ، ولم تنجح الإدارة الأمريكية في تسويق إحتلالها للعراق ، على أساس أنه وجود بناءا على طلب من حكومة شرعية ، فحتى حلفاء وأصدقاء أمريكيا وصفوا هذا الوجود بأنه إحتلال غير شرعي ، وهذا ما عبر عنه المالك السعودي في القمة العربية الأخيرة ، أما على الصعيد اللبناني ، فإن الحرب العدوانية الإسرائيلية في الصيف الفائت على لبنان ومقاومته – حزب الله – لم تنجح في كسر شوكة المقاومة والممانعة العربية للمشاريع الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة ، فرئيسي " الشاباك والموساد " الإسرائيليين ، قالا أثناء لقائهما برئيس الوزراء الإسرائيلي بأن الحرب على لبنان ، لم تضر بقوة الردع الإسرائيلية فقط ، بل هي بمثابة كارثة قومية ، أما حزب الله ومعه الممانعة والمقاومة العربية ، فقد إعتبروا أنهم حققوا نصرا إستراتيجيا وتاريخيا في تلك الحرب ، وبالفعل هذا النصر تغنى به الرئيس اللبناني في القمة العربية الأخيرة ، وهو الذي أتاح للرئيس السوري بشار الأسد أن يحضر القمة العربية بقوة وفاعلية ، ويحولها من قمة سعودية – أمريكية الى قمة سعودية - سورية ، كما أن كل الوسائل والخطوات التي إتخذتها ومارستها أمريكيا بحق سوريا بقصد محاصرتها وعزلها لم تنجح ، بل أن النظام السوري عزز من حضوره ووجوده ليس على الصعيد الإقليمي ، بل وعلى الصعيد الدولي ، أما على الصعيد الفلسطيني ، فإن كل الممارسات والأساليب التي مورست بحق الشعب الفلسطيني من حصار وتجويع وقمع ، لم تنجح في دفع الشعب الفلسطيني الى إسقاط حكومة حماس والمقاومة ، وكل هذه المتغيرات ليست وحدها ، التي دفعت بالإدارتين الأمريكية والإسرائيليية الى إعادة الحديث عن إمكانية تسويق المبادرة العربية وإيجاد حل للقضية الفلسطينية ، التي عليها يتوقف حل الكثير من قضايا ومشاكل الشرق الأوسط ، على إعتبار أن القضية الفلسطينية ، هي جوهر الصراع العربي الإسرائيلي ، بل أن هناك متغير هام وجوهري ، يقلق الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية ، ويشكل مخاطر جدية على مشاريعهما في المنطقة ، إنه العامل الإيراني ، حيث إيران غدت قوة إقليمية ، ولاعب مؤثر في أكثر من منطقة وساحة ، فهي تسعى الى إمتلاك التكنولوجيا والسلاح النووي بكل الطرق ، وقد فشلت كل أشكال وأنواع العقوبات الإقتصادية والمالية والتجارية ، عن ثنيها وردعها في التخلي عن برنامجها وطموحاتها النووية ، وبالتالي وحتى لا تصبح مصدر إزعاج وقلق ، وشريك لأمريكيا في منطقة تعتبر من مناطق نفوذها المغلقة ، فإنه لا بد من توجيه ضربة عسكرية الى إيران ، تؤدي الى تدمير قدراتها النووية ، وهذا العمل والفعل بحاجة الى دعم وإسناد من الدول العربية ، وحتى تستطيع أمريكيا أن تبني حلفا عربيا داعما ومساندا لها في عدوانها على إيران ، فلا بد من جزرة ترمي بها الى العرب ، حتى يوافقوا على المشاركة في مثل هذا الحلف ، وهو إستعداد أمريكي لتسويق المبادرة العربية للسلام ، مقابل مساندة أمريكيا ودعمها في حربها على إيران ، على إعتبار أن إيران تشكل خطر جدي على الأمة العربية ، ولها أطماع وأهداف في المنطقة ، ومثل هذا السيناريو ، لجأت إليه إلإدارة الأمريكية أثناء عدوانها وحربها على العراق ، حيث حشدت أغلب الدول العربية خلف حربها ، وبعدما فرغت من حربها وعدوانها ، لم تلتفت الى العرب ، بل زادتهم تهميشا ولم تجبر أو تلزم إسرائيل على تطبيق أي من قرارات الشرعية الدولية ، وها هو نفس السيناريو سيتكرر في محاولتها تحشيد الدول العربية خلفها من أجل العدوان على إيران بإعتبارها أصبحت تشكل خطرا مباشرا على المصالح الأمريكية في المنطقة ، وهذا التحشيد غير ممكن بدون إحداث جلبة دبلوماسية ، حتى ولو في الإطار الشكلي ، أي تسويق المبادرة العربية مقابل دعم وإسناد ، إن لم يكن مشاركة عربية لأمريكيا في عدوانها على إيران ، وهذا العامل الحاسم في سر الإهتمام الأمريكي – الإسرائيلي بالمبادرة العربية للسلام ، هذه المبادرة العربية التي لن يجري تسويقها ، بدون إيجاد آلية عملية ، وآلأليات العملية تفترض أن يكون هناك أنياب وإرادة عربية ليست مرتهنة للموقف والإرادة الأمريكية ، بل الى إستثمار كل الطاقات والإمكانيات العربية بمختلف مسمياتها ، والتي تجبر أمريكيا وإسرائيل على التعاطي بشكل جاد مع هذه المبادرة ، فسياسة الإستجداء والبكاء والترجي ، لن تجدي نفعا ، والحق يأخذ ولا يعطى ، والتاريخ لم يعرف حالة واحدة ، تم نيل الحقوق فيها بالترجي والإستجداء .
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فلتان أمني تخت السيطرة ، ومصالحة وطنبة - سوبر -
-
- أولمرت - يترأس القمة العربية - ورايس - تضع جدول
-
المنطقة العربية متوقع أن تشهد صيفا ساخنا
-
هل ما زال ممكنا إعادة إصطفاف القوى المؤمنة بالخيار الديمقراط
...
-
الحكومة تشكلت والقدس غابت
-
في الذكرى السنوية الأولى لإعتقال سعدات ورفاقه
-
سيناريوهات محتمله لردود الفعل العربيه
-
التيار الديمقراطي الفلسطيني ، هل يتوحد أم يزداد شرذمه وإنقسا
...
-
الكارثه تحدق بقطاع التعليم الحكومي في القدس الشرقيه
-
العرب في القدس كم زائد سكانيا ، وبقرة حلوب ضرائبيا
-
ليس دفاعا عن الجبهه الشعبيه ، بل دفاعا عن الحقيقه
-
قراءه في خطاب الشيخ حسن نصرالله في ذكرى إستشهاد الموسوي وحرب
-
جارنا المستوطن وبلدية القدس الإسرائيليه
-
محاصصة مكه بين فتح وحماس ، هل من يقود الإقتتال الداخلي ، مؤه
...
-
نداء للعالمين العربي والإسلامي
-
كلام معسول ، كلام مش معقول وفعل خارج المنطق والمعقول
-
باسم الديمقراطيه الوطن العربي والإسلامي ساحة للذبح والقتل
-
مرة أخرى أعتذر منكم ولكم أسرى شعبنا الفلسطيني
-
لا بد من مواجهة، سياسة هدم المنازل في القدس
-
جماعة أو - زلم - الملاقط
المزيد.....
-
ردّا على ترامب.. الكنديون يلغون رحلاتهم إلى أمريكا.. من يدفع
...
-
الجيش الإسرائيلي: قتلنا قائدا آخر بفيلق القدس.. ونخوض -واحدة
...
-
لماذا رشحت باكستان ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام؟
-
تايمز: أوكرانيا تلجأ لحل غير تقليدي لتعويض النقص بالجنود
-
كاتب أميركي: 4 أسئلة حاسمة على ترامب التفكير فيها قبل الضربة
...
-
إجلاء رعايا عرب وغربيين وصينيين من إيران
-
على وقع الاقتحامات.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة بالضفة
...
-
تحذير خليجي من استهداف المنشآت النووية بإيران
-
كاتب إسرائيلي: لهذه الأسباب الثلاثة تفشل إسرائيل في غزة
-
عاجل | الجيش الإسرائيلي: نهاجم حاليا بنية تحتية عسكرية في جن
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|