أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسين صالح - الأوهام















المزيد.....

الأوهام


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 1932 - 2007 / 5 / 31 - 11:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تعني الأوهام وجود معتقدات او أفكار لدى الفرد لا يوافقه عليها المجتمع بشكل عام، أو قد ينظر إليها الناس على أنها تفسيرات خاطئة للأحداث او الأشياء لا تستند الى أسس واقعية. وهذه ابرز خاصية يتصف بها الفصامي، وربما كانت من اصعب صفات السلوك الذهاني، ليس من حيث اقتناع الفصامي بمعتقداته الخاطئة فحسب، وانما لكونه يسعى جاهداً لاقناع الآخرين وحملهم على التصديق بهذه المعتقدات. وبرغم أن هذه الأوهام يمكن أن تصاحب اضطرابات نفسية متنوعة مثل: الهوس، الاختلال العضوي، الحالات الناتجة من تناول جرعات كبيرة من العقاقير.. وما الى ذلك ، إلا أنها تكون شائعة بين الفصاميين . ومن أمثلة هذه الأوهام ما قاله مريض بالفصام كان يرقد في مستشفى الرشاد (الشماعية) للأمراض العقلية في مدينة بغداد، الى طلبة علم النفس بجامعة بغداد الذين كانوا يقومون بزيارة علمية بصحبة أستاذهم (أنا)... قال لهم بصوت ممتلئ يقيناً (يقينه هو):
(انفجار جالنجر كان بسبب خطئهم) ، ( وجالنجر سفينة الفضاء الأمريكية التي انفجرت بعد إطلاقها بثوان وعلى متنها سبعة رواد ، في كارثة فضائية حدثت في ثمانينات القرن الماضي)؛
سألوه كيف ؟
أجاب : كان عليهم أن يستشيرونني .
وسألوه : لماذا ؟
أجاب : لأن أنا الذي وضعت برنامج جالنجر!) .
وفي الواقع أن محتويات أوهام الفصاميين متنوعة وغنية جداً بالخيالات والتصورات ، وبعض أخيلتها تفوق ما تظهر في بعض أفلام الصور المتحركة (الكارتون) من خيالات غير معقولة ، ولكنها غنية بالأفكار. ومع ذلك فأن التصنيفات الحديثة لهذه الأوهام مالت الى وضعها في أنماط معينة، على وفق الآتي :
1- أوهام الاضطهاد: اعتقاد الفرد بان هناك من يتآمر عليه او يتجسس عليه ، او يهدده ، او يسيء معاملته . ويميل اكثر الى الاعتقاد بأن من يتدبر له هذه الأمور، ليس شخصاً واحدا بل جماعات.. اتحدوا في مؤامرة ضده.
2- أوهام السيطرة (أو التأثير) : وتعني الاعتقاد بوجود أشخاص آخرين ، أو قوى ، أو ربما كينونات بعيدة ، تسيطر على أفكار وأحاسيس ، وافعال الفرد ، بوسائل غالباً ما تكون أجهزة إلكترونية ترسل إشارات مباشرة الى دماغه .
مثال : في زيارة علمية لطلبة قسم علم النفس بكلية الآداب جامعة بغداد الى مستشفى أبن رشد للأمراض العقلية في العاصمة بغداد بصحبة كاتب هذا الموضوع ، قال لهم أحد الفصاميين بأنه على اتصال بالقمر.. وانه يتلقى إشارات منه ، وهو بدوره يرسل له إشارات أيضا . وفي أثناء كلامه اعترته هزة ورجفة جفل منها الطلبة (لا سيما الطالبات ). وبعد ثوان قال انه كان قد تلقى إشارة من القمر!.
3- أوهام المرجع (أو الصلة): وتعني الاعتقاد من أن أحداثا او تنبيهات ليست لها أية علاقة او صلة بالفرد ، ويرى أنها تعنيه هو بشكل خاص . فقد يفكر المريض بأن حياته قد جرى تصويرها في فلم سينمائي او تمثيلية تلفازية . أو أن ما أذاعه المذياع من أخبار كانت بخصوصه هو.
4- أوهام الشعور بالخطيئة والذنب: وتتضمن هذه اعتقاد الفرد بأنه ارتكب خطيئة لا تغتفر. او انه تسبب في إلحاق أذى كبيراً بالآخرين . فقد يدعي بعض الفصاميين- على سبيل المثال- بأنهم قتلوا أطفالهم .
5- أوهام المراق (الوساوس) : وتعني الاعتقاد الذي لا أساس له من أن الفرد يعاني من أمراض بدنية شنيعة . وهذه الأوهام تختلف عن المخاوف التي لا أساس لها لدى المصابين بالوساوس المرضية ، ليس من حيث كونها لا تشير الى أمراض محددة وفعلية ، بل الى غرابة هذه (الأمراض) .
فبينما قد يشكو المصابون بالوساوس المرضية من مرض الكبد او ورم خبيث في الدماغ ، في سبيل المثال ، فأن الفصاميين يدعون بأن أكبادهم قد تقطعت الى قطع صغيرة وازيلت من أبدانهم ، او أن أدمغتهم ملأى بالتراب .
6- أوهام العدم (النهلستية): وتعني اعتقاد الفرد بأنه، او الآخرون او العالم بأكمله، قد توقف عن الوجود. فقد يدعي الفصامي، مثلاً، من انه روح قد عادت من الموت.
7- أوهام العظمة (والفخامة): اعتقاد الفرد من انه شخص مشهور جداً، ومهم جداً، وصاحب قوة عظيمة. وقد تتجمع أوهام من هذا القبيل في كينونة او شخصية يثبت عليها المريض ، غالباً ما تكون شخصية تاريخية معروفة ، كاعتقاده بأنه (المسيح) الجديد ، او نابليون الجديد ، أو هتلر مثلا.(في مدينة بغداد شخص يدّعي أنه هتلر ، لدرجة أنه لا يرد عليك السلام ما لم تقل له : هاي هتلر! ) .
واخيراً ، فأن الكثير من الفصاميين يدعون بأن أفكارهم تكون متأثرة بطريقة ما. ومثل هذه الأوهام تكون مرتبطة بأوهام السيطرة ، وتشمل :
1- بث الفكر: وتعني اعتقاد الفرد بان أفكاره يجري بثها (كما لو كان إذاعة) الى العالم الخارجي ، وان الجميع يسمعها .
مثال : أفاد طالب جامعي عمره (21) سنة قائلاً : ((عندما أفكر فأن أفكاري تغادر رأسي على شكل شريط مسجل ، ما على الجميع سوى أن يشغلّوه في أدمغتهم ويعرفوا أفكاري )) .
2- إقحام الأفكار: وهذه عكس الأولى ، حيث يعتقد الفرد بأن الآخرين يقحمون او يدخلون أفكارهم برأسه ، وبخاصة الأفكار الفاحشة .
مثال : أفادت سيدة ربة بيت عمرها (29) سنة قائلة : ((أنظر من الشباك فأرى الحديقة جميلة ، والعشب لطيفاً . ولكن أفكار (السيد أحمد) تدخل في دماغي ... فقط أفكاره ... يتعامل مع دماغي كما لو كان شاشة يسقط عليها أفكاره، تماماً كما يسقط الضوء على صوره)) .
3- سحب او جرّ الأفكار: وتعني اعتقاد الفرد بان الآخرين يسحبون او يجرون او يقتلعون الأفكار من رأسه .
مثال : أفادت امرأة عمرها (22) سنة تصف هذه الخبرة قائلة : ((أنا أفكر بخصوص أمي ، وفجأة تطير الأفكار عن دماغي ، يقتلعها قالع متخصص في فراسة الدماغ عندها - لا يبقى شيء في دماغي ... يبقى فارغا )) .
إن هذه الأوهام ، بالشكل الذي ذكرناه أعلاه ، قد تمثل بشكل جيد محاولة او جهداً من المرضى في التفسير لانفسهم حالة التشوش الكامل للأفكار التي في رؤوسهم . فالكثير من الفصاميين ، في سبيل المثال، يمرون بحالة الحاجز الذهني الذي يحدث في منتصف كلامهم ، إذ يتوقفون عن الكلام فجأة ويصمتون ، دون تمكنهم من إعادة تجميع الكلام الذي كانوا يقولونه . وحالة الاضطراب هذه التي تحدث للفصاميين ، وتحدث أيضا لأي واحد آخر، ونعني بها التوقف عن الكلام فجأة، يمكن تفسيرها- افتراضاً- بأن أحد ما قد يسرق الأفكار من رأس الفرد.
ويبدو من الصعب أحيانا على الطبيب القائم بالتشخيص التمييز بين ما هو وهم وما هو واقع ، مما يؤدي- دون شك- الى خطأ في التشخيص . فقد ذكرت) حالة امرأة (س- أجنبية) ادعت في أحد الأيام ، عندما كانت في غرفة الطوارئ بالمستشفى ، بوجود أبر في ذراعيها. ولدى الاستفسار منها كشفت المرأة عن أنها أمضت تسع سنوات في مستشفى الأمراض العقلية . وكانت في خلال ثمان سنوات من وجودها تندفع بعنف في حالة في تشويه الذات ، حيث كانت تطيع أصواتا تخبرها بأنها امرأة رديئة، وان عليها أن تقتل نفسها، فتندفع الى تشريط معصمها وبطنها. وأفادت أيضا بأنها كانت تتعاطى المسكرات بكثرة لسبع سنوات . ولقد كشف البحث الطبي عن عدم وجود علامات للإبر على ذراعيها ، ولا أية أجسام غريبة في داخل ذراعيها ، مما اقنع الأطباء أن هذه المرأة مصابة بالأوهام . ومع ذلك أرادوا أن يتحققوا اكثر فعمدوا الى اخذ صور شعاعية لها. ولأشد ما كانت دهشة الأطباء عندما أظهرت هذه الأشعة وجود عدد من الإبر في داخل ذراعيها!. وتبين أنها كانت قبل سنة حاولت الانتحار بأن أدخلت أبرا في ذراعيها ، وأن هذه الإبر ظلت غير مكتشفة خلال ثلاث مرات لاحقة أدخلت فيها المستشفى للمعالجة . وأنها من المحتمل أن تكون في خلال هذه المرات كانت قد أفادت بوجود هذه الإبر، وان ما ذكرته كان قد جرى افتراضه من الأطباء المعالجين على انه نوع من الوهم .



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشهيد قاسم حسين صالح!
- مزاجنا... ومزاجهم
- شيزوفرينيا العقل العربي
- بارنويا
- في مكتبي .. إرهابي !
- العنف.. والشخصية العراقية
- دماغ العراقي
- اسلامفوبيا
- ما للمجلس العراقي للثقافة وما عليه
- أسرار النساء
- المأزق الثقافي العراقي- تحليل سيكوسوسيولوجي لحالة الثقافة وا ...
- السياسيون أصحاء .... أم مرضى نفسيا
- ضحايا الأنفال .. والحق النفسي
- كبار الشيوعيين ...أبناء معممين - الحلقة الأولى -!
- الحكومة والبحث عن يقين
- الشعر الشعبي... ندّابة المازوشيا الممتعة!
- العلم العراقي
- العرب.. وقراءة الطالع
- جيل الفضائيات
- أغلقي عينيك وفكّري في إنجلترا


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسين صالح - الأوهام