بين ميزانية الناصرية.. وميزانية البيش مركَه!؟

طارق حربي

الحوار المتمدن-العدد: 1924 - 2007 / 5 / 23 - 08:02
المحور: حقوق الانسان
    

كلمات
-159-
ثمة مثل نرويجي مشهور يقول ( Han vil ha pose og sek!!) بمعنى هو يريد الإستحواذ على الكيس والحقيبة!!
مايعني الطمع والأنانية في ظرف ما!
القادة الأكراد، وفي ظل ضعف الحكومة العراقية الحالية، والضربات المجرمة المتلاحقة التي يوجهها الإرهاب يوميا، إلى شعبنا العراقي البرىء، بعربه وأكراده وسائر قومياته، هؤلاء القادة يريدون أن يستغلوا الظروف الإستثنائية التي يمر بها العراق، كأقصى مايكون عليه الاستغلال، فيأخذوا حقوقهم المشروعة من الحكومة، وينتزعوا غير المشروعة!
وفي حال مثل حال العراق المنهوب المستنزف، ليس أمام الحليف (الإئتلاف) الحاكم، سوى الإمتثال لطلبات هؤلاء للأسباب المعروفة، في هذا العراق المريض المقاد من اليد التي توجعه!
ففي غفلة من الزمن العراقي الأسود، هاهم القادة الأكراد يطالبون بمبالغ ذات أرقام فلكية بالدولار وليس الدينار!، لتسليح قوات البيش مركه!!
وكأن العزيزة كردستان في حرب كونية شاملة تتطلب ميزانية بنتاغونية، وكاكه حمه لايقاتل إلا بالأسلحة الحديثة والتكتيكية الموجهة باشعة اللايزر!!، حرب ضد تركيا التي لاتتورع عن الإعلان عن أطماعها في كركوك، مدينة التآخي العراقية، ومعلوم موقفنا جميعا ضد هذا العنت التركي الأتاتوركي، بالمساس بأهلنا الأكراد الطيبين، وأرضهم وحاضرهم ومستقبلهم1
وكنت قارنت بين ميزانية البيش مركَه، وميزانية محافظة الناصرية من باب السخرية المرة، فوجدت أن ميزانية الناصرية لهذا العام هي 174 مليار دينار عراقي!، ثم أني قلبت المواجع والمواقع لأتأكد قبل الكتابة، فوجدت أن القادة الأكراد يطلبون من الحكومة ميزانية، ربما هي ضعف ميزانيات بعض الدول الفقيرة في أفريقيا وآسيا، إنهم يطلبون مليارين وخمسة وأربعين مليون دولار بالتمام والكمال!!
حقيقة صعقت :
فالبيش مركة جيش غير نظامي والناصرية محافظة نفوسها أكثر من مليون ونصف المليون نسمة!
وشتان مابين الإثنين!
ففيما يطالب القادة الأكراد، استقطاع هذا المبلغ الهائل من ميزانية وزارة الدفاع العراقية!، تعيش محافظة الناصرية على تلال الزبالة وشح الماء الصالح للشرب والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، ناهيك بالفساد الإداري وطرزانيات الإسلام السياسي، وتستلم الناصرية المنسية في العهدين (بالدينار العراقي!) حصة إعمارها صاغرة، وليس لها القدرة حتى على تطوير شرطتها لحماية أرواح الناس، وحدثت في الإسبوع الماضي معارك طاحنة بين الشرطة والطوارىء من جهة، وبين مكتب الصدر بما انضم اليه من فدائيي صدام وبقايا البعث في الناصرية!!
أكرر : شتان بين الميزانيتين!
اللهم إلا لجهة أن العراق ماض في ارتياد آفاق الضياع والمآسي والنهب والسلب، بعد أربعة سنوات من سقوط صدام ونظامه، ففيما تفشل خطة أمن بغداد فشلا ذريعا، نظرا لاستقطابات الحكومة والمحتل ودول الجوار وضربات الإرهاب، تبدو الحكومة ضعيفة وقابلة لأي أجندات سعودية ومصرية في شرم الشيخ، لعودة السفراء والبعثيين وأجهزة الأمن بالجملة، أو كردية اوميليشياوية أو عشائرية أوحتى شخصية في الوطن العزيز، فنراها سرعان ماتمتثل للأوامر لكيلا ينفرط عقد الإئتلاف الحاكم، وتذرو الرياح الإمتيازات والفضائيات وزواج المتعة، فتستمر في الحكم قوية عكس مايقال عنها في الإعلام والتصريحات.
لاشك أن ميزانية محافظة الناصرية ذات ال 174 مليون دينار عراقي، بعد السرقات والإختلاسات، لاتساوي حتى وجبة صواريخ قصيرة المدى، سيستخدمها البيش مركه على الحدود التركية، أيا كانت الجهة الموردة للسلاح، كوريا أم إيران لغلق فمها كيلا تثير مشاكل حدودية مع كردستان العزيزة، كما لاتساوي صفقة رشاشات أو صليات مدفع هاون طائشة، في فضاء العراق الملىؤ بالرعب والدخان، ولاتجريد حملة قعقاعية ضد مبنى فضائية الفيحاء، والإعتداء على الموظفين فيها، كما فعل الأسايش والشرطة في الشهر الماضي في السليمانية، ولم تعلن نتائج التحقيقات لحد الآن!!
وصية إلى القادة الأكراد أن المبلغ المطلوب لتسليح البيش مركه مبلغ خيالي ويثير العجب، وعليكم الإبتعاد عن المكاسب الضيقة في هذا الظرف العراقي العصيب، فلو تعرضت كردستان لاسمح الله لأي تهديد ، فليس لها إلا الجيش العراقي والشعب العراقي مدافعا وحاميا...

#طارق_حربي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل